وزير تركي سابق يكشف خطط أردوغان لتغيير نظام الأسد.. ماذا عن سر التقارب المفاجئ؟

وزير تركي سابق يكشف خطط أردوغان لتغيير نظام الأسد.. ماذا عن سر التقارب المفاجئ؟


21/08/2022

في خضم احتدام الجدل حول رغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المفاجئة في التقارب مع النظام السوري، كشف وزير الثقافة والسياحة التركي السابق أرطغرل جوناي خطط أردوغان السابقة لتغيير نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الأعوام الأولى للأزمة السورية.

ونقلت صحيفة "زمان" التركية عن جوناي قوله، في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر: إنّه نصح أردوغان في نهاية عام 2011 بعدم التورط في سوريا، لكنّه لم يستمع له.

تصريحات جوناي تأتي في الوقت الذي تبعث فيه حكومة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا رسائل توددية لنظام الأسد للتقارب، ولا سيّما في ضوء مساعي أردوغان للعمل على قدم وساق لإعادة ترحيل نحو (3.6) ملايين لاجئ سوري في تركيا.

(6) أشهر

حديث الوزير التركي السابق جوناي يؤكد سعي تركيا، بقيادة أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"، لتغيير نظام الحكم في سوريا، فقد قال في التغريدة نفسها: "أبلغته أنّ تغيير نظام حكم دولة بضغط خارجي أمر ظالم وغير ممكن، ونصحته بعدم التورط في سوريا، فأخبرني أنّ الأمر لن يستغرق (6) أشهر، للأسف تجاوز الأمر (10) أعوام و(6) أشهر، ويعمل حالياً على إصلاح الوضع".

 وزير الثقافة والسياحة التركي السابق أرطغرل جوناي

وفي آب (أغسطس) 2012، قال وزير الخارجية التركي السابق أحمد داود أوغلو، في تصريحات تلفزيونية: إنّ "الوضع المؤلم في سوريا لن يدوم طويلاً"، مضيفاً: "ينبغي إيضاح أنّ هذا الوضع لن يدوم لأعوام بل لأشهر أو أسابيع".

وفي تصريحات تلفزيونية أمس أفاد وزير الداخلية سليمان صويلو أنّ "الحكومة التركية لم تتوقع أن يدوم الوضع في سوريا كلّ هذه المدة."

تضارب تركي

في حين تشير تصريحات جوناي إلى أنّ أنقرة سعت في الأعوام الأولى للأزمة السورية لإسقاط نظام الأسد، شدّد أردوغان في حوار الخميس الماضي مع وكالة الأناضول على أنّ هزيمة الأسد أو عدم هزيمته في سياق الحرب الأهلية السورية الجارية منذ عام 2011 "لم يكن دافع أنقرة".

 

في حين يشير جوناي إلى سعي أنقرة لإسقاط الأسد، شدّد أردوغان على أنّ هزيمة الأسد أو عدم هزيمته "لم يكن دافع أنقرة"

 

تأتي تصريحات أردوغان في سياق محاولات عدة بدأها الرئيس التركي منذ 6 آب (أغسطس) الجاري، وتحديداً بعد لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين للتقارب مع نظام الأسد، الذي رفض، على ما يبدو، مبادرة تركيا، التي تحتل حتى الآن أجزاءً شاسعة من شمال سوريا بحجة ملاحقة عناصر حزب "العمال" الكردستاني.

وعلى الرغم من أنّ التدخل التركي زاد الطين بلة، وفاقم عدم الاستقرار في شمال سوريا، زعم أردوغان أنّ بلاده كانت "دائماً جزءاً من جهود حل القضية السورية"، نافياً أن يكون لتركيا أطماع في أراضي سوريا، وذلك في ضوء سعيه لشنّ عملية عسكرية جديدة على شمال سوريا، فقد أكد: "لا عين لنا على الأراضي السورية، الحفاظ على وحدة أراضي سوريا مهم لنا أيضاً."

قنوات الحوار

أردوغان، الذي أعلن مطلع حزيران (يونيو) الماضي عزم بلاده على شن عملية عسكرية جديدة شمالي سوريا بهدف إقامة ما يُطلق عليه "المنطقة الآمنة" بعمق (30) كيلومتراً داخل الأراضي السورية، بدا مؤخراً أكثر سعياً وحرصاً على فتح قنوات حوار مع نظام الأسد، الذي لطالما وصفه الرئيس التركي بأنّه "قاتل"، فقد أكد أردوغان في حواره الخميس الماضي على أهمية "إبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين الدول، مهما كانت الظروف".

وزير الداخلية سليمان صويلو: الحكومة التركية لم تتوقع أن يدوم الوضع في سوريا كلّ هذه المدة

وطغى التخبط على مواقف أردوغان وحزبه مؤخراً بشأن التقارب مع نظام الأسد، فبعد أنباء، في الأوساط الرسمية وغير الرسمية، عن مكالمة "مرتقبة" بين أردوغان والأسد، ظهر أحد أعمدة نظام أردوغان، المحب للشو الإعلامي، بحديث يتراجع عن ذلك، ويفضل التواصل عبر أجهزة استخبارات البلدين، غير أنّ وصلات التودد لنظام الأسد استمرت مع ذلك، فقد أعرب متين كولونك، عضو مجلس القرار المركزي لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عن أمله في استعادة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وسوريا، في تأكيد جديد لقيادات الحزب الحاكم على الرغبة في إصلاح العلاقات بين البلدين.

شروط سورية

في حين لم تعلّق سوريا بشكل رسمي أو غير رسمي على مبادرة أردوغان، أفادت صحيفة "تركيا" المقربة من حزب "العدالة والتنمية" أنّ الحكومة السورية وضعت (5) شروط لتطبيع العلاقات مع تركيا وأردوغان، بعد أعوام من سياسته المعادية للنظام السوري.

 

أردوغان، الذي أعلن عزم بلاده على شنّ عملية عسكرية شمالي سوريا، بدا مؤخراً أكثر سعياً لفتح حوار مع نظام الأسد

 

ومن بين تلك الشروط التي أوردتها الصحيفة: عودة سيطرة دمشق على إدلب، ونقل إدارة معبر ريحانلي- جيلفازجوزو الحدودي ومعبر كسب الجمركي إلى السلطات السورية، وفتح ممر تجاري بين دمشق وجيلفازجوزو، وسيطرة دمشق بالكامل على ممر النقل الإستراتيجي المعروف باسم "M 4" الواقع على الخط الواصل بين حلب واللاذقية ودير الزور والحسكة بشرق سوريا، وأخيراً تقديم تركيا الدعم لسوريا فيما يخص العقوبات الأمريكية والأوروبية على شركات ورجال أعمال وبيروقراطيين داعمين لنظام الأسد.

في المقابل، طالبت تركيا تطهير مناطق تمركز حزب العمال الكردستاني الانفصالي ووحدات حماية الشعب الكردية بالكامل، وإكمال عملية الاندماج السياسي والعسكري بين إدارة دمشق والمعارضة بشكل سليم، وتطبيقها بعد عودة اللاجئين إلى المناطق الآمنة والاستقرار بها، على حدّ زعم صحيفة "تركيا".

 أزمة أردوغان

التحوّل المفاجئ في خطاب أردوغان وخططه الرامية للتقارب مع نظام الأسد، لا يمكن قراءتها بمعزل عن الورطة التي يواجهها أردوغان في الداخل قبل انتخابات 2023، حيث يسعى أردوغان عبر ثغرة قانونية تتمثل في حل البرلمان للفوز بولاية ثالثة، وفقاً لإذاعة "مونت كارلو" الدولية، غير أنّ ملفات عدة تحول دون فوزه بتلك الولاية، وعلى رأسها ملف اللاجئين السوريين، وقد لوّح أردوغان على مدار الأشهر الـ3 الماضية بترحيل اللاجئين السوريين، قبل أن يتراجع، في خطاب اعتمد على التلاعب اللغوي عن الترحيل القسري، قائلاً: إنّه لن يرحّل اللاجئين السوريين إلى بلادهم بـ"القوة".

تظل قضية اللاجئين السوريين الملف الأكثر أهمية على طاولة الرئيس التركي

بعد انتخابه مرتين في عامي 2014 و2018، من المفترض أن يكون أردوغان غير مؤهل للترشح مرة أخرى لمنصب الرئاسة في تركيا، لكنّ حلفاءه يقولون إنّه سيكون مرشحاً في انتخابات عام 2023، وفقاً لـ"مونت كارلو".

وتنص المادة (101) من الدستور التركي على تحديد المدد الرئاسية بفترتين غير قابلتين للتجديد، ومع ذلك فإنّ المادة (106) تنص على أنّه في حالة حلّ البرلمان والتحرك لإجراء انتخابات مبكرة، فإنّ ولاية الرئيس الجارية لا تحسب، ويمكن بالتالي للرئيس الحالي الذي يمضي فترة ولاية ثانية أن يترشح مجدداً.

 

صويلو: من بين أكثر من (3.5) ملايين لاجئ سوري، حصل (211) ألفاً فقط على الجنسية التركية حتى الآن، (120) ألفاً منهم مؤهلون للتصويت

 

ونقلت "مونت كارلو" عن إمري أردوغان، الأستاذ الجامعي والخبير في أنظمة الانتخابات في جامعة بيلجي بإسطنبول، قوله: إنّ "أردوغان سيتمكن من الترشح لمرة ثالثة، في حال قام بحلّ البرلمان بنفسه، ودعا إلى إجراءات انتخابات عامّة مبكرة."

وبالفعل، أعلن أردوغان في 9 حزيران (يونيو) الماضي نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، المزمع عقدها في 18 حزيران (يونيو) 2023.

لاجئو سوريا وطاولة أردوغان

تظل قضية اللاجئين السوريين الملف الأكثر أهمية على طاولة الرئيس التركي، فقد نقلت صحيفة "زمان" عن تقرير لصحيفة "تركيا" قوله: إنّ "أنقرة طلبت أن تستقبل حمص ودمشق وحلب المرحلة الأولى من اللاجئين".

ويواجه أردوغان، الذي يخطط للترشح في انتخابات 2023، ضغوطاً داخلية نتيجة لسياساته الداخلية والخارجية المتخبطة، التي تسببت على مدار أكثر من عقد في توتر العلاقات التركية مع معظم دول الشرق الأوسط. وتلك الضغوط مقرونة بغضب شعبي واسع يجعل من فوز أردوغان بولاية جديدة "مستحيلاً"، غير أنّه أكد مطلع الأسبوع الماضي عزمه على تحقيق "النصر" في الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023.

وتستضيف تركيا أكثر من (3.6) ملايين لاجئ سوري على أراضيها، وبعد أعوام من عمليات فرز للاجئين السوريين على أساس الموالاة والمعارضة لحزب العدالة والتنمية التركي وأردوغان الذي وظف ورقة السوريين لصالحه في انتخابات 2014 بتجنيس بعض السوريين لاستغلال أصواتهم في الانتخابات، شهد موقف أردوغان من اللاجئين السوريين تغيراً جذرياً، فقد بنى الرئيس التركي جانباً كبيراً من دعاياته الانتخابية "البروباغندا" على أكاذيب تتعلق بلاجئي سوريا وتشعل الكراهية ضدهم، بعدما شعر أنّ أصوات السوريين المجنسين قد تفوز بها المعارضة التركية، ولا سيّما في ضوء التمييز والظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشها بعض السوريين في تركيا، سواء من المجنسين أو من غير المجنسين.

ومسألة تجنيس اللاجئين السوريين هي محل جدل في الأوساط السياسية التركية، فقد نقل موقع "تيركيش مينيت" عن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قوله، في تصريحات تلفزيونية أول من أمس: إنّ "من بين أكثر من (3.5) ملايين لاجئ سوري في تركيا، حصل (211) ألفاً فقط على الجنسية التركية حتى الآن، وأنّ (120) ألفاً منهم مؤهلون للتصويت، في حين أنّ الباقين كانوا قاصرين"، غير أنّ زعيم حزب النصر اليميني، المعادي للاجئين، أوميت أوزداغ أكد أنّ العدد الحقيقي للسوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية اعتباراً من تموز (يوليو) 2022 هو ما يقرب من (7) أضعاف الرقم الرسمي المعلن عنه مؤخراً.

وخلافاً للأرقام التي أعلنها صويلو، زعم أوزداغ أمس أنّ العدد الحقيقي للسوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية هو (1476368)، مضيفاً أنّ هناك (13) مليون طالب لجوء ومهاجر غير شرعي في البلاد إجمالاً.

واستغل أردوغان قضية اللاجئين السوريين لتبرير الأزمات المتلاحقة التي تضرب الاقتصاد التركي منذ تولّيه الحكم في 2014، فقد تحوّلت القضية إلى شماعة يعلّق عليها أردوغان فشله في إدارة الاقتصاد واستنزاف موارد الدولة التركية في الإنفاق على العمليات العسكرية، التي تنتهك سيادة الدول العربية في سوريا والعراق بزعم ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، ففي 13 أيلول (سبتمبر) 2019 زعم الرئيس التركي أنّ "تركيا أنفقت (40) مليار دولار حتى الآن لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين في البلاد"، غير أنّ زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو ردّ عليه في تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه بتوجيه اتهامات بالفساد وسرقة الأموال المخصصة للاجئين السوريين.

وفنّد زعيم المعارضة التركية كليچدار أوغلو ادّعاء الرئيس أردوغان، الذي تزامن مع الأزمة الاقتصادية التي ضربت تركيا منذ 2018، بأنّه صرف على اللاجئين السوريين مبلغ (40) مليار دولار، مشيراً إلى أنّه "لو كان الأمر كذلك، لكان كل سوريّ يمتلك خاناً، بينما الحال أنّ السوري يعمل مقابل نصف الحدّ الأدنى من الأجور".

 

مواضيع ذات صلة:

-  مَن المسؤول عن ضرب الاقتصاد التركي؟

الليرة التركية إلى القاع: هل يطفو الاقتصاد التركي؟

هزة عنيفة في الاقتصاد التركي تعمق "الفردية" في نظام أردوغان



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية