يحلمون بالعودة إلى الحكم... دور "الإخوان" في إشعال الحرب في السودان

يحلمون بالعودة إلى الحكم... دور "الإخوان" في إشعال الحرب في السودان

يحلمون بالعودة إلى الحكم... دور "الإخوان" في إشعال الحرب في السودان


21/06/2023

ما إن أعلن الرئيس الكيني وليام روتو أنّ اللجنة الرباعية التي انبثقت عن الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) تُرتب للقاء بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في اجتماع مباشر وجهاً لوجه، سعياً لإنهاء الحرب التي تعصف بالسودان بعد فشل العديد من هُدن وقف إطلاق النار التي أقرّ بها الطرفان خلال اجتماعاتهما المتواصلة في مدينة جدة بالسعودية، حتى انبرت كوادر الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني (إخوان) وداعمي الحرب من الضباط الموالين لجماعة الإخوان والذين تستضيفهم الفضائيات والمنابر الإعلامية الأخرى بصفة (خُبراء استراتيجيين)؛ لتخوين كل من يدعم هذا الاتجاه ويدعو لإيقاف الحرب.

 وفي هذا السياق، نظمت الجماعة حملات إعلامية ضخمة لمناوءة مبادرة (إيغاد) والتقليل من الدور الأفريقي ومن قدرة القادة الأفارقة في حلحلة الأزمة السودانية، رغم أنّ كل الحروب الأهلية التي دارت في السودان منذ عام 1955، إلى اتفاقية جوبا للسلام في 3 تشرين الأول (أكتوبر) 2020، تمّت إدارتها وتسويتها عبر وساطات أفريقية معلومة ومعروفة.

ميكافيلية إخوانية

وبحسب مراقبين للمشهد السوداني، فإنّ رفض عبد الفتاح  البرهان رئاسة كينيا للجنة الرباعية بشأن السودان؛ هو بسبب إيواء نيروبي قادة من قوات الدعم السريع، وفقاً لبيان صادر عن قائد الجيش السوداني، يأتي كنتيجة لتلك الحملات الإعلامية الإخوانية التي تسعى لصبّ مزيد من الزيت على المشهد المأزوم، فإمّا أن تعود الجماعة إلى الحكم، وإمّا أن تُحرق البلاد برمتها، وتُقسّم إلى دويلات متنافرة وضعيفة.

رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان

وتعتقد أطياف واسعة من السودانيين، على رأسها الأحزاب السياسية الداعمة للتحول المدني الديمقراطي والناشطون السياسيون والمجتمع المدني، أنّ الذين يديرون السودان الآن هم الضباط الموالون للإخوان داخل الجيش السوداني، ويُقدّر عددهم بنحو (3) آلاف ضابط مؤدلج، وفقاً لمصادر مُتطابقة، تدعمهم (كتائب) سياسية وإعلامية تروّج من خلال المنابر المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، بأنّ الحل الوحيد لأزمات البلاد هو الاستمرار في الحرب، التي سينتصر فيها الجيش يوماً ما، طال أمدها أم قصُر.

مصادرة القرار السياسي

ونجحت كوادر الإخوان السودانية حتى الآن في التأثير على جميع القرارات الصادرة عن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان؛ خصوصاً بعد نشوب الحرب الأخيرة، ابتداءً من تبنّيه خيار الحرب مع قوات الدعم السريع، وليس انتهاءً بنزاعه مع المجتمع الدولي؛ عندما أعلن فولكر بيرتس المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان ورئيس بعثة (يونتامس) شخصاً غير مرغوب به، ثم  تعليقه مشاركة وفده في منبر جدّة، قبل أن يعود إليه مجدداً، إلى رفضه رئاسة كينيا لرباعية (إيغاد).

نظمت جماعة الإخوان حملات إعلامية ضخمة لمناوءة مبادرة (إيغاد) والتقليل من الدور الأفريقي ومن قدرة القادة الأفارقة في حلحلة الأزمة السودانية

 

وتلعب فضائية (طيبة) المملوكة للإخواني المتشدد عبد الحي يوسف، الذي أفتى عام 2019 للرئيس البشير بجواز قتل ثلث الشعب من أجل بقاء الثلثين؛ تمهيداً لفضّ الاعتصام الشهير أمام قيادة الجيش، والذي عجّل بإسقاط نظام الإخوان، قبل أن يتنصل عنها لاحقاً، تلعب الفضائية دوراً كبيراً في التأثير على قرارات قائد الجيش وسير العمليات العسكرية والمفاوضات، وتستثمر بشكل فعّال في تأجيج أوار القتال في مختلف أنحاء السودان، عبر ضيوفها من قادة النظام السابق ووزرائه وإعلامييه، بعد أن نجحت منذ انقلاب 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، وانفراد البرهان وحميدتي بالقرار السياسي في البلاد وإقصاء حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في دقّ إسفينٍ بينهما، وأذكت صراعهما حول السلطة، إلى أن دفعت بهما إلى الحرب الراهنة، من أجل إضعافهما، ومن ثم العودة إلى الحكم والانفراد به.

طبول الحرب وأكاذيب الفلول

ويلاحظ راصدون لمواقف الإخوان ممثلين في كوادر حزب المؤتمر الوطني (حزب عمر البشير)، وقوفهم ضد كل من يدعو إلى الحوار ووقف الحرب ويضغط على الطرفين من أجل الجلوس إلى طاولة مفاوضات، وقد شن إعلام الحركة الإسلامية السودانية حملة شعواء على نائب رئيس مجلس السيادة الحالي (مالك عقّار)، عندما أبدى تأييده للقاء المقترح بين القائدين المتقاتلين، ووصموه بالرجل غير المناسب لهذا المنصب وبأوصاف أخرى، ودعوا البرهان إلى عزله.  

وتزخر صفحة حزب المؤتمر الوطني بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بالمواد التحريضية التي تحث على الجهاد وتُسعّر الحرب، وتقرّ بأنّ هذه الحرب هي حرب (الإخوان)، وأنّه لا مكان فيها للمتخاذلين والجبناء، وتدعو إلى الجهاد.

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)

وتنشر الجماعة جلّ كوادرها الإعلامية في الفضاء الإعلامي العربي، بصفتهم صحافيين ومحللين سياسيين مهنيين ومحايدين، كما تطلق الضباط المتقاعدين الموالين لها كخبراء عسكريين واستراتيجيين ليروّجوا معلومات خاطئة عن سير الحرب، وأنّ المعركة لن تستغرق سوى (48) ساعة ليتم وضع (القوات المتمردة) خارج مسرح العمليات.

عودة غالية الثمن 

مضى أكثر من شهرين على اندلاع الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم، قبل أن تتوسع إلى ولايتيّ دارفور (غرب) وكرفان (جنوب)، وتضع السودان برمّته على شفير هاوية الموت واللجوء والمجاعات الطاحنة.

يواصل الإخوان داخلياً إشعال الفتن بين القبائل تمهيداً لتحويل الحرب التي نشبت على خلفية سياسية إلى حرب قبلية وعرقية بهدف التأكيد على فشل الثورة الشعبية في خلق واقع أفضل ممّا كانوا عليه إبّان حكمهم الذي امتد لـ 3 عقود

 

وتحاول دول صديقة وهيئات ومنظمات إقليمية ودولية، وأحزاب سياسية سودانية وشخصيات عامة ذات وزن سياسي واجتماعي، التدخل الإيجابي لوضع حدٍّ للحرب والضغط على طرفيها من أجل إنهائها عبر المفاوضات لا البندقية، فيما يرفض الإخوان تلك المساعي الحميدة، ليس بالوقوف ضدها من خلال إبداء الرأي، بل بالعمل الدؤوب والمثابر على صبّ مزيد من الزيت على النار، واعتبار جميع الدول المجاورة والإقليمية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وهيئة (إيغاد) أعداء للسودان ينبغي منعهم من التدخل في شؤونه، فيما يواصلون داخلياً إشعال الفتن بين الجماعات العرقية (القبائل) تمهيداً لتحويل الحرب التي نشبت على خلفية سياسية إلى حرب قبلية وعرقية لا تبقي ولا تذر، وذلك بهدف التأكيد على فشل الثورة الشعبية في خلق واقع أفضل ممّا كانوا عليه إبّان حكمهم الذي امتد لـ (3) عقود، وإضعاف جهاز الدولة والقوات العسكرية بشقيها المتحاربين، بعد أن نجحوا في تغييب الشرطة تماماً عن المشهد، ويراهنون على إضعاف جميع الأطراف، ليصبحوا القوة الوحيدة القادرة على تسنّم زمام السلطة في البلاد والعودة بها إلى ما قبل عام 2019.

مواضيع ذات صلة:

المسألة السودانية: قتال إثني وتحركات انفصالية وانتهاكات واسعة

هل تبدأ القاعدة وداعش بتنفيذ عمليات في إثيوبيا والسودان قريباً؟

كيف تؤثر عقوبات واشنطن على الصراع السوداني؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية