يوم زايد للعمل الإنساني.. انعكاس لروح "الأب المؤسس"

يوم زايد للعمل الإنساني.. انعكاس لروح "الأب المؤسس"

يوم زايد للعمل الإنساني.. انعكاس لروح "الأب المؤسس"


11/04/2023

عندما قرر مجلس الوزراء الإماراتي تخصيص يوم لإحياء ذكرى رحيل الأب المؤسس لدولة الإمارات، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اختار: “يوم زايد للعمل الإنساني”، الذي يصادف 19 من رمضان، اسماً لليوم، منسجماً بذلك مع فلسفة وقيم الشيخ زايد، القائمة بالدرجة الأولى على العطاء الإنساني، والمتمثلة بقوله: “لا يمكن أن الله يعطي من لا يعطي”، وهي جملة لا تدل على عطائه فقط، إنما على حكمة وزهد وتوازن في التعامل مع التغيرات.

وبمناسبة يوم زايد للعمل الإنساني، غرّد سمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الإمارات 

وقال رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم الشيخ خالد بن زايد آل نهيان، إن “يوم زايد للعمل الإنساني بمثابة موعد متجدد للاحتفاء بسيرة الوالد المؤسّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيّب الله ثراه.

روح خيرّة

بقي أثر روح الشيخ زايد السبّاقة تجاه الخير والتطوير قائماً، فإلى جانب استمرارية نهجه من قبل خلفائه، فقد ظلت حماسته للبناء ولتجميع الناس وتوحيدهم ملموسة أيضاً، فالشيخ زايد لم يكن القائد الذي ينظر إلى رعيته من برجٍ عاجي؛ بل كما يقول كتاب “صقر الصحراء” للصحافي كلود موريس: “كان الشيخ زايد يجسد القوة بين مواطنيه، فكان يشاركهم حفر الآبار وإنشاء المباني وتحسين مياه الأفلاج والجلوس معهم، ومشاركتهم في معيشتهم بكل تواضع”.

ولم يكن الشيخ زايد رجلاً يتعامل مع الواقع عبر اتخاذ إجراءاتٍ حازمة فحسب، إنما كان المثابر الذي يضع خططاً حكيمة وينفذها، لكن دون أن يتخلى عن عفويته ورحابة صدره، فقد كان يجلس مع الناس فيحتشدون حوله ويسمعون منه ويسمع منهم، وبهذا السياق قال موريس: “دُهشت من الجموع التي تحتشد دوماً حول الشيخ زايد، وتحيطه باحترامٍ واهتمام، كان زعيماً ديمقراطياً وقائداً وطنياً وشيخ القبيلة المؤهل فعلاً لتحمل كافة مسؤوليات القيادة”.

ولإيمانه بقوة الوحدة والاجتماع على الخير، رغب الشيخ زايد دوماً بتوحيد الإمارات العربية، وهذا ما ناله عام 1971م بعد انسحاب البريطانيين من الإمارات المتصالحة؛ حيث عمل الشيخ زايد على تشكيل اتحاد بين الإمارات المتصالحة، وكان أول من نادى بالفكرة.

وفي اجتماعٍ لحكام الإمارات السبع المتصالحة لبحث قيام الاتحاد، قال: “هذه فرصة هيأها الله تعالى لنا، فرصة وجودنا اليوم في مكان واحد، إن قلوبنا جميعاً عامرة والحمد لله بالإيمان، بمبدأ الوحدة، فلنجعل إذن من اجتماعنا فرصة تاريخية لتحقيق أملنا المنشود”.

واختير الشيخ زايد حينها رئيساً للدولة، ما أكسبه لقب “الأب المؤسس”. وكان الشيخ زايد محباً لتأليف القلوب، وحل النزاعات بين الجهات والدول المتخاصمة، لذلك أُطلق عليه “حكيم العرب”.

إحساس إنساني

وخلال قيامه بإرساء مشروعه الأهم؛ دولة الإمارات العربية، التي صمم لها رؤية بناءة، قادت لتحول جلي في أنظمة التعليم والرعاية الصحية والزراعة والبنية التحتية… كان هاجس العطاء يرافق الشيخ زايد، فعلى سبيل المثال، في وقت تأسيس الدولة عام 1971م، أسس صندوق أبوظبي للتنمية بهدف “تحقيق سياسة دولة الإمارات فيما يخص تدعيم التنمية الاقتصادية في الدول النامية”، وفقاً للموقع الرسمي للصندوق، وفي عام 1974م اعتمد الصندوق تمويل 10 مشروعات تنموية في كلٍّ من تونس ومصر والأردن والبحرين وسوريا واليمن.

كما تأسس خلال فترة حكم الشيخ زايد؛ الهلال الأحمر الإماراتي في عام 1983م، لمساعدة الضعفاء والمحتاجين، بغضِّ النظر عن أي اعتبارات عرقية أو ثقافية أو جغرافية أو دينية، وهو مبدأ يعبر عن روح الشيخ زايد المؤمنة بالإنسان.

كما خصَّص الشيخ زايد وقفاً يعود ريعه على المشروعات الخيرية والإنسانية التابعة لمؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، والتي تأسست عام 1992م، وتعنى بتحسين نوعية ومستوى الخدمات الصحية والتعليمية، والبنية التحتية في الدول النامية.

فلسفة الشيخ زايد حول العطاء

ومنذ توليه رئاسة دولة الإمارات ولغاية رحيله عام 2004م، بلغت قيمة المساعدات التنموية والإنسانية التي تم توجيهها من الإمارات؛ نحو 90.5 مليار درهم إماراتي، استفاد منها أكثر من 117 دولة.

وتعبيراً عن الامتنان ورد الجميل حملت عدة مرافق تعليمية وثقافية وطبية في عدة دول اسم الشيخ زايد، مثل مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال في لندن، المملكة المتحدة، ومبنى الشيخ زايد بن سلطان لأبحاث أمراض السرطان بمدينة هيوستن الأمريكية، ومبنى زايد لعلاج أمراض القلب والحالات الحرجة في مستشفى جونز هوبكنز بالولايات المتحدة.. ناهيك عن تعمير عدة مدن تحمل اسمه في الكثير من الدول العربية.

الانتماء للطبيعة

ولم يُعرف عن الشيخ زايد حرصه وتعاطفه مع الناس فحسب، بل أيضاً عنايته بالنبات والحيوان والحفاظ على الطبيعة، كوجه من القيم الإنسانية حتى لُقّب بـ”رجل البيئة العربية”؛ فتحت إشرافه تمت زراعة 100 مليون شجرة في الإمارات العربية المتحدة، في محاولة لوقف زحف الرمال على الأراضي الزراعية والمناطق الحضرية.

وحرصاً منه على التنوع البيولوجي، وحياة الحيوانات، حظر الشيخ زايد الصيد منذ أكثر من ربع قرن، وأنشأ محمية في جزيرته الخاصة في صير بني ياس للأنواع المهددة بالانقراض، مثل المها العربي والغزال الرملي، كما أنشأ الشيخ زايد المجلس الأعلى للبيئة، لضمان الحفاظ على النباتات والحيوانات في البلاد.

إرث لا ينسى

انعكاساً لحرصه الإنساني وجهوده التنموية التي تخطت حدود دولة الإمارات العربية، نال الشيخ زايد آل نهيان عشرات التكريمات والجوائز، ومن ضمنها: جائزة “رجل العام” من قِبل هيئة (رجل العالم) في باريس، سنة 1988م، والتي نالها مرة أخرى أيضاً بعد عشر سنوات، ووشاح رجل الإنماء والتنمية من قبل جامعة الدول العربية عام 1993م، وجائزة الشخصية الإنمائية عام 1995م من قبل مركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإعلامية-جدة، وفي عام 1995م، حصل الشيخ زايد على الميدالية الذهبية من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، لجهوده في مجال التنمية الزراعية، وغير ذلك الكثير من الإنجازات التي خلدتها صحف التاريخ.

وبعد رحيله استمر نهج الشيخ زايد؛ إذ تسارع الإمارات العربية لمساندة الشعوب في وقت المحن والكوارث، عبر تقديم المساعدات الإنسانية لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، بلغ إجمالي قيمة المساعدات الخارجية التي قدمتها دولة الإمارات خلال الفترة منذ بداية العام 2021 وحتى منتصف أغسطس عام 2022م نحو 13 مليار درهم.

يعلمنا سخاء وإنسانية الشيخ زايد، رحمه الله، أن النجاح يكون حليف المجتمعات عندما تكون مستعدة لمساعدة بعضها بعضاً، وهذا ما دأب الشيخ على التفرُّد به؛ حتى خلق بكرمه تأثيراً مضاعفاً للنوايا الحسنة والأفعال الطيبة التي تخلّد ذكراه، وتستمر في إلهام خلفائه وشعبه السخي الذين ظلوا مثالاً للعطاء متجسداً فيهم قول الشاعر والفيلسوف جبران خليل جبران: الجود أن تعطي أكثر مما تستطيع، والإباء أن تأخذ أقل مما تحتاج إليه.

عن "كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية