هزاع المنصوري وسلطان النيادي يحلّقان بالإمارات في الفضاء

الإمارات

هزاع المنصوري وسلطان النيادي يحلّقان بالإمارات في الفضاء


19/09/2019

أيام قليلة تفصل عن الخطوة الأولى التي مهّدت لها دولة الإمارات العربية المتحدة، حتى تنجح في أن تكون الدولة رقم 19 التي تصل إلى محطة الفضاء الدولية، على متن مركبة "سويوز إم إس 15"، من محطة "بايكونرو" الفضائية، في 25 أيلول (سبتمبر) الجاري، وذلك مع انطلاق رائد الفضاء الإماراتي الأول، هزاع المنصوري إلى الفضاء، لتحقق الإمارات من خلاله أبرز بنود برنامجها الفضائي، والذي حدّدت ملامحه الأساسية، منذ عام 2017.

اقرأ أيضاً: المرأة الإماراتية في قطاع الفضاء .. قصص نجاح ملهمة عنوانها التمكين
ويساعد المنصوري، كبديل له، رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي؛ حيث أوضح مركز محمد بن راشد للفضاء أنّ أحد رائديْ الفضاء (المنصوري) سينطلق إلى محطة الفضاء الدولية الأربعاء المقبل، ضمن بعثة فضاء روسية على متن المركبة "سويوز إم إس 15" ليقضي 8 أيام على متن المحطة يعود بعدها إلى الأرض على متن المركبة "سويوز إم إس 12" وسيكون رائد الفضاء الثاني (النيادي) بديلاً له وسيواصل التدريبات للقيام بمهام أخرى في المستقبل.
يساعد المنصوري كبديل له رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي

طموح الإمارات الفضائي
دشّنت الإمارات برنامجها الفضائي، قبل عامين، وهو ما رأى متخصصون في مجال الفضاء، أنّه مشروع "طموح"، يضع الإمارات في مكانة متميزة، خلال المئة عام المقبلة؛ حيث إنّه يسعى إلى بناء أول مستوطنة بشرية على كوكب المريخ، بحلول عام 2117، وغيرها من التجارب العلمية.

الشيخ محمد بن راشد معلناً الإنجاز العربي: رائدا الفضاء الإماراتيان هزاع المنصوري وسلطان النيادي يمثلان كلّ الشباب العربي

وبحسب برنامج الفضاء الإماراتي؛ فقد وصل عدد المتقدمين لهذه المهمة، في مرحلتها الأولى، نحو 4022 شخصاً، نسبة الفتيات بينهم 34%، كما بلغ عمر أصغر متقدم 17 عاماً، والأكبر 67 عاماً.
وتفاوتت تخصصات الأشخاص الذين تقدموا لبرنامج الفضاء؛ إذ شملت الهندسة، والطيران، والطبّ، والقطاع العسكري، وإدارة الأعمال؛ حيث بدأت أعمال التقييم بين المرشحين على عدة مراحل، ووفق مجموعة من المعايير المنضبطة، في منتصف أيار (مايو) الماضي.
ومن بين 95 شخصاً مرشحاً، في المرحلة الأولى، جرى اختيار 39 منهم، في مرحلة تالية، حتى وصلوا إلى 18 مترشحاً، تمّت تصفيتهم إلى 9 أشخاص فقط، وصولاً لإعلان اسم هزاع المنصوري ورائد الفضاء الإماراتي، سلطان النيادي؛ حيث تمكّن كلاهما من بلوغ المرحلة النهائية من الترشيحات، بعد أن اجتازا ستّ مراحل من الاختبارات الطبية والنفسية والمتقدمة، ومجموعة من المقابلات الشخصية، بالتعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، والاختبارات الطبية المتقدمة في "روسكوسموس".

اقرأ أيضاً: بالصور.. أول روبوت فضائي شبيه بالإنسان يصل إلى المحطة الدولية

وتكشف السيرة المهنية للمنصوري مجموعة من السمات التي وضعته على طريق القبول، حسبما أوضح برنامج الفضاء؛ فهو يبلغ 34 عاماً، ويمتلك خبرة تزيد عن 14 عاماً في الطيران الحربي، وقد خضع لمجموعة برامج تدريبية، منها: دورات تخصصية متقدمة في النجاة من الغرق، وتدريب على الدوران، وقوة التسارع تصل إلى "9 جي"، وعلى مناورات العلم الأحمر في الولايات المتحدة.
ويبلغ سلطان النيادي 37 عاماً، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في تكنولوجيا المعلومات "منع تسرب البيانات"، من جامعة جريفيث في أستراليا، عام 2016، وعلى الماجستير في أمن المعلومات والشبكات، من الجامعة ذاتها، وبكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات، من جامعة برايتون البريطانية، كما أنهى برنامج التعليم العام في تكنولوجيا المعلومات، من المملكة المتحدة، عام 2001.
دشّنت الإمارات برنامجها الفضائي قبل عامين

أول مستعمرة بشرية على المريخ
وتعدّ محطة الفضاء الدولية بمثابة قمر صناعي ضخم، صالح لحياة البشر، وتدور في مدار منخفض حول الأرض، وتحمل على متنها طاقماً من 6 رواد فضاء، يقضون 35 ساعة أسبوعياً، بهدف إجراء أبحاث علمية بمختلف التخصصات الفيزيائية والبيولوجية.

المنصوري التقى في مجلس سمو الشيخ محمد بن زايد رائد الفضاء الأمريكي المتقاعد الكابتن المهندس سكوت كيلي

وقام نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس الوزراء، حاكم دبي، سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالكشف عن اسمي أول رائدَي فضاء عرب، يجري تأهيلهما للالتحاق برواد الفضاء على المحطة الفضائية الدولية، والتي حلّت مكان المحطة الفضائية الروسية "مير"، في تشرين الثاني (نوفمبر) 1998.
وغرّد على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "في إنجاز عربي جديد؛ نعلن اليوم اسمَي أول رائدَي فضاء عرب لمحطة الفضاء الدولية؛ هزاع المنصوري وسلطان النيادي، هزاع وسلطان يمثلان كلّ الشباب العربي".
وتهدف الإمارات، بحسب برنامج الفضاء، إلى بناء أول مستعمرة بشرية على المريخ، خلال مئة عام، وهو الهدف الإستراتيجي والأبعد في مشروعها، بينما يستهدف البرنامج كذلك، إنشاء أول مدينة علمية لمحاكاة الحياة على كوكب المريخ، وتضمّ متحفاً للمريخ، ومختبرات متخصصة، فضلاً عن مختبر تجارب انعدام الجاذبية، والوصول بمسبار الأمل الإماراتي إلى كوكب المريخ، عام 2021، بالتزامن مع الذكرى الـ 50 لقيام دولة الإمارات.
وعبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، نشر رائد الفضاء الإماراتي، هزاع المنصوري، مقطع فيديو يظهر تجربته لبدلة "السوكول" التي يرتديها رواد الفضاء.
وكتب رائد الفضاء الإماراتي: "أثناء تجريب بدلة الفضاء (السوكول)، ومعناها بالعربية (الصقر)، يقوم الخبراء في مصنع زفيزدا بقياس مركز الكتلة، الذي يعدّ من المعطيات المهمة في عملية إطلاق الصاروخ، الذي يحمل مركبة "السويوز"، وحساب مساره".

اقرأ أيضاً: ماذا يحدث في قاعدة مركز الإمام الخميني للفضاء؟
ومنذ لحظة اختياره كأول رائد فضاء إماراتي، شارك المنصوري متابعيه تجربته الجديدة، ونشر العديد من الصور وهو يرتدي بدلة الفضاء، وبطانة الكرسي المخصَّص له على المركبة، موضحاً أنّه استمر بالجلوس على الكرسي لمدة ساعتين لإبلاغ الخبراء بأيّة ملاحظات، وأوضح أنّ البدلة "مسؤولة عن توفير الحماية لرواد الفضاء، في حال حدوث انخفاض في الضغط على متن المركبة".
وكشف المنصوري عن شغفه المبكر في الفضاء. وروى في تصريحات صحفية أنه التقى رائد الفضاء الأمريكي المتقاعد الكابتن المهندس سكوت كيلي في مجلس سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووجه له سؤالاً: "ما نصيحتك لأول رائد فضاء إماراتي؟!"، أجاب كيلي: أتمنى أن تكون على طبيعتك، وعفويتك أثناء تلقي الاختبارات.
سيقوم مركز محمد بن راشد للفضاء بجلسات نقل مباشر، أثناء وجود هزاع المنصوري على متن محطة الفضاء الدولية

أول دولة عربية تصنع الأقمار الصناعية
وبحسب مركز محمد بن راشد للفضاء، الذي قام بنشر صورة لهزاع المنصوري، تجمعه مع الطاقمَين، الرئيس والبديل، لمهمة الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية، فقد أوضح أنّ مجال الفضاء يحتاج إلى التعاون الدولي، والاستفادة من خبرات الآخرين؛ حيث لم يغفل برنامج الفضاء الإماراتي هذا البعد المهم، وتضمن إطلاق البرنامج العربي لاستكشاف الفضاء، وهو برنامج لنقل المعرفة والخبرات، في علوم وتقنيات الفضاء، مع جامعات ومؤسسات الدول العربية، للاستفادة من أبرز العقول العربية في هذا المجال، وتدشين منصة بيانات علماء الفضاء العرب.

الباحث في مجال الفضاء أحمد بيومي: الرحلة إلى الفضاء تتأسس عليها البنية التحتية لقطاع الفضاء الإماراتي وتدشين اقتصاد المعرفة

وأضاف: "البرنامج سيعمل أيضاً على إنشاء المجلس العالمي لاستيطان الفضاء، بالتعاون مع جامعات ومراكز بحثية عالمية مختصة، وسيضمّ المجلس في عضويته أفضل الخبراء العالميين في مجال الفضاء".
ويتضمن البرنامج إنشاء مجمع تصنيع الأقمار الصناعية، ضمن مركز محمد بن راشد للفضاء، لتكون الإمارات أول دولة عربية تصنع الأقمار الصناعية، بشكل كامل.

اقرأ أيضاً: قيادة عسكرية بالفضاء.. ما الذي تفكر فيه فرنسا؟
على مدى أكثر من عام، خاض رائد الفضاء الإماراتي، هزاع المنصوري، تدريبات مختلفة ومتنوعة، تمهيداً لرحلته إلى المحطة الدولية، كما خضع المنصوري لمجموعة من التدريبات النوعية، في مركز "ليندون بي جونسون" التابع لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"؛ حيث تعرّض لمختلف جوانب مهمة الانطلاق إلى محطة الفضاء الدولية، مع طاقمي المهمة، الرئيس والبديل، وقد شملت التدريبات استخدام الأجهزة والمعدات، والتعامل مع حالات الطوارئ، لا سيما انخفاض ضغط الهواء، أو تسرّب غاز "الأمونيا" في المحطة، وكذلك التعرّف إلى أجزاء محطة الفضاء الدولية، عن طريق نموذج كامل من المحطة، الموجود في مقر "ناسا"، ويضمّ القسمين؛ الروسي والأمريكي.

اقرأ أيضاً: من هو الروائي الذي تنبأ برحلات الفضاء والإنترنت بدقة؟
في مركز "يوري جاجارين" لتدريب رواد الفضاء في العاصمة الروسية، موسكو، قضى المنصوري وزميله، رائد الفضاء الإماراتي الاحتياطي، سلطان النيادي، أكثر من ١٤٠٠ ساعة تدريب، منذ عام 2018، توزّعت على ٩٠ دورة، فيما بدأ الرائدان تدريباتهما على تعلّم اللغة الروسية، باعتباره مطلباً رئيساً لضمان نجاح التدريبات اللاحقة على مركبة "سويوز"، والإقلاع والهبوط.
ومن بين الترتيبات المقرر إجراؤها، قبيل انطلاق الرحلة؛ تعقيم مقصورة مركبة الفضاء الروسية "سويوز إم إس 15"، من جانب خبراء الصحة، إضافة إلى وضع رواد الفضاء فيما تسمى "الغرفة النظيفة"؛ حيث يخضعون والحمولة التي تنطلق معهم إلى المحطة الدولية للتعقيم الصحي الأخير؛ استعداداً لرحلة الإقلاع.

اقرأ أيضاً: "سبيس إكس" تكسب المنافسة لتوفير الإنترنت من الفضاء
ومن جهته، سيقوم مركز محمد بن راشد للفضاء بجلسات نقل مباشر، أثناء وجود هزاع المنصوري على متن محطة الفضاء الدولية.
وفي حديثه لـ "حفريات"، يشير أحمد بيومي، الباحث في مجال الفضاء والاستشعار عن بعد، إلى أنّ رائد الفضاء الإماراتي، هزاع المنصوري، أمامه مجموعة من الخطوات المهمة لتثبيت أقدامه في الفضاء، وإنهاء برنامجه، وتحقيق بنوده، فهو "اللبنة الأولى التي ستتأسس عليها البنية التحتية لقطاع الفضاء الإماراتي، وتدشين ما يمكن تسميته اقتصاد المعرفة".
بيد أنّ الأمر الأكثر أهمية، بحسب بيومي، يكمن في اختبارات المنصوري وتجاربه العلمية، "التي سيشرع في القيام بها وتنفيذها، وإرسال نتائجها إلى الأرض، بغية مقارنتها بين البيئتين المختلفتين، ناهيك عن فهم تفاعل المؤشرات الحيوية لجسم الإنسان داخل المحطة، مقارنة بالأرض، قبل وبعد الرحلة".

الصفحة الرئيسية