فتاوى آثمة وضالة ومتكررة

فتاوى آثمة وضالة ومتكررة


16/10/2018

جبريل العبيدي

الفتوى الضالة وشرعنة القتل دأب عليها «مفتي» ليبيا المعزول، الذي تم عزله من قبل مجلس النواب الحالي، بحل دار الإفتاء واستبدالها بالمجلس الأعلى للإفتاء وهيئة العلماء، الدار المنحلة، التي كان يترأسها صادق الغرياني منذ صدور قرار المجلس الوطني الانتقالي (سلطة فبراير/ شباط.. سلطة الأمر الواقع غير المنتخبة) في فبراير 2012 تحت الرقم 15، الذي نص على إنشاء «دار الإفتاء»، ومنح صلاحيات وحصانة قضائية لـ«المفتي» من التظلم أمام القضاء، كما أن هذا القانون نص على عدم جواز مناقشة الفتاوى في وسائل الإعلام، في محاولة وصفها بأحكام القضاء.
إصدار مثل هذا التشريع كان خديعة إخوانية كبرى ومخالفة صريحة تمهيداً لشرعنة مشاريع وإضفاء الصبغة الدينية عليها، فمن حصن «مفتي» بعقلية وأفكار ومنهج التظاهر والخروج عن الحاكم، في محاولة يائسة لزرع الفتنة بين أبناء الشعب الليبي، إذ دأب هذا الرجل على هذا المنهج لاستباحة حرمة الدماء.
كان هذا التشريع غير القانوني أمراً دُبّر بليل، رغم أن هذا ليس من اختصاص مجلس انتقالي غير منتخب، تشكلت غالبيته من جماعة تنظيم «الإخوان المسلمين»، في حين صدور قانون الإفتاء يجب أن يكون منبثقاً من الدستور الدائم وليس عن مجلس انتقالي مؤقت.
تحصين شخص صادق الغرياني من العزل من صفة «المفتي» مدى الحياة، ومن المساءلة أمام القضاء؛ أمر لا يستقيم في أي بلد من العالم؛ مما اضطر مجلس النواب المنتخب إلى إلغاء دار الإفتاء، لكي يعزل المفتي المحصن من المحاكمة والمساءلة والعزل وفق المجلس الإخواني الانتقالي، الذي كانت تسيطر عليه جماعة «الإخوان المسلمين» والجماعات الإسلامية الأخرى.
التحصين جعله خارج المحاسبة والملاحقة القضائية في ليبيا قبل أن يعزله مجلس النواب المنتخب، الأمر الذي لم تنفذه حكومة الوفاق غير الدستورية، التي هي الأخرى لم يمنحها مجلس النواب الثقة، حتى أصبح «المفتي» المحصن محراك الشر وتحول إلى مفتي الجماعات الضالة، وعرّاب التنظيمات الإرهابية عبر العالم، عبر تاريخ طويل مع الإرهاب وشرعنته، وإباحة دماء المسلمين، التي حرمها الله، الذي سبق له أن امتدح التكفيري سيد قطب وأثنى عليه، كما أنه سبق أن رفض قتال «داعش» في سرت الليبية وقال عنهم: «إنهم إخوة لنا» وطالب بقتال الجيش الليبي في بنغازي بدلاً من قتال تنظيم «داعش» سرت.
المفتي المعزول الذي يتحمل وزر دماء آلاف المسلمين وعلى رأسهم الليبيون، من الذين قضوا في حرب فبراير 2011، التي أفتى بجوازها بين الإخوة وبجواز الخروج على حاكمها في سابقة فقهية لم يفعلها سوى الخوارج في زمانهم.
المفتي المعزول الذي وصف طائرات حلف الناتو بـ«الطيور الأبابيل» وهي تدك مسلمين موحدين وتسقط عليهم أكثر من 11 ألف قنبلة وقذيفة، انتهت بإسقاط الدولة، وليس فقط نظام العقيد القذافي وراح ضحيتها عشرات آلاف من الضحايا وتخريب البنية التحتية للبلاد، رغم أنه في البدء كان جزءاً من مشروع القذافي الابن «ليبيا الغد»، سيكون ملاحقاً بلعنات الضحايا وأيضاً سينال جزاءه بعد بناء الدولة ومحاسبة المجرمين الذين هو على رأسهم.
المفتي المعزول الذي يعتبر توأما للشيطان ومحرِاكاً للشر، فهو من صدق الله فيه: «كَمَثَلِ الشَيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَا كَفَرَ قال إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَهَ رَبَ الْعالمينَ»، هذا المعزول الذي يغرر بفتاواه المتلفزة من استوديوهات قطر وغيرها صغار الليبيين في أتون حرب بين الإخوة، نجد أبناءه درسوا في جامعات أوروبية بين جامعات لندن ومانشستر، بينما كان يدفع بأبناء الليبيين إلى أتون الحرب والعمليات الانتحارية في بنغازي ودرنة، من دون أن يكون لأي من أولاده أي دور أو نصيب فيما يسميه «جهاداً» في سبيل الله. لا شك أن هذا الرجل تمادى في غيه وحبه لقطر حتى قال «من لا يشكر قطر فهو أخس من الكلب» في أسلوب تدنٍ وتنازل عن القيم والأخلاق واحترام الآخر.
ضلالات مفتي «الإخوان المسلمين» المعزول وجماعته تحدث عنها الكثير من العلماء الصالحين، وهو لا يزال في ضلاله وقد بلغ من العمر أرذله، وبعد حل مؤسسته (دار الإفتاء) أصبح في حالة الغيبوبة والتوهان، التي يعيشها الرجل الذي استخدمه نظام الحمدين ولا يزال يستخدمه النظام القطري ويعول عليه ويجره جراً إلى أستوديوهات فضائية، ليحمل على رقبته المزيد من الدماء والآثام عبر فتاوى ضالة مضلة من أجل تمكين جماعات ضالة من الحكم والسيطرة.

عن "الشرق الأوسط"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية