قادة بالجماعة الاسلامية المصرية: لن نحيد عن نبذ العنف

قادة بالجماعة الاسلامية المصرية: لن نحيد عن نبذ العنف


14/11/2018

عبدالبصير حسن

رغم أن القضاء المصري قرر إدراج "الجماعة الاسلامية" و 164 من رموزها وأنصارها في قائمة تضم كيانات وشخصيات إرهابية مدة خمس سنوات، إلا أن قادة حاليين وسابقين في هذه الجماعة أكدوا التزامهم بموقفهم المتمثل في نبذ العنف.

وفي حديث لبي بي سي قال أحد قيادات الجماعة الحاليين من تركيا، طارق الزمر، "إننا نتمسك بمبادرتنا أيا كانت الأوضاع والإجراءات، ولدينا التزام أخلاقي وشرعي، ولن نحيد عن مبادرتنا بنبذ العنف".

أما القيادي السابق في الجماعة، ناجح إبراهيم، فقد قال لبي بي سي "إن قادة بالجماعة تواصلوا معي، ورغم استغرابهم قرار المحكمة، أكدوا أنه ليس هناك أي نية للتراجع عن المراجعات أو مبادرة وقف العنف التي تم تبينها منذ نهاية 1997".

قرار المحكمة
وكانت صحيفة "الوقائع المصرية" الرسمية قد نشرت حكم محكمة جنايات القاهرة الصادر في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي القاضي بإدراج "الجماعة الاسلامية" و 164 شخصا من أتباعها على قوائم الكيانات والشخصيات الارهابية.

وطبقا لقانون الكيانات والشخصيات الإرهابية المصري فإن إدراج هؤلاء الاشخاص على قوائم الارهاب يعني إتخاذ "تدابير قضائية إحتياطية، من بينها تجميد أموالهم متى استخدمت في ممارسة نشاط إرهابي، والمنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبي من دخول البلاد وسحب جواز السفر أو إلغاؤه، أو منع إصدار جواز سفر جديد و فقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية."

وقال إبراهيم الذي استقال من الجماعة منذ سنوات ويعمل طبيبا إضافة الى تخصصة في شؤون الجماعات الاسلامية، إن المذكورة أسماءهم في القائمة "جلهم قياديون وأعضاء حاليون وسابقون بالجماعة الاسلامية وأنصار لها، بعضهم ترك نشاط الجماعة الإسلامية منذ سنوات وبعضهم هارب أو مختف منذ المراجعات ولا يعلم أحد مكانه."

وجاء على رأس القائمة الجديدة المشمولة بقرار المحكمة القياديون بالجماعة الإسلامية محمد شوقي الاسلامبولي وطارق الزمر وعاصم عبدالماجد وهم هاربون خارج مصر، وصفوت عبدالغني وعلاء ابو النصر وهما محبوسان في مصر، ورفاعي طه المتوفي في سوريا منذ عام.

وصدرت ضد بعض من شملتهم القائمة أحكام في قضايا جنائية مختلفة منها أحكام بالاعدام مثل الزمر وعبدالماجد اللذين قضت محكمة جنايات مصرية أوليا قبل أسابيع بإعدامهما مع 73 مدانا أخرين فيما يعرف بقضية "إعتصام رابعة".

كما ضمت قائمة بأسماء " شخصيات إرهابية مطلوبة " وضعتها مصر والبحرين والامارات والسعودية في العام الماضي كلا من محمد شوقي الاسلامبولي وطارق الزمر وعاصم عبدالماجد ضمن قائمة من 62 شخصا وصفوا بالارهابين.

إتهامات بحق الجماعة

وجاء في مذكرة الحكم الصادر ضد الجماعة وقياداتها من محكمة الجنايات في أكتوبر/ تشرين أول الماضي أن تحريات ضابط بألامن الوطني استندت اليها المحكمة أفادت بأن " في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، قام العديد من قيادات وأعضاء الجماعة الإسلامية بالعدول عن مبادراتهم السابقة بوقف العنف وأعلنوا تمسكهم بأيديولجية التنظيم التي تبرر العنف والارهاب وتدعو الى تكفير الحاكم بدعوى عدم تطبيقه الشريعة الإسلامية ووجوب الخروج عليه باستخدام القوة المسلحة وصولا لإقامة الدولة الإسلامية."

كما اتهمت المذكرة قياديين بالجماعة "بعقد لقاءات تنظيمية مع قيادات تنظيم الاخوان الارهابي الهاربة بدولة تركيا...بأن وضعوا مخططا مؤداه تصعيد نشاط الجماعة الاسلامية التحريضي والتخريبي ضد مؤسسات الدولة العامة والحيوية ورموزها."

وقال الزمر الذي تحدث من تركيا " كنت أتمنى أن يغلب صوت العقل في المؤسسات المصرية والذي كان غلابا في وقت سابق، لكن للأسف التطورات الإقليمية وبعض الحسابات السياسية الضيقة دفعت اصحاب القرار الى هذه الخطوة".

وأضاف" أدعوهم الى قراءة مرجعيات وأدبيات حزب البناء والتنمية ويشيروا لي على أي تصريح يشم منه أي دعوة للعنف أو الارهاب.. التزمنا بنبذ العنف منذ أكثر من 20 عاما امام المجتمع المصري والمجتمع العالمي وسنظل على التزامنا مهما كانت العقبات ."

ومن بين الاتهامات الموجهة للزمر الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الاسلامية في إحدى القضايا التي يحاكم فيها "بقديم الدعم المالي من خارج مصر لكوادر تنظيم ولاية سيناء بالداخل لتنفيذ المخططات العدائية".

الجماعة والدولة

شهدت نهاية سبعينيات القرن الماضي حين نشأت الجماعة حتى عام 1997 صداما مسلحا بين الجماعة والدولة المصرية،إذ هاجم أعضاء بالجماعة العديد من الشخصيات العامة والأهداف الحيوية، كان أبرزها إغتيال الرئيس المصري، أنور السادات، في عام 1981 وانتهاء بالهجوم على معبد الدير البحري بالاقصر في عام 1997 ومقتل عشرات السياح الأجانب.

وقتلت الشرطة عشرات من أنصار الجماعة خلال المواجهات قبل أن يعلن قادة الجماعة في السجون المصرية في نهاية عام 1997 مبادرة لوقف العنف ومراجعات لنهج الجماعة اكتملت في عام 2001 لتوجيه الجماعة إلى العمل المدني ظلا وعلنا.

وفي أواخر يناير 2011 ، عادت الجماعة للواجهة السياسية بقوة، إذ خاضت استحقاقات انتخابية بعد تشكيل حزب سياسي وتسجيلها كجمعية أهلية.

وفي أول انتخابات برلمانية تشهدها مصر بعد تنحي مبارك، فازت الجماعة ب 17 مقعدا في مجلس الشعب (مجلس النواب حاليا) الذي ألغي بحكم من المحكمة الدستورية العليا في يونيو/حزيران من العام نفسه. كما فازت بعدد من مقاعد مجلس الشورى أو الغرفة العليا للبرلمان الذي ألغي وجوده في دستور عام 2014.

وظهر عدد من قادة الجماعة في مناسبات مختلفة يدعمون الحملات الانتخابية للمرشح محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، كما ظهر عدد من أعضاء الجماعة البازين المشاركين في المراجعات على منصة إعتصامي رابعة العدوية والنهضة لأنصار مرسي مؤيدين للرئيس المنتخب ورافضين عزله، ومنهم الزمر وعبد الماجد وآخرين.

ومنذ ذلك الحين تتهم سلطات التحقيق المصرية عددا من قادة الجماعة بالعودة إلى نهج العنف ومقاومة السلطات ورفض خارطة الطريق التي جاءت بالنظام الحالي في مصر.

وسافر عدد من قادة الجماعة خارج مصر إلى قطر وتركيا وسوريا وبلدان أخرى من بينهم طارق الزمر وعاصم عبد الماجد ومحمد شوقي الاسلامبولي هربا من الملاحقات الامنية والقضائية.

الهدف تصفية الجماعات
واعتبر ناجح إبراهيم، الذي شارك في صياغة مراجعات الجماعة من السجون في عام 1997 و 1998 عندما كان من قياديي الجماعة المحبوسين وقتها، حكم المحكمة إدراج الجماعة على قائمة الارهاب "توسعا ضارا يخل بمعنى الارهاب في اذهان الناس."

وأضاف "الجماعة ودعت الإرهاب والعنف منذ سنوات طويلة منذ مبادراتها في نهاية 1997 وأوائل 1998، ودعته فكرا وسلوكا عندما سلم الجناح العسكري أسلحته ونفسه طواعية وغُير فكر الجماعة الإسلامية تماما، وقد كنت أحد الذين أسهموا في هذا الأمر مع قادة آخرين ولم تنفذ الجماعة أي عمل إرهابي منذ إعلانها المراجعات إلى اليوم بل إن بعض ابنائها أسهموا في حماية المقار الأمنية والكنائس في 25 يناير (2011)."

وأردف قائلا: "أعتقد ان الدولة تريد إنهاء الجماعات بحيث لا يكون هناك جماعات في مصر نهائيا".

وشدد إبراهيم على أن الجماعة الاسلامية أصدرت بيانات وكتبا "تحارب فيه داعش فكرا وسلوكا".

وعن رأي قادة حاليين بالجماعة في مصر يتواصل معهم حول حكم المحكمة قال إبراهيم: "تحدث معي بعضهم وهم مستغربون من هذا القرار ولا يعرفون مغزاه، ومن الخطأ الكبير عدم وجود تواصل بين الطرفين الجماعة والدولة".

وعبر إبراهيم عن إرتياحه من قرار المحكمة استثناء حزب البناء والتنمية من القرار قائلا: "أظن أنه من الذكاء الحكومي الإبقاء على الحزب، إذ أن الجماعات أضرت بالإسلام والوطن وبنفسها وأبنائها.، وقد نجحت تونس والمغرب لأن بهما أحزابا وليس جماعات، لكن تصنيفها إرهابية من الخطورة بمكان، لأن الناس يعرفون أبناء الجماعة الاسلامية ويتعاملون معهم ولا يلمسون منهم خطرا في أماكن وجودهم، ولا سيما في صعيد مصر."

مخاوف من تطبيق جزافي
ويقول وكيل جهاز أمن الدولة في مصر سابقا وأحد الفاعلين خلال فترة الصدام الدامي بين الجماعة والدولة، فؤاد علام، في اتصال مع بي بي سي: "أنا من أنصار أنه عندما يكون أحد فعلا خارج القانون تتخذ حياله الإجراءات القانونية كفرد أو كمجموعة، فالعبرة بإرتكاب الافراد أو الأعضاء لأعمال خارجة على القانون".

وأعرب علام عن خشيته من التطبيق الجزافي للقانون قائلا: "قد يحدث تطبيق لهذا القانون بأسلوب جزافي فيودع أشخاص أبرياء في السجون دون داع".

عقاب جماعي غير مبرر
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الاسلامية، مصطفي زهران، أن الجماعة الاسلامية كان لها دور بارز منذ يوليو 2013 في ترشيد شبابها ولا يتعين تعميم العقاب بحق أعضائها، وقال لبي بي سي: "منذ احداث الثالث من يوليو 2013 لعب حزب "البناء والتنمية" دورا هاما في ترشيد شباب الإسلاميين مع تعدد توجهاته وتنويعاته المختلفة في الداخل المصري وخاصة بالجنوب المصري للحيلولة دون تشظى الحالة الراديكالية، وخاصة بعد صعود تنظيم الدولة الإسلامية، فضلا عن لعب دور وسيط بين السلطة من جهة وجماعة الاخوان المسلمين من جهة أخرى في بعض المواقف".

دعوة لتغيير مسمى الجماعة
لكن عصو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب في مصر، خالد عكاشة، يرى أن ممارسات قيادات وأعضاء بالجماعة كانت سببا في حكم المحكمة.

ويضيف في حديث لبي بي سي أن إدراج الجماعة جاء "نظرا لأن عددا من قيادات هذه الجماعة وعددا من عناصرها ارتدوا على هذه المراجعات التي صاغها قبل يناير/كانون الثاني 2011 ."

ويصر عكاشة على أن الجماعة الاسلامية "تنظيم ارهابي" نشأت منذ بدايتها كتنظيم مسلح، مضيفا أن "مسألة المراجعات كانت مجرد محطة وكان يتعين أن يكون الحديث عن حل الجماعة والخروج منها بتشكيل أحزاب كما حاولوا أن يفعلوا أثناء حكم الاخوان."

وحول إدراج الجماعة ككل كتنظيم إرهابي وليس كأفراد أو أعضاء قال عكاشة: "إن الجماعة وضعت نفسها في موقف ملتبس، وذلك عندما وقفت بقدمين أحدهما في الساحة السياسة عبر حزب البناء والتنمية، والأخرى في تشكيلات وتنويعات تعمل بشكل سري وتنتهج نهج الارهاب."

وعن رؤيته لكيفية الخروج من هذا الموقف بالنسبة للذين التزموا نبذ العنف قال عكاشة إن البيت يحتاج لإعادة ترتيب من الداخل، إذ أن محاولة التمسك بهذا الإسم رغم تشويهه من بعض الأجنحة هو الذي يلقي بالتبعة على القيادات المحترمة التي التزمت بالفعل بالمراجعات".

ويقترح عكاشة أن يتخذ هؤلاء المشار اليهم إجراءات على الأرض منها إصدار بيانات صريحة وواضحة تنأى عن الذين يصدرون بيانات ضد الدولة ويقومون بأعمال ضدها.

واختتم عكاشة مؤكدا أن "هذا الكيان يحتاج أن يكون معلنا وواضحا وتحت مسمى جديد كي يسحب السجادة من تحت أقدام من عادوا الى العنف والارهاب."

عن "بي بي سي"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية