أشهر الإبادات الجماعية في التاريخ المعاصر

الإبادة

أشهر الإبادات الجماعية في التاريخ المعاصر


30/07/2019

في آب (أغسطس) 2014؛ شهد العراق واحدة من أكبر عمليات الإبادة الجماعية فى التاريخ المعاصر، على يد تنظيم داعش، بعد أن قام به رجال التنظيم من قتل وتشريد لآلاف من الإيزيديين في العراق.

اقرأ أيضاً: النظام السوري يستمرّ بجرائمه
بدأت عملية الإبادة بالهجوم على منطقة سنجار والقرى التابعة لها ما أدّى إلى قتل حوالي 4 آلاف شخص، وسبي النساء والأطفال، وبيعهنّ في أسواق للعبيد وإجبار العديد من الأسر الإيزيدية على اعتناق الإسلام، وموت أكثر من 1300 إيزيدي، بسبب الجوع والعطش.
أعادت عملية إبادة الإيزيديين إلى الأذهان محاولات الإبادة الجماعية التي حدثت في التاريخ المعاصر، والتي يتناولها هذا التقرير.
1 – الإبادة التركية للأرمن
نفّذت هذه الإبادة على الأقلية الأرمنية المسيحية التي كانت تعدّ آخر جماعة عرقية رئيسة في الإمبراطورية العثمانية، بعد أن غادر أراضي الحكم العثماني، في العقود المتأخرة، اليونانيون والرومانيون والبلغار والصرب.
ترجع الواقعة إلى عام 1915، إبان انهيار الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، في فترة حكم جماعة "تركيا الفتاة".

 أبادت تركيا مليوناً ونصف المليون من الأرمن
القوات العثمانية آنذاك استهدفت الأرمن بشكل ممنهج، بالقتل والاعتقال والتهجير؛ بسبب الشكّ في دعمهم لروسيا أثناء الحرب العالمية الأولى، ويقدَّر أعداد القتلى في هذه الأحداث بحوالي مليون ونصف المليون أرمني.

اقرأ أيضاً: أطفال داعش وثمن جرائم الآباء.. كيف يندمجون في المجتمع؟
وتصنّف أكثر من 20 دولة الواقعة كمذبحة، من بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا، ولا تنكر تركيا الأحداث كلياً، لكن ثمة اختلاف في الرواية؛ إذ تقدَّر أعداد الضحايا ما بين 300-500 ألف، وتقول إنّهم سقطوا نتيجة حرب أهلية، كما ترفض استخدام لفظ "إبادة" أو "مذبحة".
وحتى وقت قريب كانت تعتبر الإبادة الأرمينية هي الأولى في التاريخ المعاصر حتى تمّ الاعتراف مؤخراً بالإبادة الألمانية للهريرو.
2 - الإبادة الألمانية للهريرو والناما
شهد الجنوب الغربي للقارة الإفريقية أولى المذابح الجماعية التي حدثت في القرن العشرين؛ ذلك بين عامَي 1904-1909، بعد أن أصدر الجنرال الألماني، لوثر فون تروثا، أمراً يقضي بمواجهة مَن يقف في وجه الاحتلال الألماني للمنطقة بشتّى الوسائل، مما أدّى إلى قتل نحو 80% من شعب "أوفا هريرو"، ونحو 50% من شعب "ناما"، ولم يتوقف الأمر عند ذلك؛ بل قامت ألمانيا بنقل الناجين من السكان إلى معسكرات الاعتقال، فيما قامت بنقل أجساد ما يزيد عن 100 ألف ممن قتلتهم إلى ألمانيا، وذلك بهدف استخدامها في مختبرات التجارب العرقية، أما المجموعات القليلة التي استطاعت الفرار من مصير المذابح الألمانية، فتركوا وسط صحراء كالاهاري، بلا طعام ولا شراب.
بعض رفات الهريرو التي أعادتها ألمانيا لناميبيا مؤخراً

3 – الإبادة اليابانية في الصين
في كانون الأول (ديسمبر) عام 1937؛ ذبح اليابانيون أبرياء من الرجال والنساء والأطفال، عندما غزا الجيش الإمبراطوري الياباني عاصمة الصين (نانجينغ)، وقد أمرت تلك القوات بقتل جميع الرهائن في ستة أسابيع متتالية، فقتل نصف عدد سكان المدينة (من أصل 600 ألف شخص)، عبر إطلاق النار والحرق والطعن والإغراق، ومن 20 ألف إلى 80 ألف من النساء الصينيات تعرضن للاغتصاب، ثم تمّ قتلهنّ على يد القوات اليابانية، أمّا بقية السكان (300 ألف) فقد تمكنوا من النجاة بعد أن تمكن الدبلوماسيون الأجانب من خلق منطقة آمنة تتكون من 25 فداناً، أنقذت بقية السكان من الإبادة.
ذبح اليابانيون أبرياء من الرجال والنساء والأطفال

4- الإبادة السوفييتية لأوكرانيا 
هولودومور (بالأوكرانية:Голодомор)، وتعني "وباء الجوع"، وأحياناً تترجم إلى "القتل بالتجويع"؛ هي المجاعة التي حاقت بأوكرانيا السوفييتية في الموسم الزراعي 1932 - 1933.

اقرأ أيضاً: آخر جرائم داعش في العراق
تعدّ مجاعة هولودومور أحد أسوأ الكوارث في التاريخ الأوكراني، وأحد أسوأ معالم فترة حكم ستالين؛ حيث تشير التقديرات إلى أنّ ما بين 2.2 و3.5 مليون شخص ماتوا في هذه المجاعة، كما أنّ البعض يطرح أرقاماً أعلى من ذلك بكثير.

المجاعة حدثت نتيجة الإجراءات الاقتصادية التعسفية التي قامت بها الدولة السوفييتية
المجاعة حدثت نتيجة الإجراءات الاقتصادية التعسفية التي قامت بها الدولة السوفييتية، بما في ذلك الزراعة القسرية، والتخطيط الاقتصادي السيئ، والقمع السياسي في الريف، وكان ضمن مقررات البرنامج الزراعي هو قيام الفلاحين بتسليم ممتلكاتهم ومواشيهم للمزارع الحكومية بثمن زهيد تحدّده الدولة، وهو ما أدّى إلى تذمّر الفلاحين، فقاموا برفض البرنامج الزراعي، حاول ستالين ثنيهم باستخدام القوة لكنّه لم يفلح؛ إذ قاموا بنحر مواشيهم ودفن محاصيلهم بدل تسليمها لصالح البرنامج الزراعي، مما أغضب ستالين بشدة، فأعطى أوامره للشرطة السرية بتجريد الفلاحين من كلّ ممتلكاتهم، وعدم ترك شيء لهم، ونقلهم بالقوة إلى المزارع الجماعية، واتّخذ تدابير انتقامية ضد الفلاحين، وفرض عليهم حصص حصاد يستحيل بلوغها، وكان ممنوع على الفلاح الاحتفاظ بثمرة واحدة قبل أن يكمل الحصاد المفروض عليه، مما أدّى إلى موت الملايين جوعاً.
5– الإبادة في أوغندا
استحوذ (عيدي أمين) على السلطة في أوغندا، منذ عام 1971 حتى عام 1979، وسرعان ما تدهور الوضع الاقتصادي نتيجة السياسات التي اتبعها أمين، سيما فيما يتعلق بطرد الهنود وتأميم الصناعة وتوسيع القطاع العام، وتمّ تخفيض رواتب الموظفين بنسبة 90% خلال أقل من عقد من الزمن، في الواقع؛ ليس هناك إحصائية دقيقة عن عدد ضحايا نظام عيدي أمين، لكنّ عدداً من المراقبين الدوليين ومنظمات حقوق الإنسان يقدرون ذلك العدد بـ (100000 إلى 500000).
كان لدى عيدي أمين شرطة سرّية، مهمتها كشف الأعداء في الدولة، والذين غالباً ما يكونون وهميين، وقاد إرهاب الدولة إلى تصفية العديد من المعارضين، سيما الجماعات المسيحية التي أبيدت بقسوة كبيرة.
6- الإبادة النازية لليهود
شكّلت الأقلية اليهودية نسبة 1% من أصل 55 مليون ألماني، قبيل الحرب العالمية الثانية، وحين وصل (أدولف هتلر) إلى السلطة، عام 1933، بدأت معاناة اليهود بالبروز. عام 1935؛ على سبيل المثال، تمّ إلغاء جنسيتهم الألمانية، وعام 1938؛ دُمّر أكثر من 500 معبد ومئات من الشركات اليهودية، وعام 1942؛ بدأت عمليات الإعدام في معسكرات الاعتقال النازية، وبحلول عام 1945 تمّت إبادة مئات الآلاف من قِبل الحكومة النازية.
شكّلت الأقلية اليهودية نسبة 1% من أصل 55 مليون ألماني

7- الإبادة في كمبوديا 
بين عامَي 1975 و1979؛ تمكّن (بول بوت) من حكم كمبوديا بعد إسقاط الحكومة الكمبودية، واتّسمت فترة حكمه بالرعب والعنف والإعدامات التي طالت مليونين من أعدائه المحليين، كان بوت يسعى إلى بناء مجتمع شيوعي فلاحي، على غرار القفزة الصينية الكبيرة؛ لذلك أمر بتدمير المراكز الحضرية وتقليص عدد الذي يعيشون فيها، وكان الهدف من ذلك تصفية الثقافة الغربية في كمبوديا، بما في ذلك الأقليات الإثنية ورجال الدين البوذيين والمثقفين، وأعداء الحكومة السابقة.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تُغرق فلسطينيي 48 في مستنقع العنف والجرائم
نُفذت تلك الأعمال تحت شعار "ما هو فاسد ينبغي أن يُزال"، في النهاية أكثر من 25% من سكان كمبوديا، أي ما يقارب مليونين، تمّت إبادتهم.
8- إبادة الأكراد في العراق
تطلق تسمية الأنفال على العملية العسكرية المنظمة التي قام بها نظام البعث في فترة حكم صدام حسين لإزالة الكرد الذين يعيشون في شمال العراق، تضمّنت العملية استخدام الأسلحة الكيميائية ومعسكرات الاعتقال، واتّسمت بعمليات الإعدام الجماعي، واختفاء مئات الآلاف من العزَّل، بما في ذلك النساء والأطفال.

شهد الجنوب الغربي للقارة الإفريقية أولى المذابح الجماعية التي حدثت في القرن العشرين بين عامي 1904-1909

بدأت عملية "الأنفال" في المدن الكردية في إقليم كردستان العراق، بقرار مباشر من مجلس قيادة الثورة، والذي كان أعلى سلطة لإصدار القرارات في العراق في ظلّ نظام صدام حسين.
أصدر المجلس القرار رقم 160، في 29 آذار (مارس) 1987، القاضي بتنصيب علي حسن المجيد حاكماً مطلقاً على المنطقة الشمالية من البلاد، حتى يقوم بتنفيذ سياسة تدمير المناطق الكردية، وقتل وتهجير المواطنين المقيمين فيها، وبموجب هذا القرار، بدأت عمليات الأنفال وكانت عبارة عن عمليات إبادة جماعية عن طريق نقل أعداد كبيرة من السكان أسرى إلى مناطق الحضر في محافظة الموصل ونقرة السلمان في السماوة، ودفنهم وهم أحياء مع أفراد أسرهم في المقابر الجماعية، ما أدى إلى مقتل 182 ألف مواطن كردي، وتدمير أربعة آلاف قرية، وأربعة أقضية، و30 ناحية.
في 11 كانون الثاني (يناير) 2007، وأثناء محاكمة المتهم الرئيس في قضية الأنفال، علي حسن المجيد، المعروف بـ "علي الكيمياوي"، وهو ابن عمّ صدام حسين، اعترف أمام المحكمة بأنه أصدر قرار ترحيل أهالي القرى الكردية الواقعة على الشريط الحدودي مع إيران وتركيا وقرى أخرى، وأضاف أنّه أمر القوات بإعدام كلّ مَن يتجاهل أوامر الحكومة بمغادرة القرى خلال عملية عسكرية ضدّ الأكراد، عام 1988، وأعطى تعليماته باعتبار هذه القرى مناطق محرّمة، وأصدر أوامره للجنود باعتقال كلّ مَن يجدونه هناك.

اقرأ أيضاً: الكشف عن جهاز حوثي وراء الجرائم الأخلاقية
أدّت العملية إلى تصفية سكان بعض القرى بشكل تامّ؛ إذ تمّ تدمير 2000 قرية، بما في ذلك المدارس والمنازل ونهب الممتلكات للسكان المدنيين والاعتقالات العشوائية وتهجير عدة آلاف من الأكراد وتدمير البنى التحتية.
9– إبادة التوتسي في رواندا
خلال العهد الاستعماري، عندما كانت راوندا مستعمرة بلجيكية (كانت تتكون من نوعين من الجماعات الإثنية، هما: الهوتو: الذين يشكّلون الأغلبية، ويعمل أغلبهم بالزراعة. والتوتسي: الذين يعدون أقلية، وقد تمّ اختيارهم من قبل الاحتلال البلجيكي لشغل الوظائف الحكومية، فكانوا الأقلية الإثنية المفضّلة من قبل المستعمرين الأوروبيين.

عام 1994 بدأت عملية الإبادة في رواندا على يد ميليشيات الهوتو استعملوا خلالها المناجل كوسائل لقتل أفراد أقلية التوتسي

بعد نيل الاستقلال، عام 1962، تمكّن الهوتو من الاستحواذ على السلطة، ما أدّى إلى هروب أكثر من 200000 توتسي إلى الدول المجاورة، وعام 1994؛ بدأت عملية الإبادة على يد ميليشيات الهوتو، استعملوا خلالها أدوات زراعية، بما في ذلك المناجل، كوسائل لقتل أفراد أقلية التوتسي فضلاً عن المعتدلين من الهوتو.
استمرت عمليات القتل لمدة 100 يوم، وأسفرت عمّا يقرب من 800 ألف قتيل، وانتهت الإبادة بقيام ميليشيات التوتسي بشنّ هجمات من الدول المجاورة ضدّ الهوتو، ما أدّى إلى هزيمة الأخيرة، في تموز (يوليو) 1994.
10- الإبادة في البوسنة
في نيسان (أبريل) 1992، أعلنت حكومة جمهورية البوسنة والهرسك استقلالها عن يوغوسلافيا، وعلى مدى الأعوام القليلة التالية، ارتكبت قوات صرب البوسنة، بدعم من الجيش اليوغوسلافي، الذي يهيمن عليه الصرب، جرائم حرب ضدّ مدنيي البوسنة المسلمين والكرواتيين.
وأسفرت الجرائم عن مقتل حوالي 100 ألف شخص، 80% منهم من البوسنة، وتعرضت بعض النساء للاغتصاب، أو الاعتداء الجنسي، في حين قُتل الرجال والفتيان الذين بقوا على الفور أو نقلوا إلى مواقع القتل الجماعي.
وفي آذار (مارس) 2019؛ أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي، حكماً بالسجن مدى الحياة، على رادوفان كاراديتش رئيس صرب البوسنة السابق، المتهم بارتكاب جرائم إبادة جماعية للمسلمين أثناء حرب البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي.

أسفرت الجرائم عن مقتل حوالي 100 ألف شخص
واستمرت المحاكمة على مدار خمسة أعوام، وتولّى كراديتش الدفاع عن نفسه طوال 497 يوماً من المحاكمة؛ إذ عكف على دراسة حوالي ثلاثة ملايين صفحة من الأدلة ضدّه.
وانتهت المحاكمة بالحكم على كراديتش بالسجن 40 عاماً، بعد إدانته بارتكاب جرائم تطهير عرقي وجرائم ضدّ الإنسانية في الحرب البوسنية، خلال العقد الأخير من القرن الماضي، قبل أن يستأنف الحكم.
كما اتُهم الزعيم الصربي السابق بالمسؤولية عن قصف العاصمة البوسنية، سراييفو، بالمدفعية، واستخدام 284 من أفراد قوات حفظ السلام كدروع بشرية، في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) 1995.
11- الإبادة في دارفور
كلمة "جنجويد" تتكون من شقّين "جن" و"ويد"، وهي تعني جنياً يمتطي جواداً، في إشارة إلى مقاتلي تلك الميليشيات التي تكوّنت من القبائل العربية المتميزة في ركوب الخيل والجِمال، الدواب التي تُعدّ رأس مالهم الاقتصادي، قامت ميليشيات الجنجويد، المدعومة من قبل الحكومة السودانية، منذ عام 2003، بعمليات إبادة واغتصاب وكذلك قامت بعمليات تهجير واسعة في إقليم دارفور غرب السودان. والنتيجة؛ أنّ حوالي 400000 شخص لقوا حتفهم نتيجة أعمال الحكومة وميليشياتها، وما يقارب من ثلاثة ملايين أجبروا على مغادرة قراهم، وأكثر من 200000 غادروا البلد باتجاه دولة تشاد المجاورة.
ظلّ النازحون يعيشون أوضاعاً مزرية، سواء في دارفور أو تشاد، وتعرضوا لهجمات الجنجويد، بجانب عمليات القتل هناك العديد من الضحايا توفوا بسبب المجاعة وشحّ المواد الطبية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية