إخوان لبنان: توفير الغطاء السنّي لسلاح حزب الله

إخوان لبنان: توفير الغطاء السنّي لسلاح حزب الله

إخوان لبنان: توفير الغطاء السنّي لسلاح حزب الله


25/06/2023

بخلاف التوجهات السياسية للكيانات السنّية التي تعمل على ملء فراغ انسحاب تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري من الحياة السياسية في لبنان، تسير الجماعة الإسلامية، التي تحمل فكر وأيديولوجيا جماعة الإخوان المسلمين عكس التيار.

ترفع مكونات سنّية وازنة شعار السيادة وضبط سلاح حزب الله، أو بالحد الأدنى إيجاد مخرج قانوني لعدم توظيف السلاح في الحياة السياسية، بينما انطلقت الجماعة الإسلامية منذ أواخر العام الماضي 2022 نحو مهادنة سلاح الحزب، دون حديث عما يتعلق به، منذ انتخاب محمد طقوش أميناً عاماً لها، خلفاً لعزام الأيوبي.

استبدال ممنهج

لم يكن تصعيد محمد طقوش أميناً عاماً للجماعة الإسلامية نتاج عملية انتخاب حرّ داخل الجماعة؛ إذ ارتبطت عملية تصعيده في انتخابات مجلس الشورى في 11 أيلول (سبتمبر) 2022، بعودة العلاقات بين حركة حماس والنظام السوري بقيادة بشار الأسد، بعد قطيعة لعشرة أعوام على خلفية الثورة السورية.

فضلاً عن ذلك، يعتبر طقوش الشخصية البيروتية الأولى التي تتولى منصب الأمين العام للجماعة، بعد أنّ كان المنصب حكراً على مدينة طرابلس، المعقل التاريخي للجماعة، منذ تأسيسها عام 1964.

يرى الباحث في السياسة والفكر السياسي الإسلامي والخبير في الحركات الإسلامية، هشام محمد عليوان، بأنّ حركة حماس كان لها الدور الأكبر في انتخاب محمد طقوش. وأوضح لـ"حفريات" بأنّ لحركة حماس مقتضيات ملحة لتحسين علاقاتها مع إيران ومع سوريا استطراداً، وذلك لضمان الدعم الإيراني الحيوي للحركة في قطاع غزة.

تجمع للجماعة الإسلامية في لبنان

وأضاف بأنّ قسماً لا يستهان به من الجماعة الإسلامية في لبنان هم من فلسطينيي المخيمات، وهم بهذا بمنزلة لوبي داخل الجماعة نفسها لتحقيق مصالح حركة حماس على الضد من مصالح الجماعة، كمكون من مكونات الساحة السنية.

وأشار الباحث اللبناني إلى أنّ ما أعطى الجماعة أريحية أكثر في هذا الاتجاه، أي التقارب مع حزب الله وإيران والنظام السوري، هو ما حدث في بكين في (آذار) مارس الماضي، عندما تقاربت السعودية وإيران، واُستعيدت العلاقات الدبلوماسية، وعندما أُعيد النظام السوري إلى الجامعة العربية.

خرج فصيل من جماعة عباد الرحمن، وأسس الجماعة الإسلامية لتكون فصيلاً إخوانياً خالصاً، عام 1964 على يد فتحي يكن، وفيصل مولوي، وإبراهيم المصري، ومحمد علي الضناوي

بدوره ذكر مصدر لبناني لـ"حفريات"، فضل عدم الكشف عن اسمه، بأنّ "الجماعة تعيش حالة من الخلافات الحادة على خلفية الموقف من حزب الله، منذ انتخابات مجلس الشورى الأخيرة". ولفت المصدر إلى أنّ الخلافات رغم استمرارها إلا أنّ جهوداً لقيادات كبيرة في الجماعة نجحت في إبقائها بعيدة عن الإعلام، حرصاً على قاعدتها الشعبية.

وفي تقرير سابق لجريدة "الأخبار" اللبنانية، أُشير إلى أنّ النائب الوحيد في مجلس النواب الذي يمثّل الجماعة، عماد الحوت، من ضمن الفريق المناوئ لنفوذ حركة حماس داخل الجماعة، والذي يرفض سياسة تتعارض مع مصالح الجماعة كأحد المكونات السنّية اللبنانية.

الموقف من سلاح الحزب

يوضح الخبير في الحركات الإسلامية، هشام محمد عليوان، موقف الجماعة الإسلامية من سلاح حزب الله. ويقول بأنّ الجماعة لم يكن موقفها معارضاً من حيث المبدأ لسلاح المقاومة؛ هي تلتقي مع الحزب أيديولوجياً لجهة الاعتقاد بأمة واحدة تتجاوز الحدود، التي يُقال عنها إنها حدود مرسومة من الاستعمار الغربي.

وتابع بأنّه ثانياً يلتقي الطرفان في موضوع قتال إسرائيل أو الجهاد، ولهذا من غير المتوقع أن تعارض الجماعة سلاح المقاومة، لكنها ترفضه كسلاح مستثمر في السياسة الداخلية. ولفت إلى أنّ الجماعة تعترض على كون المقاومة في لبنان منحصرة في الشيعة، وتريد أن تكون المقاومة عابرة للمذهبية، بمعنى أن يكون الجناح العسكري للجماعة يتمتع بالامتيازات نفسها كجهة مرابطة على الحدود، علماً أنّ القرى الحدودية مع فلسطين المحتلة هي سنية أو مسيحية.

من جهة أخرى أضاف الباحث اللبناني، بأنّه من الممكن القول إنّ الشارع السنّي عامةً يعترض على دور سلاح الحزب في الحياة السياسية، ولهذا يرفض التقارب مع الحزب وإيران وسوريا الأسد. وأفاد بأنّ الجماعة الإسلامية لا تمثّل إلا قسماً ضئيلاً من جمهور السنة. متابعاً أنّه رغم كونها من أعرق الجماعات الإسلامية السنية، لكن ظهرت في العقود الماضية جماعات أقل حجماً وشأناً من الاتجاهات السلفية والصوفية والدعوية، وهي تكاد بمجموعها تضاهي الجماعة بتأثيرها الاجتماعي، لكنها جماعات غير مسيسة بخلاف الجماعة. ويرى عليوان بأنّ الوضع السابق هو ما يجعل الحراك الإسلامي السنّي هشاً وغير متماسكٍ، وعلى الأخص مع انحسار تيار المستقبل مع اعتكاف زعيمه سعد الحريري عن العمل السياسي.

اختبار الوطنية

وعلى الرغم من كون الجماعة الإسلامية تمثّل الإخوان المسلمين في لبنان، والتي من المفترض أنّ تنطلق من قاعدتها السنّية، وتحمل همومها في بلد يتميز بحالته الطائفية المؤسسية، إلا أنّ الجماعة تتنازعها الولاءات للخارج.

هشام عليوان: الجماعة الإسلامية تمثّل قسماً ضئيلاً من جمهور السنة

إلى جانب لوبي حركة حماس القوي، الذي جعل الجماعة تضع مصالح الحركة فوق اعتبارات الوضع اللبناني المأزوم، وعلى حساب التعقيدات الكبيرة، والانهيار شبه التام في مؤسسات البلاد كافة، بعد أعوام طويلة من هيمنة حزب الله على السلطة، وتحويل البلاد إلى ذراع لإيران في المنطقة، يتبع القسم الآخر من الجماعة تركيا.

تكاد صفحة الجماعة الإسلامية وصفحات أمينها العام الحالي والسابق والصفحات الدعوية التابعة لها أن تكون صفحات تركية ناطقة باللغة العربية. واكبت الجماعة انتخابات تركيا العامة؛ الرئاسية والبرلمانية السابقة، بحماسة شديدة، بدايةً من الدعاء لفوز أردوغان إلى رفع التبريكات إليه بفوزه، وتنظيم احتفالات عامة في عدد من الميادين بفوزه، ثم زيارة وفودها إلى السفارة التركية في بيروت لتقديم التهاني، فضلاً عن زيارات قياداتها الدينية لأنقرة لتقديم التهاني هي الأخرى.

الباحث اللبناني هشام عليوان لـ"حفريات": قسم لا يستهان به من الجماعة الإسلامية في لبنان هم من فلسطينيي المخيمات وهم بمنزلة لوبي داخل الجماعة نفسها لتحقيق مصالح حماس

إضافةً إلى تعدد الولاءات الخارجية للإخوان المسلمين في لبنان، على غرار الجماعة الأم في مصر سابقاً، وفروع الجماعة في كل الأقطار العربية والإسلامية، تقع الجماعة في تناقض آخر، وهو الالتزام بالخطّ العام للسنّة في لبنان.

لكون الجماعة في الأساس من الطائفة السنّية اللبنانية، فهي ترتبط بالخط العام الذي يوالي المملكة العربية السعودية سياسياً، كونها الفاعل الأكبر في البلاد، والتي دافعت عن مصالح السنّة أمام تغول إيران عبر حزب الله. ولهذا وقعت الجماعة في تناقض وموقف صعب إبان الأزمة الخليجية في العام 2016.

وأحد تمثّلات التناقضات التي تعيشها الجماعة، هو ما ذكره تقرير جريدة "الأخبار" اللبنانية، من أنّ قياديين في الجماعة طلبوا من النائب الوحيد الممثل لهم في البرلمان، عماد الحوت، ضبط تصريحاته السياسية، والالتزام بالخط العام للجماعة الذي يسير في مهادنة مع حزب الله. ذكر التقرير أنّ الحوت يدرك أن "أموال حماس هي التي أبقت الجماعة واقفة على رجليها ومكّنته من أن يُنتخب نائبا عن بيروت. كلّ ذلك، يجعل منه (الحوت) أضعف من مقاومة مخرز القيادة".

تملك حماس نفوذاً كبيراً داخل الجماعة الإسلامية

يُذكر أنّ وجود الإخوان المسلمين في لبنان تعزز منذ عام 1952، بعد لجوء المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، مصطفى السباعي، إلى لبنان. وأخذ أول وجود للجماعة في البلاد شكل منظم تحت عباءة جماعة عباد الرحمن، والتي كانت تضم تيارات أخرى داخلها.

وتحت تأثير الحرب الأهلية، خرج فصيل من جماعة عباد الرحمن، وأسس الجماعة الإسلامية لتكون فصيلاً إخوانياً خالصاً، عام 1964 على يد قادة الجماعة التاريخيين، وهم؛ فتحي يكن، وفيصل مولوي، وإبراهيم المصري، ومحمد علي الضناوي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية