احتجاجات جنوب تونس بعد مقتل شاب برصاص الجيش

احتجاجات جنوب تونس بعد مقتل شاب برصاص الجيش


09/07/2020

خرج المئات من الشباب في شوارع مدينة تطاوين جنوب تونس ليل الأربعاء/الخميس للاحتجاج ضد مقتل شاب برصاص الجيش أثناء مطاردة لعملية تهريب.
وتسود حالة من الاحتقان في المدينة بينما تنتشر عربات للجيش لحراسة المنشآت العمومية وللحيلولة دون حصول اشتباكات أو أعمال عنف.
وتقود الاحتجاجات في الشوارع "تنسيقية الكامور" الممثلة للشباب العاطل في الجهة، إثر أنباء عن مقتل شاب بالرصاص في مدينة رمادة التابعة لولاية تطاوين أثناء ملاحقته من قبل وحدة عسكرية في منطقة عازلة وجرح شاب آخر كان برفقته.
ونشرت التنسيقية مقاطع فيديو على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك" لتمرير نداءات لنشطاء يطالبون السلطة المركزية في العاصمة باستعادة الهدوء في مدينة رمادة التي تشهد مواجهات بين محتجين ووحدات عسكرية.
ولم يصدر تعليق على الفور من وزارة الدفاع بشأن ما يحدث في المدينة وملابسات مقتل الشاب.
وتشهد ولاية تطاوين احتجاجات منذ أسابيع يقودها عاطلون يطالبون الحكومة باستكمال تنفيذ اتفاق موقع منذ 2017 لتشغيل نحو ألفين من العاطلين.
ودخلت الولاية التي تضم أعلى نسبة بطالة في البلاد، في إضراب مفتوح منذ يوم الجمعة شمل المؤسسات العمومية وحقول النفط والغاز في الصحراء القريبة.

وتحمل تنسيقية اعتصام الكامور الحكومات المتعاقبة التي تهيمن عليها حركة النهضة الاخوانية مسؤولية تنفيذ الاتفاق المتعلق بالشركات النفطية في المنطقة.
وفق أرقام رسمية، تساهم حقول المحافظة بـ40 بالمئة من إنتاج تونس من النفط وبـ20 بالمئة من إنتاج الغاز.
وينص اتفاق الكامور على رصد 80 مليون دينار (27 مليون دولار) للاستثمار، وامتصاص البطالة، وانتداب 1500 عاطل عن العمل في الشركات البترولية و500 شخص في شركة البيئة والغراسات والبستنة.
ووقعت حركة النهضة الاسلامية الحاكمة آنذاك حين كانت أغلبية في حكومة يوسف الشاهد، اتفاق الكامور مع المحتجين ووعدت سكان المحافظة بالالتزام بنص الاتفاق، إلا أنها أخلت بوعودها بعد ذلك.
ومع اقتراب الحملة الانتخابية التشريعية والرئاسية في 2019، عادت النهضة إلى تدوير الاتفاق وجدّدت وعودها السابقة، في سياق حشد أصوات انتخابية في منطقة  يتباهى زعيم الحركة راشد الغنوشي بأنها خزان انتخابي مضمون  لحزبه.
وتشير الاحصائيات الانتخابية الرسمية إلى أن أغلب سكان الجهة (تطاوين) صوتوا خلال الانتخابات الماضية لحركة النهضة وحليفها الاسلامي "ائتلاف الكرامة" بعد أن وعدتهم بتحسين ظروفهم الاجتماعية وبررت التفافها على وعودها السابقة بأنه ناجم عن خلافات سياسية صلب الائتلاف الحكومي وليس تقصيرا من جانبها.
وبعد فوزها بالانتخابات التشريعية في 2019 وحلولها في المرتبة الأولى، استقبل الغنوشي، الذي يترأس البرلمان حاليا، بمقر البرلمان في يناير/كانون الثاني الماضي وفدا عن تنسيقية الاعتصام  حيث انتهى اللقاء دون نتائج باستثناء تجديد الوعود التي أطلقت في 2017. 
وفي وقت تشهد فيه المحافظات الداخلية وحتى المحافظات التونسية الساحلية موجة من التململ بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي عمقتها تداعيات وباء كورونا، تنكب حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي على تسميم المناخ السياسي، ما يربك حكومة الفخفاخ التي تواجه تحديات جمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

وتتالت مواقف الحركة المناوئة للفخفاخ وكان أخرها تهديدها بالانسحاب من الحكومة ما لم يستجب الفخفاخ لمطالبها بتوسيع الائتلاف الحكومي بهدف ادخال "حليفها غير المعلن" حزب قلب تونس صلبه، ما يسمح لها بتمرير أجنداتها التي تقف كل من حركة الشعب والتيار الديمقراطي أمام تحقيقها.
واقترحت حركة النهضة على التونسيين منذ 2011 برامج انتخابية اقتصادية واجتماعية فضفاضة توحي بالازدهار الاجتماعي، لكن بعد 10 سنوات تقريبا لم يتحقق شيء من هذه الوعود.
وتواصل الحكومات المتعاقبة، التي كانت فيها حركة النهضة أغلبية، اتباع الخيارات الاقتصادية التي اعتمدها النظام السابق وأدت في النهاية إلى سقوطه.
ويؤسس التفاف حركة النهضة على وعودها الاقتصادية والاجتماعية إلى انحسار شعبيتها وتآكل منسوب الثقة فيها، في أحد أبرز معاقلها الانتخابية (الجنوب التونسي)، كما في بقية المحافظات التونسية التي سئمت بدورها الوعود الانتخابية وباتت تبحث عن بديل سياسي قادر على تلبية طموحاتها.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية