الإخوان يشعلون الحرب في السودان... ما أهدافهم؟

الإخوان يشعلون الحرب في السودان... ما أهدافهم؟

الإخوان يشعلون الحرب في السودان... ما أهدافهم؟


27/04/2023

منذ سقوط نظام عمر البشير في 11 نيسان (أبريل) 2019، ظلت جماعة الإخوان المسلمين تعمل دون هوادة على إعاقة مسار الانتقال الديمقراطي في السودان بمختلف السبل، لتنجح أخيراً في إشعال البلاد بين الفرقاء العسكريين لإتمام عملية الحرق، وإرهاق البلاد، حتى يتسنى للنظام البائد العودة إلى سدة الحكم.

وقد وجّه الكثير من أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين والنظام السابق بالوقوف وراء الفتنة التي أدت في نهايتها إلى الاقتتال والاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي اشتعلت لتأكل الأخضر واليابس.

وبينما يعمل "الكيزان" على تعزيز تلك الفتن، تكشفت الأوراق واتضحت علاقة الجماعة بكل ما يحدث في السودان، فقد قال حزب الأمّة القومي في السودان: إنّ هناك ضباطاً في الجيش يتبعون لتنظيم الإخوان المسلمين وفلول النظام السابق الذين يفضلون حرق السودان على البقاء خارج الحكم.

وطالب الحزب في بيان نشره عبر صفحته على موقع فيسبوك قوات الدعم السريع بالخروج من المدن وعدم التمركز بين المدنيين، مشيراً إلى أنّ خروج قيادات النظام السابق من السجون سيصعد الحرب، لافتاً إلى أنّ هذه الحرب أرادها الفلول وحشدوا لها.

حزب الأمّة القومي في السودان: إنّ هناك ضباطاً في الجيش يتبعون لتنظيم الإخوان المسلمين

وناشد الحزب جميع أبناء الشعب بعدم الانجرار وراء أيّ دعوات لأنصار المؤتمر الوطني الذين يدعون لاستمرار الفتنة بإشعال حرب أهلية، على حدّ وصفه.

وأضاف: خروج قيادات النظام البائد من السجن يؤكد ضلوعهم في تفجير الحرب وطموحهم للعودة إلى الحكم عبر فوهة البندقية، مناشداً القوات المسلحة والدعم السريع بوقف القتال فوراً حقناً لأرواح السودانيين وتوفير دمائهم لحماية أرض السودان.

وبعد اندلاع الصراع المسلح بين البرهان وحميدتي، قالت جماعات مؤيدة للديمقراطية: إنّ الموالين لحقبة البشير، أو من يطلق عليهم "فلول" النظام القديم، قد يسعون للعودة تحت جنح ظلام قتال الجيش مع قوات الدعم السريع.

وشددت جماعة تضم تحالف قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة في الأحياء في بيان أنّ "خطة الفلول هي إعادة السيطرة على البلاد مرة أخرى، حتى لو كان ذلك يعني تقسيم البلاد"، وفقاً لرويترز.

تحالف قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة في الأحياء: خطة الفلول هي إعادة السيطرة على البلاد مرة أخرى، حتى لو كان ذلك يعني تقسيم السودان

ويرى المحلل السياسي السوداني المقيم في الولايات المتحدة فريد زين أنّ "تواطؤ البرهان مع الإخوان حقيقة واقعة معروفة لدى الجميع".

ويضيف زين في حديث لموقع (الحرة) أنّه "منذ الانقلاب بدأ البرهان بالتغيير عندما أوقف عمل لجنة إزالة التمكين، المعنية بمحاسبة رموز وفلول النظام السابق وفصلهم من الجيش أو المؤسسات الأمنية والمدنية".

ويشير زين إلى أنّ "البرهان عمد كذلك إلى حلّ اللجنة، وأرجع المفصولين من فلول النظام إلى وظائفهم"، لافتاً إلى أنّ فلول النظام بدؤوا بعدها يعودون بقوة وبالتحديد إلى الجيش، وخاصة ممّن ينتمون للإخوان".

وأضاف المحلل السياسي أنّ البرهان لم يجد أمامه سوى الإخوان، المعروفين بانتهازيتهم، لذلك دعموه وأبلغوه أنّهم مستعدون للمساعدة في تشكيل حكومة مدنية صورية ".

ويبيّن زين أنّ "البرهان ليس متشدداً أو منتمياً للإخوان، لكنّ تمسكه بالسلطة جعله يتحالف معهم للبقاء بأيّ ثمن".

كان قائد البرهان وحميدتي قد تبادلا الاتهامات وصوّر كلٌّ منهما الآخر بأنّه "مجرم"

من جهته، قال القيادي في قوى الحرية والتغيير مأمون فاروق: إنّ "النزاع الدائر حالياً لم يفصح عن حقيقة أنّ البرهان يدعم الإخوان أو يستعين بهم، لأنّه لم يقدّم أيّ خطاب سياسي أو استراتيجية يفصح بها عمّا يريده بالضبط، وهذا الأمر فتح الباب أمام التأويلات تجاه تحركاته وتحالفاته سواء مع الإخوان أو غيرهم".

ويبين مأمون أنّ "قيادات الإخوان هي من تدّعي قربها من البرهان، وأنّ لها علاقة قوية بمركز اتخاذ القرار، ووجود الكثير من ضباط الجيش المستمرين في الخدمة يتبعون الإخوان".

ويصرّ الناطق باسم حركة جيش تحرير السودان محمد عبد الرحمن الناير على وصف البرهان بأنّه "جنرال انقلابي، سرق جهود الشعب السوداني، وتآمر مع فلول النظام البائد".

ويضيف الناير في تصريح صحفي أنّ البرهان "يريد التشبث بالسلطة وإعادة تنظيم الإخوان الذي أسقطه الشعب السوداني في ثورة أيلول (سبتمبر)".

سياسيون: ثمّة نية مبيتة لضباط كبار من الإخوان في الجيش ظلوا يضغطون على قائده الفريق عبد الفتاح البرهان لإشعال هذه الحرب

ووفقاً لما نقلته شبكة (الإندبندت) بالعربية، فإنّ في معلومات ذكرها بعض السياسيين كان واضحاً أنّ ثمة نية مبيتة لضباط كبار من الإخوان في الجيش ظلوا يضغطون على قائده الفريق عبد الفتاح البرهان لإشعال هذه الحرب، وبحسب ما روى القيادي البارز في قوى الحرية والتغيير طه عثمان، فإنّه في اليوم الذي اشتعلت فيه الحرب فجر السبت 15 نيسان (أبريل) الجاري كان هناك اجتماع مهم انتهى في الساعة الثالثة من فجر ذلك اليوم بين كل من البرهان وحميدتي مع الرباعية والثلاثية والأحزاب الموقعة على الاتفاق الإطاري، وانتهى الاجتماع بالاتفاق على تكوين لجنة لخفض التوتر بين الجيش والدعم السريع برئاسة الدكتور الهادي إدريس وعضوية الفريق خالد عابدين ممثلاً للقوات المسلحة واللواء عثمان ممثلاً للدعم السريع، لتتلقى الرباعية والأطراف التي كانت في ذلك الاجتماع بعد ساعة من انفضاضه، أي في الرابعة صباحاً، إخطاراً من قيادة الدعم السريع في معسكر منطقة سوبا بأنّ قوة من الجيش تحاصر معسكرهم ومعسكرات أخرى للدعم السريع محاصرة من طرف الجيش، وتندلع الحرب بعد ذلك في الساعة التاسعة صباحاً، أي بعد (6) ساعات من اجتماع البرهان وحميدتي والرباعية واتفاقهما على خفض التوتر.

وفي السياق ذاته، فضح الداعية السوداني مزمل فقيري دور جماعة الإخوان المسلمين في الحرب القائمة في السودان والفتنة بين الفرقاء العسكريين.

وقال فقيري في بث مباشر عبر حسابه على فيسبوك: إنّه يملك وثائق تورط "الكيزان" -الاسم الذي يطلقه السودانيون على الإخوان- في الحرب للعودة إلى السلطة بقتل المواطنين وإشعال الفتنة بين الجيش وقوات الدعم السريع.

الداعية السوداني مزمل فقيري: الكيزان ليسوا مع الجيش ولا الدعم السريع، بل يظهرون خلاف ما يبطنون، وهذا هو النفاق

وأكد الداعية الإسلامي أنّ "الكيزان ليسوا مع الجيش ولا الدعم السريع، بل يظهرون خلاف ما يبطنون، وهذا هو النفاق".

بدوره، قال الكاتب الصحفي بابكر فيصل في مقالة لشبكة الشرق الأوسط: بعدما لفظت جماهير الشعب السوداني جميع اللافتات السياسية للإخوان، عمدت الجماعة بعد قيام الثورة وسقوط نظامها في نيسان (أبريل) 2019 إلى التخفي خلف الواجهات الجهوية والقبلية، حيث قامت باستخدامها لمعارضة كافة سياسات الحكومة الانتقالية ومعاونة العسكر في تنفيذ إنقلاب 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021.

وأضاف فيصل: الأمر المستجد هذه المرة يتمثل في إقدام الجماعة على تكوين ميليشيات عسكرية مسلحة تحت دعاوى مساندة الجيش السوداني والدفاع عن المكونات الاجتماعية في وسط وشمال السودان، بينما يتمثل الهدف الحقيقي من ورائها في إعاقة الاتفاق السياسي وإفشال الحكومة القادمة.

فقيري يؤكد أنّه يملك وثائق تورط "الإخوان في الحرب للعودة إلى السلطة بقتل المواطنين وإشعال الفتنة بين الجيش وقوات الدعم السريع"

وذكر أنّه حتى الآن تم الإعلان عن تكوين (5) تنظيمات مسلحة، كان أوّلها ما عُرف باسم "قوات كيان الوطن"، ويقوده ضابط إخواني سابق في الجيش هو العميد الصوارمي خالد سعد، ويضم في عضويته ضباطاً إسلامويين متقاعدين، ثم تلاه تكوين ميليشيا مسلحة تحت مُسمّى "درع الشمال" تضم مكونات قبلية من شمال البلاد، وكذلك قوات "درع الوطن" التي ضمت مكونات اجتماعية في منطقة "سهول البطانة" بوسط السودان.

وكذلك قام فلول الإخوان بتكوين تنظيم قبلي تحت مُسمّى "التحالف الأهلي لاسترداد الحقوق (تهراقا)" في ولاية نهر النيل، ويضم التنظيم جناحاً عسكرياً باسم "درع التحالف"، وأخيراً أعلن أحد رموز الإخوان من قبيلة الجموعية التي تقطن حول مدينة أم درمان، المك عجيب، عن تكوين جناح عسكري للقبيلة يسعى لأن يكون ظهيراً للجيش، ويتم استخدامه في قمع الحركة الجماهيرية وإغلاق الجسور.

وأضاف أنّ المرتكز الثاني في خطة الإخوان يتمثل في المضاربة في سعر الدولار الأمريكي في السوق الموازية، بحيث يزداد الطلب على شرائه بغرض رفع سعره في مقابل الجنيه السوداني، هذا بالإضافة إلى سعي الجماعة لحصار الحكومة اقتصادياً واختلاق الأزمات.

وأوضح فيصل أنّ الإخوان يدركون أنّ اكتمال العملية السياسية وتشكيل الحكومة المدنية الانتقالية سيعني فشل خططهم في العودة إلى السلطة مرة أخرى، ولذلك فإنّهم سيعملون بكل جد لقطع الطريق أمام الوصول إلى الاتفاق النهائي الذي سيفتح الطريق أمام تفكيك وإزالة إرث دولة الاستبداد التي شيدوها طوال (3) عقود، وتعبيد الطريق نحو التحول المدني الديمقراطي.

وكان قائد الجيش السوداني البرهان وحليفه حميدتي قد تبادلا الاتهامات، وصوّر كلٌّ منهما الآخر بأنّه "مجرم"، حسب مجلة (فايننشال تايمز)".

فيصل: الجماعة شكلت ميليشيات عسكرية مسلحة تحت دعاوى مساندة الجيش السوداني والدفاع عن المكونات الاجتماعية في وسط وشمال السودان

ومن بين الاتهامات التي ساقها حميدتي للبرهان تلك المتعلقة بانحيازه للإخوان المسلمين الساعين لاستعادة السلطة، وتشكيل ديكتاتورية على غرار فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير.

حميدتي قال للمجلة: إنّ "البرهان وعصابته من الإسلاميين وصلوا إلى السلطة، وهم غير مستعدين للتخلي عنها".

بدوره، نفى البرهان هذه الاتهامات، وأكد في أكثر من مناسبة، آخرها في شباط (فبراير) الماضي، أنّ الادعاء بوجود "كيزان"، في الجيش هو "ادعاء كاذب".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية