الإسلاميون ومالك عقار.. معركة “الموقف” ونقيضه

الإسلاميون ومالك عقار.. معركة “الموقف” ونقيضه

الإسلاميون ومالك عقار.. معركة “الموقف” ونقيضه


22/08/2023

الزين عثمان

عقب تعيينه نائباً لرئيس مجلس السيادة لما بعد الانقلاب في موقع المتمرد، بحسب توصيف رئيسه في ذات المجلس، استقبلت الحركة الإسلامية، الذراع الايدلوجي لنظام المعزول البشير، رئيس الحركة الشعبية مالك عقار بتوصيفه بأنه رجل الدولة في المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.

في زياراته لدول المنطقة، بدأ مالك متماهياً مع الموقف الذي تتبناه الحركة الإسلامية، بأن الحسم العسكري هو الفيصل بين الجيش وقوات الدعم السريع، وإنه يجب اغلاق كل أبواب المبادرات والحلول التفاوضية. وقتها وصف عقار (مبادرة جدة) لمعالجة الأزمة السودانية بأنها بمثابة استعمار للسودان.

كان وقتها الرجل هو الناطق الرسمي بلسان الداعمين للحل العسكري. لكن ظهوره الأخير يخبر عقار الإسلاميين، ومن ذات مقعده قائلاً: “لا مكان لكم في المستقبل، وأن بضاعتكم التي تحملونها لم يعد لها مشتريين”.

ويكمل موجهاً حديثه للمؤتمر الوطني المحلول: “عليكم بنقد تجربتكم؛ ففي عهدكم انفصل جنوب السودان ومحاولتكم أن تستمدوا الشرعية من حرب 15 أبريل، لن تجدي؛ فقد صارت بضاعتكم منتهية الصلاحية”

كان التصريح الأخير للرجل بمثابة فتح النيران عليه من قبل من كانوا يرون فيه المخلص. انقلبوا عليه مهاجمين وبلا هوادة.

أول ما فتح ميدان المواجهة كان ببيان من الحركة الإسلامية المحظورة والتي هاجمت عقار، وقالت في بيانها إنه” انتهي الزمان الذي “يتسور” فيه فرد على إرادة أهل السودان الذين تعهدنا أمامهم إننا لا نرغب في العودة للسلطة في الفترة الانتقالية”.

وقالت إن إرادتها في خدمة البلاد والشعب لا يمكن رهنها للرسائل المستفزة من شذاذ الآفاق الراغبين في إرضاء سادتهم، وإنهم، كإسلاميين، يتعهدون بالوقوف صفا واحدا خلف القوات المسلحة.

جاء هجوم عقار على الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني المحلول متزامناً مع إعلانه أن الحرب التي تدور الآن لا يمكن حسمها إلا عبر طاولات التفاوض، وهو ذات ما أشار إليه في وقت سابق قائد الجيش بمناسبة عيد القوات المسلحة.

َاعتبر القيادي في النظام السابق، حاج ماجد سوار، رسالة مالك عقار بأنها رسالة الوقت الخطأ في البريد الخاطئ، وأنها ستؤثر على معنويات شباب الإسلاميين الذين استجابوا لنداء الجيش في مقاتلة المليشيا.

ومضى الإعلامي المحسوب على الإسلاميين، الطاهر حسن التوم، أبعد من ذلك في تعليقه على الخطاب بقوله: “ناشد الدعم السريع وتوعد قيادات الإسلاميين بالسجن والحبس، من الذي كتب ل “برهان” بيان عقار، هل هو عرمان ام خالد سلك”؟

ووصف الوزير السابق في حكومة الإنقاذ، البيان ب “الانبطاح” للتمرد باستعادة تسميته بالدعم السريع وبالانبطاح لقوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي”، وأنه تجاهل المستنفرين وأشاد بلجان المقاومة، ويختم إسماعيل بالقول: “قولوا لمالك عقار ومن كلفه بتلاوة هذا البيان إنك تلعب بالنار”؟

تعبير “تلعب بالنار سرعان” ما يمضي للسؤال حول من الذي اشعل النيران؟ ومن الذي يستثمر في استمرارية الحرب؟ الإجابة تمضي في اتجاه من يحتجون على تصريحات عقار الآن.

بالطبع فإن أعلى أصوات الرفض للتصريحات هي تلك التي أطلقها الإسلاميون، وهو ما يعيد للأذهان الجدل حول من اشعل الحرب، وإتهام قوى النظام البائد ومناصريها بذلك.

بالنسبة للكثيرين فإن الحرب الدائرة الآن هي حرب الإسلاميين من أجل العودة، وهي آخر سهم في كنانتهم من أجل إعادة عقارب الساعة السودانية للوراء.

في السياق، قال يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع إنه لا يعترف بسلطة مالك عقار نائبا لرئيس مجلس السيادة، وذلك ردا على مبادرة وصفت بالمفاجئة طرحتها الحكومة، في خطاب ألقاه عقار الثلاثاء لوقف إطلاق النار تمهيدا لحوار شامل ومرحلة انتقالية، وأضاف المستشار السياسي في مقابلة مع قناة الجزيرة أن قوات الدعم السريع لا تعترف بسلطة عقار، وأكد التزام الدعم السريع بمنبر جدة والمبادرة الأميركية السعودية.

بعيداً عن موقف الدعم المعلن من المبادرة فإن مراقبين يشيرون بشكل رئيسي لاقتراب الطرفين من القبول بمبدأ تسوية الخلاف وإنهاء الاقتتال بينهما عبر الحوار والتفاوض، وهو ما يعني في المقابل هزيمة للطرف الذي يستثمر في استمراريتها مقرونا ذلك بوجهة نظر ترى في خطاب عقار مجرد تعبير عما يخطر في بال رئيسه في مجلس السيادة قائد الجيش، وبالتالي فإن من يهاجمونه الآن اتخذوها مجرد منصة لتلقي نيرانهم الموجهة نحو رئيس مجلس السيادة وموقفه الداعي للسلام.

الموقف من مالك لا يستهدف مالكا في شخصه، وإنما في مواجهة عقار “التفاوض” المفضي لنهاية الحرب التي وصفها من اشعلوها بالعبثية، والدليل على ذلك إنه وقبل حوالي شهر، كان مالك جميلاً في عيونهم، ولكن بعد ان ردد “ارضا سلاح” صار منبوذاً ومن نفس الناس.

عن "الراكوبة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية