الاحتجاجات على الاغتيالات تتواصل في العراق.. وإيران وميليشياتها المتهم الأول

الاحتجاجات على الاغتيالات تتواصل في العراق.. وإيران وميليشياتها المتهم الأول


26/05/2021

أعاد نشطاء عراقيون ملف دور إيران في اغتيال نشطاء عراقيين مناهضين لتدخلات طهران في بلادهم إلى الواجهة بعد حادثة الاغتيال التي استهدفت رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء إيهاب الوزني.

وكان موقع "إيران واير" المعارض ومقره بريطانيا قد كشف في تقرير له، نهاية العام الماضي، عن أنّ الميليشيات الموالية لإيران في العراق تستهدف الناشطين عبر قائمة اغتيالات تضم 70 اسماً على الأقل.

 

موقع إيران واير: الميليشيات الموالية لإيران تستهدف الناشطين عبر قائمة اغتيالات تضم 70 اسماً على الأقل

 

وأوضح التقرير أنّ القائمة تستهدف الأشخاص الذين انضموا إلى المظاهرات الشعبية التي طالبت بتحسين الحياة اليومية وتوفير مياه الشرب والكهرباء، فضلاً عن التنديد بالنفوذ الإيراني داخل العراق.

وتطرّق التقرير إلى تحريض وسائل الإعلام الإيرانية ضد النشطاء العراقيين، مستشهداً بتقرير نشرته وكالة أنباء مهر (شبه الرسمية) مؤخراً زعمت خلاله أنّ 3 نشطاء مدنيين هم: خبيرة التغذية ريهام يعقوب، ومصمم الجرافيك هشام أحمد، ومدوّن الفيديو علي نجيم متهمون بالتواصل لتأمين المصالح الأمريكية داخل العراق، وشن ما سمّتها بالحرب الناعمة.

بعد مقتل الوزني، مغردون ومنظمات يدعون لمقاطعة الانتخابات النيابية التي ستجري في تشرين الأول المقبل

وزعم تقرير "مهر" أنّ واشنطن تستخدم هؤلاء النشطاء عبر قنصليتها في البصرة لتنظيم وقيادة وتوجيه الاحتجاجات المدنية والشعبية ضد إيران وحلفائها في العراق.

ورجح مصدر عراقي، رفض ذكر اسمه، أنّ إيران تنفذ تلك الاغتيالات لأنها تكبدت تكلفة باهظة لتدريب العناصر والميليشيات التابعة لها في العراق لتستفيد منها يوماً ما، حسب التقرير.

 

وسائل الإعلام الإيرانية تحرض ضد النشطاء العراقيين، وتزعم أنهم يعملون لصالح أمريكا ولحفظ مصالحها داخل العراق

 

ونقلت إيران أكثر من 1000 عنصر من الحشد الشعبي إلى أراضيها خلال الأعوام الماضية، ودربت هذه العناصر في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية التي شملت أساليب الاستطلاع واكتشاف شبكة اتصالات المعارضة والاغتيالات، وفق المصدر.

ويبدو أنّ طهران أكثر قلقاً بشأن وضعها الهش والمتراجع في العراق أكثر مما تبدو عليه، ولذا تسعى إلى الحد من نطاق الاحتجاجات وإضعاف قوتها التنظيمية من خلال تصفية القادة الميدانيين جسدياً واغتيال نشطاء المجتمع المدني المؤثرين.

يشار إلى أنّ الخبير في شؤون الجماعات المسلحة والمتطرفة هشام الهاشمي قد اغتيل منذ فترة، ويعتقد على نطاق واسع أنها عملية انتقامية هدفها النيل من حكومة الكاظمي لإضعاف سيطرته على الحكم.

اقرأ أيضاً: اغتيالات في دول عربية وحروب وإعدامات.. ماذا لو حكم "رئيسي" إيران؟

ومؤخراً أثار مقتل الناشط العراقي الوزني في مدينة كربلاء غضباً واسعاً في البلاد.

وأحدث مقتل الوزني صدمة بين مؤيدي موجة المظاهرات التي شهدتها البلاد قبل نحو عام ونصف العام، التي يصفها أنصارها بـ"ثورة تشرين"، الذين احتشدوا في مسيرات بجنوب العراق لمطالبة السلطات بوقف إراقة الدماء.

وفي السياق، أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية صباح الأحد في بيان أنّ "شرطة محافظة كربلاء تستنفر جهودها بحثاً عن العناصر الإرهابية التي أقدمت على اغتيال الناشط المدني".

وقد عُرف رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء بأنه من أبرز الأصوات المناهضة للفساد وسوء الإدارة، والتي تنادي بالحد من نفوذ إيران والجماعات المسلحة في مدينة كربلاء جنوبي العراق، وفق ما نقلت شبكة "سي إن إن".

 

مقتل الوزني أحدث صدمة بين مؤيدي موجة المظاهرات التي شهدتها البلاد قبل نحو عام ونصف العام

 

الوزني الذي كان لأعوام عدة يُحذّر من هيمنة الفصائل المسلحة الموالية لإيران نجا من محاولة اغتيال سابقة في كانون الأول (ديسمبر) 2019، عندما قُتل أمامه فاهم الطائي الذي كان في الـ53 من عمره، بهجوم نفذه مسلحون يستقلون دراجة نارية، بأسلحة مزودة بكاتم للصوت.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، وقال ناشط مقرب من الوزني لـ "بي بي سي": "إنها ميليشيات إيران، اغتالوا إيهاب وسيقتلوننا جميعاً، يهددوننا والحكومة صامتة".

هذا، وخرجت مظاهرات في كربلاء ومدن أخرى بينها الناصرية والديوانية، في جنوب العراق، احتجاجاً على عملية الاغتيال.

اقرأ أيضاً: العراق: الاغتيال برصاصة في الرأس لمن يهتف: إيران برّا برّا

وتظاهر الآلاف في بغداد للضغط على الحكومة لاستكمال التحقيق في عمليات القتل التي نفذتها ميليشيات موالية لإيران، التي استهدفت فيها ناشطين رافضين للممارسات الإجرامية لتلك الجماعات المسلحة الشيعية، ولم تتم معاقبة مرتكبيها بعد، رغم وعود السلطات.

وقُتل متظاهر برصاص قوات الأمن، واُصيب 11 آخرون في صدامات إثر تفريق عناصر قوات مكافحة الشغب بالغاز المسيل للدموع للتظاهرة التي انطلقت في وقت سابق في ساحة التحرير بالعاصمة، وفق وكالة "فرانس برس".

من جهته، قال الرئيس العراقي برهم صالح، في تغريدة على تويتر: "الكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين حق لا يسقط، واستخدام الرصاص في التظاهرات يجب ألّا يمر من دون تحقيق ومحاسبة، وحماية الأمن والممتلكات العامة واجب وطني".

وأضاف: إنّ "التظاهر السلمي حق دستوري، وتجسيد لإصرار العراقيين على دولة مقتدرة ذات سيادة، تحقيق تطلعات شبابنا يستدعي ضمان انتخابات نزيهة".

 

ناشط مقرب من الوزني لـ "بي بي سي": ميليشيات إيران اغتالوا إيهاب وسيقتلوننا جميعاً، يهددوننا والحكومة صامتة

 

من جانبه، غرّد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قائلاً: "دعمنا حرية التظاهر السلمي في العراق، وأصدرنا أوامر مشددة بحماية التظاهرات وضبط النفس، ومنع استخدام الرصاص الحي لأي سبب كان".

وقال وفق ما نقلت وكالة الأنباء العراقية: "اليوم سنفتح تحقيقاً شفافاً حول حقيقة ما حدث في اللحظات الأخيرة من تظاهرة ساحة التحرير لكشف الملابسات... الأمن مسؤولية الجميع، ويجب أن نتشارك جميعاً في حفظه".

وإثر الأحداث، أعلنت بعثة الأمم المتحدة بالعراق أنّ "المساءلة هي مفتاح لاستقرار العراق".

وفي السياق، عبّر مغردون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم الواسع لما حلّ بالوزني، واستيائهم بسبب "مصير كل النشطاء والمعارضين في البلاد".

ودشن مغردون وسم #مقاطعون، للدعوة لمقاطعة الانتخابات النيابية في العراق، والتي ستجري في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، ووصفوها بـ"غير الشرعية"، مشددين على ضرورة "غياب الميليشيات" لتهيئة مناخ سياسي ديمقراطي حقيقي.

وقد دعا 17 تياراً ومنظمة منبثقة عن الحركة الاحتجاجية رسمياً إلى مقاطعة الانتخابات المبكرة التي وعدت بها حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إثر توليه السلطة بعد أشهر من الاحتجاجات ضد الفساد والطبقة السياس.، وفق ما نقلت شبكة الحرّة.

وأعلنت تلك التيارات في 17 أيار (مايو) الجاري في بيان مشترك من كربلاء الرفض "للسلطة القمعية"، وعدم السماح "بإجراء انتخابات ما دام السلاح منفلتاً والاغتيالات مستمرة"، والتي ينسبها ناشطون إلى ميليشيات شيعية، وسط تعاظم نفوذ فصائل مسلحة تحظى بدعم إيران على المشهد السياسي.

بدوره، أعلن النائب في مجلس النواب العراقي فائق الشيخ علي يوم الأحد الماضي انسحابه من الانتخابات التشريعية المقررة في 10 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

اقرأ أيضاً: العراق: عودة الاغتيالات تشعل الاحتجاجات ضد التغول الإيراني وأدواته.. ما مصير الانتخابات؟

وكتب على تويتر، حسبما أوردت شبكة "روسيا اليوم": "بعد اغتيال الشهيد إيهاب الوزني أعلن انسحابي من الانتخابات النيابية".

ودعا "القوى المدنية وثوار تشرين إلى الانسحاب أيضاً، والتهيؤ لإكمال الثورة في الشهور القادمة ضد إيران وميليشياتها القذرة".

ويعتبر فائق الشيخ علي أحد أبرز أعضاء مجلس النواب العراقي، وفاز في انتخابات عامي 2014 و2018، وهو معروف بمواقفه في الدفاع عن الحياة المدنية ومناهضة الإسلام السياسي.

ومنذ احتجاجات تشرين الأول (أكتوبر) 2019، بدأ الشيخ علي بإطلاق تصريحات وصفت بـ"الخطيرة" ضد أحزاب سياسية وجماعات مسلحة، وكذلك إيران ودورها في العراق.

وشهد العراق منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول (أكتوبر) 2019 حملة واسعة من الاغتيالات والخطف والتهديدات التي طالت منظمي الاحتجاجات.

وتعرّض نحو 70 ناشطاً للقتل أو محاولة الاغتيال، وتعرّض عشرات للخطف، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العام 2019.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية