الخلافات تتسع بين روسيا وتركيا في سوريا... ما علاقة الولايات المتحدة؟

الخلافات تتسع بين روسيا وتركيا في سوريا... ما علاقة الولايات المتحدة؟


24/03/2021

تشهد الساحة التركية حالة من إعادة ترتيب التحالفات والتمركزات، في مرحلة يسعى كلّ طرف فيها إلى الحصول على أكبر مكاسب ممكنة، ليس فقط على الساحة السورية، ولكن في ظل توازنات القوى الإقليمية المتأرجحة منذ وصول الإدارة الأمريكية الجديدة واكتشاف توجهاتها.

ومن أبرز التغيرات الهوة الآخذة في الاتساع بين تركيا وروسيا، والتي قفزت على التفاهم الموقع في آذار (مارس) من العام الماضي، لوقف إطلاق النار في مناطق الشمال الغربي السوري الواقعة تحت سيطرة تركيا، مقابل تسيير دوريات روسية تركية مشتركة.

اقرأ أيضاً: روسيا تطالب تركيا بفتح ممرات تسيطر عليها أنقرة على الحدود السورية

وكانت تركيا قد بدأت بقصف جوي مكثف بعد شهور من الانقطاع على منطقة عين عيسى التي تُعدّ مركزاً لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، والواقعة تحت الإشراف الروسي، فما كان من القوات الروسية إلّا الردّ أمس بهجمات مكثفة في مناطق المعارضة في الشمال الغربي الواقعة تحت سيطرة تركيا، والمتضمنة باتفاق وقف إطلاق النار.

وجاء اجتماع وزيري الخارجية التركي والأمريكي غداة تلك التطورات، لتعزز توقعات ديمومتها، وسط توقعات بتعميق التوتر التركي الروسي، أو بمعنى آخر تخلي تركيا عن التفاهمات الروسية ـ التركية لصالح تفاهمات أو محاولات للتقارب مع الإدارة الأمريكية الجديدة، خصوصاً أنها جاءت محمّلة بملاحظات وتوجهات عدة لا تروق لتركيا.

اقرأ أيضاً: كيف نقرأ لقاء وزيري خارجية روسيا وتركيا في الدوحة؟

وقد وصفت جريدة "زمان" التركية الموقف بالانهيار لاتفاقية موسكو الموقعة قبل عام بين تركيا وروسيا بشأن إدلب، في ظل عجز أنقرة عن الوفاء بشرط تصفية الجماعات الجهادية بالمنطقة، الذي يبدو شبه مستحيل.

نقل موقع "عنب بلدي" السوري عن قيادي في الجيش الوطني، طلب عدم ذكر اسمه، أنّ قصف أمس من قبل النظام وروسيا، هو رسالة لتركيا بعد استهدافها عين عيسى

وقالت الصحيفة في تقرير لها: إنه بعد هدوء لعدة أشهر منذ توقيع الاتفاق مع روسيا في 5 آذار (مارس) 2020، والذي جاء بعد أيام من مقتل31 عسكرياً تركياً في إدلب، شنت مؤخراً المقاتلات الروسية غارات نوعية على إدلب، وهو ما دفع أنقرة لاستدعاء السفير الروسي لدى تركيا، أليكسي إرخوف، لإبلاغه باستيائها من القصف الجوي الروسي على إدلب.

وقالت تقارير: إنّ قصف المقاتلات الروسية تركز على منشآت حيوية، فضلاً عن الشريط الحدودي على تركيا فيما يبدو أنها رسالة إلى أنقرة.

اقرأ أيضاً: هل تتجه روسيا لتهميش إيران في تسوية الأزمة السورية؟

من جانبها، دعت وزارة الدفاع التركية روسيا إلى وقف الغارات، وأكد مسؤولون أتراك في حديثهم مع وكالة "رويترز" أنّ اللقاء مع السفير داخل الوزارة كان جزءاً من اجتماع مُعدٍّ له مسبقاً، مشيرين إلى إبلاغ السفير الروسي برفض تركيا استهداف مستشفى بالمنطقة.

وقد نقل موقع "عنب بلدي" السوري عن قيادي في الجيش الوطني، طلب عدم ذكر اسمه، أنّ قصف أمس من قبل النظام وروسيا، هو رسالة لتركيا بعد استهدافها عين عيسى، مفادها التحذير من التمدد في مزيد من المناطق بالشمال السوري.

ومن جانبه، يرى الباحث في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي أنّ الروس والإيرانيين غير راضين عن استمرار الالتزام باستراتيجية تجزئة الخلافات مع تركيا، بمعنى فصل الملف السوري عن غيره من الملفات الإقليمية، لأنهما غير مستفيدتين من ذلك، على خلاف تركيا التي بدأت تحقق مكاسب كبيرة من خلال استمرار هذا النهج، سواء بتحقيق استقرار لأكثر من عام في شمال غربي سوريا، وبالتالي استمرار وجودها العسكري، أو بالتقدّم شرق الفرات بعد عملية نبع السلام، إلى جانب الجيش الوطني، وإنشاء قواعد عسكرية، ومحاولة اقتناص عين عيسى أو التقدم باتجاهها.

 

بحث وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو اليوم مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن الخلافات بين أنقرة وواشنطن

 

وتأتي التعزيزات التركية الأخيرة في الشمال السوري لتعكس تغيرات مستقبلية وشيكة، فقد نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مسؤول "وحدة الرصد والمتابعة" في فصائل المعارضة أنّ تركيا أنهت تشكيل خط دفاع الدرع الفولاذية على طول خط التماس.

ونشرت تركيا نحو 6000 جندي تركي، وحوالي 7500 آلية عسكرية، بينها مدفعية ثقيلة وراجمات صواريخ ورادارات وعربات تنصت، بالإضافة إلى أكثر من 200 دبابة ومدرّعة وناقلة جند، توزعت في أكثر من 70 نقطة وموقعاً عسكرياً استراتيجياً. وأضاف المسؤول أنه في جبل الزاوية جنوب إدلب أنشئت 20 نقطة وموقعاً عسكرياً تركياً.

اللقاء التركي ـ الأمريكي

في غضون ذلك، بحث وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو اليوم مع نظيره الأمريكي  أنتوني بلينكن الخلافات بين أنقرة وواشنطن حول شراء تركيا صواريخ "إس-400" الروسية، ضمن مواضيع أخرى، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية: إنّ المحادثات بين الجانبين جرت على هامش اجتماع وزراء خارجية الناتو في بروكسل، وإنّ الطرفين بحثا خلالها أيضاً الأوضاع في ليبيا وسوريا وشرق المتوسط.

وأضاف المتحدث: "ناقش وزيرنا مع بلينكن موضوع إس-400، وأكدا على أهمية العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة ضمن إطار الناتو"، وأنّ الجانب الأمريكي شكر تركيا على استضافة لقاء حول أفغانستان في نيسان (أبريل) المقبل.

وذكر أنّ الوزير التركي جدّد لنظيره الأمريكي شواغل أنقرة بشأن الدعم المقدّم من واشنطن لحزب العمال الكردستاني (المحظور في تركيا)، والمجموعات المسلحة السوريا المتصلة بهذا الحزب.

اقرأ أيضاً: روسيا وتركيا: علاقات معقدة بين الخفاء والعلن

ويُعدّ هذا اللقاء هو الأوّل منذ تولي بلينكن محفظة الشؤون الخارجية في إدارة الرئيس الأمريكي الجديد.

وتتوتر العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة على خلفية عدة ملفات، في مقدّمتها دعم الأكراد، وملف حقوق الإنسان.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية