الخليج يتغير.. والإمارات تتصدّر.. والشباب يقود

الخليج يتغير.. والإمارات تتصدّر.. والشباب يقود

الخليج يتغير.. والإمارات تتصدّر.. والشباب يقود


18/05/2023

إبراهيم سعيد الظاهري

تواصل دولة الإمارات نهجها الحضاري بدفع جيل جديد من القيادات الميدانية الشابة إلى سدة الحكم، من خلال مشاركتهم في صناعة القرار وتنفيذه. وهو نهج يكتسب أهميته ويستمدّ تأثيره من سياسة رشيدة أرسى قواعدها القائد المؤسس الشيخ زايد طيب الله ثراه.

تأكد هذا النهج عام 2003 بتعيين الشيخ زايد ابنه الشيخ محمد بن زايد نائبا لولي عهد أبوظبي ثم وليا للعهد، الأمر الذي حدد أولويّات انتقال السّلطة في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات. وكان من أبرز آثار هذا القرار إجماع أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات على انتخاب الشيخ محمد بن زايد رئيسا للدولة في العام 2022.

وعلى النهج نفسه، جاءت قرارات “القائد المجدد” الشيخ محمد بن زايد، الذي مرّ عام على توليه رئاسة الإمارات، بدفع أربع قيادات ميدانية شابة إلى صدارة العمل الوطني بتعيين الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائبا لرئيس الدولة، والشيخ هزّاع بن زايد آل نهيان والشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائبين لحاكم أبوظبي والشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، وليّا لعهد أبوظبي. وهي القرارات التي تهيئ مسيرة العمل الوطني لمرحلة جديدة، تمثل قفزة تاريخية فاصلة، نحو المستقبل الأفضل للإمارات.

وانطلاقا من هذه الحقائق استقبل المواطن الإماراتي بتفهم كبير وترحاب واسع، على المستويين المحلي والاتحادي، قرار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الأمارات، رئيس مجلس الوزراء، الذي أصدره بصفته حاكما لإمارة دبي، بتعيين الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائبا أول لحاكم دبي، والشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائبا ثانيا لحاكم دبي، على أن يمارس كل منهما الصلاحيات التي يُعهد بها إليه من قبل الشيخ محمد بن راشد.

وهذه القرارات تكرس أسلوب انتقال السلطة في دول الخليج، وتؤكد تماسك الأسر الخليجية الحاكمة، رغم ما يثار حولها كذبا من بعض المغرضين، فالمصالح العليا تفرض نفسها، وتمهد لتلك الاختيارات.

وليس خافيا أن أبوظبي دائما ملهمة، وقائدة للمبادرات، وسباقة في ترسيخ مفاهيم لنظام الحكم، وتقديم البدائل الحديثة، وتحذو حذوها إمارات الدولة الأخرى، كما شجعت دولا خليجية أخرى على أن تسير على نهجها.

وتتميز التجربة الإماراتية المعاصرة بأمور فريدة. أولها، أن الشيخ محمد بن راشد كثير الحب والود للشيخ محمد بن زايد، وقبل ذلك للقائد المؤسس الشيخ زايد، وقد حظي باهتمام منه ورعاية كالتي حظيها الشيخ محمد بن زايد.

الأمر الثاني أن الشيخ محمد بن راشد الرجل الثاني في الإمارات بعد الشيخ محمد بن زايد، أراد أن يرى أبناءه يمارسون الحكم أمام عينيه وتحت إشرافه.

ويستهدف قرار الشيخ محمد بن راشد ترتيب الحكم في أسرة آل مكتوم، وهو الأسهل بين البيوتات الحاكمة في الإمارات، لأنه ترتيب بين الإخوة. فالشيخ مكتوم معنيّ بالجوانب المالية والقضائية بالإمارة، إضافة إلى كونه الرجل الثاني بعد والده في الحكومة الاتحادية، كنائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير للمالية.

أما الشيخ أحمد فمعنيّ بملفي الإعلام والرياضة، الأمر الذي يجعلهما حاملين لأهم القطاعات الحياتية مالا وإعلاما ورياضة، ويمارسان ذلك منذ سنوات أكسبتهما خبرة ودراية بتلك الملفات.

وتبرز أهمية هذا القرار في أنه استكمال للنهج الحضاري الإماراتي بتقديم القيادات الميدانية الشابة لتتصدر المواقع “المفصلية” في مسيرة العمل الوطني في الدولة من ناحية، وترتيب سلّم أولويات الحكم في إمارة دبي من ناحية أخرى، الأمر الذي يعني اكتمال عقد القيادة لإمارة دبي بعدما تحقق ذلك جليا في أبوظبي. وينتظر أن تحذو بقية الإمارات حذوها على النهج نفسه.

ويكتسب القرار فاعليته من كونه جزءا من الإسهامات الكبيرة والعطاءات غير المحدودة للشيخ محمد بن راشد على صعيدين متوازيين: الأول، تحقيق نهضة دبي، والثاني، دفع المسيرة التنموية للإمارات بشكل عام.

ولا شك في أن جهود الشيخ محمد بن راشد وإنجازاته في هذين المجالين لا تخفى على أي متابع منصف، وتعدّ شاهد عيان على حرصه على المشاركة الجادة المخلصة في دعم مسيرة التنمية للإمارات. وميادين عطائه متنوعة تشهد أمام الجميع على أنه يضع دائما كل خبراته في خدمة وطنه وأمته.

ويُعتبر الشيخ محمد بن راشد رجلا من الشعب وإلى الشعب، فهو كشاعر وفارس وحاكم ساهم بحنكته وقيادته الرشيدة في وضع دولة الإمارات على الخارطة الدولية، وجعلها موطنا للأعمال والسياحة والعيش الكريم.

له مبادرات كثيرة، تنوعت بين الشعر والفروسية، ومؤسسات خيرية، مثل “نور دبي” و”سقيا الإمارات”، ومعرفية مثل “مؤسسة محمد بن راشد للمعرفة” و”كلية الإدارة” و”مركز محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الثقافي الحضاري”، بالإضافة إلى جائزة الصحافة العربية، وجائزة محمد بن راشد لداعمي الفنون، والجائزة العربية للإعلام الاجتماعي، وغيرها.

يؤمن بتواصل الأجيال، وضرورة إعداد قيادات ميدانية شابة لتولي المسؤوليات الوطنية في مختلف المواقع، لتظل راية الإمارات مرفوعة، ومكانتها عالية، ومكاسبها مصونة، ومسيرتها قوية، ورؤاها محل تقدير العالم، وليظل اتحادها قويا متماسكا نموذجا رائدا يحتذى من الجميع.

وقد عبّر بوضوح عن هذه الرؤية الثاقبة والبصيرة الواعية في كلمات دالة هنأ بها القيادات الميدانية الشابة في أبوظبي، بقوله “بكم وبإخوانكم القادة من الجيل الجديد تستمر المسيرة.. وتعلو الراية.. ويترسخ المجد.. حفظ الله الإمارات وشعبها وأدام عزها وازدهارها”.

ولا غرو في أن يحرص دائما على الإشادة بإنجازات أبناء الإمارات في كل ميدان بما يدفع إلى المزيد من الريادة والتميز: “فخورون بأبنائنا وبناتنا الذين عملوا على مدى أعوام لبناء مشروعات إستراتيجية طموحة، ونقل اقتصادنا الوطني إلى آفاق جديدة”.

قيادات ميدانية شابة ومتمرسة

والحقيقة أن هذه القيادات الميدانية الشابة لها تاريخ ممتد مع الإنجازات الميدانية المؤثرة في دفع مسيرة التنمية الشاملة، وهي أيضا صاحبة حضور مميز في مختلف المناسبات المجتمعية، من خلال الحرص على مشاركة المواطنين أفراحهم وأتراحهم، وهو أمر لو تعلمون عظيم في بناء العلاقات الصحية، وضمان التواصل الدائم بين تلك القيادات والمواطنين.

وفي الوقت نفسه يشاركون من خلال مسؤولياتهم ومواقعهم القيادية وخبراتهم الميدانية في صنع القرارات السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية وغيرها.

أمام الشيخين مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم إمارة دبي، وأحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم النائب الثاني لحاكم إمارة دبي مهام وطنية عظمى، لعلّ أبرزها النهوض بمسيرة التنمية الشاملة في دبي خاصة بما ينعكس على مكانة الإمارات ودورها المحوري إقليميا وعربيا وعالميا عامة، وكذلك الحفاظ على المكتسبات وتعظيمها في شتى المجالات.

وللشيخين مكتوم وأحمد تاريخ مشهود وتجارب ثرية في العمل الوطني. حققا نجاحات كبيرة حظيت بتقدير الجميع. وسيكونان رافدين للعمل الوطني بما يمتلكان من خبرات واسعة اكتسباها في مدرسة والدهما الشيخ محمد بن راشد، وبدعم ولي عهده الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ووعيهما وتطلعاتهما الدائمة إلى مواكبة مسيرة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

ويشغل الشيخ مكتوم منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية في حكومة الإمارات، والنائب الأول لرئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، ويترأس مجلس الشؤون الإستراتيجية، ومجلس إدارة اللجنة العليا للتشريعات، ومجلس دبي القضائي، واللجان العليا لتطوير القطاع الحكومي، وتطوير أسواق المال والبورصات، والتخطيط العقاري، ومجالس إدارات مركز دبي المالي العالمي، وسلطة دبي للتطوير، ومؤسسة دبي العقارية، وغيرها.

تعهد فور تعيينه: “سأعمل وفق رؤية ونهج الشيخ محمد بن راشد وبقيادة الشيخ حمدان بن محمد وسنواصل العطاء لتظلّ دبي صانعة المستقبل، وأفضل مدن الأرض، ولتحقيق سعادة ورفاه شعبها”.

أما الشيخ أحمد بن محمد بن راشد فقد شغل عدة مناصب مهمة، أبرزها رئيس مجلس دبي للإعلام، ورئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، ورئيس الهيئة العامة للطرق والمواصلات، ورئيس الاتحاد الدولي لرياضات وسباقات الصقور، وله مشاركات مهمة في القطاعات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

يؤمن بأن “مصلحة المواطن وراحته تتصدر أولويات حكومة دبي التي لا تدخر جهدا في تقديم نموذج متطور في الخدمة المجتمعية أساسه تكامل السياسات، والحرص على تحقيق أعلى مستويات الجودة في الخدمات المقدمة، وتهيئة كافة السبل لوصول تلك الخدمات إلى المستفيدين منها بكل يسر وسهولة”.

إن هذه القرارات الحضارية تضعنا أمام حقيقة أن “الخليج يتغير” وأنّ جيلا من الشباب يقود حركة تنموية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وليس خافيا أن الإمارات في الصدارة من هذا المشهد الحضاري، بل تُعدّ السبّاقة إليه، في ظل عالم يموج بالأحداث، ويتعرض للتقلبات والتغيرات.

ولا عجب في أن كل تغيير يضع الإنسان على رأس أهدافه من خلال بناء اقتصاد متطور، ودعم الأنشطة الاستثمارية، وتوفير خدمات مجتمعية شاملة، وتحسين مستويات الدخول، وإتاحة وظائف بالقطاعين العام والخاص، وتقديم خدمات صحية وتعليمية نوعية، بالإضافة إلى بنية تحتية غير مسبوقة، وحماية أمنية متقدمة.

إن خارطة التوجهات وترتيب الأولويات في أكبر إمارتين أبوظبي ودبي تنطلق من استقرار منظومة الحكم داخل العائلات الحاكمة، وترتكز إلى الخطط والإستراتيجيات الوطنية التي تستشرف آفاق المستقبل الواعد، ولا تترك شيئا للمصادفة وسط هذه المتغيرات العاتية التي تكاد تعصف باستقرار مناطق عديدة في العالم لأسباب مختلفة.

إن خارطة التوجهات الإماراتية تجعل المشهد جليا واضحا وضوح الشمس، فنحن أمام جيل جديد يتسلم الشعلة، ويقود المسيرة تحت إشراف ومتابعة القيادة السياسية، وتنفيذ توجهاتها وتوجيهاتها بحكم الخبرة والممارسة، والاستفادة من حكمتها ودرايتها بإدارة شؤون العمل الوطني، والسعي الدائم لتطويره والارتقاء به إلى مستويات أعلى جودة، وأعظم كفاءة، وأكثر إنجازا.

ومع اهتمامها بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، من المأمول أن تسعى القيادات من الجيل الجديد إلى المزيد من تعميق الحياة السياسية بصورة متدرجة تدعم حريات الرأي والتعبير، بالإضافة إلى الارتقاء بمستوى المشاركة الشعبية في العمل الوطني إلى فضاءات أرحب، بما فيها تيسير الصيغ المنظمة لانتخابات أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، وإتاحة المزيد من فرص إشراك المرأة، والاستفادة من الكفاءات النسائية التي حققت نجاحات علمية في مختلف قطاعات الدولة.

ومن أبرز المهام أمام قيادات الجيل الجديد العمل على تعظيم مصادر الاقتصاد الوطني، من خلال تنويع عوائده، ومضاعفة منافع التبادلات التجارية والاستثمارية الضخمة، وكذلك المنافع الاجتماعية والخدمية، ومنح أولوية لجهود تنشيط السياحة، بعد أن أصبحت الإمارات بحق ملتقى شعوب العالم، ومجمع ثقافاتها، ومنبع آمالها وطموحاتها، والنموذج الرشيد في التعاون والتسامح والحضارة.

نعم، نحن ندخل مرحلة جديدة ثلاثية الأبعاد: الخليج يتغير.. والإمارات تتصدر.. والشباب يقود.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية