العدوان التركي والمقاتلون الأجانب.. تعرف إلى أخطر مخيمات داعش بسوريا

الإرهاب

العدوان التركي والمقاتلون الأجانب.. تعرف إلى أخطر مخيمات داعش بسوريا


22/10/2019

بالتزامن مع العدوان التركي على شمال شرق سوريا، والذي بدأ يوم الأربعاء 9 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، عادت مشكلة "المقاتلين الإرهابيين الأجانب" وعائلاتهم إلى واجهة الأحداث؛ وما تزال تتفاعل حتى الآن.

تزامناً مع بدء الهجوم التركي تحدثت مصادر حكومية ووسائل إعلام سورية عن تمكّن بعض الداعشيات من الفرار

ردّة الفعل القوية جاءت، كما هو متوقع، من الدول الأوروبية؛ حيث تشير البيانات المتوافرة، بحسب تقرير  الأمم المتحدة، الذي نشر في شهر آذار (مارس) 2019، إلى أنّ المجموع الكلي لعدد المعتقلين من تنظيم داعش لدى "قسد" بلغ 8000 مقاتل، ينتمون إلى 60 دولة في العالم، وهناك بيانات أخرى ترفع العدد إلى 12000، بينهم ما يقارب 3000 أجنبي من 54 دولة، بحسب مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية، عبد الكريم عمر، في تصريح  لوكالة "فرانس برس"، في 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، ويتوزع هؤلاء على 7 سجون مكتظة موزعة على مدن وبلدات عدة، بعضها عبارة عن أبنية غير مجهزة، وتخضع لحراسة مشدّدة من قبل قوات "قسد".
وفي تحديث للمعلومات والبيانات، في شهر آب (أغسطس) 2019، أكّد جيمس جيفري، المبعوث الخاص للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش؛ أنّ حوالي 1000 مقاتل ينتمون للتنظيم، هم من جنسياتٍ أوروبية، من إجمالي عدد المقاتلين الأجانب البالغ حوالي 2000 مقاتل، معتقلين في عدد من المخيمات والسجون التي كانت تديرها "قسد"، تحت إشراف القوات الأمريكية.

اقرأ أيضاً: العدوان التركي على سوريا: النتائج المتوقعة وأبرز الخاسرين
يتوزع المعتقلون من التنظيمات الإرهابية، ومن تنظيم داعش تحديداً، في عدد من المخيمات الكبيرة والسجون الصغيرة في منطقة سيطرة قوات قسد، وكانت كلها تُدار بإشراف مباشر من القوات الأمريكية، وهناك عدد من السجون، وثلاثة مخيمات كبيرة.

يقع "مخيم مبروكة" غرب مدينة رأس العين في محافظة الحسكة
أكبر هذه المخيمات وأشهرها؛ "مخيم الهول" شرق مدينة الحسكة، على بعد 45 كيلومتراً منها، ويتبع المخيم فعلياً لبلدة الهول التابعة إدارياً لمحافظة الحسكة، ويضمّ 75000 شخص، معظمهم مدنيون عراقيون وسوريون، ويشكّل الأطفال أكثر من ثلثي هذا الرقم؛ حيث تصل نسبتهم في المخيم إلى 66% من عدد السكان، و"أغلبهم لا يملكون أوراقاً ثبوتية"، لا سيما الذين ولدوا على أرض "دولة الخلافة" بعد التحاق آبائهم بتنظيم داعش، بحسب تقارير للأمم المتحدة؛ منهم 4000 من النساء، و8000 طفل من عائلات المقاتلين الأجانب في تنظيم داعش.

حذّر بوتين من أنّ العملية العسكرية التركية قد تحيي خطر تنظيم داعش في المنطقة

وزاد وجود النساء "الداعشيات" الأجنبيات في المخيم المشكلة تعقيداً؛ إذ ما يزلن يتمسكن بأفكار التنظيم المتطرف إلى الآن، وقامت بعضهنّ بعمليات عنف في وضح النهار داخل المخيم، معظمها متعلقة برفض ضحاياهن لأفكارهن المتطرفة، ومحاولات طعن لبعض الحراس، ويعود سبب عنف نساء تنظيم داعش في المخيم إلى أنّ اللواتي يعشن في الهول كنّ آخر من خرج من بعد خسارة التنظيم لمعركة الباغوز، المنطقة التي كان يسيطر عليها "داعش".
وتزامناً مع بدء العملية العسكرية التركية، تحدثت مصادر حكومية ووسائل إعلام سورية، عن تمكّن بعض النساء الداعشيات من الفرار من المخيم، وأنّ القوات الأمريكية قامت، الثلاثاء، 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، بعملية إخلاء عاجل للمخيم من نساء مقاتلي "داعش"، ونقلتهنّ إلى قاعدة الشدادي في العراق، بعد إقدام عدد منهن على مهاجمة حراس المخيم وإضرام النار في بعض الخيام.

اقرأ أيضاً: ما الذي يخبئه الاتفاق التركي- الأمريكي على وقف "نبع السلام"؟
هذا ومن المهم الإشارة إلى أنّ هناك مخيماً في سوريا، يسمى "مخيم الشدادي/ العريشة/ السّد"، جنوب مدينة الحسكة، على مسافة 32 كيلومتراً، يضمّ أكثر من 21 ألف نازح سوري، من محافظة دير الزور بشتى مناطقها، وتمّ إنشاؤه في 10 حزيران (يونيو) 2017، وذلك عقب نزوح العديد من أهالي محافظة دير الزور، باتجاه محافظة الحسكة؛ بسبب المعارك الدائرة بين تنظيم داعش والقوى المناهضة له، مثل قوات سوريا الديمقراطية والقوات النظامية السورية.
المخيم الثاني هو "مخيم عين عيسى"، شمال مدينة الرقة، وبالتحديد شمال بلدة عين عيسى، وتمّ إنشاؤه بتاريخ 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2016، وذلك عقب ازدياد أعداد النازحين من محافظة الرقة ودير الزور التي كانت تخضع لسيطرة تنظيم داعش آنذاك، وكان المخيم، في العام 2016، يضمّ 36 ألف نازح سوري، غالبيتهم من محافظة الرقة ودير الزور، وحالياً يعيش فيه 12000 شخص، منهم 1000 طفل، و256 امرأة من عائلات المقاتلين الأجانب في تنظيم داعش.

اقرأ أيضاً: هل يمكن تجميد عضوية تركيا بـ"الناتو"؟
وقد تواترت المعلومات والأنباء حول أنّ هذا المخيم قد سقط وفرّ كلّ المعتقلين منه، بعد الهجوم التركي، خاصة أنّه المعتقل الوحيد الذي يقع ضمن منطقة عمليات الجيش التركي والمنطقة الآمنة، التي يسعى الأتراك إلى إقامتها.
أما المخيم الثالث؛ فهو في قرية (تل أسود)، أو ما يُطلق عليه بالكردية (سجن روج)، ويقع على مدخل مدينة المالكية/ ديريك، في محافظة الحسكة، وكان يضمّ في نهاية العام 2018 حوالي 20000 شخص، وهو مخصص لعائلات تنظيم داعش، وكان يعيش فيه بعض النازحين المدنيين من العراق وسوريا، لكنّ العدد تقلص إلى قرابة 2000 معتقل، منهم 1500 من نساء وأطفال المقاتلين الأجانب، خاصة الأوروبيين من هولندا والبوسنة وتركيا وغيرها. 
وهناك عدد آخر من المخيمات الموجودة، بحسب مصادر إعلامية سورية مختلفة، ضمن منطقة سيطرة إدارة الذاتية للأكراد، لكن لا تتوافر لدينا أيّة معلومات دقيقة عن أعداد الموجودين فيها حالياً، أو فيما إذا كانت تحوي معتقلين من مقاتلي داعش وعائلاتهم، وهذه المخيمات هي:
1- مخيم مبروكة
يقع "مخيم مبروكة" غرب مدينة رأس العين في محافظة الحسكة، وتمّ إنشاؤه بتاريخ  28 كانون الثاني (يناير) 2016، وذلك بعد نزوح  العديد من أهالي محافظتي دير الزور والرقة إلى هنالك، بسبب المعارك الدائرة بين القوات النظامية السورية وقوات سوريا الديمقراطية ضدّ تنظيم داعش، في كلتا المحافظتين، ويضمّ أكثر من 6 آلاف نازح من مناطق دير الزور والرقة.

يقع مخيم مشتى نور غرب مدينة كوباني

2- مخيم مشتى نور
يقع المخيم غرب مدينة كوباني، عين العرب، حيث تمّ افتتاحه بعد ازدياد أعداد النازحين من محافظتي حلب ودمشق باتجاه مدينة كوباني، وتحديداً بتاريخ 1 آذار (مارس) 2015، ويضمّ المخيم 450 نازحاً سورياً.
3- مخيم نوروز
يقع غرب مدينة المالكية، ديريك، شمال غرب محافظة الحسكة، حيث تمّ افتتاحه في22  حزيران (يونيو) 2014، نتيجة وجود عوائل عراقية هاربة من ناحية شنكال العراقية، ويعيش فيه حوالي 500 لاجئ عراقي من المناطق المذكورة، وحوالي 3500 نازح سوري من دير الزور والرقة.
4- مخيم الطويحنة
يقع المخيم شمال غرب مدينة الرقة بالقرب من قرية الطويحنة؛ حيث تمّ افتتاحه نتيجة قدوم النازحين من مدينة الرقة، وذلك في السادس عشر من شهر أيار (مايو) عام 2017، ويضمّ 6200 نازح سوري من مناطق محافظة الرقة.
5- مخيم الكرامة
يقع المخيم على بعد 5 كيلومترات من بلدة الكرامة، ويبعد حوالي 180 كم جنوب غرب مدينة الحسكة، حيث تمّ افتتاحه نتيجة وجود نازحين من محافظة الرقة في تلك المنطقة في الخلاء، بتاريخ 6 آذار (مارس) 2017، ويحوي 300 نازح سوري من محافظة الرقة، بينما تديره الإدارة الذاتية، ويعدّ ممراً وموقفاً للنازحين القادمين من الداخل لمحافظة الرقة، لحين إرسالهم إلى مخيمات أخرى مجهزة كون أنّ هذا المخيم لم يكن مجهزاً بالشكل المناسب.
  وهناك عدد من السجون الأخرى التي لم تكن معروفة سابقاً للمتابعين، قبل حديث وسائل الإعلام عن هروب أعضاء من تنظيم داعش منها بالتزامن مع العملية العسكرية، مثل؛ نفكور وجركين في منطقة القامشلي. 
مخاوف واتهامات متبادلة  
بالعودة إلى ردود الفعل على العملية؛ لا بد من التأكيد مرة أخرى أنّ المحرك الرئيس لردّة الفعل الأوروبية السريعة والقاسية على الخطوة الأمريكية، والعملية العسكرية التركية، هو الخوف من الهروب الكبير للأوروبيين المعتقلين الألف من السجون والمخيمات، بصرف النظر عمّن هو المسؤول عن عملية فرارهم، سواء أكانوا الأمريكيين أو الأتراك أو قوات قسد، خاصة في ظلّ تضارب الأنباء والمعلومات والاتهامات بين الأتراك والأكراد الآن، عن مسؤولية فرار معتقلي تنظيم داعش بشكل عام والمقاتلين الأجانب بشكل خاص.

يتوزع المعتقلون من التنظيمات الإرهابية خاصة داعش في عدد من المخيمات الكبيرة والسجون الصغيرة بمنطقة سيطرة قوات قسد

لقد أثار الغزو التركي، الذي استهدف مناطق يتواجد فيها الآلاف من مقاتلي داعش، الكثير من علامات الاستفهام بشأن الهدف من العملية العسكرية، وما إذا كانت أنقرة تهدف من خلالها إلى تحرير معتقلي التنظيم، خاصة أنّ القوات التركية استهدفت في عمليتها، المناطق المتواجدة في شمال شرق سوريا، وهي نفسها المناطق التي كان تنظيم داعش الإرهابي يسيطر عليها منذ فترة، قبل تحريرها من طرف قوات سوريا الديمقراطية بدعم من الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق؛ أثار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "مخاوف بالغة" إزاء تداعيات فرار مقاتلين من داعش جراء الهجوم التركي، داعياً إلى "خفض تصعيد فوري" في شمال شرق سوريا.

يقع مخيم الكرامة على بعد 5 كيلومترات من بلدة الكرامة ويبعد حوالي 180 كم جنوب غرب مدينة الحسكة
وسارع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، إلى الادّعاء، عبر تغريداته على تويتر؛ أنّ القوات الكردية، ربما، تطلق عمداً سراح معتقلي تنظيم داعش لدفع القوات الأمريكية إلى العودة للمنطقة، وأضاف أنّه سيكون "من السهل للغاية أن تعيد تركيا، أو الدول الأوروبية التي ينحدر منها كثيرون، احتجازهم، لكن ينبغي لهم التحرك بسرعة".
وحذّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتاريخ 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، من أنّ العملية العسكرية التركية قد تحيي خطر تنظيم داعش في المنطقة، بحجة أنّ الآلاف من مقاتلي التنظيم المحتجزين في معتقلات تحت إشراف الأكراد قد يستعيدون حريتهم، وتساءل: "أين سيذهبون؟ وكيف؟".
من جانبه، ردّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بتاريخ 10 تشرين الأول (أكتوبر)، على هذه الانتقادات، قائلاً: "سنفعل ما هو ضروري مع المساجين من تنظيم داعش، من يجب أن يبقوا في السجن سنبقيهم فيه، وسنرسل الآخرين إلى بلدانهم الأصلية، إذا قبلت هذه الأخيرة".
كما ادّعى وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار بتاريخ 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، أنّ "هناك سجناً واحداً لداعش في منطقتنا"؛ أي في منطقة العمليات العسكرية التركية، وأنّ مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية السورية أفرغوا هذا السجن، مضيفاً: "السجناء قد خُطفوا، ووحدات حماية الشعب الكردية أفرغت هذا السجن الوحيد لتنظيم داعش الذي وصلت إليه القوات التركية إلى الآن في "المنطقة الآمنة"، تمّ نقل النزلاء بالفعل"، دون أن يذكُر اسم هذا السجن أو إلى أين نُقل السجناء.
لكنّ تقارير إعلامية أشارت إلى أنّ هذا السجن يقع وسط مدينة "تل الأبيض"، التابعة لمحافظة الرقة، وفيها معبر تل أبيض مع تركيا، وتتبع لها مدينة عين عيسى، التي تحوي مخيماً كبيراً لمعتقلي تنظيم داعش، يضمّ 12000 معتقل وتسيطر عليه قوات "قسد". 

شكل تخلّي ترامب عن قوات "قسد" ضربة صاعقة لكلّ الجهود الدولية منذ العام 2011 لمكافحة الإرهاب في سوريا

وكانت إدارة الأكراد في المنطقة قد أشارت إلى أنّ 785 من الأجانب المنتمين لتنظيم داعش، فروا من معسكر "عين عيسى"  في بداية العملية العسكرية التركية، فيما أكدت معلومات لخبراء في مجال الإرهاب، نقلاً عن أحد قادة "قسد"، بتاريخ 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، أنّ مخيم "عين عيسى" قد سقط بالفعل، وفرّ كلّ الموجودين فيه من مدنيين وأعضاء من تنظيم داعش وعائلاتهم، وعُرف منهم البريطانية توبة جندال (Tooba Gondal)، عمرها 27 عاماً، وتلقَّب بـ"أم مُثنى البريطانية"، وتلقّبها الصحف البريطانية بـ"صانعة الزيجات" (Matchmaker)، ولديها طفلان، كانت تنشط داخل المخيم في الدعم والدعاية للتنظيم، وكانت متزوجة من 3 من مقاتلي داعش المشهورين، أحدهم كان مقاتلاً انتحارياً قتل 90 شخصاً، وآخر يُدعى أبو العباس اللبناني، قتل في سوريا، وكان من المسؤولين المهمين عن حملات التجنيد في بريطانيا لمصلحة التنظيم، وكانت (توبة) قبل العملية العسكرية التركية تطالب الحكومة البريطانية بالسماح لها بالعودة إلى بريطانيا مع أطفالها.
وفي تقييم أوّلي لنتائج العملية العسكرية؛ هناك شبه إجماع بين خبراء مكافحة الإرهاب على أنّ الخطوة التي اتخذها ترامب بالانسحاب من سوريا والتخلي عن قوات "قسد" كانت ضربة صاعقة لكلّ الجهود الدولية، منذ العام 2011، لمكافحة الإرهاب في سوريا.
حُجة هؤلاء الخبراء أنّ هذه الخطوة سلبية وغير مدروسة، وتمثّل علامة فشل في التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، وتعطي مثالاً سيئاً ومحبطاً عن كلّ جهود التعاون المشترك وتشارك المعلومات والخبرات في مجال مكافحة الإرهاب العالمي بشكلٍ عام، وتشكّك في مصداقية أمريكا والتزامها بالتحالفات، سواء على المدى التكتيكي قصير المدى، أم الإستراتيجي على المدى الطويل.
والأخطر من ذلك؛ أنّ حصيلة الغزو ستُعيد خطر الإرهاب، وتبعث تنظيم داعش من جديد في المنطقة، والنشاط في الخارج، خاصة في الساحات الأوروبية، التي ربما نجحت بعض الكوادر في التسلل إليها، باستغلال حالة المعارك والفوضى في المنطقة، خاصة إذا توسعت العملية العسكرية أكثر في العمق السوري.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية