الفلسطينيون يشدّون الرحال للأقصى لمواجهة إحياء ذكرى "خراب الهيكل"

الفلسطينيون يشدّون الرحال للأقصى لمواجهة إحياء ذكرى "خراب الهيكل"


14/07/2021

تستعدّ ما تسمى "جماعة طلاب لأجل الهيكل" المتطرفة، لإطلاق حملة تهويد للمسجد الأقصى المبارك، تحت عنوان "جبل الهيكل بأيدينا"، لتصعيد العدوان على المسجد واقتحامه، في 18 تموز (يوليو) الجاري، في ذكري ما يسمّى "خراب الهيكل" من خلال ما تؤمن به تلك الجماعات بأنّ الطريق نحو بناء الهيكل الثالث في مكان المسجد الأقصى تحتاج تصعيداً في الخطوات، حتى يصبح "الحلم حقيقةً"، بعد التخلص من المصليات الإسلاميّة وانتزاع المكان من أيدي الفلسطينيين.

وهيكل سليمان، هو أحد الأماكن المقدسة لدى اليهود، والذين يعتقدون أنّ المسيح سيعيد بناءه ولا يعرفون بالضبط أين موقعه، إذ يظنّ بعض اليهود أنّ موقعه مكان مسجد قبة الصخرة أو بجانبه.

ويصوم اليهود كلّ عام، في التاسع من آب (أغسطس)، بحسب السنة العبرية (وهي لا توافق التاسع من آب ميلادياً)، تخليداً لذكرى خراب الهيكل المزعوم، كما يصلّي المتشدّدوين منهم في منتصف الليل ويدعون الإله لتعجيل بناء الهيكل.

حملة تهويد للمسجد الأقصى المبارك تحت عنوان "جبل الهيكل بأيدينا"

وطالبت الجماعة المتطرفة بتنفيذ الحملة من تاريخ 26 وحتى 30 تموز (يوليو) الجاري، لجمع أكبر عدد ممكن من المستوطنين، وجمع التبرعات المالية لدعم برامج وطباعة المنشورات والبروشورات وتوزيع الكتيبات على المقتحمين، ونشر أفكار تهويد الأقصى.

ولدى "جماعات الهيكل" المتطرفة أربعة مواسم كبرى لاقتحام الأقصى، يتمثل الموسم الأول بعيد "الفصح العبري"، والثاني بذكرى "توحيد القدس"، والثالث بذكرى "خراب الهيكل" في الأيام القادمة، والرابع موسم الأعياد الطويل الذي يبدأ برأس السنة العبرية، مروراً بيوم "الغفران"، وينتهي بعيد "العرش"

وكان مرصد الأزهر لمكافحة التطرف قد أصدر تقريره الشهري حول الاقتحامات الصهيونية التي تتعرَّض لها ساحات المسجد الأقصى المبارك، ووفق التقرير؛ فإنّ 2.502 صهيونياً اقتحموا ساحات الأقصى خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، تحت حراسة أمنية مشددة من قِبَل شرطة الاحتلال.

الفلسطينينون يدعون للتصدي للهجمات والاقتحامات الصهيونية بتثبيت معادلة "الرباط مقابل العدوان"، وذلك من خلال شدّ الرحال للمسجد الأقصى من كافة المناطق الفلسطينية والداخل المحتل

كما سلّط تقرير مرصد الأزهر الضوء على نشاطات منظمات الهيكل الصهيوني المزعوم في الفترة الأخيرة، والانتشار الواسع على منصات التواصل؛ عبر إنشاء العشرات من الصفحات التي تحمل اسم الهيكل "المزعوم"، في محاولة لنشر الرواية الصهيونية المزيفة حول المسجد الأقصى وأحقية اليهود في إقامة الهيكل "المزعوم" على أنقاضه، في الوقت الذي تمارس فيه منصات وشركات التواصل تحيزاً واضحاً لصالح الرواية الصهيونية والتضييق الشديد على المحتوى الرقمي الفلسطيني.

وكان مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، عزام الخطيب، قد صرّح لتلفزيون فلسطين، في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2020؛ بأنّ أعداد المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى خلال عام 2020، بلغ 18526 مستوطناً بحماية شرطة الاحتلال المدججة بالسلاح ما حول المسجد إلى ثكنة عسكرية.

اقرأ أيضاً: من بينها 5 مغلقة.. تعرّف إلى أبواب المسجد الأقصى وسبب تسميتها

وفي مقابلة أجريت عام 2009 مع يهودا غليك، عضو الكنيست الإسرائيلي، لصالح مجلة توّزع بين شبيبة المستوطنين، والتي قال فيها: "دون الهيكل يبقى وجودنا افتراضياً.. إذا فهم الناس ذلك وأرادوا التفاعل عبر التعلّم، وعبر الوصول إلى جبل الهيكل، حينئذ فإنّ المطالبة ببناء الهيكل لن تأتي من اثنين أو ثلاثة أشخاص، إنما من جمهور كبير وعريض إلى درجة لن تستطيع معها دولة إسرائيل أن ترفض طلباً كهذا".

وللمسجد الأقصى 10 أبواب مفتوحة يدخل الفلسطينيون من جميعها عدا واحداً؛ باب المغاربة، الذي سيطرت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ على مفاتيحه بعد احتلال شرقيّ القدس عام 1967، ويعدّ الباب الأقرب إلى حائط البراق، والواقع في الزاوية الجنوبيّة الغربيّة للمسجد، ومنذ ذلك الحين، يُمنع الفلسطينيون من استخدام الباب أو الدخول من خلاله، في المقابل، خُصِّص الباب لدخول السيّاح الأجانب واقتحام المستوطنين، وكذلك لاقتحام أعداد كبيرة من شرطة الاحتلال.

إشعال حرب دينية

وحمل مدير المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عمر الكسواني، الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات اقتحام المستوطنين المتطرفين باحات المسجد الأقصى في ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل"، مؤكداً أنّ "الاحتلال يهدف إلى استفزاز مشاعر المقدسيين والفلسطينيين، من خلال السماح لمثل تلك الاقتحامات التي تتم بحماية كاملة من قبل شرطة الاحتلال والقوات الخاصة الصهيونية، لفرض وقائع جديدة على الأرض، وانتهاك حرمة المسجد".

عمر الكسواني

ويضيف الكسواني، لـ "حفريات": "الانتهاكات الصهيونية المستمرة بحق المسجد الأقصى والمدينة المقدسة تتم بقوة السلاح ولا شرعية لها، على اعتبار أنّ المسجد الأقصى هو ملك للمسلمين جميعاً، وليس خاصاً بالفلسطينيين وحدهم، كما أنّه لا يقبل القسمة أو الشراكة مع الاحتلال ومستوطنيه المتطرفين، والذين تزداد أعدادهم لانتهاك حرمة المسجد يوماً بعد يوم، لأداء الصلوات التلمودية".

اقرأ أيضاً: كيف ربط الرأي العام الغربي بين أسلمة آيا صوفيا وتهويد الأقصى؟

ولفت إلى أنّ "إدخال أحد المتطرفين اليهود للتوراة وأداء الصلوات للمرة الأولى في المسجد الأقصى، هي سابقة خطيرة تهدف إسرائيل من ورائها لإشعال فتيل حرب دينية، وهي خطوة مبرمجة وممنهجة اتّخذها الجانب الإسرائيلي في ظلّ حالة الترهل العربي والإسلامي الذي تشهده المنطقة، للاستفراد بالمسجد الأقصى والمقدسيين"، موضحاً أنّ "الاحتلال يمنع المسلمين والمصلين في كثير من الأحيان من الدخول للمسجد، عبر التضييق عليهم، وإبعاد العديد منهم عن الأقصى، واعتقال بعضهم، إضافة إلى انتهاكات جنود الاحتلال بحق المرابطين، والذين يأتون من القدس والأراضي المحتلة والضفة الغربية المحتلة للدفاع عن الأقصى، وكلّ ذلك بغرض تهديد هوية القدس وإسلاميتها وعروبتها".

الرباط مقابل العدوان

وأوضح الكسواني: "الحلّ الأمثل حالياً للتصدي للهجمات والاقتحامات الصهيونية هو بتثبيت معادلة "الرباط مقابل العدوان"، وذلك من خلال شدّ الرحال للمسجد الأقصى من كافة المناطق الفلسطينية والداخل المحتل، للتواجد داخله، حيث سبق أن أثبتت تلك المعادلة نجاعتها في صدّ العديد من هجمات المتطرفين، وكان لهذا الرباط دوراً في افشال المخططات الصهيونية".

المحلل السياسي الفلسطيني راسم عبيدات لـ"حفريات": الاقتحامات الصهيونية المتكررة تهدف إلى التقسيم المكاني للمسجد الأقصى، كما جرى قبل عدة سنوات مع المسجد الإبراهيمي بالخليل

وعن دور الأوقاف الإسلامية في القدس في التصدي لاقتحامات المتطرفين اليهود، بيّن الكسواني؛ أنّ "الأوقاف الإسلامية لها دور محوريّ ومهمّ في لجم هذه الاعتداءات من خلال حراس الأقصى، والذين يحاولون بكافة الطرق والوسائل منع هذه الاقتحامات وتوثيقها، وكذلك من خلال التواصل الدائم مع وزارة الأوقاف الأردنية لفضح ممارسات الاحتلال"، مشيراً إلى أنّ "حماية المسجد الأقصى هو واجب عقائدي لأكثر من مليار مسلم حول العالم، لصدّ الهجمة الصهيونية الذي يتعرض لها الأقصى بشكل متكرر ومتواصل".

تأييد الجماعات الاستيطانية

ويرى عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس والكاتب والمحلل السياسي، راسم عبيدات، لـ "حفريات"؛ أنّ "الاحتلال يسعى من وراء اقتحام المتطرفين الصهاينة للمسجد الأقصى المبارك لأن يكسب اليمين المتطرف في إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء الحالي نفتالي بينت، تأييد الجماعات الاستيطانية، لتحقيق حالة من الاستقرار السياسي، في حالة التأزم التي يشهدها الكيان حالياً، حتى تستطيع الحكومة الجديدة ممارسة أعمالها".

راسم عبيدات

وتابع: "الاقتحامات الصهيونية المتكررة تهدف إلى التقسيم المكاني للمسجد الأقصى، كما جرى قبل عدة سنوات مع المسجد الإبراهيمي بالخليل، في محاولة إسرائيلية للسيطرة على القسم الشرقي من المسجد في محيط مصلى باب الرحمة وحائط البراق، والذي يمثّل ثلث مساحة الأقصى، وكذلك إقامة ما يسمى "الهيكل المزعوم" في المسجد القبلي وأداء طقوس تلمودية من خلال تسارع عمليات اقتحام المتطرفين، والذين يقومون بأفعال مخلة بالآداب داخل المسجد".

وتابع عبيدات: "الاقتحامات المتصاعدة للمسجد الأقصى بدأت تتصاعد وتيرتها منذ اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أرائيل شارون، المسجد من باب المغاربة، في 28 أيلول (سبتمبر) 2000، لتستمرّ الاقتحامات ليس فقط من قبل الجماعات الصهيونية، بل امتدّت لاقتحام أعضاء من حزب الليكود الإسرائيلي، أمثال: يهودا غليك، وأمير أوحانا، وأعضاء الكنيست المتطرفين؛ إيتمار بن غفير وشولي موعلم، وغيرهم، للمسجد الأقصى، وهي اقتحامات سياسية وفكرية ودينية، بدعوى حقّ اليهود في 144 دونم، وهي مساحة المسجد الأقصى المبارك".

إفشال مخططات الاحتلال ومستوطنيه

ولفت عبيدات إلى أنّ "فشل دعوات جماعات الهيكل في اقتحام المسجد الأقصى في عيد ما يسمى "توحيد القدس" دفعها لمحاولة تحقيق إنجاز مزيّف من خلال اقتحام المسجد في ذكرى "خراب الهيكل"، ومن المتوقع أن تزداد تلك الاقتحامات خلال الأيام القليلة القادمة، وهو الأمر الذي يتطلّب تدخلاً واسعاً، تحديداً من قبل الحكومة الأردنية، التي يخضع المسجد الأقصى لوصايتها، وفق ما أكّدت عليه اتفاقية وادي عربة، بإشراف المملكة على المناطق المقدسة الإسلامية والمسيحية، للجم الاعتداءات الصهيونية، والضغط على الاحتلال لوقف تصعيده وانتهاكه بحق المدينة المقدسة والأقصى".

وأكّد الكاتب والمحلل السياسي المقدسي؛ أنّ "الاحتلال ومستوطنيه المتطرفين لن يستطيعوا تحقيق أيّ إنجاز على الأرض، في ظلّ حالة التماسك الوطنية التي تشهدها المدينة المقدسة، والعصيّة على الانكسار، تحديداً بعد الهبّات التي شهدتها المدينة المقدسة؛ كهبة باب الأسباط عام 2017، وهبة باب الرحمة عام 2019، وباب العامود عام 2021، والتي أفشلت مساعي الاحتلال في الاستمرار بمشاريعه التهويدية بحقّ القدس والأقصى".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية