القمم والتحديات المتصاعدة

القمم والتحديات المتصاعدة


02/06/2019

رضوان السيد

لا شكّ أنّ القمة الخليجية، والأخرى العربية، معنية بالدرجة الأولى بالتوتر المتصاعد مع إيران. أما القمة الإسلامية فهي أوسع نطاقاً، واهتمامات. لكن لا ينبغي أن يتوهم أحدٌ أنّ المشكلات العربية بالداخل، ومع المحيط، تنقسم أو تتباعد أو تنفصم علائقها بعضها ببعض.
لدينا ثلاثة أصنافٍ من التحديات التي ما عاد ممكناً تأخير حلها أو محاولة ذلك.
الصنف الأول: تحديات السنوات الأخيرة التي نشرت الاضطراب في عددٍ من الدول العربية. وآخر هذه الاضطرابات ما يجري في الجزائر والسودان. وإذا كان لإيران نصيبٌ وافرٌ في هذا الاضطراب في سوريا واليمن، فليس الأمر كذلك في ليبيا أو السودان. وبالطبع فإنّ هذه الاضطرابات تنزل أضراراً هائلةً بالإنسان والعمران في البلدان المعنية، لكنها في المحصلة خسارة تضاف إلى خسائر الأمة في الميزان الاستراتيجي، لأنها تتحول إلى عبءٍ على مجموع الدول العربية، وتجتذب التدخل الأجنبي لنصرة هذا الطرف أو ذاك. وفي السنوات الأخيرة حاولت دول الجامعة، ودول الخليج، التوسط في عددٍ من الأزمات، ولأنّ المعالجة العربية لم تنجح، فقد صارت هناك تدخلات وقرارات دولية، وبالتالي فإنّ الأزمات والاضطرابات امتدت وطال أمدها لتفاوت مصالح الدول الكبرى، بل وتناقضها أحياناً. والمطلوب الآن تجديد المحاولة أو المحاولات، كما تفعل بعض الدول العربية منذ مدة، مع العراق وغيره. ولا تبدو الأجواء واعدة، وبخاصةٍ أنّ الدول المتدخلة ليست على وفاقٍ فيما بينها بشأن الحل في سوريا أو اليمن أو ليبيا. بمعنى أنه في أروقة الأمم المتحدة وعلى الأرض، فإنّ هناك دولة عربية أو أكثر تشجع على الاضطراب في البلدان المعنية، بالتحالف مع جهات إقليمية أو دولية. كما أنّ هناك دولاً، وعن طريق دعم الميليشيات، تعمل على إطالة زمن السلاح المُعادي للدول بالداخل. وما نجحت الدول العربية أو الخليجية إلا في اليمن، وليس بمعنى أنها تدخلت هي نفسها لإنفاذ القرارات الدولية. وقد انكشف بالفعل أنه حتى الذين وافقوا على القرارات في مجلس الأمن، يظهرون دعمهم للحوثيين بدون حرج! ما هو المخرج من اضطراب الدول؟ في الأفق الآن المحاولة باليمن، والمحاولة بليبيا، والمحاولة بالسودان، والمحاولتان ذواتا الشكل المختلف في العراق ولبنان.
أما تحديات الصنف الثاني فتتمثل في قضية فلسطين، والتي يريد نتنياهو والأميركان إنهاءها الآن. ولا يجهر أحدٌ من العرب بالموافقة على صفقة ترامب، لكنّ الأميركيين شديدو الإلحاح، ومع الإلحاح التهديد. لذلك سُررتُ بما قاله الملك عبد الله الثاني لمبعوثي الرئيس الأميركي: حل الدولتين، وعدم نسيان المشكلات الأخرى المرتبطة بالقضية مثل وضع القدس واللاجئين والحدود والأمن. الأخطار تتهدد بعد الفلسطينيين الأردن ومصر، باعتبارهما الدولتين الأكثر اندماجاً مع القضية الفلسطينية وتأثراً بها. ولذا يُنتظر بعد القمة الإسلامية، وبعد رمضان، أن يكون هناك تشاور عربي فيما ينبغي العمل لمواجهة مشروع ترامب. هناك من يقول: لا ينبغي أن ترفض كل شيء، فلننظر في القسم الاقتصادي بالبحرين على الأقلّ آخر الشهر القادم. وهناك من لا يقبل الدخول في جزءٍ من الصفقة!
ولدينا أولاً وآخِراً التحدي الإيراني، وهو قسمان: تحدٍ عسكري في مضيق هرمز والبحر الأحمر وباب المندب وأجواء الخليج، لعرقلة تصدير النفط إذا كانت إيران لا تستطيع تصدير نفطها! والقسم الآخر هذا الاختراق بالميليشيات المسلَّحة للدول من أجل الزعزعة والهدم سياسياً وطائفياً. وهذا التحدي في قسمه الأول هو ما تريد المملكة مواجهته الآن ومعها عدة دولٍ بالخليج وخارجه. فأياً تكن العلاقة بين أميركا وإيران، لا بد أن تستطيع الدول الخليجية حماية أمنها ومستقبلها من إيران وغير إيران. وفي هذا الصدد فإنّ القوى الذاتية حاسمة، دون أن يعني ذلك عدم الاهتمام بالدبلوماسية العربية والإسلامية. لقد جرت عدة محاولات من قبل لمجابهة الأخطار، ومن الضروري الوصول إلى هذه الجبهة التي تدعم دول الخليج في مساعيها لصون أمنها في البحر والبر والجو. وأمن دول الخليج هو أمن سائر العرب بالمشرق.

عن "الاتحاد" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية