الليرة التركية تتهاوى... هل بدأ العد التنازلي الأخير؟

الليرة التركية تتهاوى... هل بدأ العد التنازلي الأخير؟

الليرة التركية تتهاوى... هل بدأ العد التنازلي الأخير؟


27/05/2023

بينما تتجه الأنظار إلى جولة الانتخابات التركية الثانية التي تُجرى غداً الأحد لاختيار الرئيس الـ (13) لتركيا، سجلت الليرة التركية مستوى قياسياً منخفضاً، إذ يبدو أنّها تفقد جاذبيتها بشكل متزايد بالنسبة إلى المستثمرين القلقين ممّا ستؤول إليه الأوضاع إذا بقي  رجب طيب أردوغان على رأس السلطة.

وأدت السياسات غير التقليدية التي دعا إليها الرئيس البالغ من العمر (69) عاماً بهدف تحقيق النمو، إلى هبوط قيمة الليرة بنسبة 80% على مدى الأعوام الـ (5) الماضية، وتكريس مشكلة التضخم وانهيار ثقة الأتراك في عملتهم، وفقاً لـ (رويترز).

ولعبت السلطات منذ أزمة 2021 المؤلمة دوراً عملياً متزايداً في أسواق الصرف الأجنبي، لدرجة أنّ بعض خبراء الاقتصاد صاروا الآن يناقشون علناً ما إذا كان ما يزال من الممكن اعتبار أنّ الليرة قد جرى تعويمها بشكل حر.

يبدو أنّها تفقد جاذبيتها بشكل متزايد بالنسبة إلى المستثمرين القلقين ممّا ستؤول إليه الأوضاع إذا بقي رجب طيب أردوغان على رأس السلطة

وأصبحت تحركات الليرة اليومية صغيرة بشكل غير طبيعي، وتتجه في الغالب إلى اتجاه واحد هو التراجع.

وصارت شركات التصدير ملزمة الآن ببيع 40% من عائدات النقد الأجنبي للبنك المركزي، في حين أنّ خطة حماية الودائع المصرفية من تقلبات سعر الصرف، والتي ساعدت في القضاء على اضطرابات عام 2021، ما تزال حائط دفاع حاسماً رغم احتمال أن يكون باهظ التكلفة.

وقال بول مكنامارا مدير ديون الأسواق الناشئة لدى (جي.إيه.أم) لإدارة الأصول: "الشيء الأساسي هو الإبقاء على (قيمة) الليرة بشكل مصطنع".

هذا، ووضع المودعون نحو (33) مليار دولار في حسابات مصرفية محمية بموجب الخطة في الشهرين الماضيين ليصل المجموع إلى (121) مليار دولار، أي ما يقرب من ربع الودائع التركية بأكملها.

ومن جانبه، قال مكنامارا: "بشكل أساسي، من المستحيل إيجاد حل سهل وجيد لكل ذلك".

وقالت مصادر مطلعة بالحكومة، تحدثت لـ (رويترز) في الأيام الماضية: إنّ خلافاً يدور حالياً حول التمسك بالاستراتيجية الاقتصادية الحالية التي تعطي الأولوية لأسعار الفائدة المنخفضة أو التحول إلى سياسات تقليدية بدرجة أكبر بعد الانتخابات.

وحدَّت الإدارة الوثيقة لليرة من انخفاضها إلى ما يزيد قليلاً على 2% منذ الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية قبل أسبوعين، لكن أشارت أسواق رئيسية أخرى إلى مخاوف قوية من أنّ أردوغان لن يغير مساره.

أدت السياسات غير التقليدية التي دعا إليها الرئيس البالغ من العمر (69) عاماً إلى هبوط قيمة الليرة بنسبة 80% على مدى الأعوام الـ (5) الماضية

وارتفعت تكلفة تأمين ديون تركيا ضد التخلف عن السداد 40%، وهبطت السندات الدولية بما تراوح بين 10% و15%، وسجلت مقاييس التقلبات الرئيسية في سوق العملات الأجنبية على مدى عام واحد مقبل أو يزيد مستويات قياسية مرتفعة.

ويقول دارون عاصم أوغلو، الأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: إنّ المشكلة تكمن في مزيج السياسات واحتياطيات العملات الأجنبية والذهب المتضائلة، وأضاف عاصم أوغلو: "أنا مقتنع بأنّ ما لدينا الآن لا يمكن أن يستمر".

وتساءل قائلاً: "حسابات الليرة المحمية بالدولار، هل هي ذات مصداقية؟"، مشيراً إلى تكلفتها المحتملة على الحكومة في حالة حدوث أزمة كاملة، وحقيقة أنّ أسعار الصرف الموازية تُعرض الآن على نطاق واسع في الأسواق التركية بسبب الطلب على الدولار.

وأضاف: "إنّنا نعود إلى التسعينيات"، في إشارة إلى مرحلة سبقت واحدة من أشد أزمات تركيا، والتي بلغت ذروتها في هبوط حاد لقيمة العملة في عام 2001.

وتتجه الأنظار الآن إلى احتياطيات العملات الأجنبية والليرة مع تجاوزها مستوى (20) مقابل الدولار، وهي أحدث محطة رئيسية في رحلة هبوطها الطويلة، بحسب (رويترز).

وقال عاصم أوغلو إنّه من الصعب التكهن بما إن كانت ستحدث أزمة أو توقيت حدوثها. ومن المتوقع أن يعزز الموسم السياحي القوي الاحتياطيات مرة أخرى على المدى القصير، كما أنّ خزائن الدولة تلقت في الآونة الأخيرة تدفقات من دول خليجية "صديقة" وروسيا أيضاً.

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات، توقع محللون لدى جيه.بي مورغان أن تنخفض الليرة إلى مستوى (30) مقابل الدولار دون تحول واضح نحو سياسات تقليدية.

أصبحت تحركات الليرة اليومية صغيرة بشكل غير طبيعي، وتتجه في الغالب إلى اتجاه واحد هو التراجع

ويشعر بعض المستثمرين بالقلق من أنّه إذا تعافت السوق مرة أخرى، فقد تلجأ السلطات إلى المزيد من ضوابط رأس المال الصارمة، وهو أمر قالت الحكومة مراراً إنّها لا تدرسه بينما تسعى لسد فجوة التمويل الخارجي البالغة (230) مليار دولار، أو 25% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

واعتمدت الحكومة لأعوام على أسواق الإقراض الدولية بالليرة، لدرجة أنّ بيانات بنك إنكلترا المركزي تظهر أنّ التداول في المراكز الرئيسية مثل لندن قد تقلص إلى أقل من (10) مليارات دولار في اليوم بالمتوسط، من (56) مليار دولار في عام 2018.

وأدى الخلل المتزايد في سوق العملات إلى انحسار التفاؤل الذي جلب في السابق العديد من الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية