النهضة تحاول التخلص من إرث الغنوشي... هل يعيدها المؤتمر الـ ( 11) إلى المشهد السياسي؟

النهضة تحاول التخلص من إرث الغنوشي... هل يعيدها المؤتمر الـ ( 11) إلى المشهد السياسي؟

النهضة تحاول التخلص من إرث الغنوشي... هل يعيدها المؤتمر الـ ( 11) إلى المشهد السياسي؟


06/08/2023

في غياب زعيمها راشد الغنوشي المعتقل منذ ما يزيد عن (100) يوم بتهم "التآمر على أمن الدولة"، و"التسفير إلى بؤر التوتر"، تستعد حركة النهضة الإسلامية، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان بتونس، لعقد مؤتمرها الـ (11) الذي تأخر لأعوام؛ بسبب صراع المواقع داخلها، في محاولة من الغنوشي للحفاظ على منصبه برغم استمراره في زعامة الحركة لـ (40) عاماً متتالية.

يأتي هذا المؤتمر في وقت تداعت فيه الأعمدة التي كانت ترفع بيت إخوان تونس، وانفضّ الجميع من حولهم، بمن فيهم مؤسسون بارزون وحلفاء، أضفوا في بعض الأوقات بعض المشروعية السياسية والشعبية على حركة النهضة، الجناح السياسي للتنظيم، ولم يتبقَّ من الإخوان وحلفائهم من الأحزاب التي شكلت يوماً حزاماً خدم مصالح هذا التنظيم، طيلة المرحلة السابقة، سوى الهيكل فقط، فنصفهم في السجون لجرائم ارتكبوها، ونصف آخر في المنافي الاختيارية هرباً من المحاسبة.

المؤتمر يواجه مشاكل قبل انطلاق أشغاله

وأعلنت الحركة الخميس عن تنظيم مؤتمرها الانتخابي الـ (11) في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، داعية أعضاءها وقواعدها إلى "المشاركة الواسعة في هذه المحطة السياسية المهمة".

وذكرت أوساط مقربة من الحركة أنّ تحديد موعد المؤتمر لقي معارضة من المحسوبين على القيادة الحالية الذين طالبوا باستمرار التأجيل إلى حين خروج زعيم الحركة راشد الغنوشي ومساعديه من السجن، بينما أصر شقٌّ من الحركة، وخاصة من العناصر الشابة، على تحديد موعد ثابت لعقد المؤتمر.

وفي أولى المفاجآت أعلن أسامة بن سالم السبت استقالته من رئاسة لجنة الإعداد المادي للمؤتمر، بحسب ما أكده في تدوينة له عبر صفحته الرسمية على (فيسبوك)، ولم يذكر أسباب استقالته من مسؤوليته على رأس لجنة الإعداد المادي.

تستعد حركة النهضة لعقد مؤتمرها الـ (11) الذي تأخر لأعوام

وذكرت أوساط مقربة من الحركة أنّ تحديد موعد المؤتمر لقي معارضة من المحسوبين على القيادة الحالية الذين طالبوا باستمرار التأجيل إلى حين خروج زعيم الحركة راشد الغنوشي ومساعديه من السجن، بينما أصر شقٌّ من الحركة، وخاصة من العناصر الشابة، على تحديد موعد ثابت لعقد المؤتمر.

تحديد موعد المؤتمر لقي معارضة من المحسوبين على القيادة الحالية الذين طالبوا باستمرار التأجيل إلى حين خروج زعيم الحركة راشد الغنوشي

وكشفت نقاشات لأنصار الحركة على مواقع التواصل الاجتماعي، رصدتها صحيفة (العرب)، اتجاهاً لتحميل القيادة السابقة مسؤولية الأزمة الحالية مع السلطة، خاصة مبادرتها إلى اتخاذ موقف صدامي مع الرئيس قيس سعيد قبل إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021 وبعدها، في وقت كان يفترض أن تتعامل فيه (النهضة) مع الرئيس بصفته الجهة الأكثر شرعية بمقياس القاعدة الشعبية التي عكستها انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) 2019.

المؤتمر الـ (11) لعنة تلاحق حركة النهضة

تمحورت الخلافات طيلة الفترة الماضية داخل حركة (النهضة) حول المؤتمر الـ (11) الذي تم تأجيله عدة مرات تحت ذرائع مختلفة، وسط غضب داخلي على الغنوشي، إذ هناك من يرى أنّه يسعى للتمديد في قيادة الحزب، وهو ما نفاه الرجل.

ويمنع الفصل الـ (31) من النظام الداخلي للحركة الغنوشي من الترشح مجدداً لرئاستها، والأرجح أنّه كان الدافع وراء تأجيل مؤتمر الحزب مرات عدة في محاولة لتعديل الفصل المذكور.

وتجمع التحاليل السياسية على أنّ عدم عقد النهضة مؤتمرها الـ (11) بموعده أضعفها وأضعف صفوفها، وتسبب في كثير من الانشقاقات داخلها واستقالات وازنة، إذ لم يتوقف نزيف الاستقالات في الحركة منذ أعوام بعد تعثر إجراء المؤتمر، وسط مطالبات للغنوشي بضرورة الانسحاب من قيادته، لكنّه لم يقم بذلك إلى حين توقيفه.

يرى سياسيون أنّ المؤتمر سيمكّن الحركة من التخلص من الزعامة القديمة التي قيدت الحركة وقادتها إلى فشل سياسي ذريع

وقد شهدت الحركة استقالة (113) عضواً من بينهم وزراء ونواب برلمانيون سابقون في أيلول (سبتمبر) 2021، على وقع خلافات متأججة مع راشد الغنوشي قادها جناح معارض له بشدة داخل الحزب بقيادة وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، الذي أعلن إثر انسحابه من (النهضة) عن تأسيس حزب جديد، لكنّه ظل قريباً بشكل كبير من الحركة من خلال الانخراط في جبهة الخلاص الوطني التي ينظر إليها على أنّها ذراع لـ (النهضة).

ومن أبرز قيادات (النهضة) التي تم إيقافها خلال الآونة الأخيرة رئيسها راشد الغنوشي؛ بسبب تصريحات رأت فيها السلطات "تهديداً بالحرب الأهلية"، ونور الدين البحيري الذي شغل في السابق منصب وزير العدل، وعلي العريض (وزير داخلية سابق)، وغيرهم.

دلالات عقد المؤتمر

ويُعدّ تنظيم المؤتمر الـ (11) للنهضة، المؤجل عن موعده الرسمي، أكبر تحدٍّ أمام رئيس حركة النهضة بالإنابة، منذر الونيسي، والقيادة المركزية للحزب، بينما يرى سياسيون أنّه سيمكّن الحركة من التخلص من الزعامة القديمة التي قيدت الحركة، وقادتها إلى فشل سياسي ذريع.

وتذهب بعض القراءات إلى أنّ الحركة تحاول التخلّص من أعباء الماضي مستغلة غياب الغنوشي في السجن، لنفخ روح جديدة ربّما تمكنها من العودة مجدّداً إلى المشهد السياسي، برغم أنّ ذلك صار شبه مستحيل، بعد الكشف عن كل ممارساتها خلال العشرية الماضية.

يأتي ذلك في وقت تشهد فيه تونس تحركات برلمانية حثيثة لتصنيف الحركة على لوائح الإرهاب، وقد كشفت النائبة بمجلس الشعب فاطمة المسدي أنّ هذه اللائحة تهدف إلى تصنيف حركة النهضة إرهابية، والمطالبة بحلها، على خلفية شبهات تمويلات أجنبية وتورطها في الاغتيالات السياسية"، وهي أفعال يجرمها القانون، وفق تعبيرها.

وأكدت أنّ هذه اللائحة السياسية تضمنت تأكيد ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الشعب طيلة العشرية الأخيرة، والعمل على تحقيق المفهوم الصحيح للسيادة باسترجاع المؤسسات الوطنية من الاختراقات التي دأبت عليها حركة النهضة، ودعت اللائحة المؤسسات الوطنية وبينها البرلمان إلى الانخراط في هذا التوجه.

 

مواضيع ذات صلة:

لماذا يسعى الاتحاد التونسي للشغل لفتح قنوات حوار مع الحكومة؟

إيقاف الغنوشي.. للإخوان تاريخ طويل من التحريض على أمن الدولة في تونس

انحاز للفئات التونسية الفقيرة... ما تداعيات رفض سعيد لشروط النقد الدولي؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية