الهدنة "تقاوم" خروقات الميليشيات الحوثية

الهدنة "تقاوم" خروقات الميليشيات الحوثية

الهدنة "تقاوم" خروقات الميليشيات الحوثية


04/04/2023

أحمد إسكندر

بعد مرور عام على إعلان الهدنة الأممية في اليمن، ثمة مؤشرات على استمرارها، رغم خروقات ميليشيات الحوثي في مأرب وغيرها، وتصعيدها في هذه الجبهة والذي يصل إلى مستوى العمليات العسكرية التي كانت قبل إعلان الهدنة العام الماضي.

ولم يختلف شكل المواجهات العسكرية كثيراً عن المشاهد الأخيرة قبل الهدنة وفي مواجهات سابقة، حيث أن احتدام المعارك على محور لا يعني استجابة بقية المحاور لفتح النار من جهتها، فمكونات الحكومة الشرعية لا تزال تعاني من عدم وجود غرفة عمليات موحدة تنسق العمليات القتالية لقواتها على الجبهات، فيما تبدو الآراء المقيّمة للوضع شديدة التضارب، ففي حين يرى البعض أنها كانت بادرة جيدة للعودة نحو الحلول الدبلوماسية والسياسية للحرب، يرى آخرون أن الهدنة لم تقدم شيئاً يذكر لليمنيين بل عززت قوة الميليشيات التي لم تلتزم بوقف إطلاق النار.

نقطة حرجة

وذكرت صحيفة "العرب" اللندنية أن مرور عام على الهدنة في ظل مؤشرات على وصول الجهود الدولية لتمديد الهدنة التي انتهت في أكتوبر(تشرين الأول) من العام الماضي إلى "نقطة حرجة"، بالتوازي مع تصعيد عسكري وسياسي لميليشيات الحوثي يهدف لفرض واقع جديد على الأرض بعيداً عن استحقاقات السلام وشروط الهدنة الهشة.

وأشارت الصحيفة إلى أن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ وصف الهدنة بأنها مثلت "لحظة من الأمل لكونها انفراجه نادرة في دورة من العنف والتصعيد استمرت دون انقطاع تقريباً على مدى 8 سنوات، وعلى الرغم من انتهاء مدة الاتفاق، إلا أن الهدنة مازالت قائمة إلى حد كبير، ويستمر تنفيذ الكثير من بنودها، إلا أن أهم ما بشرت به الهدنة هو تعزيزها لفرصة إطلاق عملية سياسية جامعة تهدف إلى إنهاء النزاع بشكل شامل ومستدام".

لم تلتزم ميليشيات الحوثي بوقف شامل لإطلاق النار لكنها انحنت للرغبة الدولية في التهدئة خاصة مع اتجاه البوصلة الدولية إلى أوكرانيا والقلق المتصاعد تجاه نشوب أي تصعيد من شأنه التأثير على أسعار الطاقة حول العالم كما يدرك اليمنيون كيفية تعامل الميليشيات الحوثية مع الهدن، فتوسُّعها على امتداد الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها لم يأت سوى عبر الاتفاقيات السياسية والهدن العسكرية دون وجود قتال حقيقي إلا فيما ندر.

الاتفاق السعودي الإيراني

مع التصعيد الأخير لم يتبقّ من الهدنة سوى بعض الآمال في أن ينعكس الاتفاق السعودي - الايراني إيجاباً على الملف اليمني كون إيران التزمت بالتخلّي عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، وترجمة ذلك بوقف الميليشيات الحوثية بالسلاح وفق ضمانات صينية، لكن الولايات المتحدة تحاول قول غير ذلك حيث تؤكد إحباطها لعدة محاولات لتهريب السلاح الإيراني إلى ذراعها الحوثي أكثر من مرة”.

وتشير أوساط يمينة إلى الهدنة كانت ومازالت من طرف واحد هو الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً حيث استغلتها الميليشيات الحوثيةكعادتها وكنوع من تكتيكها الخاص الذي تستخدمه منذ 20 عاماً، وفقاً لسياسة الحروب المتقطعة، حيث تقبل بالهدنة عندما تكون في رمقها الأخير عسكرياً وفي حالة ضعف وإنهاك شديدين وتحتاج إلى إعادة جاهزيتها من جديد لخوض جولة صراع جديدة. أي أن الهدنة بالنسبة إلى ميليشيات الحوثي جزء من إستراتيجية الحرب لا غير”.

كما لوحظ خلال الهدنة الآلاف من الخروقات بل إنها وصلت إلى مرحلة التصعيد العسكري وخوض معارك مكتملة الأركان في كل الجبهات ونجحت الميليشيات الحوثية في قضم بعض الأجزاء من الأرض في مأرب وشبوة مؤخراً، إضافة إلى استغلال الحوثي للهدنة في إقامة 6 عروض عسكرية ومناورة في الحدود السعودية واستمر في الحشد والتعبئة وتعزيز الجبهات.

سياسياً

اختارت الولايات المتحدة الملف اليمني لاستعادة ثقة الأطراف الخليجية في سياساتها كونه يعتبر حساساً لتلك الدول وخاصة السعودية فيما يعتقد ان الاتفاق بين طهران والرياض لاستئناف العلاقات سيساهم بشكل أو بآخر في الجهود الأمريكية والأممية لإيجاد تسويات في اليمن، وبحسب مراقبين تسعى الولايات المتحدة لإنقاذ دبلوماسيتها المهتزة في منطقة الخليج من خلال الملف اليمني بعد أن أدارت ظهرها للرياض التي تعرضت لهجمات من قبل الميليشيات الحوثية خلال السنوات الماضية دون تحرك قوي من واشنطن.

في هذه الأثناء أفادت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أن"المبعوث الأمريكي بدأ سفره، الثلاثاء، إلى السعودية وسلطنة عُمان لمواصلة الجهود الأمريكية المكثفة للبناء على الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي جلبت ما يقرب عاماً من الهدوء إلى اليمن".

وأكدت الخارجية الأمريكية أن الهدنة وفترة الهدوء التي أعقبت ذلك من خلال الدبلوماسية الأمريكية منذ عام 2021 أنقذت آلاف الأرواح، وقدمت إغاثة ملموسة لملايين اليمنيين، وخلقت أفضل فرصة للسلام في اليمن منذ سنوات ومن المؤكد أن ليندركينغ سيبحث وفق البيان مع جميع الأطراف اغتنام هذه الفرصة للتوصل إلى اتفاق جديد، والتحرك نحو عملية سياسية شاملة بقيادة يمنية، تحت رعاية الأمم المتحدة.

رغم أن المشهد العسكري اليوم يشبه ما كانت عليه الحرب في مديريات مأرب قبل إعلان الهدنة إلا أن المستغرب أن الحكومة المعترف بها دولياً لم تعلن عن موقف سياسي من التطورات العسكرية بالتوازي مع أن قواتها تتعامل مع هذه التطورات وكأنها ما تزال في وضع هدنة رغم رفض الحوثيين تمديد الهدنة منذ 6 أشهر وهذا الوضع يعيد عملياً المعارك إلى الأرض دون الاعتراف بحالة الحرب ودون الإقرار بتمديد الهدنة وهو ما يعطي ميليشيات الحوثي امتياز وضعية الهجوم دون أن تواجه أيّ ردة فعل مقابلة باستثناء محاولات صد هجماتها وهو ما يحمل قبائل مأرب والقوات المتصدية للهجمات الحوثية عبئاً وتضحيات أكبر مما يفترض نظير الوضع غير الصريح للشرعية سياسياً وعسكرياً.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية