بعد إصابة طالب بالشلل... ما قصة تحديات "تيك توك" القاتلة في مصر؟

بعد إصابة طالب بالشلل... ما قصة تحديات "تيك توك" القاتلة في مصر؟

بعد إصابة طالب بالشلل... ما قصة تحديات "تيك توك" القاتلة في مصر؟


12/12/2022

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية بقصة الطالب المصري أحمد خالد، الذي أصيب بشلل رباعي نتج عن كسر فقرات بالظهر، بعد مشاركته في تحدٍّ عبر  منصة الفيديوهات القصيرة "تيك توك"، فيما عُرف باسم "تحدي الموت"، لأنّه يجبر المشاركين فيه على تأدية بعض الحركات والقفزات وتنفيذ بعض الأوامر بالغة الخطورة التي قد تؤدي إلى الموت.

الدكتور بيشوي نبيل أخصائي جراحة العظام والمفاصل، وصف حالة الطفل بأنّها "أسوأ حادث" مرّ به خلال مسيرته المهنية، وطالب الآباء والأمهات بضرورة الانتباه والحذر من مثل هذه الألعاب الخطيرة التي تعرّض حياة الأبناء للموت.

وفي منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قال نبيل: "طفل عمره (13) عاماً وصل إلى المستشفى فاقد القدرة على التحرك، وبعد الفحص تبين أنّه أصيب بالشلل، والسبب أنّه كان يلعب لعبة "تريند" جديدة مع أصحابه على "تيك توك".

وحول تفاصيل حالة الطفل قال: إنّه أصيب بكسر في الفقرات العنقية تسببت في ضغط شديد على النخاع الشوكي، مرجحاً عدم تحسن حالة الطفل في القريب العاجل.

وطالب الطبيب المصري الأهل بتوخي الحذر تجاه كافة "ألعاب الموت" المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أنّ الذي وصل إليه الطفل أحمد خالد لا يمكن تخيله أو استيعابه، وكل ذلك حدث بسبب "لعبة".

ما هو تحدي الموت الجديد؟

التحدي الجديد المنتشر بين طلاب المدارس في مصر، وتبثه منصة "تيك توك" من خلال ملايين الفيديوهات يومياً، اسمه "إرمِ صاحبك"، حيث يقف الطفل وسط مجموعة من أصدقائه، يلتفون في دائرة، ويقومون برميه إلى أعلى في الفضاء، ويتركونه يقع أرضاً بهدف معرفة مدى قوة تحمله.

وهو ما حدث بالضبط مع الطالب المصري أحمد خالد، وهو بطل الجمهورية بلعبة الجودو بنادي العبور، فقد قام أصدقاؤه بقذفه إلى أعلى ضمن اللعبة، لكنّه لم يتحمل السقوط بقوة على الأرض الصلبة، وأصيب بتلك المضاعفات الخطيرة.

ليس الأوّل

تحدي "إرمِ صاحبك" ليس الوحيد المنتشر في المدارس المصرية، بل هناك عدد من تحديات "تيك توك" منتشرة بشكل واسع بين بعض طلاب المدارس، بحسب ما أوردته "العربية" كـ "لعبة الشياطين"، أو "لعبة تشارلي"، التي تحكم على الطلاب بقطع الشرايين، وهي أشبه بألعاب التواصل الروحاني مثل "ويجا"، وتُعتبر أحد الطقوس المكسيكية التقليدية القديمة، ويقال إنّ اللاعبين، ويكونون عادة من الأطفال أو المراهقين، يتواصلون مع روح طفل يدعى "تشارلي" لاستدعائه ثم سؤاله، وإجابته تكون بـ "لا" أو بـ "نعم".

وتقوم اللعبة على وضع قلم رصاص فوق الآخر على قطعة ورقة مكتوب عليها "نعم...لا"، ويحيط بهما مربع مقسّم إلى (4) أقسام ومكتوب في كل جزء عبارة (yes وno) موزعة بالتساوي.

موافي: يتوجب على الأهل مراقبة تصرفات الأبناء، خاصة الأطفال، بشكل دقيق، ومتابعة البرامج التي يشاهدونها عبر مختلف وسائل التواصل، ومناقشتهم في المحتوى الذي تقدمه تلك البرامج

هذا فضلاً عن "تحدي كتم الأنفاس" أو "تحدي الموت" الذي غزا المدارس قبل أشهر، والذي يتم بتسجيل الشخص من خلال حسابه عبر "تيك توك"، ثم يطلب من اللاعب تعتيم الغرفة، ومن هنا جاء مصطلح تحدي التعتيم أو"Blackout challenge"، وبعدها يسجل المشارك مشاهد للحظات كتم النفس، بحجة أنّهم سيشعرون بأحاسيس مختلفة، وأنّهم سيخوضون تجربة لا مثيل لها.

🎞

وقد تسبب هذا التحدي في عدد من الوفيات في الدول الأوروبية والعربية، حيث أدى كتم التنفس المُتعمد إلى اختناق عدد من المشاركين في اللعبة وموتهم.

وكان الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية قد أصدرا عدة تحذيرات بشأن انتشار تلك الألعاب القاتلة، واعتبروا أنّها "حرام شرعاً"، لأنّها تعرّض النفس للهلاك.

وقال الأزهر في بيان سابق تعليقاً على انتشار لعبة "كتم الأنفاس": إنّ أضرار هذه الألعاب والتطبيقات التي لم تتوقف عند العبث بالمعتقدات، ومحاولة هدم العديد من القيم والأخلاقيات، وإنّما امتدت لتشمل إهلاك النفس والدعوة إلى الموت وإزهاق الروح".

ما دوافع مشاركة الأطفال في هذه التحديات الخطيرة؟

أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان أحمد موافي يصف في تصريح لـ "حفريات" كافة الألعاب من هذا النوع بأنّها في غاية الخطورة؛ لأنّها تعمل على توظيف الدوافع النفسية لدى الأطفال والشباب للتجارب الجديدة والمغامرة في ممارسة أفعال تعرّض حياتهم للخطر، والغرض الأول منها هو تحقيق الربح المادي من خلال تحقيق أعلى نسب للمشاهدة عبر المنصات التي تطرحها.

ينصح الأخصائي النفسي أحمد موافي بضرورة الاستغناء عن الساعات الطويلة التي يقضيها الشباب عبر الإنترنت

ويقول موافي: إنّ العديد من الدوافع النفسية قد تحفز الشباب والأطفال لممارسة هذا النوع الخطير من الألعاب؛ تتفاوت بين الرغبة في التسلية، وإثبات القدرة على الصمود والشجاعة بين الأصدقاء، وأيضاً الرغبة في تحقيق التميز بين الزملاء، وتصل في بعض الأحيان إلى إدمان هذا النوع من الألعاب، والمداومة على لعبه باستمرار كنوع من أنواع التعود القاتل عليه.

ويشير موافي إلى أنّ القائمين على تصميم هذه الألعاب يتبعون عدداً من الأساليب النفسية العلمية للسيطرة على الشباب والأطفال وتوجيههم لتنفيذ الأوامر دون مناقشة أو تفكير، حتى لو كانت تعرّض حياتهم للخطر، وفي العادة تبدأ اللعبة بتعليمات بسيطة ومقبولة، وبالتدريج تصعب المهام وصولاً إلى الإيذاء الجسدي أو الانتحار في بعض الحالات.

علاج وقائي

ينصح الدكتور أحمد موافي الأهل بضرورة مراقبة تصرفات الأبناء، خاصة الأطفال، بشكل دقيق، ومتابعة البرامج التي يشاهدونها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ومناقشتهم في المحتوى الذي تقدمه تلك البرامج.

وكذلك عدم ترك الأبناء فريسة سهلة لتلك البرامج التي تستهدف قتلهم، وهدم قيم الأسرة والمجتمع، مقابل زيادة نسبة المشاهدات وتحقيق الربح المادي فقط.

أخصائي نفسي: العديد من الدوافع النفسية قد تحفز الشباب والأطفال على ممارسة هذا النوع الخطير من الألعاب؛ تتفاوت بين الرغبة في التسلية، وإثبات القدرة على الصمود والشجاعة بين الأصدقاء

وعدم التعامل مع الهواتف باعتبارها مساحة آمنة للتسلية أو الترفيه فحسب؛ بل هي نافذة على العالم يمكن أن تمرر الأفكار السلبية، كما يمكن الاستفادة منها في تنمية الثقافة ومهارات التعلم.

وينصح موافي بضرورة الاستغناء عن الساعات الطويلة التي يقضيها الشباب عبر الإنترنت، بالأنشطة الاجتماعية المفيدة مثل اللقاءات الأسرية أو ممارسة الرياضة، والبحث عن هوايات الأطفال منذ الصغر وتنميتها بشكل فعال، وحثهم على ممارسة الرياضة بشكل يومي لتفريغ الطاقة.

ويؤكد على ضرورة إيجاد علاقة من الصداقة والشراكة بين الأهل والأبناء، تسمح للصغار بمصارحتهم إذا تعرضوا لأيّ محاولة ابتزاز عبر الإنترنت، ويجب على الأهل أيضاً التدخل الفوري لمساعدة الأبناء في حل أيّ مشكلة قد تواجههم من هذا النوع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية