بعد مقتل زعيم داعش.. من يخلف أبو إبراهيم الهاشمي؟

نفذت القوات الأمريكية في مدينة أطما في إدلب شمال غربي سوريا منذ أيام عملية أدت إلى مقتل زعيم تنظيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي، أمير محمد سعيد عبد الرحمن محمد المولى، المكني باسم الحاج عبد الله قرداش.

أدت العملية إلى هدم المبنى المؤلف من 3 طوابق الموجود فيه قائد التنظيم وزوجتاه وأولاده، والذين قتلوا جميعاً ما عدا طفلين، جراء التفجير الانتحاري الذي قام به الهاشمي حتى لا يتم إلقاء القبض عليه.

اقرأ أيضاً: المرصد السوري: بعض سجناء داعش الفارين من سجن غويران وصلوا إلى تركيا

تقول المعلومات المتواترة المؤكدة أنّ الهاشمي، الذي خلف أبو بكر البغدادي في قيادة داعش، كان القاضي الرئيسي للتنظيم، وكان يترأس المحاكم الشرعية داخله، وترأس اللجنة المفوضة قبل أن يتولى القيادة، وهو عراقي من أصل تركماني، ولد في قضاء تلعفر على الأرجح العام 1976، وكان ضابطاً في الجيش العراقي في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وتخرج من كلية الشريعة في الموصل، قبل أن ينضم إلى تنظيم القاعدة بعد حرب الخليج الثانية، وبعدها تم القبض عليه، والتقى بالبغدادي في سجن بوكا الأمريكي في العراق في العام 2004، بحسب ما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست".

وفي تحقيق لها تنقل هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن رائد عراقي اسمه عمر أنّ الزعيم المقتول كان يدير أغلب أمور "دولة داعش" حتى قبل مقتل أبو بكر البغدادي، وهو معروف في أوساط التنظيم على أنّه صاحب فكر ودراية كاملة بعناصر التنظيم، على اعتبار أنّه بدأ العمل معهم منذ العام 2003-2004، وأنّه بالإضافة لذلك كان يشرف على "ديوان الجند" والدواوين الأربعة عشر الأخرى.

من هو الهاشمي؟

اسمه الحقيقي هو أمير محمد سعيد عبد الرحمن مولى، ويحمل عدة أسماء مستعارة، ويُكنى إلى جانب "الهاشمي الهاشمي" بــ"عبد الله قرداش" و"حجي عبد الله" و"أستاذ أحمد".

يقول المنشق الداعشي أبو عيسى المصري عقب مقتل البغدادي، في كتابه (سلطان باريشا) إنّ كنية قرداش تعني (حج) أي الحاج عبد الله، وأنّ التنظيم سيطلقها ثم سيبحث عمن يعطيه هذه الكنية.

   وفق التراتبية التنظيمية في داعش فإنّ أعضاء اللجنة المفوضة هي من ستختار "الخليفة" من بينهم

أكمل "حجي عبد الله" دراسته الأكاديمية في مدينة الموصل، وتخرج من كلية الشريعة، وعمل خطيباً في جامع العجيل في قضاء تلعفر، وكان يمتاز بالتطرف.

ويظهر الهاشمي في مستندات مركز مكافحة الإرهاب في جامعة استراليا أنّه بايع تنظيم القاعدة في العام 2004 - 2005، وهرب إلى مدينة الموصل، واستقر فيها، واستلم منصب المسؤول الشرعي للتنظيم، ثم تعرض للسجن في بوكا حيث التقى البغدادي، حيث يظهر في التقارير الأمريكية أنّه كان مفيداً تحديداً في تزويد الأمريكيين بالمعلومات اللازمة لملاحقة وحدة الدعاية التابعة للجماعة، وكذلك ملاحقة غير العراقيين في التنظيم.

في شهر حزيران (يونيو) 2014 أدار "أبو إبراهيم الهاشمي" المفاوضات بين تنظيم "داعش" والحكومة التركية بخصوص موظفي القنصلية التركية في الموصل، وقام بنفسه بنقلهم من مدينة الموصل إلى منطقة آمنة، ومنها توجهوا إلى تركيا.

قاد الهاشمي معارك سنجار وقتل وسبى الإيزيديين، كما قاد معركة كوباني، بل ووفق أبو جندل الحائلي في كتابة (شهادتي على مجزرة المستتابين) فهو من أصدر أمراً بقتل 2300 من عناصر التنظيم المسجونين جملة واحدة بعد استتابتهم من بعض الأفكار التابعة لفصيل آخر بالتنظيم تابع للشرعي تركي البنعلي.

اقرأ أيضاً: ما دلالات مقتل زعيم داعش في سوريا؟ وما مستقبل التنظيم؟

بعد مقتل أكبر قيادات التنظيم، ومنهم أبو مسلم التركماني وأبو علي الأنباري، لم يتبقَّ سوى هو كنائب وحيد للبغدادي، وكان ساعتها يحمل كنية الحاج عبد الله، حيث تولى القيادة في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) 2019، ومنذ ذلك التاريخ لم يظهر ولا مرة في أي إصدار مرئي مبالغة في الاحتياطات الأمنية.

الهيكل التنظيمي في عهد الهاشمي

تتشكل هيكلة داعش من القائد الأعلى (الخليفة)، ومجلس الشورى، واللجنة المفوضة، والمجلس العسكري، والمجلس الأمني، والهيئة الأمنية الاستخبارية (أمنيات)، وإدارة الولايات، وفرع العمليات الخارجية، وبيت المال.

 الحاج عبد الله أمير محمد سعيد الذي خلف أبو بكر البغدادي في قيادة داعش كان القاضي الرئيسي للتنظيم

استمر أمير محمد سعيد عبد الرحمن محمد المولى، على ذات الهيكلة، وتكوّن التنظيم في عهده من مجلس شورى من خمسة أعضاء برئاسة الحاج جمعة عواد البدري، شقيق أبو بكر البغدادي، أبو محمد المصري، وأبو هاشم الجزراوي، ونايف حمد شياع أو أبو صالح الجزراوي، وأبو سعد الليبي، وأبو عبد الله القاضي الغلامي.

أما اللجنة المفوضة فهي أعلى هيئة تنفيذية، وهي من خمسة أعضاء برئاسة سامي جاسم الجبوري، الذي ألقي القبض عليه قبل مقتل الهاشمي، معتز نعمان عبد النايف الجبوري، وزياد جوهر عبد الله، وبشار خطاب غزال الصميدي، وأبو حمزة الهاشمي المهاجر، ونايف حمد شياع، وكل عضوٍ في هذه اللجنة مسؤول عن أحد الملفات التالية (الأمن، والمخابئ الآمنة، والشؤون الدينية، والإعلام، والتمويل).

في عهد الهاشمي أيضاً كان يتولى "الإدارة العامة" أبو حارث العراقي، وهو المشرف على البريد ورصيد النفقات وإعداد الموازنة، و"المتحدث الرسمي" أبو حمزة المهاجر الذي يشرف على المركز الإعلامي وقطاع الإعلام عموماً، و"المدير المالي" بشار سعيد موسى، و"مدير الأمن العام" أبو وليد حسن جمعة، و"قائد الجيش" العام عبد الله فتحي.

 رغم أنّ التنظيم تعرض لضربة كبيرة بمقتل قائده إلا أنّه منصب رمزي لأنّ داعش يعتمد على القيادة اللامركزية

واستمر في عهده المجلس العسكري يقوم بالوظائف والمهمات العسكرية كافة، كالتخطيط الاستراتيجي، وإدارة المعارك، وتجهيز الغزوات، وعمليات الإشراف والمراقبة والتقويم لعمل الأمراء العسكريين، بالإضافة إلى تولي شؤون التسليح والغنائم العسكرية وإدارتها.

من يخلف الهاشمي؟

ووفق التراتبية التنظيمية، فإن اللجنة المفوضة هي أعلى هيئة داخل التنظيم، وكل عضو فيها يشرف على ملف، وكذا هم من يقررون السياسة العامة للتنظيم، ويختارون الأمراء، ويقبلون البيعات، ولا بد أن يكون خليفة القائد منهم.

ويرى المنشق أبو عيسى المصري في كتابه (الخلافة الوهمية) أنّ هذه اللجنة تختار الخليفة وتضع له كنيته، وهي تدّعي أنه قرشي من نسل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لم يثبت على عبد الله قرداش.

من ناحية أخرى فقد ألقي القبض على القيادي الكبير في اللجنة المفوضة، والمسؤول المالي حجي حامد، وبعده تم إلقاء القبض في عملية معقدة على القيادي سامي الجبوري، ومن المرجح وفق الباقين في اللجنة المفوضة أن يتم الاختيار بين أحد هذه العناصر، وهم: معتز نعمان عبد النايف الجبوري، وزياد جوهر عبد الله، وبشار خطاب غزال الصميدي، وأبو حمزة الهاشمي المهاجر، ونايف حمد شياع.

اقرأ أيضاً: زعيم "داعش" وأبرز فقهائها يموت على طريقة الساموراي

ورغم أنّ التنظيم تعرض لضربة قوية وكبيرة بمقتل قائده إلا أنّه منصب رمزي ولا يدير بشكل مباشر؛ لأنّ داعش يعتمد على القيادة اللامركزية، وإدارة الأذرع عبر فرع العمليات الخارجية، ومن ثم فإنّه سيعيد هيكلة ذاته خلال أيام، إلا إذا وقعت تصدعات أيديولوجية وصراعات على من يتولى القيادة من العناصر الأخرى، التي لا تخضع لـ(الحجاجي) أي الجناح الأمني المسيطر على مؤسسات التنظيم.