بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟


16/07/2023

ما تزال أصداء تصريحات الفريق أول شمس الدين كباشي، نائب القائد العام للجيش السوداني في مقابلة مع قناة "الجزيرة" القطرية السبت بأنّ الجيش منفتح على جميع المبادرات الرامية لوقف الحرب في السودان، وأنّ الجيش يدعم الحوار المفضي إلى تشكيل حكومة مدنية، ما تزال تلك التصريحات مدوّية في الفضاء السياسي السوداني؛ وقد أثارت الكثير من اللغط والجدل، خصوصاً أنّها جاءت عقب معركة الخرطوم بحري التي تمكنت خلالها قوات الدعم السريع من صد هجوم موسع كان قد شنه عليها الجيش السوداني الجمعة، وكبدته خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وقتلت قائد المتحرك برتبة لواء ونائبه بالرتبة نفسها، واعتقلت نائب القائد برتبة عميد، واستولت على (130) عربة بكامل عتادها، وفقاً لبيان صادر عنها، واعترفت قيادة الجيش بشكل خجول بخسارتها المعركة، وذكر بيان صادر عنها حدوث "بعض الخسائر بجزء من محور بحري، لم تؤثر على مجرى العمليات، ولا علاقة لها بالأعداد الكبيرة التي وردت ببيان الميليشيات المتمردة التي درجت على المبالغة والتضخيم الكاذب"، الأمر الذي اعتبره مراقبون اعترافاً ضمنياً من الجيش بأنّ وضعه العملياتي ليس على ما يرام.

لا بديل للحوار

 نائب القائد العام، المحسوب ضمن التيار الإخواني المتشدد، في قيادة الجيش، الذي أبدى الكثير من المواقف المتطرفة إزاء التحول المدني الديمقراطي وعمل على إعاقته منذ انضمامه إلى المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة عقب اطاحة نظام البشير ناطقاً باسمه 2019، وصف المبادرة السعودية الأمريكية بالمتقدمة، وأنّ الموقف المبدئي للجيش هو دعم الحوار السياسي الموسع والشامل المفضي إلى حكومة مدنية تقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية وتهيئ لقيام انتخابات حرة ونزيهة تؤدي إلى قيام النظام الديمقراطي، ممّا اعتبره محللون سياسيون تحولاً دراميّاً في موقف الصوت الأكثر تشدداً وتمسكاً بالحرب بين أعضاء قيادة الجيش، وهو ما دفع فرع حزب المؤتمر الوطني (إخوان) بولاية الخرطوم إلى إصدار بيان شديد اللهجة يحذّر فيه نائب القائد العام من مغبة تصريحاته، معتبراً الموقف الجديد للفريق كباشي غريباً، إذ جاء في وقت تنتصر فيه القوات المسلحة وتنفتح عسكرياً في كثير من المواقع يساندها في ذلك أبناء الشعب السوداني (المستنفرون)، وكتائب الإسناد في كتيبة البراء بن مالك، وأسود البرق الخاطف، وأبطال هيئة عمليات الدفاع الشعبي، وهيئة العمليات، الذين حققوا الانتصارات في أم درمان وغيرها من المواقع وما بدلوا تبديلاً، قبل أن يصدر بياناً آخر ينفي فيه ما ورد في الأول، ويتهم جهات معادية بوضعه عنه.

أبدى نائب القائد العام للجيش السوداني نيته العودة إلى الحوار في منبر جدة

موقف الإخوان

وفي السياق، انتقدت جماعة الإخوان، ممثلة في حزب المؤتمر الوطني، دعوة نائب القائد العام للجيش السوداني للعودة إلى الحوار في منبر جدة، واعتبرتها هزيمة نفسية ومعنوية للجنود المقاتلين على الأرض والميليشيات التابعة للجماعة التي تقاتل مع القوات المسلحة، وفق بيان حزب المؤتمر الوطني، وهي كتائب إخوانية وسلفية وجهادية متشددة، أبرزها كتيبة البراء بن مالك وهيئة العمليات، وهما اللتان ورد ذكرهما في البيان الأول الذي تم نفيه، وهي تكوينات ميليشيوية شاركت في القتال ضد قوات الدعم السريع بشكل صريح، وتم أسر بعض منسوبيها في معركتي مصنع اليرموك للأسلحة والذخائر ورئاسة قوات الاحتياطي المركزي خلال الشهرين المنصرمين، حيث استولت عليهما قوات الدعم السريع، وما يزالان تحت سيطرتها.

 

انتقدت جماعة الإخوان، ممثلة في حزب المؤتمر الوطني، دعوة نائب القائد العام للجيش السوداني للعودة إلى الحوار في منبر جدة، واعتبرتها هزيمة نفسية ومعنوية للجنود المقاتلين على الأرض والميليشيات التابعة للجماعة التي تقاتل مع القوات المسلحة

ويُعتقد على نطاق واسع أنّ قيادة الجيش ربما تعرضت للكثير من المتاعب، إذ لم تحرر نفسها من قبضة الإخوان الذين يريدون العودة إلى الحكم على ظهرها، وبالتالي فإنّهم يقفون ضد إنهاء الحرب، وضد مبدأ الحوار والتفاوض الذي سيفضي إلى دولة مدنية ستمثل نهاية حتمية للتنظيم، خصوصاً بعد ولوغه في الحرب الراهنة وإيغاله في دماء السودانيين، وعمله الدؤوب على تحول الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى حرب أهلية ذات طابع قبلي لا تُبقي ولا تذر.

ترحيب واسع

تصريحات الفريق شمس الدين كباشي رمت حجراً في بركة المفاوضات الراكدة، خاصة أنّها تزامنت مع تشكيل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" لجنة للتواصل مع القوى السياسية والحركات المسلحة، كما رحب بها المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، إذ اعتبرها القيادي فيه خالد عمر يوسف "خطوة مهمة في اتجاه وقف الحرب"، وفرصة لخيار الحل السلمي التفاوضي الذي يحقن الدماء وينقذ السودان من السير في طريق الانهيار الشامل، وأضاف عمر: نأمل استئناف المفاوضات في منبر جدة قريباً، بما يقود لإرساء سلام مستدام وتحوّل مدني ديمقراطي ينهض على أسس متينة، ووصف عضو لجنة إزالة التمكين المجمدة صلاح منّاع تصريحات كباشي بالشجاعة الصادرة عن قائد مسؤول حريص على حفظ ما تبقى من الدولة السودانية.

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"

وكان الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد وقّعا في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2022 اتفاقاً إطارياً مع قوى سياسية عديدة أبرزها الحرية والتغيير، نص على إعادة مؤسسات الحكم المدني، وخروج الجيش من العمل السياسي بشكل كامل، ولكنّه سرعان ما انقلب على الأمر متعللاً بخلافات فنية حول دمج قوات الدعم السريع فيه، وقاد حملة إعلامية ضد الاتفاق بمساندة النظام السابق وفلول جماعة الإخوان، فبعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من توقيع اتفاق سياسي نهائي، ذهب إلى حرب ضروس مع قوات الدعم السريع التي اعتذر قائدها عن انقلاب 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، الذي شارك فيه بجانب قيادة الجيش، وأبدى دعمه غير المحدود للاتفاق الإطاري والسياسي والتحول المدني الديمقراطي وإصلاح الجيش ودمج قواته فيها، بما يجعله مؤسسة وطنية قومية مهنية وظيفتها حفظ أمن البلاد وحماية الدستور، وعدم ممارسة العمل السياسي والتجاري، ويحول دون قيامه بانقلابات عسكرية جديدة.

مواضيع ذات صلة:

- السودان: إعلان قوات الدعم السريع قوة متمردة... تفاصيل

- السودان: قوات الدعم السريع تتحرك والجيش يحذر ... ماذا يحدث؟

ما سيناريوهات حسم الصراع الراهن في السودان؟

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية