تهميش إيران للصدر ينجي العراق من وصاية المرشد

تهميش إيران للصدر ينجي العراق من وصاية المرشد

تهميش إيران للصدر ينجي العراق من وصاية المرشد


10/10/2022

أحمد إسكندر

قدم "معهد واشنطن" الأمريكي تشخيصاً للعلاقة الشائكة بين إيران والزعيم الشيعي العراقي النافذ مقتدى الصدر الذي نجح إلى حدّ ما في التحول إلى رقم صعب في المعادلة السياسية العراقية خاصة بعد رحيل قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني الذي قتل في مطلع العام 2020 في ضربة أمريكية استهدفت موكبه على طريق مطار بغداد الدولي برفقة قائد الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس.

ولا يخفى التأثير الذي لقاسم سليماني على القوى الشيعية العراقية الموالية لإيران، بينما يبدو أن خليفته الجنرال إسماعيل قآاني لا يتمتع بالكاريزما التي كان يتمتع بها سليماني وبالتالي فشل في إعادة ترتيب البيت الشيعي العراقي وفي احتواء الصدر الذي يقدم نفسه وطنياً للعراق ويريد تخليص البلاد من التبعية لإيران وللولايات المتحدة الخصمان الذين يتنافسان على النفوذ في المنطقة.

انقسام داخلي

وتراهن إيران بحسب تقرير معهد واشنطن على "الانقسامات الداخلية" في العراق بما يخدم مصالحها واتخذت قراراً بعدم التدخل في السياسة العراقية، لكن التقرير أشار في الوقت ذاته إلى خطر أن تفضي الفوضى في العراق إلى تقويض الجهود الأميركية لتأمين استقرار أسواق الطاقة العالمية. والعراق وإيران عضوان وازنان في منظمة الدول المصدرة للنفط.

واعتبر كذلك أن طهران لا تزال تنظر بخشية كبيرة لانسحاب الصدر من العملية السياسية وما تبعها من أحداث أمنية خطيرة، بينما يعجز حلفاؤها من القوى الشيعية الأخرى عن تشكيل الحكومة وتزامن ذلك مع تنامي مخاوف الجمهورية الإسلامية من أن يتسبب الصراع بين القوى الشيعية (قوى الإطار التنسيقي والتيار الصدري) "في إعادة تشكيل المعادلة الشيعية بما لا يتناسب مع الدور الإيراني وأهدافه".

وبحسب ما ذكرت وكالة "شفق نيوز" العراقية الكردية فإن "الإشكال الرئيسي الذي تواجهه إيران في العراق وتحديداً على مستوى ترميم البيت الشيعي والحفاظ على التوافقات الشيعية الشيعية ضمن سقف المصالح الإيرانية، نابع في الأساس من عدة أسباب أهمها فشل قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني في ملئ الفراغ الذي خلفه قاسم سليماني".

وكان يطمح الصدر أن تلجأ له طهران لإدارة الوضع العراقي لكن جرى تهميشه من قبل القيادة الإيرانية التي لجأت إلى قيادات محلية أخرى وعززت دور نصرالله داخل العراق وتداخلت الحسابات الإيرانية في جانب منها حيث أربك اغتيال سليماني الحسابات الإيرانية وكشف أن طهران لم تكن مستعدة للتعامل مع قضية بحجم تصفية سليماني أو تحديد الأولويات الإستراتيجية في العراق.

ولفت التقرير أيضا إلى أن قآاني لم يجد إلى جانبه شخصية عراقية نافذة كما كان الحال مع سلفه سليماني الذي كان يحظى بدعم أبومهدي المهندس قائد الحشد الشعبي، معدداً كذلك الأسباب التي أثرت على جهود قائد فيلق القدس الجديد في إعادة ترتيب البيت الشيعي العراقي ومنها على سبيل الذكر لا الحصر تعدد "أدوار المؤسسات الإيرانية العاملة في العراق ومزاحمتها للحرس الثوري".

إخفاق قآاني

وقال التقرير الأمريكي إنها "متغيرات انعكست بطريقة أو أخرى على دور قاآني أولاً، والحرس الثوري ثانياً، في كيفية إدارة الصراع الشيعي الشيعي في العراق" وخلص التقرير إلى أن هذا ما يفسر إلى حدّ ما إخفاق قآاني في احتواء الصدر وإقناعه بالعدول عن خطواته رغم انه زار بغداد لأكثر من مرة من أجل هذا الهدف، مضيفاً أن ما أظهره الصدر من ردود فعل قوية ضد الدور الإيراني وما تبعه من شعارات رفعها نشطاء ثورة تشرين الرافضة للوجود الإيراني في العراق، دفع إيران إلى اختيار البقاء في وضع المراقب للتطورات دون تدخل مباشر فيها.

كما أن هناك أمر آخر يتعلق بـ"التفكك السياسي" الذي برز في أوساط الأحزاب الشيعية العراقية الموالية لإيران وكذلك تعدد الخطابات داخل الإطار التنسيقي بعد انسحاب الصدر من العملية السياسية وبعد فض اعتصامه داخل المنطقة الخضراء، وتشير في مجملها إلى أن إيران فقدت السيطرة على ضبط مسار الصراع الحالي بين الإطار والتيار الصدري.

وعرضت شبكة "كرستان 24" جانباً من وضع الصدر في العراق حالياً باعتبار أنه نجح إلى حد كبير في تغيير قواعد "اللعبة السياسية"، لكن هذا الأمر لا يحجب حقيقة أنه لا يملك بشكل مطلق اليد الطولى في العراق، موضحة أن اعتزال المرجع الشيعي كاظم الحائري للعمل المرجعي أضعف الصدر وشكل '"اعتزال الحائري" إهانة لزعيم التيار الصدري وآثار شكوك حول أهلية قيادته للتيار.

مقاومة الصدر

ولا يزال الصدر يقاوم المخطط الإيراني وأظهر قوة في مواجهة محاولة طهران تهميش آل الصدر ومركزيتهم داخل البيت الشيعي العراقي والأمر يذهب أبعد من مجرد معركة لي أذرع بين الصدر من جهة وإيران والقوى الشيعية العراقية الموالية لها من جهة ثانية، فهو يتخطاها إلى الصراع المكتوم بين مرجعية النجف المحلية ومرجعية قم "الأممية الشيعية"، حيث تسعى الجمهورية الإسلامية إلى الحفاظ على قم كمرجعية مركزية وهو ما يفسر قيام الحائري الذي يقيم في إيران بحث أتباعه على دعم المرشد الأعلى في إيران اية الله علي خامنئي.

وقال تقرير معهد واشنطن، إن "كل ذلك يصب بلا شك في مصلحة إيران ويمنحها أملاً في وضع حد للصراع الشيعي بين مرجعتي قم والنجف ومن ثم إعادة تشكيل العالم الشيعي وفق المركزية الإيرانية التي تقر بولاية الفقيه" في المقابل يتمسك الصدر بثنائية قم والنجف ولا يجوز لإيران تغيير هذه المعادلة لاعتبارات دينية ومرجعية ستقلب الطاولة على إيران إذا ما تدخلت لتغيير الوضع القائم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية