تونس ... سعيّد يعمل لاستعادة المؤسسة الأمنية من "حركة النهضة"

تونس ... سعيّد يعمل لاستعادة المؤسسة الأمنية من "حركة النهضة"


09/08/2021

كريمة دغراش

تكرّرت زيارات الرئيس قيس سعيّد، خلال الأيّام الأخيرة إلى مبنى وزارة الداخليّة في تونس. وتفقّد الرئيس التونسي الذي فاجأ الجميع يوم 25 تموز (يوليو) الماضي بقرارات استثنائية، الوزارة السياديّة الكائنة بقلب شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة في مناسبتين متتاليتين بعد تجميد مجلس النوّاب وعزل رئيس الحكومة.

لا يبدو بلوغ مبنى وزارة الداخلية في تونس بالأمر الهيّن، فمنافد الوزارة الرابضة بقلب أكبر شارع في تونس ومداخلها مغلقة ومحاطة بالحواجز الأمنية التي تجعل عملية الاقتراب منها مهمّة شاقّة، وتعطي الانطباع وكأن البلد يعيش حالة استنفار وخوف مستمرّين من وقوع حدث ما.

ولم يكن المشهد هكذا قبل حوادث كانون الثاني (يناير) 2011، إذ كان من الممكن العبور سيراً على الأقدام أو عبر السيّارة من أمام هذا المبنى الذي يشبّه بـ"الصندوق الأسود"، لكن مع تطوّر الحوادث في تونس زادت إجراءات الأمن وأقفلت الشوارع حول الوزارة التي بات من يمسك بها يوصف بالحاكم الفعلي للدولة بحسب الاعتقاد السائد والراسخ لدى الجميع نخبة وشعباً.

تتعدد الروايات والأخبار الآتية من وزارة الداخلية في تونس، ورغم أن لا أحد يجزم بمدى صحّتها أو دقّتها الا أنّها كثيراً ما شغلت الاعلام والرأي العام.

ويقول العميد المتقاعد خليفة الشيباني لـ"النهار العربي"، إن وزارة الداخلية في تونس هي أحد صمامات الأمان في البلاد وهي عنوان قوة الدولة، لذلك حاول الجميع خلال السنوات العشر الأخيرة، خصوصاً حزب "حركة النهضة" وضع يده عليها "فمن يُمسك بها يكون قد وضع يده على البلاد بأكملها" على حدّ تعبيره.

مخاوف

منذ بلوغه قصر قرطاج لم يفت الرئيس سعيّد مناسبة للتلميح إلى أن هناك من يحاول توظيف المؤسسة الأمنية لخدمة أجنداته السياسية، مشدداً على ضرورة أن تكون هذه المؤسسة في خدمة الدولة وأمنها. وكثيراً ما ألقى كلمات في حضور رجال أمن وهو ما لم يقم به أي من الرؤساء السابقين.

وفي آخر زيارة له لمبنى وزارة الداخلية تحدّث سعيّد عمن "حاولوا التسلل إلى هذه المؤسسة لكنهم سيظلون في منطقة التسلل" على حد تعبيره.

وكانت وزارة الداخلية من بين أولى الوزارات التي سارع سعيّد لتعيين وزير يشرف عليها أو "يسيّرها" كما جاء في بيان التكليف في حين لا يزال اسم رئيس الحكومة الجديد غير معلوم بعد مضي نحو أسبوعين على عزل هشام المشيشي.

وتؤكد سرعة الرئيس سعيّد في تعيين من يدير هذه الوزارة أهميتها بالنسبة إلى المشهد العام في تونس بحسب المحلل السياسي باسل ترجمان الذي يؤكد لـ"النهار العربي" أن التعجيل بتعيين من يسيّر هذه الوزارة يعني أن سعيّد يدرك جيداً أهمية هذه المؤسسة الأمنية في مثل هذه الفترة في ظلّ وجود مخاوف من ردود أفعال على ما حدث يوم 25 تموز (يوليو) الماضي قد تكون عنيفة وتمسّ الأمن القومي وربّما تطاول شخص الرئيس.

ويرى ترجمان أن اهتمام الرئيس سعيّد بوزارة الداخلية سبق أحداث 25 تموز (يوليو) 2021 وهو ما يعكس تصميمه على تطهيرها واستعادتها من سيطرة حزب "حركة النهضة" الذي تحكّم في مفاصلها لسنوات من خلال تعيين الموالين له بالمناصب المهمة ووضع يده على مختلف أجهزتها.

ويذكّر بما حدث أيام كان المسؤول عن الوزارة من أبناء الحركة، من اغتيالات وعمليات إرهابية إضافة إلى الوثائق والأدلة التي تم عرضها من طرف هيئة الدفاع عن الشهيدين البراهمي وبلعيد والتي تؤكد وجود جهاز أمن سري للحركة سخّرته لخدمة مصالحها وضرب الأمن القومي.

وعاشت تونس أيام حكم حزب "حركة النهضة" على وقع عمليات إرهابية واغتيالات سياسية استهدفت شخصيات معارضة. وبعد أحداث 25 تموز (يوليو) عادت أصوات عديدة للمطالبة بفتح ملفات العمليات الإرهابية والأمن الموازي أو ما يعرف بالجهاز السري الذي توجه أصابع الاتهام لحزب "حركة النهضة" بالوقوف خلفه في حين تنفي الحركة أي علاقة لها به.

تحييد المؤسسة الأمنية

تعالت الأصوات المنادية خلال السنوات الأخيرة بتحييد وزارة الداخلية باعتبارها واحدة من الوزارات السيادية وبعدم الزجّ بالمؤسسة الأمنية ضمن الصراعات السياسية.

ويقول العميد الشيباني إن غياب الإرادة السياسية طيلة السنوات الماضية منع الانتقال بالأمن من جهاز إلى مؤسسة، لافتاً إلى أنّه وفي ظلّ عدم وجود معايير للتعيينات والإقالات من المناصب المهمّة بالوزارة كما هو معمول به في الدول المتقدمة فلا يمكن الحديث عن أمن جمهوري.

وخاض سعيّد صراعاً مع حزب "حركة النهضة" منذ توليه الحكم شمل وزارة الداخلية، وأثار خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي جدلاً واسعاً حين صرّح أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمنية، وهو تصريح اعتبره حزب "حركة النهضة"، "دوساً على الدستور".

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية