تونس: هل ينجح البرلمان الجديد في تصنيف "النهضة" على لوائح الإرهاب؟

تونس: هل ينجح البرلمان الجديد في تصنيف "النهضة" على لوائح الإرهاب؟

تونس: هل ينجح البرلمان الجديد في تصنيف "النهضة" على لوائح الإرهاب؟


01/08/2023

مأزق جديد تواجهه حركة النهضة الإخوانية بتونس، التي تم إنهاء سيطرتها على الحكم في تونس بعد أن تواصل بقاؤها فيه لمدة عقد كامل من تاريخ البلاد أدى إلى أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية كارثية، ويتمثل المأزق في تحركات برلمانية حثيثة لتصنيفها على لوائح الإرهاب.

تحركات رافقها جدل واسع حول ما إذا كان هذا من مهام البرلمان الجديد الذي لم تشارك فيه الحركة وحلفاؤها لأول مرّة منذ 2011، ووُصف بأنّه "برلمان خالٍ من الإخوان"، أو أنّ الأمر بيد القضاء التونسي وهو الجهة الوحيدة القادرة على تصنيف (النهضة) حركة إرهابية.

ووفق خبراء ومراقبين، تقف حركة النهضة الإخوانية في مقدمة المتهمين بـ "قضايا تتعلق بالاغتيالات السياسية والفساد وتلقي تمويلات خارجية وقت الانتخابات البرلمانية وفيما بعدها، ومحاولة اختراق المؤسسة القضائية واستغلالها لخدمة أهداف التنظيم، وأيضاً العمل وفق أجندة ترتبط بولاءات خارجية بعيداً عن مصالح الوطن، فضلاً عن قضايا الفساد الاقتصادي والمشاركة في إفساد الحياة السياسية".

لائحة برلمانية تحتاج التوقيع

اللائحة التي بادرت بها مجموعة من النواب من غير المنتمين إلى كتل برلمانية، تم وضعها أمس الإثنين لدى مكتب الضبط بالبرلمان، ليتمكن باقي النواب من التوقيع عليها، على أن تتم مناقشتها بعد تجميع أكبر عدد ممكن من الإمضاءات.

وكشفت النائبة بمجلس الشعب فاطمة المسدي في تصريح لـ (حفريات) أنّ هذه اللائحة تهدف إلى تصنيف حركة النهضة إرهابية، والمطالبة بحلها، على خلفية شبهات تمويلات أجنبية وتورطها في الاغتيالات السياسية"، وهي أفعال يجرمها القانون، وفق تعبيرها.

 النائبة بمجلس الشعب فاطمة المسدي

وأكدت أنّ هذه اللائحة السياسية تضمنت تأكيد ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الشعب طيلة العشرية الأخيرة، والعمل على تحقيق المفهوم الصحيح للسيادة باسترجاع المؤسسات الوطنية من الاختراقات التي دأبت عليها حركة النهضة، ودعت اللائحة المؤسسات الوطنية وبينها البرلمان إلى الانخراط في هذا التوجه.

وتتوقع المسدي أن تجمع اللائحة التوقيعات اللازمة في أقرب وقت لتصنيف النهضة إرهابية ولحلّها.

في المقابل، تنفي حركة النهضة أيّ علاقة لها بعمليات الاغتيال في تونس، وتطالب كل من لديه ملف أو وثائق تدينها بالتقدم بها إلى القضاء، داعية إلى الكفّ عن كيل الاتهامات المجانية وشيطنة الحركة.

جدل قانوني

من جانبه، يرى القيادي بحركة الشعب التونسية، المحلل السياسي التونسي أسامة عويدات، أنّ تصنيف الأحزاب على لوائح الإرهاب ليس من مهام البرلمان، بل هو من مهام القضاء وحده، معتبراً أنّ القضاء هو المخوّل الوحيد للقيام بهذه المهمة بعد الانتهاء من جمع القرائن والدلائل على تورّط الحركة في أعمال إرهابية.

وأضاف القيادي بحركة الشعب الداعمة للرئيس، وأشد منتقدي حركة النهضة، في تصريح  لـ (حفريات)، أنّ هذه اللائحة هي بمثابة إحياء للموتى، خصوصاً أنّ حركة النهضة قد ماتت، وانتهى أمرها بالنسبة إلى الشعب التونسي، ولا يجوز النفخ فيها.

تحركات رافقها جدل واسع حول ما إذا كان هذا من مهام البرلمان الجديد الذي لم تشارك فيه الحركة وحلفاؤها لأول مرّة منذ 2011

 

وأكد النائب بالبرلمان ثابت العابد لـ (حفريات) أنّ "الكتلة الوطنية من أجل الإصلاح والبناء"، الداعمة لقرارات 25 تموز (يوليو) 2021، لن توقع على اللائحة لأنّها ليست من مهام البرلمان.

وفي قراءة قانونية للائحة، أكد القاضي والباحث في القانون فريد بن جحا "أنّ القضاء لا يصنف الأحزاب، بل يقيّم الأفعال من خلال إدانة مجموعة منتمية إلى تنظيم سياسي معين بارتكابهم أفعالاً إرهابية أو ممارسة العنف، وبالطبع يؤثر هذا في وجود الكيان السياسي الذي ينتمون إليه".

وأضاف في تصريح لـ (إندبندنت عربية) أنّ "الحزب يستثنى من الإدانة في حال كانت تلك الأفعال فردية، ولا علاقة لها بالكيان السياسي الذي ينتمي إليه ذوو الشبهة". وشدد على أنّ "نتيجة الإدانة تنعكس مباشرة على الحزب، إذ بعدها بالإمكان حله بعد ثبوت التهم ضده وإدانته قضائياً".

مطالب متواصلة بتصنيف الحركة إرهابية

ومنذ حزيران (يونيو) 2020 طالب الحزب الدستوري الحر، أبرز أحزاب المعارضة في تونس حينها، البرلمان بتصنيف حركة النهضة "تنظيماً إرهابياً"، وتقدمت كتلة الحزب بمشروع لائحة جديدة للبرلمان لتصنيف حزب حركة النهضة "منظمة إرهابية" .

 القيادي بحركة الشعب التونسية، المحلل السياسي التونسي أسامة عويدات

وقالت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، في مؤتمر صحافي في البرلمان حينها: إنّ "هذه الجماعة تناهض مدنية الدولة، وحان وقت الفرز، لذلك يقدّم الحزب الدستوري الحر اليوم مشروع لائحة جديدة لتصنيف الإخوان المسلمين منظمة إرهابية مناهضة للدولة المدنية"، مطالبة الحكومة بإعلان ذلك رسمياً.

موسي جدّدت مطالبتها بتصنيف الحركة إرهابية في كانون الثاني (يناير) 2022، وذلك بعد ندوة صحفية عقدها وزير الداخلية السابق توفيق شرف الدين، كشف فيها عن وجود شبهات إرهاب جدية وعمليات تزوير وثائق تهم جوازات السفر ومنح بطاقات هويات وشهادات في الجنسية التونسية بحق وزير العدل السابق ونائب رئيس حركة النهضة الذي يقبع تحت الإقامة الجبرية نور الدين البحيري.

وقالت عبير موسي في فيديو نشرته على صفحتها الرسمية في (فيسبوك): "إنّ "النهضة هي حركة إرهابية باعتراف الدولة التونسية على لسان وزير الداخلية"، مضيفة: "إذا لم يتم تصنيف النهضة حركة إرهابية، تصبح الدولة متواطئة وراعية للإرهاب".

ملفات قديمة ورطت النهضة في قضايا الإرهاب

وكان كريم عبد السلام، مدبر عملية "باب سويقة"، وأحد قادة شباب حركة النهضة التونسية، قد كشف في شهادة أدلى بها في آذار (مارس) 2021 عن تورط قيادات حالية في الحركة في أحداث العنف التي تعود لعام 1991، والتي نتج عنها حرق حارسي مقر حزب (التجمع الدستوري الديمقراطي) الحاكم آنذاك، علاوة على إعدام (3) من شباب (النهضة).

وقال حينها عبد السلام: إنّ العملية "كانت من تدبير قيادات الحركة، ومن تنفيذ شبابها"، وبرر عدم العودة إلى هذا الملف الساخن، وعدم البحث عن رفات من أُعدموا في تلك الفترة، بتورط بعض قيادات الحركة في تلك الأحداث.

تقف حركة النهضة الإخوانية في مقدمة المتهمين بقضايا تتعلق بالاغتيالات السياسية والفساد وتلقي تمويلات خارجية وقت الانتخابات

 

وتساءل في هذا السياق عن عدم كشف علي العريض، أحد أبرز قيادات الحركة، خفايا تلك الفترة عندما تولى وزارة الداخلية، مبرزاً أيضاً أنّ نور الدين البحيري لم يطرح هذا الملف  حين كان وزيراً العدل، والشيء نفسه بالنسبة إلى القيادي سمير ديلو عندما تولى وزارة حقوق الإنسان، وأيضاً بالنسبة إلى عبد اللطيف المكي عندما تسلم حقيبة وزارة الصحة، رغم سيطرتهم على وزارات حساسة.

واتهم عبد السلام قيادات حالية في حركة النهضة بالتخطيط والتدبير لهذه العملية الإرهابية، في مواجهة مفتوحة مع نظام زين العابدين بن علي، معتبراً أنّ عملية "باب سويقة" كانت مدبرة، وأنّ معظم قيادات الحركة كانت على علم بتفاصيلها.

ويقبع زعيم الإخوان بتونس راشد الغنوشي منذ شباط (فبراير) الماضي في السجن، على خلفية في قرابة (6) قضايا قضائية، وكانت الشرطة قد قبضت عليه في بيته بشبهة التآمر ضد أمن الدولة.

وأعلنت وزارة الداخليّة أنّ توقيفه سببه تصريحات أدلى بها، وتندرج ضمن "أفعال مجرمة متعلّقة بالاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة، أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً بالسلاح، وإثارة الهرج والقتل والسلب".

مواضيع ذات صلة:

عقد من العبث والفساد... البرلمان الجديد يفتح ملفات إخوان تونس

إنذار شديد اللهجة لمن يؤجج الأوضاع... سعيد يقض مضاجع إخوان تونس




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية