جديد الأزمة الليبية ومحاولات الخروج من دائرة الانسداد السياسي

 جديد الأزمة الليبية ومحاولات الخروج من دائرة الانسداد السياسي

جديد الأزمة الليبية ومحاولات الخروج من دائرة الانسداد السياسي


12/02/2023

فيما أسفرت الاشتباكات المسلحة، التي اندلعت في مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، عن مقتل 4 أشخاص، بالإضافة إلى خسائر أخرى في البنى التحتية، قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا عبد الله باثيلي، إنّ اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" في القاهرة، على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء، السابع والثامن من شباط (فبراير) الجاري، استهدف تفعيل لجان التواصل المتفق عليها، خلال اللقاءات التي جرت في القاهرة، خلال تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2021، في إطار الاستعداد لإخراج المقاتلين الأجانب والمرتزقة.

جاء ذلك في كلمته خلال اجتماع اللجنة؛ لبحث خطة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، بحضور ممثلين عن دول جوار ليبيا (السودان وتشاد والنيجر)، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.

المسار الأمني

شدّد باثيلي على أنّ المسار الأمني ركيزة مهمة؛ لتمهيد الطريق لإقرار بيئة سياسية واقتصادية مواتية، مشيراً إلى أنّ اجتماع اللجنة العسكرية في سرت، الذي عقد خلال يومي الـ15 والـ 16 من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، حقق تقدماً بما في ذلك ترشيح أعضاء لجنة التواصل الليبية؛ لتمكينهم من العمل مع نظرائهم في السودان وتشاد والنيجر.

وأضاف المبعوث الأممي: "عملكم على درجة عالية من الأهمية؛ من أجل تنفيذ خطة العمل الخاصّة بانسحاب الأجانب والمرتزقة".

وكشف عقدَه اجتماعاً "مثمراً" مع سفراء السودان والنيجر وتشاد الأسبوع الماضي؛ حيث أعربوا عن استعدادهم ورغبتهم في دعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والفاعلين الليبيين؛ لإيجاد حلول دائمة للتحديات المثارة والتعاون مع الليبيين.

أسفرت الاشتباكات التي اندلعت في مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، عن مقتل 4 أشخاص، بالإضافة إلى خسائر أخرى في البنى التحتية

وأعرب باثيلي عن أمله في أن تُمكّن هذه الاجتماعات، من المضي قدماً في تفعيل لجان التواصل؛ حتى يجري التنسيق على أكمل وجه.

"حفريات" تواصلت مع اللواء أحمد المسماري، المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، لسؤاله عن الاجتماع والآفاق المنتظرة لمخرجاته؛ بيد أنّه رفض التعليق، لكونه غير حاضر في الاجتماع، ولا يرغب في التعليق عليه، بينما أشار اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، إلى أنّ الاجتماعات ما تزال مستمرة، ولا يمكن الحديث عن نتائج محددة الآن.

جدوى محاولات تفعيل دور دول الجوار الأفريقي

من جانبه، يرى الباحث الليبي محمد عادل مطيريد، أنّ تحركات المبعوث الأممي عبد الله باثيلي، من خلال تصدير فكرة أنّ الحل من الممكن أن يأتي عبر دول أفريقية، ومحاولة جعل هذه الدول وسيطاً، هي "أقرب للخيال، ومضيعة للوقت"، بحسب تعبيره.

وأضاف مطيريد أنّه أمام المبعوث الأممي فرصة جديدة، تتمثل في العودة لصيغة الحوار الليبي الليبي، بحسب اتفاقية جنيف، والتي تنص علي أنّ كل الأجسام في ليبيا منتهية الولاية قانونياً، ولذا يجب على السيد باثيلي أخذ المبادرة، وتدارك الأخطاء الماضية، والتفاعل مع النخب السياسية والمنظمات والأحزاب الوطنية، بعيداً عن توزيعات المحاصصة.

خالد المحجوب: الاجتماعات ما زالت مستمرة، ولا يمكن الحديث عن نتائج محددة الآن

ويتابع الباحث الليبي تصريحاته لـ"حفريات"، لافتاً إلى أنّ تقديره بخصوص الملف العسكري ولجنة "5+5" يستقر نحو كون الأمر أكثر انفتاحاً؛ رغبة العسكريين في ضرورة احتواء التشكيلات المسلحة غير المنظمة، وتحديداً المتواجدة في العاصمة طرابلس، ومدينة مصراتة، وأهمية العمل على دمجها تحت هرم قوات الجيش الليبي العربي، بطرق سلمية وسلسة وبعيدة عن الأيديولوجيات والشعارات الثورية المنتهية، التي أثقلت كاهل الدولة الليبية.

ويتابع قائلاً: إنّ هذه اللجنة تعمل بخطوات جادة، ومخرجاتها على الأرض واضحة للجميع، وفي مسار صحيح.

ويدلل على ذلك بواقعة انضمام الكتيبة 166، الموالية لقوات البنيان المرصوص في مصراتة، وكيف جاءت مبادرتهم من خلال  تعاونهم مع القيادة العامة للجيش، تحت جسم عسكري واحد، وكذا عدد من  تشكيلات قوات البنيان المتواجدة في مصراتة، أبدت رغبة في التعاون والانصياع للدمج من خلال اللجنة العسكرية " 5+5".

ويختتم مطيريد تصريحاته، بقوله: إنّ البعثة الأممّية تعمل بشكل مواز؛ نحو تشكيل لجنة جديدة؛ تتمكن من خلالها إنجاز إطار دستوري، وخارطة طريق تمهد للاستحقاق الانتخابي.

نشاط دبلوماسي مصري مكثف

 استقبل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، يوم الثلاثاء الماضي، عبد الله باثيلي، الممثل الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا؛ وذلك لبحث سبل دفع العملية السياسية في ليبيا.

وزير الخارجية المصري، سامح شكري، والممثل الخاص لسكرتير عام الأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبد الله باثيلي

وصرّح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي، ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية المصرية، في بيان نشرته وزارة الخارجية المصرية على فيسبوك أنّ "باثيلي وجّه الشكر لمصر؛ لما تبذله من جهود على صعيد جميع مسارات حل الأزمة الليبية، خاصة المسار الدستوري، ومجموعة العمل الاقتصادية، واللجنة العسكرية المشتركة 5+5".

وأضاف أنّ "اللقاء تناول نقاشاً مطولاً حول التطورات الخاصّة بالحل السياسي في ليبيا؛ حيث أحاط شكري الممثل الخاص للأمين العام بمستجدات المسار الدستوري، في ظل الاجتماعات المتلاحقة التي استضافتها القاهرة، خلال الفترة الماضية".

محمد عادل مطيريد: البعثة الأممّية تعمل بشكل مواز نحو تشكيل لجنة جديدة تتمكن من خلالها إنجاز إطار دستوري وخارطة طريق تمهد للاستحقاق الانتخابي

وأكد شكري على "أهمية اختتام هذا المسار بنجاح، برعاية البعثة الأممّية؛ تمهيداً لعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية، بالتزامن دون تأخير".

وأردف وزير الخارجية المصري، أنّه من الضروري أن "تتوقف بعض الأطراف الخارجية عن محاولات تطويع العملية السياسية في ليبيا وفقاً لمصالحها؛ فالمسؤولية تفرض على جميع شركاء ليبيا، تقديم الدعم للأشقاء الليبيين؛ للتوصل إلى التوافق المطلوب بمفردهم وبإرادتهم، كما يجب عدم السماح لأي طرف داخل ليبيا باختطاف العملية السياسية، من خلال سياسة فرض الأمر الواقع.

ومن جانبه، أوضح باثيلي أنّ "البعثة الأممّية للدعم في ليبيا، أكدت لجميع الأطراف، على أنّ مفتاح الحل يقع في أيدي الليبيين، وأنّه ينصح دائماً جميع الأطراف الذين يتحدث معهم، على ضرورة إبداء المرونة تجاه القضايا القليلة المتبقية في المسار الدستوري".

حتمية التغيير

من جانبه، يذهب الكاتب الليبي محمد شوبار، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إلى التأكيد على أنّ رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باثيلي، هو موظف في الأمم المتحدة، وبالتالي ما يقوم به يمثل رؤية المجتمع الدولي وقرارته، التي تم اتخاذها من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا .

 ويرى شوبار أنّ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقّعت عليه اللجنة العسكرية المشتركة، والذي تم تضمينه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم  2570، الهدف الأساسي منه هو فرض الأمن على كامل التراب الليبي؛ من خلال جمع السلاح، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة المتواجدين على الأراضي الليبية دون قيود أو شروط أو تمييز، وعلى خلفية تلك التحركات والنشاط الأممي، فإنّه يمكن القول أنّه بعد فشل كل المؤسسات، التي انبثقت عن ملتقى الحوار السياسي الليبي المبرم بجنيف، في تنفيذ ما أوكل إليها من مهام، أنّ المجتمع الدولي لن يمنح فرصة أخرى لهذه المؤسسات، للاستمرار في هذا العبث، الذي أوصل وضع الليبيين إلى هذا المستوى من الفوضى.

يستطرد محمد شوبار قائلاً: إنّ المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، عازم على تحقيق الاستقرار في ليبيا، خلال الفترة القريبة المقبلة، وأنّه من الواضح أنّنا على أعتاب اتخاذ قرارات مهمة، سوف تتمثل في آليات بديلة؛ لحل الأزمة الليبية، بعد أن تيقن الجميع أن هدف الطبقة السياسية المتواجدة في السلطة، هو البقاء أطول فترة ممكنة؛ لنهب أموال الليبيين وتحويلها للخارج، وهذا ما لن يسمح به المجتمع الدولي، بحسب شوبار. وذلك يتناغم مع مطالب الشعب الليبي؛ الداعية إلى إسقاط كل هذه الأجسام السياسية.

المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، عازم على تحقيق الاستقرار في ليبيا

ويلفت شوبار إلى أنّ إنهاء فوضى انتشار السلاح والتواجد الأجنبي، يستوجبان تشكيل قيادة وطنية قوية، بوجوه جديدة، وهذا ما يعمل عليه المجتمع الدولي؛ طبقاً للفقرة الرابعة من قرار مجلس الأمن الدولي رقم  2656، مؤكداً أنّ المرحلة المقبلة مهمة في تاريخ ليبيا، وستبدأ بفرض الأمن على كامل التراب الليبي، واسترجاع الأموال المسروقة والمنهوبة، وتحسين الوضع المعيشي والخدمي لليبيين، ومن ثم التمهيد لانتخابات حرة ونزيهة، والانطلاق نحو مرحلة اقتصادية ضخمة؛ ستعود بالخير والنماء والازدهار، ليس على ليبيا فقط، وإنّما على المنطقة بأسرها.

محمد شوبار: الدول المتورطة في جلب القوات الأجنبية والمرتزقة، حاولت مراراً وتكراراً، أن يظل ملف تواجد المرتزقة والقوات الأجنبية معلقاً

ويختتم شوبار تصريحاته قائلاً: "إنّنا نعلم جيداً، أنّ الدول المتورطة في جلب القوات الأجنبية والمرتزقة، حاولت مراراً وتكراراً، أن يظل ملف تواجد المرتزقة والقوات الأجنبية معلقاً، غير أنّه من الصعوبة في الوقت الحالي، ترك هذا الملف دون حسم؛ كون المرحلة القادمة ينبغي أن تشهد فيها ليبيا خلواً كاملاً من السلاح والقوات الأجنبية، وستنفذ ذلك القيادة الجديدة بمساعدة دولية".

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية