خارطة معقدة للصراع العسكري في كردفان بالتزامن مع كارثة إنسانية مروعة

خارطة معقدة للصراع العسكري في كردفان بالتزامن مع كارثة إنسانية مروعة

خارطة معقدة للصراع العسكري في كردفان بالتزامن مع كارثة إنسانية مروعة


13/08/2023

يتواصل الصراع العسكري في السودان، مخلفاً كلّ يوم عشرات القتلى والمصابين والمفقودين، وسجل مركز (ACLED) المعني ببيانات الحرب ومناطق الصراع، في الفترة من 15 تمّوز (يوليو) إلى 4 آب (أغسطس) 2023، أكثر من (350) حالة عنف سياسي، وأكثر من (1090) حالة وفاة تمّ الإبلاغ عنها في السودان.

أطلق الجانبان المتصارعان حملات تجنيد مكثفة لتعزيز قواتهما. في غضون ذلك تواصل قوات الدعم السريع وفصيل عبد العزيز الحلو التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان توسيع سيطرتهما على مناطق في دارفور وجنوب كردفان على التوالي. وظهر اتجاه مقلق خلال الفترة المشمولة بالتقرير، حيث انخرط المزيد من الأشخاص ضمن الميليشيات.

ومنذ بداية النزاع كانت ولاية الخرطوم بؤرة العنف في البلاد، حيث تمّ تسجيل أكثر من (260) حالة، وأكثر من (520) حالة وفاة، خلال الفترة المشمولة بالتقرير. كما اشتدّ القتال بين القوات المسلحة السودانية وفصيل الحلو التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال في جنوب كردفان، خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

وبحسب التقرير، ارتكبت قوات الدعم السريع أكثر من ثلثي أعمال العنف ضد المدنيين، وكانت غالبيتها في ولاية الخرطوم، وبحسب ما ورد قامت قوات الدعم السريع بطرد المدنيين قسراً في جنوب الخرطوم لاحتلال منازلهم.

التصعيد العسكري في كردفان

تصاعد العنف بشكل ملحوظ في كردفان منذ حزيران (يونيو) الماضي، عندما بدأ فصيل الحلو بالسيطرة على معسكرات القوات المسلحة السودانية في جنوب كردفان. في تمّوز (يوليو) وحده سجل (ACLED) (23) حادثة عنف سياسي في ولايتي جنوب وشمال كردفان، على التوالي، مقارنة بـ (15 و14) فقط في شهر حزيران (يونيو). تركزت الاشتباكات الأخيرة بشكل رئيسي في بلدتي كادقلي والدلنج في جنوب كردفان، بينما كانت مناطق العبيد ورهيد النوبة، بؤرة القتال في شمال كردفان.

تواجه ولاية جنوب كردفان ديناميكية صراع معقدة؛ تضم (3) جهات فاعلة رئيسية هي: القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، وفصيل الحلو التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، حيث تسيطر كل مجموعة على مناطق مختلفة داخل الدولة.

أطلق الجانبان المتصارعان حملات تجنيد مكثفة لتعزيز قواتهما.

زعم فصيل الحلو التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال أنّه تورط في الصراع من أجل حماية المدنيين بسبب انعدام الأمن، وتسيطر الحركة على مناطق كبيرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وفي تمّوز (يوليو) الماضي تمكن الحلو من الاستيلاء على أكثر من (10) مواقع أخرى في جنوب كردفان.

وعلى وجه التحديد، سيطر الحلو على منطقة الروزيريس في جنوب شرق كادقلي، بالإضافة إلى مناطق أخرى في كركرايا، والكركيل، وعبري، وقريد، بينما في 18 تمّوز (يوليو) تجاوزت القوات المسلحة السودانية منطقة دالوكا، جنوب كادقلي.

تصاعد العنف بشكل ملحوظ في كردفان منذ حزيران الماضي، عندما بدأ فصيل الحلو بالسيطرة على معسكرات القوات المسلحة السودانية في جنوب كردفان

في مكان آخر، اشتبكت قوات الدعم السريع مع جنود القوات المسلحة السودانية في الفرشاية، شمال الدلنج، على مدار يومين، ثم اجتاحت المنطقة بعد ذلك. غير أنّها انسحبت فيما بعد، وسيطر فصيل الحلو على المنطقة. في حين أنّ القوات المسلحة السودانية، بمساعدة قوات الدفاع الشعبي والميليشيات الموالية للحكومة نجحت في إحباط هجمات الحركة الشعبية لتحرير السودان، داخل الأراضي التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية في جنوب كردفان، قبل بدء هذا الصراع، فإنّ السيناريو الحالي يلقي بظلال من الشك على قدرة القوات المسلحة السودانية على تحمل المواجهات المتزامنة ضدّ كلا الطرفين.

ومن أجل قطع طريق الإمداد الرئيسي لقوات الدعم السريع، أعلن رئيس الوزراء السوداني المكلف إغلاق طريق بارا - أم درمان؛ بهدف منع قوات الدعم السريع من استخدام الطريق، وأعلنت القوات المسلحة السودانية أنّ أيّ مركبات على الطريق ستُعتبر أهدافاً عسكرية. في المقابل، أغلقت قوات الدعم السريع طريقاً آخر، يربط شمال كردفان بالخرطوم، ويمر بين الأبيض وكوستي، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، في أم روابة في الأول من آب (أغسطس).

وتراجع العنف إلى حد كبير في المنطقة في الوقت الحالي نتيجة لهذه الإجراءات، لكنّ هذه الحوادث تثير مخاوف بشأن الهجمات الانتقامية المحتملة من قبل قوات الدعم السريع، والتصعيد المحتمل من الميليشيات المحلية الأخرى.

في شمال كردفان استمر القتال بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، بالقرب من العاصمة الأبيض.

جماعات محلية مسلحة

ظهرت جماعات مسلحة أخرى في شمال كردفان انخرطت في النشاط العسكري، إحدى هذه الجماعات هي مجموعة شعب الكبابيش، وهي مجموعة من الرعاة العرب الرحل، تقطن شمال كردفان، قررت حمل السلاح ومواجهة قوات الدعم السريع على طول الطريق بين أم درمان وبارا.

في 22 تمّوز (يوليو) اشتبك جنود قوات الدعم السريع وميليشيات الكبابيش في بلدة رهيد النوبة، بعد أن حاولت قوات الدعم السريع نهب شاحنة نقل مدنية. واندلعت اشتباكات أخرى في اليوم نفسه عند نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع، على طريق براء - أم درمان؛ بالقرب من رهيد النوبة.

بعد الاشتباكات أغلقت ميليشيات الكبابيش، إلى جانب ميليشيات الرعاة العرب الرحل الأخرى، مثل دار حامد، طريق براء - أم درمان في رهيد النوبة. أشعلت هذه الخطوة القتال مع قوات الدعم السريع، التي أفادت التقارير الميدانية أنّها فقدت نحو (10) مركبات عسكرية على يد الكبابيش.

كارثة إنسانية

يعاني السودان من كارثة إنسانية، حيث يواجه ما يقرب من 42% من سكان البلاد، البالغ عددهم (46) مليون نسمة، مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، حسبما قال ممثل رفيع عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) يوم الجمعة الماضي.

يعاني السودان من كارثة إنسانية

وقال آدم ياو، نائب ممثل الفاو في السودان، متحدثاً عن بُعد من بورتسودان، لمؤتمر صحفي في جنيف: إنّ "الوضع الغذائي في البلاد مقلق للغاية".

وفقاً لتقرير الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، فإنّه من المتوقع أن يتضاعف عدد  الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في الفترة بين تمّوز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر)، وذلك مقارنة بالتحليل الأخير الذي تم إجراؤه في أيّار (مايو) 2022، حسبما قال ياو، الذي أضاف: "هذا يعني أنّ (20.3) مليون شخص في السودان، يواجهون مستوى مرتفعاً من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ممّا يجعل هذا البلد من أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي على هذا الكوكب."

وفقاً لتقرير الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، فإنّه من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في الفترة بين تمّوز إلى أيلول 

ولفت ياو إلى أنّ حوالي (14) مليون شخص، يمثلون 29% من السكان، يعيشون في مستوى أزمة غذائية كبيرة، في حين أنّ أكثر من (6.2) ملايين شخص، أصبحوا على بعد خطوات قليلة من المجاعة. مضيفاً: "في بعض الولايات الجنوبية والغربية، بما في ذلك أجزاء من دارفور، يعاني أكثر من نصف السكان من الجوع الحاد.

ممثل الفاو ناشد المجتمع الدولي سرعة التحرك قائلاً: "الوضع حرج، العائلات تواجه معاناة لا يمكن تصورها، وقد رأيت ذلك بأم عيني، هم معدمون، إنّهم بحاجة إلى مساعدة".

بدوره، قال إيدي رو المدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي للسودان: إنّ إيصال الإمدادات الغذائية الطارئة للأشخاص المحاصرين، في المناطق الريفية التي مزقتها النزاعات، أصبح معقداً بشكل متزايد. ووصف الوضع حول دارفور بأنّه "كارثي" بالنسبة إلى النساء والأطفال الذين باتوا دون عائل، بعد قتل وإصابة الأزواج والآباء. وأضاف: "برنامج الأغذية العالمي وصل الأسبوع الماضي فقط إلى غرب دارفور للمرة الأولى، وساعد أكثر من (15) ألف شخص عبر تشاد".

مواضيع ذات صلة:

بعد ممانعة وتشدد... لماذا طلب الجيش السوداني العودة إلى منبر جدة؟.. وما موقف الإخوان؟

ما الذي حملته قمة القاهرة لدول جوار السودان؟

"السودان يعاني فراغاً في القيادة"... رواه آبي أحمد وأخرجته إيغاد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية