خبراء: النيجر تشعل التوتر بين الجزائر وفرنسا وتكشف تخبط "إيكواس"

خبراء: النيجر تشعل التوتر بين الجزائر وفرنسا وتكشف تخبط "إيكواس"

خبراء: النيجر تشعل التوتر بين الجزائر وفرنسا وتكشف تخبط "إيكواس"


23/08/2023

شيماء بهلول

تمر العلاقات الفرنسية الجزائرية بتدهور في الفترة الأخيرة، على خلفية العديد من الملفات، وكان آخرها ما تردد عن رفض الجزائر طلباً فرنسياً باستخدام مجالها الجوي لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر، وهو ما قوبل بنفي من باريس.

ورغم التهديدات العسكرية المتواصلة من قبل منظمة "يإكواس" والاتحاد الإفريقي، يعتزم المجلس العسكري في نيامي المضي قدماً في المرحلة الانتقالية التي اقترحها والمقررة لمدة 3 سنوات، ما ينذر باحتمالية تنفيذ إجراءات استثنائية لحل الأزمة في النيجر.

تضارب فرنسي جزائري

وحول تباين المواقف بين فرنسا والجزائر، قال اللواء محمد عبد الواحد، المتخصص في الأمن القومي والجماعات الإرهابية والشؤون الإفريقية والاستراتيجية لـ 24: "على الرغم من أن الجزائر نشرت هذا الخبر عبر إذاعتها الرسمية، الإثنين، بأنها رفضت طلباً فرنسياً لفتح أجوائها أمام تدخل عسكري في النيجر، إلا أن هذا الخبر يطرح علامات استفهام كثيرة".

وأضاف أنه "ربما حدث سوء فهم من قبل الطرفين، لأن فرنسا تعلم جيداً موقف الجزائر المتمثل في رفض الانقلاب العسكري، كما أنها ضد شن أي عملية عسكرية في النيجر"، مشيراً إلى أن الجزائر لن تسمح بأي مؤثرات على أمنها القومي، فالهجوم على النيجر يعني نزوح ولاجئين وحدود مفتوحة تكلفها الكثير، خاصة وأن لها حدود متقاربة مع مالي وليبيا.

في حين أكدت الدكتورة إيمان الشعراوي، الباحثة المتخصصة في الشأن الافريقي، مدير وحدة الدراسات الافريقية بمركز المستقبل الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، في حديث لـ24 أن، "ما أعلنت عنه الجزائر برفضها طلب فرنسي باستخدام الأجواء الجزائرية في عملية عسكرية مرتبطة بالنيجر، والنفي الفرنسي لهذا الأمر بعدها بساعات، يأتي في إطار ما تمر به العلاقات بين الدولتين من تدهور في الفترة الأخيرة، بسبب الخلاف حول الكثير من الأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل، والرفض الشعبي لأي تدخل فرنسي في الشؤون الجزائرية باعتباره المستعمر السابق، فضلًا عن سعي الجزائر لأن تلعب دور الدولة القائد في منطقة الساحل الإفريقي بما يتعارض مع النفوذ الفرنسي".

وأشارت إلى أن الجزائر ترفض أي محاولات للتدخل العسكري في النيجر، وذلك لما يحمله هذا التدخل من تداعيات سلبية تؤثر على استقرار النيجر وإقليم الساحل والصحراء بوجه عام، مما يزيد من الأعباء الأمنية عليها وذلك مع طول حدودها الجنوبية عبر مالي والنيجر وليبيا، وانتشار التنظيمات الإرهابية، فضلًا عن رفضها تحويل النيجر لساحة للصراع الدولي بين القوى العظمى تؤثر على مصالحها هناك.

حقيقة العمل العسكري

وعن التهديدات المتواصلة بشن عملية عسكرية في النيجر، قال اللواء عبد الواحد: "على الرغم من أن الحل العسكري هو أحد السيناريوهات المطروحة لحل أزمة النيجر، إلا أن في التقدير استبعاده بسبب تداعياته الكارثية على المنطقة".

وأضاف "أعتقد أن إيكواس تستخدم سياسة "حافة الهاوية"، فالتلويح باستخدام العمل العسكري في هذا الوقت، يأتي لردع الانقلابيين وإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى السلطة مرة أخرى".

فيما لفتت الشعراوي، إلى حالة التخبط التي تعيشها فرنسا، والبحث عن حلفاء لها في توجيه ضربة عسكرية للنيجر من خلال الإيكواس، وذلك بعد أن تخلت عنها الولايات المتحدة الأمريكية التي تميل للتعامل مع المجلس العسكري النيجري وحل الأزمة دبلوماسياً، لذلك إلى الآن لم تقم بتوصيف ما حدث في النيجر بالانقلاب العسكري، فضلًا عن تعيين واشنطن سفيرة جديدة في النيجر بعد الإطاحة بمحمد بازوم، وهو ما يؤكد تباين الموقفين الفرنسي والأمريكي.

حسابات خاطئة

وأشار اللواء عبد الواحد في حديثه لـ 24، إلى أن تلويح إيكواس باللجوء إلى العملية العسكرية مر بمرحلتين، الأولى كانت بالتهديد بشن عمل عسكري عقب الانقلاب مباشرة، والذي كشف عن سوء تقدير من المجموعة، نظراً لأن الانقلاب وضعها أمام تحديات جديدة.

وأوضح أن الإيكواس توصلت إلى حسابات خاطئة، فالصراع على رأس النظام الدولي أفرز عن وجود استقطاب شديد في المنطقة، وتمرد عدد من الدول على المجموعة والاتحاد الإفريقي مثل مالي وبوركينا فاسو، بالإضافة إلى انقسام المنظمة على نفسها بين رافض ومؤيد للعملية العسكرية.

وأضاف "منظمة الإيكواس لم تظن أن يُصعّد الانقلابيون بهذا الشكل المتواصل، ويرفضون الإفراج عن محمد بازوم وإعادة الدستور".

ومن جهتها، أوضحت الشعراوي، أن الانقلابيين في النيجر يواجهون تحدياً جديداً يتمثل بظهور حركة تتبنى العمل المسلح ضد الجيش وقادة الانقلاب العسكري بقيادة عيسى أغ بولا، حليف الرئيس النيجري محمد بازوم.

وأكدت الشعراوي أن بولا سيحصل على دعم من قبل الدول الرافضة للانقلاب العسكري، وعلى رأسهم فرنسا، فضلًا عن بعض المواطنين داخل النيجر الذين يرفضون الانقلاب العسكري ولم يجدوا كياناً أو فصيلاً يعبرون عن أنفسهم من خلاله، ما يزيد الأمر تعقيداً داخل النيجر بالشكل الذي قد يدخلها في دوامة الحرب الأهلية وانتشار التنظيمات الإرهابية.

لا أهداف عسكرية

وكشفت الشعراوي لـ 24، أن فرنسا لن تُقدم على الحل العسكري بشكل مباشر، وأنها تضغط على منظمة الإيكواس للقيام بذلك، مستبعدة توجيه ضربة عسكرية للنيجر في ظل رفض أكثر من نصف دول المنظمة على رأسهم مالي وبوركينا فاسو هذا التدخل، والرفض الشعبي من قبل المؤسسات المنتخبة في دول الجوار مثل مجلس الشيوخ النيجيري، بالإضافة إلى رفض الاتحاد الأفريقي للتدخل العسكري، وعدم تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الخيار، الذي يضعف الموقف الفرنسي ويمنعها من التدخل عسكرياً بشكل منفرد.

في حين، رأى اللواء عبد الواحد أنه حتى الآن فإنه من غير المعروف ما هي الدوافع الحقيقة لأي عمل عسكري، هل هي دوافع أخلاقية لإعادة الديمقراطية إلى النيجر، أم هي دوافع انتقامية للانقلابيين وما فعلوه، من أجل ضمان عدم تكرار هذه التجربة في المنطقة؟.

كما تساءل عن عدم وجود أهداف للعملية العسكرية إلى الآن، هل ستكون شاملة تهدف إلى تحرير محمد بازوم، أم أنها ستكون عملية جوية تقوم من خلالها بضرب المقرات العسكرية وتدمير البنى الأساسية؟.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية