خمسة إيرانيين بستة مليارات؟

خمسة إيرانيين بستة مليارات؟

خمسة إيرانيين بستة مليارات؟


19/09/2023

طوني فرنسيس

أفرجت الولايات المتحدة الأمريكية عن ستة مليارات دولار مقابل استعادة خمسة من حملة جنسيتها كانوا يقبعون رهائن في سجن أيفين الشهير في طهران. الآن لن يعرف العالم تتمة القصة.

البحث كان قائماً بين إيران وأمريكا حول ملف إيران النووي والعودة إلى خطة العمل المشتركة خصوصاً المنجزة في يوليو (تموز) 2015. لكن تكويعةً غرائبية حصلت وجعلت الاتفاق يُنجز بروح ثمانينات القرن الماضي: رهائن مقابل أموال أو أسلحة كما حصل في صفقة "كونترا" الشهيرة.

في الثمانينات، تحولت بيروت إلى مسرح لخطف الأجانب، من أمريكيين وأوروبيين وسوفيات حتّى، وكانت إيران ومنظّماتها تقف وراء غالبية عمليات الخطف. بعض سعداء الحظ من هؤلاء المخطوفين تمكنوا من العودة سالمين إلى عائلاتهم بعدما أمضوا شهوراً وسنوات رهائن في أيدي خاطفيهم، وبعضهم قضى تحت التعذيب أو بسبب المرض.

كان الخاطفون يلتقطون أمريكياً ليفاوضوا أمريكا وفرنسياً ليفاوضوا فرنسا، وبريطانياً ليقايضوا بريطانيا، والثمن كان مالاً وسلاحاً ومواقف سياسية وعناصر متّهمة في الدول المعنية بأعمالٍ منافية للقانون السائد.

انتهت تجارب الثمانينات مع إمساك الشريك السوري بموضوع الساحة اللبنانية. لم يعد الخطف مسموحاً والنظام السوري يمسك بلبنان تحت رعاية أمريكا والمجتمع الدولي، فاضطرّت إيران للجوء إلى "حواضر البيت". فإيران ليست مقصداً للأمريكيين والغربيين منذ الثورة الخمينية، لا سياح ولا رجال أعمال. لم يبق فيها إلا بعض الدبلوماسيين وممثلو بعض الشركات، فأين سيتوفر العدد المناسب من الرهائن لمتابعة عمليات المقايضة؟

لم يبق أمام سلطات طهران سوى اعتقال مواطنيهم الذين يحملون جنسيات أخرى. الرهائن الخمس كانوا هذه المرّة من الإيرانيين الذين يحملون الجنسية الأمريكية وجاؤوا إلى بلادهم الأم مثلما يعود أي مغترب إلى وطنه.

في أمريكا يعيش مئات الآلاف من الإيرانيين. كثيرون غادروا وطنهم بعد تولّي الملالي السلطة، لكنّهم جميعاً يحلمون بالعودة إلى وطنهم، ولو أصبحوا مواطنين أمريكيين. الخمسة كانوا من هؤلاء. احتجزهم وطنهم الأم وقبض ثمنهم ستة مليارات دولار عداً ونقداً، فقط لأنهم يحملون الجنسية الأمريكية.

إنها نقطة سوداء إضافية في تاريخ سلوك النظام الإيراني، ونقطة بيضاء إضافية في سلوك النظام الأمريكي الذي يحمي حاملي جواز سفره حتى لو كانوا في أيفين، ولكن السؤال الذي لا جواب له حتى الآن، هو هل هذه هي القصة كاملة؟ أم أن وراء الصفقة تتمّات ونتائج ستظهر لاحقاً؟ على كل حال... يتبع.

عن "نداء الوطن"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية