دراسة تكشف خفايا الإنفاق العسكري الإيراني

دراسة تكشف خفايا الإنفاق العسكري الإيراني


05/12/2018

نشر معهد دراسات بريطاني دراسة تضمنت تحليلاً دقيقاً لميزانية إيران لعام 2018، ومسارها التصاعدي للإنفاق العسكري والتغييرات الرئيسة في كيفية تخصيص الموارد.

 الدراسة، التي أجرتها جنيفر تشاندلر، من المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "IISS"، وهو معهد أبحاث بريطاني في مجال الشؤون الدولية، تشير إلى حقيقة أنّ الميزانية السنوية الإيرانية هي مجرد لقطة صغيرة من التكاليف الرسمية والعلنية للبلاد؛ حيث إنّ العديد من المؤسسات، خاصة القوات المسلحة، بإمكانها الوصول إلى موارد مالية من خارج دائرة الموازنة، والتي تمكنها من استخدامها كي تزيد من حجم مصادرها المالية، وفق ما نقلت "العربية".

ميزانية عام 2018 لم تظهر أيّ مبلغ لتمويل فيلق القدس وهذا يدلّ على أنّ له مصادر مالية أخرى

ولهذا الغرض، ينشط الحرس الثوري بقوة في مجال إنشاء شركات خاصة على مستوى البلاد، بغية زيادة الإيرادات، ويستخدم نفوذه السياسي القوي للحصول على عقود في مجال البنية التحتية والمناقصات الخاصة، والتي تشمل: الإسكان، والطاقة، ومدّ الطرق، والمواد الغذائية، والنقل.

واستخلص المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية "IIS" خمس نتائج رئيسة للميزانية الإيرانية لعام 2018-2019، تتلخص في الآتي: إنّ الموارد الرسمية المخصصة للشؤون العسكرية والدفاعية في إيران، أعلى بكثير من تلك التي تطلبها عادة جماعات الضغط، والمتشددون داخل وخارج البرلمان؛ حيث تطلب وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري، ومعها كبار المسؤولين العسكريين، من أمثال: اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، وعلاء الدين بروجردي، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، فضلاً عن عدد من المتشددين والأصوليين في البرلمان، يطلب جميع هؤلاء من الحكومة تخصيص 5% من الميزانية العامة للشؤون العسكرية، وقد لبى البرلمان هذا الطلب، عام 2016، ونتيجة لذلك فقد بلغ إجمالي الإنفاق العسكري، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب، 921 تريليون ريال (19.6 مليار دولار).

كما استخلص أنّ انخفاض سعر الريال الإيراني مقابل الدولار؛ من نيسان (أبريل) إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2018، تسبّب في انخفاض الميزانية العسكرية على مدار ستة أشهر من 21.6 مليار دولار إلى 19.6 مليار دولار، وتشير هذه الظاهرة إلى أنّ الارتفاع الدراماتيكي في الميزانية بالريال الإيراني، لا يعني بالضرورة منح الأولوية من قبل النظام الإيراني لكافة الشؤون العسكرية.

ومع ذلك؛ فإنّ الإنفاق العسكري الإيراني، عام 2018، وفق الأسعار الحقيقة؛ فقد ارتفع بنسبة 53%، مقارنةً بالأعوام الخمسة الماضية.

وتشير الدراسة إلى أنّ الميزانية المخصصة بين 2018-2019 لمقرّ خاتم الأنبياء المركزي (لا ينبغي الخلط بينه وبين مقر خاتم الأنبياء للبناء)، إلى أهمية وتأثير هذا المقرّ المتزايد، خاصّة بعد أن تسلم الجنرال غلام علي رشيد قيادة هذا المقر.

ووفق بعض وسائل الإعلام الإيرانية؛ فإنّ مقرّ خاتم الأنبياء المركزي؛ هو المسؤول عن "التنسيق في المجالات الدقيقة والحساسة في الشرق الأوسط"، وقائد هذا المقرّ، غلام علي رشيد، وهو أحد القادة الرئيسين للحرس الثوري الإيراني، وله علاقات وثيقة مع اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، ذراع التدخل الخارجية للحرس الثوري الإيراني.

ميزانية الحرس الثوري الإيراني تبلغ حوالي 303 تريليونات ريال ما يعادل 6.4 مليار دولار في عام 2018

ويختلف هذا المقر عن "مقر خاتم الأنبياء للبناء" التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي يعدّ في الوقت الراهن أكبر مقاول للمشاريع الحكومية في إيران، والمصدر الرئيس لموارد الحرس الثوري الإيراني خارج إطار الميزانية الرسمية.

وتوصلت الدراسة إلى أنّ استعراض الميزانية العسكرية الإيرانية للفترة (2018-2019)؛ يظهر أنّ نفقات قوات الشرطة قد زادت بنسبة 84%، مقارنة بالعام الماضي، وهي في الواقع أعلى زيادة في الإنفاق بعد دمج هذه القوات في الميزانية العسكرية العامة للبلاد.

وعلى هذا الأساس؛ فإنّ ميزانية قوات الشرطة التي تمثل ما يقارب 16% من الميزانية العسكرية لإيران، تشهد ارتفاعاً ملحوظاً مقارنة بميزانية الجيش النظامي الإيراني؛ حيث تمّ تخصيص 12.1% من الميزانية العسكرية للجيش.

ومن المرجح أنّ الزيادة الكبيرة في ميزانية الشرطة، المسؤولة مباشرة عن الأمن الداخلي، على صلة بالاحتجاجات العامة والاستياء الشعبي من السلطة، وكانت إيران قد شهدت، في نهاية 2017 ومطلع 2018 احتجاجات واسعة، عمّت 75 مدينة في مختلف أنحاء البلاد، وما تزال الاحتجاجات مستمرة بين الحين والآخر، خاصة الاحتجاجات العمالية.

كما تبين دراسة ميزانية 2018-2019؛ أنّ 33% من الميزانية العسكرية للبلاد تمّ تخصيصها للحرس الثوري، ولا تتضمن هذه النسبة، الموارد المخصصة للمراكز والمرافق التعليمية والأيديولوجيا والسياسية، التي لها تعاريف منفصلة في الميزانيات المتعلقة بالحرس الثوري الإيراني، وبهذا فقد تبلغ ميزانية الحرس الثوري الإيراني حوالي 303 تريليونات ريال (ما يعادل 6.4 مليار دولار).

وفي مشروع قانون الميزانية؛ الذي تمّ تقديمه إلى البرلمان، عام 2017، فقد بلغت ميزانية فيلق القدس 10 تريليونات ريال (213 مليون دولار)، والقدر نفسه من التمويل خصص لبرنامج الصواريخ الإيرانية، لكن لم يظهر في الميزانية لعام 2018 أيّ مبلغ لتمويل فيلق القدس، والبرنامج الصاروخي، وهذا إن دلّ على شيء؛ فإنّه يدلّ على أنّ لهما مصادر مالية خارج الميزانية العسكرية الرسمية للبلاد، وفق الدراسة.

وفي الختام؛ استنتج التقرير أنّ المعطيات الأولية تشير إلى تغييرات في مستوى وطريقة تخصيص المورد المالية للإنفاق العسكري الإيراني، ويظهر أيضاً كيف تقوم إيران بمتابعة خططها الأمنية والدفاعية.

 

الصفحة الرئيسية