عقود من أكاذيب الإخوان.. هذا ما كشفته الانتخابات الأمريكية

عقود من أكاذيب الإخوان.. هذا ما كشفته الانتخابات الأمريكية


03/11/2020

لعل الأكذوبة الكبرى التي رددها الإخوان عبر عقود، هي معركتهم مع الأمريكان، وأنها صراع يخوضه التنظيم ضد التهديدات التي يواجهها الإسلام؛ جراء المؤامرة الكبرى التي كشفتها بروتوكولات حكماء صهيون، وأنّ اللوبي اليهودي يتحكم في دوائر صنع القرار، من أجل دفع الأمريكان لوأد المشروع الإسلامي الذي دشنه المؤسس حسن البنا.

 لعل الأكذوبة الكبرى التي رددها الإخوان عبر عقود هي معركتهم مع الأمريكان

ونقلت أدبيات الإخوان عن سيد قطب أنه عرف البنا في أمريكا، عندما أقامت الدولة الأفراح بمجرد أن وصل إليهم خبر اغتيال الإمام، الرجل الأخطر على الغرب الأمريكي! غير أن جميع تلك الأكاذيب بددتها حملة جماعة الإخوان المسلمين في أمريكا لدعم مرشح الحزب الديمقراطي، جو بايدن، ضد دونالد ترامب، بعد أن تكشفت حقيقة العلاقة بين الجماعة و"عدوها الأكبر"، وأن التنظيم كان عنصراً طيعاً استخدمه الأمريكان للضغط على الحكومات العربية في الشرق الأوسط من جانب، والسيطرة على الجاليات الإسلامية في أوروبا ولديها من جانب آخر!

تحالف كشف كذب الإخوان

الباحث في الشؤون الإسلامية، مدير المعهد الكندي للإسلام الإنساني، سعيد شعيب، قال إن اليسار في الغرب متحالف مع الاسلاميين في المجمل، موضحاً في تصريح لـ"حفريات" أن "ذلك ليس من منطلق نظرية المؤامرة، لكن باعتبارهم ممثلين للمسلمين، كما يفضل أن يقدم تيار الإسلام السياسي نفسه، هنا يدافع الغرب عنهم على اعتبار أنهم من الأقليات متغاضياً عن أيديولوجيتهم".

 

وأضاف شعيب: أقصد باليسار هنا شقيه الاثنين سواء الأكاديمي أو السياسي، لافتاً إلى أنه "ليس الإخوان وحدهم من تحالف مع اليسار الأمريكي، بل المنتمون لتيارات الإسلام السياسي عموماً، العاملون تحت مظلة الإخوان، مثل السلفيين، وحزب التحرير،  والتنظيمات الشيعية، والتنظيمات التركية، جميعهم يقودهم الإخوان؛ لأنهم الأقدم، والأكثر تنظيماً، بالتالي الإخوان يحشدون جميع هؤلاء من أجل التصويت لليسار ضد ترامب اليوم".

اقرأ أيضاً: الإخوان والانتخابات الأمريكية: وعود "مليونية" من الإخوان لبايدن

وأشار الباحث أن بايدن لا يختلف عن أوباما، أو هيلاري: "فليست لديهم مشكلة أن يحكم الإخوان الشرق الأوسط، طالما اختارهم الناس، وذلك نابع لمفهوم خاص بالأقليات في الغرب الأمريكي، مرتبط بحساسية زائدة في التعامل معهم، وعائد للميراث الاستعماري، وجزء منه إبادة السكان الأصليين أنفسهم في أمريكا، ونموذجاً لذلك ما يقدمه الدستور الكندي من تمييز إيجابي لصالح الأقليات، نتيجة لتلك الحساسية".

سعيد شعيب: اليسار في الغرب متحالف مع الإسلاميين في المجمل

ولفت شعيب إلى أن هناك قطاعات في الغرب، نتيجة الإرهاب الذي ارتكبه بعض المسلمين، أو الإرهاب الحاصل جراء "الربيع العربي"، بدأت تنتبه لخطورة هذه التيارات، "على اعتبار أن مشروع الإسلام السياسي قائم على هدم الغرب"، موضحاً: تنامي ذلك الإدراك دفع الناخبين لاختيار اليمين، والتيارات اليمينية الموجودة حالياً هي نوع اليمين المتطرف الذي لم يحمل سلاحاً بعد؛ فقط يريد هدم صيغة العلمانية الديمقراطية الحرة في الغرب، والقائمة على الحريات في المطلق. أما النوع الآخر من اليمين، المحافظ أو الحضاري، فهو يرغب في الحفاظ على تلك الصيغة؛ "العلمانية الديمقراطية الحرة، معنى ذلك أن فشل اختيار المجتمعات لليمين المحافظ، للحد من خطورة تيارات الإسلام السياسي في الغرب، سيدفع في اتجاه اختيار اليمين المتطرف".

اقرأ أيضاً: هكذا تغذي الانتخابات الأمريكية أوهام جماعة الإخوان

ويرى شعيب أن "إدراك الإخوان لخطورة اليمين على مشروعهم دفعهم لعدم انتخابه، واختيار بايدن، متعجباً من الذين خاضوا معركة حياة مع تيارات الإسلام السياسي في مصر كيف يدعمون اليسار في الغرب، وهو المتحالف مع الإخوان".

عقود من الانتشار

ويرجع شعيب سر اتساع رقعة ذلك التواجد الإخواني (الذي يضم السلفيين، والاسلام السياسي التركي والإيراني) إلى "تواجد منظمات الإخوان في الغرب منذ عقود، بدعم مباشر من أموال الخليج في تلك الفترة،  سواء عبر حكومات أو أفراد. وسيطرة الإخوان على جميع تيارات الإسلام السياسي في أمريكا عموماً عائد إلى أن الإخوان هم الأقوى اقتصادياً، وتغلغلوا لعقود وسط المجتمعات الغربية، وبعضهم أعضاء في الحزب الديمقراطي، لذلك كانت مسألة عادية أن تكون مساعدة هيلاري كلينتون وقت وجودها في الحكومة الأمريكية سيدةً من أب منتمٍ لجماعة الإخوان؛ الأمر ليس نظرية مؤامرة، لكنه التواجد الطبيعي لتلك الجماعات في المشهد الأمريكي".

واستكمل الباحث: "أيضاً اتساع رقعة التواجد الإخواني عائد للتخويف الممارس ضد كل من يواجه أيديولوجيتهم، أو ينتقد النصوص التي تدعم رؤيتهم العنصرية للاسلام، في كندا مثلاً خاض تيار الإسلام السياسي معركة لرفع الأذان عبر مكبرات الصوت في رمضان الماضي، فاعترض أحد المواطنين في كندا على ذلك، على اعتبار أن ذلك انتهاك لقوانين البيئة، التي منها الصوت المرتفع، لكن نتج عن موقفه ذلك أن طُرد من وظيفته، وطرد من مجلس الآباء في مدرسة أولاده؛ وذلك بتهمة الإسلاموفوبيا!".

سعيد شعيب: اليسار في الغرب متحالف مع الإسلاميين في المجمل

ويرى شعيب أن هناك عاملاً ثالثاً لاتساع رقعة تواجد الإخوان في المشهد الأمريكي أو الغربي عموماً: "إن المؤسسات أو المنظمات التي تتبنى وجهات نظر ضد الإخوان وضد تيارات الإسلام السياسي لا يجدون أي دعم من الشرق الأوسط، لذلك يجب أن يتم دعم القوى الناعمة في الغرب التي تعمل ضد تيار الإسلام السياسي، مثل مراكز الأبحاث، والصحفيين، والسياسيين، هناك أيضاً قوى اجتماعية، جميعهم ليس بينهم وبين الدول المحاربة للإخوان في الشرق الأوسط أي جسر، ولا يتلقون أي دعم مثل ما يتلقى الإخوان، إلى جانب أن تلك القوى الناعمة ليست منظمة فيما بينها مثل الإخوان في الغرب!".

تحول المشهد السياسي

الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، عمرو فاروق، قال إن تحول المشهد السياسي الغربي في النظر إلى جماعة الإخوان عائد إلى ما شهدته الدول الغربية من بعض مظاهر تحول في الهوية الوطنية جراء الانتشار الثقافي لتلك المجموعات، وهو ما يمثل تهديداً للهوية في الغرب، موضحاً في حديثه لـ"حفريات": "الهوية الثقافية والفكرية لمجتمعاتها بدأت تتغير، وبدأ تشكيل مجتمعات موازية تقريباً مثل ما يحدث في فرنسا وألمانيا، وأصبح هناك ظهير واسع جداً لجماعة الإخوان أو السلفية الجهادية، أضف إلى ذلك أن هناك تغييراً على مستوى المشهد في الإدارة الأمريكية، ترامب أو الجمهوريون في إطار الأدوات التي يستخدمونها للسيطرة على المجتمعات لا يستخدمون الإسلاميين، من يستخدم تيارات الإسلام السياسي دائماً الديمقراطيون".

وأضاف فاروق:" ترامب جاء من تيار مختلف تماماً، بعيداً عن مسألة الجمهوررين والديموقراطيين، فهو جاء من التيار القومي، لأن هناك خلافاً كبيراً جداً بين العولمة العلمانية والتيار القومي، ترامب يتبنى التوجه القومي وتوطيد فكرة الدولة الوطنية، بالتالي عمل فترة حكمه على سحب جميع الجنود الأمريكان الموجودين في صراعات داخل تلك الدول، وتقليل المنتشرين منهم في أفريقيا وفي سوريا والعراق واليمن، دعماً لمفهوم الدولة الوطنية، أما دور ترامب الحفاظ على النظام القومي في دولته، الذي يدين بالولاء للنظام الأمريكي في النهاية، لكن مع احترام قوميات هذه الدول أو الجغرافيا السياسية التي يتمركزون فيها، وذلك المشهد بدأ تطبيقه حاليا في أوروبا، وبدأت ألمانيا تأخذ ذلك المنحى، وفرنسا تسير في ذلك الطريق، لكنهم مازالوا إلى الآن غير قادرين على وضع الإخوان على قوائم الإرهاب لأنه مازال هناك لوبي في الإدارة الأمريكية يرى ضرورة وجود الإخوان في المشهد، إلى جانب أن الإخوان أصبحوا متجذرين في أوروبا؛ علاقات اجتماعية، علاقات بدوائر صنع قرار، توظيف من أجهزة استخبارتية، أموال متداخلة مع شركات أجنبية من خلال التنظيم الدولي، شركات عابرة للقارات، لذلك لن يتم تعديل المسار بسهولة".

تغير الأجندة الأمريكية

ويلفت فاروق إلى اختلاف المشهد تماماً في المنطقة العربية بعد 2017 جراء وصول ترامب للسلطة: "الأجندة الأمريكية التي كانت مطروحة قبل وصول ترامب هي أجندة دعم جماعة الإخوان في المشهد السياسي، لذلك لو لم يكن لديهم ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية لم يكن ليرتكبوا العنف في مصر بعد 2013، وبتحليل بسيط للعنف الذي مارسه الإخوان في الشارع المصري تحديداً، سنجد أنه قل بنسبة 80% بعد 2017، حجم العنف كان كثيفاً ما بين 2011 و2017، لكن بعد انتخاب ترامب المشهد اختلف تماماً".

واستكمل الباحث المصري: "وصول بايدن معناه دعم جماعة الإخوان، من خلال الضغط على الأنظمة السياسية لقبولهم، ولو تحدثنا على المشهد المصري لربما يحدث تغيير أيضاً. لذلك الدولة المصرية محتفظة برؤوس الجماعة، وذلك له مغزى سياسي في النهاية، لأنك بذلك تعطل التنظيم الدولي، لأن من يصدر القرارات وينفذها مكتب الإرشاد في القاهرة وليس التنظيم الدولي، بما فيهم إلقاء القبض على محمود عزت".

اقرأ أيضاً: هل جعل الإخوان التحشيد لانتخاب بايدن من أركان الإسلام؟

ويشير فاروق إلى أن الإخوان في الولايات المتحدة يحشدون لدعم بايدن للخلاص من ترامب: "الحزب الجمهوري ملاذ الإخوان في المرحلة الراهنة؛ حتى تستغل الجماعة السنوات المقبلة في إعادة ترتيب حساباتها، وترتيب المشهد في سوريا والعراق، أو على الأقل العودة للسيطرة مرة أخرى، وفك حصار اقتصادياتهم واستردادها مرة أخرى، ولن يحدث ذلك إلا اذا حدث تغيير للمشهد الأمريكي، لذلك يحدث حشد كبير للمسلمين في أمريكا من أجل انتخاب بايدن، يمارس ذلك الحشد واحدة من أكبر المنظمات في أمريكا، منظمة «اسنا»، وجميع الأعضاء بها إخوان، وهي المسؤولة عن تدريب كل الخطباء المسلمين الموجودين، حتى في الجيش الأمريكي، ومسؤول إسنا كان مستشاراً في إدارة الأمن القومي الأمريكية، أيضاً نائب رئيس هذه المنظمة عمل مستشاراً في إدارة جهاز الأمن الداخلي، واستجوب في فترة جراء دعمه لتنظيم القاعدة".

الصفحة الرئيسية