عودة الاغتيالات إلى لبنان لا تبشر بحلحلة قريبة للوضع المتأزم

عودة الاغتيالات إلى لبنان لا تبشر بحلحلة قريبة للوضع المتأزم


04/02/2021

تنتقل الأوضاع في لبنان من سيّئ إلى أسوأ، ويهدّد عودة مسلسل الاغتيالات بجرّ البلاد إلى مستنقع العنف من جديد، في الوقت الذي لم يخرج فيه لبنان بعد من الفراغ السياسي والاحتجاجات الشعبية بسبب الأزمات المتفاقمة وجائحة  كورونا.

وقد استيقظ لبنان اليوم على خبر اغتيال الناشط المعارض لحزب الله لقمان سليم، بعد اختفائه لساعات، ثمّ العثور عليه مقتولاً بطلقات في الرأس، وسط حالة من الصدمة وتوقع الأسوأ من قبل المراقبين، في وقت لا يحتمل فيه لبنان صدمات جديدة.

قال منسق الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، في تغريدة عبر "تويتر": إنني منزعج للغاية من الخسارة المأساوية للقمان سليم، الناشط والصحفي المحترم، والصوت المستقل الصادق الشجاع

وحذّر حزب المستقبل اللبناني من مخاطر العودة إلى مسلسل الاغتيالات واستهداف الناشطين، مطالباً الجهات المختصة الأمنية والقضائية الشرعية بجلاء الحقيقة بأسرع وقت، بحسب بيان تداولته وسائل إعلام لبنانية.

وقد فتحت السلطات اللبنانية القضائية تحقيقاً في الحادث، وبناء على إشارة النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان تمّ نقل جثة الناشط إلى مستشفى صيدا الحكومي، بعدما أنهى الطبيب الشرعي الكشف عليها، وتبيّن أنها مصابة بـ5 طلقات نارية؛ 4 في الرأس، وواحدة في الظهر.

وقال منسق الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في تغريدة عبر تويتر: "إنني منزعج للغاية من الخسارة المأساوية للقمان سليم، الناشط والصحفي المحترم، والصوت المستقل الصادق الشجاع. أطلب من السلطات التحقيق في هذه المأساة بشكل سريع وشفاف واستخلاص النتائج اللازمة"، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم".

وأضاف: "هذا التحقيق يجب ألّا يتبع نمط التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي بقي بعد 6 أشهر غير حاسم ودون محاسبة... يجب أن يعرف الناس الحقيقة".

وأثارت حادثة الاغتيال حالة من الصدمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يحتج الناشطون وقتاً للربط بين الحادثة وحزب الله، ليس فقط لموقف الناشط الشيعي المعارض لحزب الله، ولكن لسلسلة الاغتيالات الطويلة المتهم فيها الحزب.

وتشمل سلسلة الاغتيالات كلاً من: "كامل مروة، كمال الحاج، سليم اللوزي، رياض طه، مصطفى جحا، سليم يموت، مهدي عامل، خليل نعوس، سهيل طويلة، حسين مروة، حكمت الأمين، ميشيل سورا، سمير قصير، جبران تويني، لقمان سليم".   

تأتي حادثة الاغتيال غداة زيارة وزير الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى القاهرة، ما حمل تفاؤلاً بشأن عودة الزخم الدولي إلى الملف اللبناني ودفعه، سواء من الحلفاء العرب أو الأوروبيين، وفي مقدمتهم فرنسا

وقد علّقت الإعلامية اللبنانية ديانا مقلد على الاغتيال قائلة عبر تويتر: لمّا (حين) إعلام حزب الله بينشر مقالات مثل "تحسّسوا رقابكم"، ولمّا تُكال التهم ضدّ المعارض لحزب الله جزافاً ويتعرّض للضرب، كما حصل مع منتقدين في بدايات انتفاضة 17 تشرين، وحين يشهر التخوين يميناً ويساراً، ما فيك تجي تقول اعطيني "وثائق" أنو هني قتلوه، هم لا يخجلون أصلاً بما يرتكبون".

وتأتي حادثة الاغتيال غداة زيارة وزير الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى القاهرة، ما حمل تفاؤلاً بشأن عودة الزخم الدولي إلى الملف اللبناني ودفعه، سواء من الحلفاء العرب أو الأوروبيين، وفي مقدمتهم فرنسا، والتي يفترض أن يزور رئيسها إيمانويل ماكرون بيروت قريباً، وما يزال مستقبل الزيارة غامضاً بعد الاغتيال.

وقالت الرئاسة المصرية في بيان أمس، عقب اجتماع الحريري مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: إنّ الرئيس المصري "يؤكد حرص مصر للحفاظ على قدرة الدولة اللبنانية بالمقام الأول، ولإخراج لبنان من الحالة التي يعاني منها حالياً، من خلال قيام كافة القادة اللبنانيين بإعلاء المصلحة الوطنية".

اقرأ أيضاً: لبنان: تفاقم "أحداث طرابلس"... ذروة الفوضى أم بداية موجات احتجاجية جديدة؟

وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأنّ الرئيس أكد حرصه على تسوية الخلافات، وتسريع جهود تشكيل حكومة مستقلة قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة، وصون مقدرات الشعب اللبناني الشقيق ووحدة نسيجه الوطني.

وجدّد الرئيس موقف مصر الثابت تجاه تعزيز أواصر التعاون الوثيقة مع لبنان، معرباً سيادته عن خالص التمنيات للسيد سعد الحريري في تشكيل الحكومة الجديدة، على نحو يلبي تطلعات الشعب اللبناني الشقيق في تحقيق الأمن والاستقرار، ومشدداً سيادته على استعداد مصر لتقديم كافة أوجه الدعم والمساعدات لتجاوز الأزمات التي يواجهها لبنان، لا سيّما التداعيات التي خلّفها كلٌّ من حادث انفجار مرفأ بيروت وجائحة فيروس كورونا.

من جانبه، أكد الحريري اعتزاز لبنان بالعلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط الدولتين الشقيقتين، والتي تقوم على أسس من التضامن والأخوّة، معرباً عن تقدير بلاده للجهد المصري في دعم لبنان في كافة المجالات، خاصة من خلال تقديم كافة أشكال العون والمساعدات للبنان في أعقاب تداعيات حادث مرفأ بيروت، وركيزة أساسية في حفظ الاستقرار بها والمنطقة العربية ككل، مشيداً بالتجربة المصرية الراهنة المبنية على أولوية النجاح الاقتصادي والتنموي، معتبراً أنها نموذج يُحتذى به في دول المنطقة.

وأشاد بجهود مصر الحثيثة والصادقة لحشد الدعم الدولي للبنان على شتّى الأصعدة، في ظل استمرار التحديات الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني، خاصة على المستوى السياسي والاقتصادي والإنساني.

وأوضح المتحدث الرسمي أنّ اللقاء تناول استعراض مجمل المشهد السياسي اللبناني، بالإضافة إلى مناقشة تطورات أبرز الأوضاع الإقليمية، وسبل تعزيز أطر التعاون الثنائي القائمة بين البلدين الشقيقين.

الصفحة الرئيسية