فلسطين: المعركة من أجل المساواة في الحقوق أولوية

فلسطين: المعركة من أجل المساواة في الحقوق أولوية


كاتب ومترجم جزائري
23/05/2022

ترجمة: مدني قصري

باستكشافها للصهيونية وعواقبها، تشرح الباحثة غادة كرمي، في كتاب تعليمي لماذا الحلّ الوحيد للفلسطينيين هو حلّ الدولة الواحدة، لكن في الوقت الحالي، في إسرائيل وفلسطين، لا يتمتع جميع المواطنين بالحقوق نفسها؛ إذ هم بعيدون جداً عن ذلك.

 حول هذا الموضوع التقت "Orient XXI" غادة كرمي، الجمعة 13 أيار (مايو)، في "Maghreb Orient des livres" في باريس.

الباحثة والكاتبة الفلسطينية غادة كرمي

غادة كرمي؛ باحثة وكاتبة فلسطينية تعيش في إنجلترا، نشرت للتو  في "مصنع إسرائيل فلسطين، الحل: دولة"، أنّها تؤمن بهذا الكتاب أنّ الحلّ الوحيد للنزاع هو دولة واحدة، يتمتع فيها جميع السكان بالحقوق السياسية والمدنية نفسها، وهو حلّ يبدو اليوم مستحيلًا، لكنّه يبدو الحلّ الوحيد المرغوب فيه، وفي كتابها تصف كرمي الأشكال المختلفة التي يمكن أن تتخذها هذه الدولة الواحدة: شخص واحد، وصوت واحد، وبرلمان واحد، أو دولة اتحادية بمؤسسات إقليمية.

هنا تفاصيل الحوار:

لماذا لا يعدّ الوضع الراهن أو حلّ الدولتين حلاً قابلاً للتطبيق للشعب الفلسطيني؟

الاكتفاء بالوضع الراهن سيكون وهماً؛ لأنّ الاستيطان ما يزال مستشرياً، كان حلّ الدولتين من وجهة النظر الفلسطينية يعني "أفضل من لا شيء"، وكان هذا حقاً هو الشعور الذي يتقاسمه السكان. لكنّ تقسيم الأرض إلى قسمين غير متساويين، 78٪ لليهود الإسرائيليين و22٪ للفلسطينيين كان الخطأ الأول في اتفاقيات أوسلو، ثم إنّ الاتفاقات لم تشمل إطلاقاً اللاجئين الذين يبلغ عددهم ستة ملايين، بحسب أرقام الأمم المتحدة.

اللاجئون ليسوا خياراً لـ "تسوية مؤجلة"، اللاجئون ليسوا مجرد تفاصيل، وإذ لم يحسب لهم حساب فلن يكون هناك حلّ. وأخيراً، بالنسبة لأولئك الذين يرون أنّ الصهيونية هي المشكلة الجذرية؛ فإنّ هذا النوع من الرؤى سوف يكرس الصهيونية إلى ما لا نهاية. للدولة الصهيونية تاريخ طويل من العداء تجاه الشعب الفلسطيني؛ لذلك لن يتحقّق أيّ شيء جيد من اقتراح الدولتين هذا، ويجب على الناس التوقف عن إضاعة الوقت في الحديث عن هذا الاحتمال.

في رأيك.. كيف ترين حلاً عادلاً وقابلاً للتطبيق؟

في كتابي أشرح النماذج المختلفة التي يمكن استخدامها لإرضاء المجموعتين، اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين؛ كيف يمكن يمكنهم أن يعيشوا معاً؟ ذهبت لأرى كيف تسير الأمور في بلدان أخرى. فكرة اتحاد مع برلمان مشترك له سلطات حول الدفاع والسياسة الخارجية والقضايا الاقتصادية الرئيسة، مثل سياسة الطاقة، جنباً إلى جنب مع مؤسسات إقليمية فكرة عملية ناجحة في سويسرا وإسبانيا وبلجيكا وألمانيا وحتى في الولايات المتحدة؛ أنا لا أقول إنّها معجزة على الأرض لكنّها حلّ محتمل.

الباحثة الفلسطينية غادة كرمي: يجب على الفلسطينيين أن يقولوا لإسرائيل: أنت تتحكمين فينا، وليس لنا حقوق. فإمّا أن ترحلي وتتوقفي عن السيطرة علينا، وإمّا أن نحصل على حقوق متساوية

يحظى النموذج ثنائي القومية باهتمام العديد من القادة السياسيين، وهذا يفترض وجود مجتمعين يسكنان المساحة نفسها، ويريدان درجة معيّنة من الاستقلالية، بحكم اللغة أو الدين أو العادات، بإمكانهما أن يحصلا بسهولة على برلمان مشترك يتم فيه تمثيل الطائفتين في كتلتين متساويتين، وإلى جانبهما برلمانات إقليمية أو مؤسسات لامركزية ذات اختصاصات محددة.

هناك أيضاً نموذج لدولة ديمقراطية وعلمانية واحدة على النمط الغربي للديمقراطيات البرجوازية: شخص واحد، وصوت واحد، وترتيبات لغوية، ..إلخ. هذا هو النموذج الذي اقترحته منظمة التحرير الفلسطينية عام 1969.

ما هو اقتراحك لمنطقة القدس التي تمثّل إشكالية نوعية؟

إنّ نموذج بروكسل مهمّ حقاً وجدير بأن يتمّ تطبيقه على القدس، يمكن اعتبار منطقة القدس وبيت لحم منطقة أو محافظة لها برلماناتها الإقليمية واختصاصاتها الخاصة، وفي منطقة بروكسل يمتلك المجتمعان اللذان يعيشان معاً على هذه المنطقة مؤسساتهما اللغوية الخاصة، وفي الوقت نفسه يوجد برلمان بروكسل الذي يضمّ المجتمعَيْن معاً، مع عدد المقاعد نفسه، لتفادي سيطرة أحدهما على الآخر، مع صلاحيات تهمّ المنطقة.

الاكتفاء بالوضع الراهن سيكون وهماً؛ لأنّ الاستيطان ما يزال مستشرياً

تظلّ المجالات التي تهمّ الدولة بأكملها، مثل الدفاع أو القرارات الاقتصادية الكبرى أو الضمان الاجتماعي أو الشؤون الخارجية، من مسؤولية البرلمان الفيدرالي أو الوطني، فإذا كانت هناك إرادة سياسية حقاً؛ فهي قابلة للتنفيذ حتماً، لكن يجب على كلا الطرفين التفاوض على قدم المساواة، فإذا هيمن أحد الطرفين على الطرف الآخر فلا يمكن في هذه الحالة الوصول إلى اتفاق عادل.

إنّ الوجود اليهودي الإسرائيلي في فلسطين التاريخية ليس وجوداً طبيعياً، لكنّ الفلسطينيين اليوم مجبَرون على التعايش معه، بالتالي، ستكون كلتا اللغتين لغتين رسميّتين، وسيكون لكلّ مجتمع هُويته الخاصة مع مؤسساته الخاصة، هذا النظام قائم بالفعل في سويسرا وبلجيكا وإسبانيا.

في مقترحاتك دولة فيدرالية أو دولة ديمقراطية واحدة؛ هل مسألة عودة اللاجئين مطروحة؟

لا يمكن أن ينجح أيّ حلّ إذا لم يشمل عودة ستة ملايين لاجئ، هؤلاء لم يتبّخروا، الحلّ الذي أؤيده هو دولة ديمقراطية واحدة بشخص واحد، وصوت واحد، وبرلمان ديمقراطي يمثل مصالح جميع مواطنيها، في هذا السياق تحديداً يريد الفلسطينيون عودة عائلاتهم.

هل أيّ حلّ من الحلول التي تطرحينها قابل لأنّ يتحقق حقاً؟

المشكلة هي أنّ أحد الطرفين، أي إسرائيل، يعارض كلا الحلين. الوضع القائم على فكرة مستعمِر - مستعمَر يعيق أيّ تطور. لا مصلحة لإسرائيل في تقاسم الدولة مع الشعب المستعمَر. إسرائيل تريد أن تستحوذ على كلّ شيء، بالنسبة إلى هذا البلد؛ فإنّ للشعب المستعمَر الاختيار بين قبول الاستعمار أو المغادرة، وهذا هو الوضع الحقيقي القائم.

يحظى النموذج ثنائي القومية باهتمام العديد من القادة السياسيين، وهذا يفترض وجود مجتمعين يسكنان المساحة نفسها، ويريدان درجة معيّنة من الاستقلالية، بحكم اللغة أو الدين أو العادات

لقد خصصتُ فصلاً كاملاً من كتابي لمسألة المساواة في الحقوق، جميعنا نعلم أنّ الأمر صعب للغاية، لا يمكن لأحد أن يقلّل من شأن الصعوبات في الماضي. في المقابل، هناك حركات في إسرائيل وفلسطين تتحرك الآن نحو المساواة في الحقوق، لكن ليس أمامنا الكثير من الوقت. المشروع الاستيطاني الإسرائيلي مستمرّ يوماً بعد يوم، بينما نحن نتحدث الآن هم يبنون المستوطنات، ولن يتبقى شيء إذا لم نضع مسألة الدولة الواحدة، بدلاً من الدولتين في مركز النقاش، وهذه المسألة يجب أن يطرحها الفلسطينيون الذين يعيشون هناك وكلّ العالم الذي يعيش في المنفى.

يجب أن يقولوا لإسرائيل: أنت تتحكمين فينا، وليس لنا حقوق. فإمّا أن ترحلي وتتوقفي عن السيطرة علينا، وإمّا أن نحصل على حقوق متساوية". من الآن فصاعداً أصبحت المعركة من أجل حقوق مدنية وسياسية متساوية أولويةً ملحّة، كما كانت في جنوب أفريقيا، لم يكن تقسيم جنوب أفريقيا إلى قسمين؛ أمراً مطروحاً إطلاقاً، الحركة المناهضة للفصل العنصري تبيّن لنا الطريق، لكن لم يبقَ أمامنا كثير من الوقت.

مصدر الترجمة عن الفرنسية:

orientxxi.info

مواضيع ذات صلة:

الكاتب الفلسطينيّ نهاد أبو غوش لـ "حفريات": الصراع مع الاحتلال لن يحلّ بالضربة القاضية

الكاتب الفلسطيني ماجد كيالي لـ "حفريات": دعوا الشعب (لا الفصائل) يقرر ما يريد

شفيق الغبرا: القيادة الفلسطينية مارست السلطة قبل اكتمال التحرّر الوطني



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية