فيلم شقراء: عن مارلين أخرى لا نعرفها

فيلم شقراء: عن مارلين أخرى لا نعرفها

فيلم شقراء: عن مارلين أخرى لا نعرفها


09/07/2023

هناك جهد كبير بُذل لجعل آنا دي أرماس تبدو كمارلين مونرو، فيلم "شقراء" (Blonde)، مع ذلك بقيت تقاطيع وجهها بعيدة عن مارلين، لكنّ موهبة أرماس المدهشة وأداءها الصادق للدور سينسينا التشابه الخارجي، ويلفت نظرنا إلى جوهر مارلين، ولعلّ هذا هو هدف المخرج أندرو دومينيك، في اختيار ممثلة موهوبة لا ممثلة تشبه مارلين في شكلها الخارجي؛ ليكون الفيلم سيرة روحية نفسية لمارلين لا سيرة ذاتية.

أصداء السيرة الروحية

يثير الفيلم قضية علاقة المتخيل بالسيرة التاريخية، وحين يذهب الجدل بالنص المتخيل -الذي يستند إلى واقع سِيري- إلى التمحيص في نسبة الحقيقي من المتخيل يكون هذا النوع من التلقي قد أفقد النص غايته. قال البعض بعد مشاهدة الفيلم: هذه ليست مارلين! معتقدين أنّ الفيلم سيرة ذاتية، وهو في رأيي سيرة نفسية تتخذ من المتخيل -أفلام مارلين- مرجعية أولى، أكثر ممّا ترجع للواقع الحقيقي الذي عاشته، وهذا لا يعني أنّ الفيلم يخلو من أصداء أو أحداث من سيرتها الواقعية.

كمشاهدين، نعرف القليل عن قصة حياتها، وأيّاً تكن الأحداث التي اختلقتها أو اخترعتها جويس كارول، في روايتها التي بنى عليها أندرو دومينيك فيلمه، فلن تخالف جوهر مارلين مونرو، ذلك الجوهر الذي سبق لشاعر نيكاراجوا أرنستو كاردينال أن صوَّره في قصيدته "صلاة لأجل مارلين مونرو". تصور قصة الفيلم ازدواجية شخصية مارلين: الصراع بين رغبتها الجامحة في أن تصير نجمة، إلى درجة اغتصابها من قبل أحد المنتجين، كما جاء في الفيلم، وبين رغبتها في أن تترك كل شيء لتعيش كأيّ امرأة عادية، ربة بيت وزوجة تنجب الأبناء. قالت لجو ديماجيو، الذي سيصبح زوجها الثاني: أريد أن أعيش في عالم آخر بعيداً عن هوليوود، أريد أن أعيش في عالم تشيخوف. لماذا اختارت عالم تشيخوف دون غيره، مع أنّها قد قاست مثله في حياتها؟

بوستر فيلم "شقراء" (Blonde)

ثمّة اغتصاب آخر في مشهد لاحق يقوم فيه الرئيس كينيدي بإجبارها على الجنس الفموي. مشهد فج، لكنّه لن يبتعد كثيراً عن الواقع الذي يقول إنّ كينيدي وشقيقه روبرت قد استعملا مارلين، مثلما استعملها آخرون، لاكوها جسداً ثم تخلوا عنها. هذا ما يخلص إليه أنتوني سمرز بعد (3) أعوام من العمل، وسماع (650) مقابلة مسجلة، في عملية التحقيق حول موتها في فيلمه الوثائقي (لغز مارلين مونرو: شرائط لم تُسمع من قبل) "The Mystery of Marilyn Monroe: The Unheard Tapes" (2022).

جوهر آخر في شخصية مارلين هو ذكاؤها الذي أظهره الفيلم في مشهدين؛ في تجربة أدائها لفيلم "Don’t Bother to Knock" تقول للجنة التقييم: "لقد قرأتُ النص بالكامل، يتحدث عن امرأة غير مستقرة عقلياً كادت تقتل فتاة صغيرة... إنّها قصة غريبة ومزعجة، كأنّها رواية لديستوفيسكي؛ إذ يتعاطف المرء مع المجرمة ولا يتمنى أن تراها تُعاقب." كانت مارلين تتعامل مع التمثيل بجدية ويتعاملون معها بسطحية. في أحد المشاهد يلتفت المنتج إلى مؤخرتها لا إلى عقلها وموهبتها. وفي درس للتمثيل تدخل في نوبة بكاء وصراخ، سألها المحاضر: "بماذا كنت تفكرين؟" أجابت: "لم أكن أفكر، كنت أتذكر".

وفي مشهد آخر يدلل على ذكائها، وهي بصحبة آرثر ميلر، في لقائهما الأول، قبل زواجهما، وبعد اختبار لأداء دور ماجدة في مسرحية كتبها ميلر. في الكواليس تثير مارلين إعجاب ميلر بمعرفتها عن تشيخوف. تخبره بأنّ شخصية ماجدة تشبه نتاشا في مسرحية "الأخوات الثلاث" لتشيخوف. يسألها ميلر: "من أخبرك بذلك، إيلي كازان؟" تجيب: "لقد قرأت المسرحية بنفسي". ثم تقارن بين شخصية ماجدة وشخصية نتاشا بما يُظهر قدرتها على الغوص في أعماق الشخصيات وفهمها. هذا اللقاء اللطيف ليس دقيقاً تماماً، من منظور مقارنته بالواقع، لكن ليس الهدف الرئيسي من هذه المقالة المقارنة بين أحداث الفيلم والواقع، تلك المقارنات التي ألهت البعض عن جوهر القصة في الفيلم فلم يلتفتوا إلى دلالاتها، من ذلك التساؤل عن حقيقة علاقة مارلين الثلاثية بتشارلي شابلن الابن وإدوارد روبنسون. في كتاب "آلهة: الحياة السرية لمارلين مونرو" يقول أنتوني سمرز: إنّ مارلين وتشارلي "ارتبطا بعلاقة، وإنّ تشارلي عرَّفها بإدوارد لاحقاً، وأقامت معه علاقة قصيرة، لكنّ العلاقتين لم تتقاطعا، ومن غير المحتمل أن يكونوا قد أقاموا علاقة ثلاثية، "لكنّ ظهور مارلين وهي بين حبيبين أرى فيه تعبيراً عن ازدواج الشخصية.

مارلين المظهر والجوهر

الجانب الجاد في شخصية مارلين يجد ما يدعمه في الواقع، مثل كتابة الشعر، وقد نتج عن هذه التجربة بضع "شذرات" صدرت لأول مرة في كتاب في تشرين الأول (أكتوبر) 2010، يجمع قصائدها ورسائلها وأقوالها التي تتسم بالعمق. والمدهش أن مارلين قرأتْ "يوليسيس" لجيمس جويس، وهي رواية طويلة وصعبة بالنسبة إلى كثير من القراء. واحتوت مكتبتها الشخصية على أكثر من (400) كتاب، منها كتب لديستوفيسكي وميلتون وهيمنجواي وغيرهم، في مجالات عديدة منها الأدب الأمريكي والأدب الأوروبي والأدب الروسي والفنون وكُتب السيرة الذاتية والأديان وعلم النفس، وفي الأوقات التي لم تكن تُصور فيها فيلماً كانت تأخذ دروساً مسائية في التاريخ والأدب في جامعة كاليفورنيا. وهو ما يشهد باهتماماتها الأدبية وبحياة ثقافية كانت تود أن تكون جزءاً منها. كل هذا لم يظهر في الفيلم، وإن كان قد لمَّح إليه في الجزئية المشار إليها أعلاه؛ عن إهمال عقلها وموهبتها وتقدير جمالها وشكلها الخارجي.

صورة مارلين منعكسة في المرآة كتعبير عن شخصيتها المزدوجة

قال عنها زوجها آرثر ميلر: "لتظلّ على قيد الحياة كان عليها أن تكون أكثر سخرية أو حتى أكثر بعداً عن الواقع ممّا كانت عليه. بدلاً من ذلك كانت تلقي قصائدها على حشود تنجذب لملابسها". هي نفسها عبَّرت عن ذلك قائلة: "في هوليوود فضيلة الفتاة أقلّ أهمية من تسريحة شعرها." وبحسب بوبوفا، تكشف نصوص مونرو عن شخصية مُركّبة وحساسة وعن كائنة استبصرت نفسيتها الخاصة بعمق وتأملت العالم وتفكرت في الناس من حولها، كما تكشف "عن الانفصال المأساوي بين شخصيتها العامة المرئية وشخصيتها الهشة غير المرئية والتي أُسيئ فهمها، وكانت تتوق إلى الكشف عنها". وأرى أنّ هدف هذا الفيلم هو الكشف عن ذلك الجانب من شخصيتها الهشة غير المرئية، وذلك من خلال أفلامها، وما كُتب عنها في المجلات وقتها.

من الشاشة إلى الطبيعة والعكس

يبدأ الفيلم بسرد جانب من طفولتها ليؤسس من خلال هذه الطفولة المعذبة لمقولة في علم النفس "الطفل أبو الرجل"، أي إنّ الطفولة هي التي تفرض على الإنسان شخصيته حتى آخر العمر. ويتبع السرد خطة واضحة في السرد، وهي الانتقال من عالم مارلين النجمة إلى نورماجين (اسمها الحقيقي) في حياتها الطبيعية، أو من الشاشة إلى الواقع والعكس. ثمّة لقطات بارزة تمزج بين مارلين والطبيعة: الأولى حين يتحول سرير الحب -مع حبيبيها إدوارد وتشارلي- إلى شلالات نياجرا ليشير بهذه اللقطة إلى معنيين: إلى فيلم "نياجرا" وبوستره الذي يمزج بين جسد مارلين والشلالات، والإشارة الثانية إلى بلوغ النشوة. تتلو هذه اللقطة عبارة دالة من الفيلم الأصلي: "سيل جارف من العواطف حتى أنّ الطبيعة لا تستطيع التحكم فيها." والعبارة تشرح نفسها؛ إذ تُماهي بين مارلين والطبيعة وتلفت النظر إلى عواطفها لا إلى جسدها. وفي لقطة أخرى، وهي على الشاطئ مع تشارلي وإدوارد، تنظر إلى السماء فتتحول النجوم إلى حيوانات منوية تكوِّن جنيناً، لتختزل هذه اللقطة توق مارلين إلى الإنجاب وحملها الأول كما يظهر في المشاهد التالية.

عمليات الإجهاض التي تعرضت لها مارلين ترمز للكيفية التي سرقت السينما أمومتها. أجرت مارلين، مُكرهة، (3) عمليات إجهاض؛ الأولى بعد حملها من تشارلي، والثانية بعد حملها من زوجها ميلر، أمّا الحمل الثالث، فمبهم! لكنّ هذه العملية أتت بعد علاقتها مع جون كنيدي، وكأنّ الفيلم بهذه الإشارة يلمح إلى والد الطفل. بعد تلك العلاقة، وعملية الإجهاض، تدخل مارلين في حالة اكتئاب وهلوسة حتى فارقت الحياة على النحو الذي نعرفه. بهذا الربط يشير الفيلم إلى مسؤولية كنيدي عن مقتلها، وهو ما كان قد لمَّح إليه سمرز في فيلمه الوثائقي أعلاه.

ثيمة أخرى هيمنت على السرد، هي شخصية أبوها الذي ظلت تبحث عنه. من يملك أن يقول إنّها لم تفعل ذلك في الواقع وإنّ غياب أبيها لم يترك بصمته على شخصيتها إلى الأبد، وظل يتواصل معها من خلال رسائل تظهر في الأخير أنها لعبة أخرى من قبل محب قديم أصر على إيذائها حتى آخر نفس!

مارلين الطفلة والإنسانة

البارز في مشاهد طفولتها هو غياب الأب ومشاعر الخوف من الحريق الذي شب في المنزل، وحريق العالم من حولها: ليس هناك مكان آمن تأوي إليه، حتى بيت الجيران، والمرأة التي تعاطفت معها انقلبت مشاعرها فجأة من اللطف إلى القسوة لتودعها في دار أيتام. الشعور بعدم الأمان في طفولتها كان كافياً ليتم قطع الزمن والانتقال إلى مارلين الشابة وهي تكافح من أجل تحقيق الشهرة والنجومية. حتى هذا الهدف أو الطموح يبدو أنّ له علاقة بالأب الذي أرادت الوصول إليه من خلال الشاشة.

مارلين موزعة بين حبيبين في تعبير آخر عن ازدواج الشخصية

ظهرت مارلين في الفيلم كدمية يقودها الرجال إلى السرير دون اعتراض. ربما تؤذي هذه الصورة محبيها، لكنّها قد لا تخالف الواقع، ولهذه الصورة ما يفسرها بالعودة إلى مارلين الطفلة التي لم يُتح أو يُسمح لها أن تقول لا. الطفلة لم تكبر وظلت تحتفظ في وجدانها بالدب الدمية إلى أن كبرت. وسط القسوة التي أحاطت بها مُذ كانت طفلة فإنّ الجنس مثَّل لها شكلاً من أشكال الاهتمام. تظهر مارلين، في موتيفات، وهي رضيعة في قماط وداخل درج، فيه رمزية لنعش مبكر، وتعبيراً عن الحصار الذي عانت منه منذ طفولتها، شكل آخر للحصار يظهر من خلال ألسنة اللهب التي أحاطت بها.

الفيلم، كما شاهدته، ليس سيرة ذاتية، هو سيرة وجدانية، نفسية، ولذلك اشتغل المخرج على تصوير المشاعر لا على الأحداث. إضافة إلى مشاهد الحصار يؤلف المخرج بعض لقطاته بصور سلبية (نيجاتيف) للتأكيد على عزلة مارلين، حتى عندما تكون محاطة بالناس. وفي دلالة على ازدواجية شخصيتها استمر تقسيم نورما (المرأة العادية) ومارلين (النجمة) حتى الثواني الأخيرة: تموت إحداهما، نورما، بشكل مأساوي، وتعيش الأخرى في وجدان الناس ووعيهم الثقافي.

لو أنّ الهدف هو تصوير "أحداث" من "السيرة الذاتية" فهناك عدد من الكتب عن حياتها كان من الممكن الاعتماد عليها مثل: "مارلين مونرو: حياتها من البداية إلى النهاية"، جاء في هذا الكتاب: "في أدوارها السينمائية لعبت دور الشخصية النمطية للشقراء الغبية، لكن ما من شيء غبي على الإطلاق في شخصية مارلين الحقيقية." وثمّة عدد لا بأس به من الكتب عن سيرتها، منها كتاب دونالد سبوتو "مارلين مونرو: السيرة الذاتية" (1993)، وكتاب "قصتي: مارلين مونرو مع بِن هيكت" (2007)، وكتاب "مارلين" لنورمان مايلر (1973 و 2012)، وكتاب "مارلين مونرو: حياة ممثلة" لكارل روليسون، (2014)، وكتاب "مارلين مونرو: حياة خاصة لأيقونة عامة"، لتشارلز كاسيلو، وكتاب "الحياة السرّية لمارلين مونرو، جي راندي تارابوريللي، (2009)، وكتاب "مارلين مونرو: الخاصة وغير المعلنة" لميشيل مورجان (2012).

الهدف هو تصوير "مشاعر" مارلين، ولذلك اختيرت "رواية" كارول، بما تحمله الرواية من فن تخييلي في المقام الأول، وتم التركيز على الأفلام "المتخيلة"، التي مثلتها أكثر من التركيز على حقيقة ما جرى في حياتها فعلاً. الهدف من مشهد محاولة قتلها من قبل أُمها وهي طفلة، مثلاً، هو عرض نموذج لمعاناة مارلين الطفلة، تلك المعاناة النفسية التي ستصنع شخصيتها المعذبة. وقِسْ على هذا بقية المشاهد التي (قد) لا تمّت للواقع "الحقيقي" بصلة، بقدر ما هي محاولة لفهم تلك الشخصية الحساسة المركبة، ولو باختلاق أحداث غايتها الفهم لا التشويه.

مارلين المتخيلة وهي محاطة بألسنة اللهب تعبيراً عن الحصار

بالطبع ثمّة أحداث حقيقية من حياة مارلين، من ذلك زيجاتها، ولكن لأنّ الهدف هو نقل مشاعر لا تصوير أحداث، لم يتعرض الفيلم لزواجها من ضابط الشرطة جيمس دورتي، وهو زوجها الأول من 1942 إلى 1946، وهي فترة أطول من زواجها الثاني، من ديماجيو، الذي ظهر في الفيلم، واستمر زواجهما عاماً واحداً فقط، لكنّه على ما يبدو أكثر تأثيراً على شخصيتها.

كان الهدف هو تصوير نماذج من استغلالها جنسياً/ جسدياً ومادياً في الحياة الواقعية والسينمائية. ثمّة مشهد يصوّر قلة أجرها، مع أنّها نجمة، مقارنة بالأجر الكبير لممثلة أخرى. وكيف أنّ مارلين طالبت بأجر أعلى كذريعة لتفادي تصوير الفيلم، أكثر من رغبتها في الأجر نفسه. ومن نماذج استغلالها سينمائياً الأدوار التي حوصرت بها: "البعض يفضلونها ساخنة"، "كيف تتزوجين مليونيراً؟"، "الرجال يفضلون الشقراوات"... إلخ.

صلاة لروح مارلين

مخاوف مارلين في الفيلم تكاد تطابق ما جاء في قصيدة أرنستو كاردينال: "خوفها المتنامي من الكاميرا، مقتها للماكياج المتجدد مع كل مشهد، وكيف أنّ رعبها من الكاميرا كان يشتد، فيحملها على الحضور متأخرة إلى الاستديو".

لا أستبعد أن تكون كارول قد بنت روايتها على قصيدة كاردينال؛ إذا كان دومينيك قد التزم بأحداث الرواية ورؤيتها لشخصية مونرو. مضمون قصيدة كاردينال نجده مصوراً في فيلم "شقراء": عن مارلين مونرو التي استُعملت وانتُهكت، وكانت في الأخير ضحية للرأسمالية ولـ "صيارفة فوكس للقرن الـ (20) الذين جعلوا معبد جسدها وكراً للصوص". عن مارلين التي "كانت تتضور حبّاً، وتفيض حزناً وقنوطاً، ولأنّنا لسنا قدّيسين، لم نقدّم لها سوى المسكنات والتحليل النفسي." عن مارلين الـ "يتيمة (التي) اغتُصِبت وهي في التاسعة، وعاملة المتجر التي حاولت الانتحار وهي في السادسة عشرة... وحَلُمتْ مثل كل فتاة أن تكون نجمة، فصار حُلمها حقيقة... لكنّها حقيقة بألوان مصطنعة"؛ فهي "لم تمثل سوى نص حياتنا السخيف الذي أعطيناها إيّاه".

لم تبتعد قصة الفيلم عن صورة مارلين في قصيدة كاردينال: "مثل أيّ فتاة أخرى تعمل في متجر، حلُمتْ بأن تكون نجمة، لكن حياتها لم تكن حقيقية، كانت كحلم، يفسره المحلل النفسي ويضعه في ملف. غرامياتها كانت قُبَلٌ بعينين مغمضتين، حين تفتحهما تدرك أنّها في موقع تصوير، تحت أضواء ستنطفئ، وجدران غرفة نوم ستُفكك، ومُخرِج سيغادر حاملاً النص، بعد تصوير المشهد، أو مثل رحلة على يخت، قُبلة في سنغافورة، حفلة راقصة في ريودي جانيرو، أو حفل استقبال في قصر دوق ودوقة ويندسور، تُشَاهَد في غرفة معيشة إحدى الشقق الرخيصة، وينتهي الفيلم بدون قُبلة الختام". ولأنّها ضحية يدعو لها كاردينال، في ختام قصيدته، بالغفران: "اغفر لها يا رب، اغفر لنا، واغفر لقرننا العشرين، ولهذا الإنتاج الضخم الذي شاركنا فيه جميعاً." (رياض حَمَّادي: صلاة لأجل مارلين مونرو، دار نهضة مصر 2019).

بوستر فيلم نياجرا

يتحدث الفيلم عن نسختين من مارلين مونرو: مارلين النجمة ونورماجين المرأة التي تحلم بحياة عادية. هذه الازدواجية ترافقها حتى خاتمة الفيلم لنرى مارلين المعذبة وهي جثة على السرير ويدها على الهاتف، وروح أو طيف مارلين الأخرى وهي تغادر جثتها لتضم الوسادة وعلى وجهها ابتسامة عريضة. انفصلت الشخصيتان ونالت خلاصها أخيراً: ماتت نورماجين وخُلدِّت مارلين في ذاكرة الناس. يلتقط كاردينال هذه اللقطة الحقيقية ليتخيل كنه الشخص الذي كانت تنوي الاتصال به... ثم يدعو الله، في ختام قصيدته، أن يجيب على ذلك الهاتف؛ فهو وحده الذي يعرف قصتها ومعاناتها، التي روى كاردينال جانباً منها في قصيدته، وأتت رواية كارول وفيلم دومينيك ليؤكدا ذلك الجانب.

مواضيع ذات صلة:

شاهد.. أجمل إطلالات النجمات العربيات في مهرجان (كان) السينمائي

صورة البطل "البلطجي" في السينما الأمريكية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية