في أي سياق جرى تعيين مارك إسبر وزير دفاع أمريكا الجديد؟

أمريكا

في أي سياق جرى تعيين مارك إسبر وزير دفاع أمريكا الجديد؟


20/06/2019

في إعلانٍ صادمٍ الثلاثاء الماضي، غرّد الرئيسُ الأمريكي دونالد ترامب بأنّه عيّن وزير الجيش، مارك إسبر، ليكون وزيراً للدفاع بالإنابة، وأنّ القائم بأعمال البنتاغون، باتريك شاناهان "قرر عدم المضيّ قدماً في عملية التأكيد بالظفر بالمنصب"، موضحاً "لقد قام بعمل رائع، بعدم المضيّ قدماً في عملية تأكيده حتى يتسنى له تخصيص مزيد من الوقت لعائلته. أشكر بات (باتريك) على خدمته المتميزة وسأعيّن وزيرَ الجيش، مارك إسبر، ليكون وزير الدفاع بالنيابة الجديد. أنا أعرف مارك، وليس لدي أدنى شك أنّه سوف يقوم بعمل رائع".

اقرأ أيضاً: هل يبقى ترامب حتى 2024؟
وتأتي هذه الخطوة المفاجئة بعد أشهر من التكهنات المحيطة بترشيح شاناهان، لاسيما بعد إعلان البيت الأبيض في أيار (مايو) الماضي أنّ ترامب يعتزم ترشيح الرجل لشغل المنصب الشاغر بعد استقالة وزير الدفاع جيم ماتيس الاحتجاجية. لكنّ البيتَ الأبيض لم يرسل الأوراق الرسمية اللازمة لثبيت شاناهان إلى مجلس الشيوخ، وهو ما وفّر مجالاً لشائعات في واشنطن بأنّ لدى ترامب ما يعرقل تسمية شاناهان نتيجة لخلفيات تتعلق بحياته وميوله.

الوزير المقال شاناهان (يمين) والجديد إسبر

شاناهان المُقال وغرائب حياته
وفي مقابلتين أجرتهما معه صحيفة "واشنطن بوست" الإثنين والثلاثاء الماضيين، شرح شاناهان علناً ملابسات تركه المنصب، والتي تكشفُ العديدَ من حوادث العنف المنزلي فقد تم إلقاء القبض على زوجة شاناهان بعد أن ضربته في وجهه في عام 2010، حسبما تظهر وثائق قضائية، وقام ابنه حينها بضرب والدته بوحشية بمضرب بيسبول في عام 2011، وفقاً لما ذكرته الصحيفة.

مسؤول بالخارجية الأمريكية: الوزير بومبيو هو من أقنع الرئيس ترامب بترشيح إسبر خلفا لشاناهان البطيء والمتردد

وقال شاناهان في بيان "إنّه من المؤسف أن يتم وضع قصص الأسرة الشخصية المؤلمة التي مضت عليها فترةٌ طويلة ورسمت بطريقة غير مكتملة وبالتالي مضللة. إنّ نشر تلك القصص يجبر أطفالي الثلاثة على استعادة الفصل المؤلم في حياة عائلتنا وإعادة فتح الجروح التي عملنا لسنوات للشفاء منها"، مؤكداً "أرحّب بفرصة أن أكون وزيراً للدفاع، لكن ليس على حساب كونك أباً جيداً."
وسبق أن اثيرت في البنتاغون (وزارة الدفاع) شائعات عن ترك المسؤول التنفيذي السابق لشركة بوينغ لمنصبه بعد نشر تقارير في وقت سابق من هذا الأسبوع، وتزعم فيها زوجة شاناهان السابقة أنّها لم تسبب لطليقها غير حالة واحدة من الإيذاء البدني. ووفقاً لسجلات المحكمة، تم اعتقالها بعد أن ضربته في وجهه في تلك الليلة. وادّعت أيضاً أنّه دفعها ذات مرة إلى الحائط وهدد بضربها، وأنّه كان يشرب الخمر بكثرة. شاناهان من جهته نفى التهمتين في وثائق المحكمة.

اقرأ أيضاً: "التفويض باستخدام القوة العسكرية": هل يفعلها ترامب؟

في الآونة الأخيرة، كان مسؤولو الدفاع يحاولون الحدَّ من الشائعات حول تأخير الترشيح الرسمي لشاناهان، مشيرين إلى عملية "فحص الخلفية الحياتية والوظيفية" الأكثر إرهاقاً التي يطلبها البيت الأبيض للمسؤولين على مستوى الوزراء قبل عرضهم أمام مجلس الشيوخ لتأكيد تعيينهم.
وقال شاناهان، في بيانه، إنّه سيستقيل أيضاً من منصبه كنائب لوزير الدفاع، والذي تم تأكيده من أجله في عام 2017 "سوف أقوم بتنسيق خطة انتقالية مناسبة لضمان حصول الرجال والنساء على الدعم الذي يحتاجون إليه في مهمتهم بحماية أمتنا العظيمة".

بومبيو هو من أقنع الرئيس ترامب بترشيح إسبر خلفاً لشاناهان البطيء والمتردد

الوزير الجديد.. متشدد حيال الصين وإيران

سيحّل مارك إسبر، الذي شغل منصب "وزير الجيش" منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2017، وجاء إلى إدارة ترامب بعد أن ترأس لوبي لكبريات شركات الأسلحة ومنها "رايثيون" لنحو سبعة أعوام، بدلاً من شاناهان، بما سيمثل ثلاثياً أكثر انسجاماً إلى جانب وزير الخارجية بومبيو ومستشار شؤون الأمن القومي المتشدد (حيال إيران) بخاصة جون بولتون. وفي هذا الصدد أكدّ مسؤول في وزارة الخارجية، رفض الكشف عن هويته، لـ "حفريات" أنّ "الوزير بومبيو هو من أقنع الرئيس ترامب بترشيح أسبر خلفاً لشاناهان البطيء والمتردد".

كيتي وليامز: يأتي تعيين إسبر في وقت تبدو فيه أمريكا متورطة في عدد من التوترات المتصاعدة مع إيران والصين

والوزيرُ بالوكالة الجديد كان قد تخرّج عام 1986 من أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأمريكية الشهيرة، أكمل بعد ذلك الدراسة في مراكز "النخبة الحارسة" و"باثفايندر" في الجيش. وخلال حرب الخليج 1990-1991، عمل مع الفرقة 101 المحمولة جواً (أقوى الوحدات في الجيش الأمريكي) والتي شاركت أيضاً في غزو العراق 2003، وحصل على الميدالية البرونزية وشارة المشاة القتالية. بعد تركه الخدمة الفعلية، شغل كبير موظفي مؤسسة "هريتيج" المحافظة، ثم شغل مناصب مختلفة مع أعضاء ولجان في الكونغرس. وفي إدارة جورج دبليو بوش 2000-2008، تم تعيينه نائباً لمساعد وزير الدفاع لشؤون سياسة المفاوضات، ثم عاد إلى الكونغرس للعمل كمدير لمكتب شؤون الأمن القومي.

اقرأ أيضاً: ما هي جغرافيا النفط السياسية في عهد ترامب؟
ويأتي تعيين أسبر في وقت تبدو فيه الولايات المتحدة "متورطة في عدد من التوترات المتصاعدة مع إيران والصين"، بحسب الكاتبة كيتي ويليامز في موقع "ديفينس" الأمريكي المتخصص بشؤون الدفاع.
وكان شاناهان ألقى خطاباً رئيسياً رفيع المستوى في سنغافورة قبل ثلاثة أسابيع ضمن "حوار شانغريلا" وهو مؤتمر سنوي حول الأمن والتحديات يشارك فيه وزراء دفاع شرق آسيا والمحيط الهادئ، واستهدف فيه قيادةَ الصين، فيما أعلن البنتاغون الإثنين الماضي أنّ شاناهان "أذن" بإرسال 1000 جندي إضافي إلى منطقة الخليج رداً على ما وصفه كبار مسؤولي الإدارة بأنّه تهديد متزايد من طهران.

السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام قال إنّه كان خياراً جيداً

وفي هذا الصدد يقول السيناتور الديمقراطي تيم كين (فيرجينيا) "يوحي لي تعيين أسبر أنّ البيت الأبيض يدير عمل وزارة الدفاع عبر مستشار الأمن القومي جون بولتون وغيره، ونحن لا نهتم بما إذا كان هناك فعل حقيقي في البنتاغون. نحن نريد أن نخرج عمل وزارة الدفاع من سطوة البيت الأبيض، لا سيما أننا حيال قضايا ساخنة جداً مثل الأزمة مع إيران. هذا ما يقلقني أكثر، لأننا في وضع عالمي مليء بالتحديات في الوقت الحالي".

اقرأ أيضاً: الحروب على الطريقة الترامبيّة
لكن في الاتجاه الآخر، يقول النائب الجمهوري في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، ماك ثورنبيري (تكساس)، "على الرغم من أنّ الوزير أسبر مؤهل جيداً، فمن الأهمية بمكان أن يرشح الرئيس، وأن يؤكد ذلك مجلس الشيوخ، وزيرَ دفاع دائماً في أسرع وقت ممكن". وقال في بيان له "يجبُ ملءُ هذه الوظيفة في غضون أسابيع قليلة، وليس أشهراً. إنّ عدم اليقين المحيط بهذا المنصب الشاغر (وزارة الدفاع) يشجع أعداءنا ويزعزع ثقة حلفائنا بنا".
بينما أثنى السيناتور الجمهوري ورئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، جيمس إم. إنهوفي (أوكلاهوما)، على إسبر وقال إنّه يعتقد أنّه كان الخيار الأكثر احتمالاً للترشيح موضحاً "عرفته منذ فترة طويلة. كنت في الميدان معه وكيف كان يتفاعل مع القوات. إنه يقوم بعمل جيد بشكل استثنائي".

اقرأ أيضاً: بناء جدار على الحدود المكسيكية الأمريكية.. هل انتصر ترامب على الكونغرس؟
والأمر ذاته أشار إليه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام (كارولينا الجنوبية)، قائلاً إنّه "كان خياراً جيداً وأنا أعرفه جيداً ويمكنني التصويت لصالحه كوزير دفاع دائم وبدون ترددٍ ومواربة".
سيتولى الوزير إسبر مسؤولية واحدة من أكبر الجيوش في العالم حيث توزّع إدارة ترامب جهودها في كيفية مواجهتها لإيران وإنهاء الحرب في أفغانستان والتفاوض مع تركيا، فيما يتحرك الحليف الأمريكي القديم وعضو منظمة حلف شمال الأطلسي نحو خظوة مثيرةٍ للجدل يمثلها شراؤه نظام الصواريخ المتقدم المضاد للطائرات من روسيا.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية