في ذكرى "الثورة"... 13 عاماً من الأزمات والخيبات في دفتر إخوان تونس

في ذكرى الثورة... (13) عاماً من الأزمات والخيبات في دفتر إخوان تونس

في ذكرى "الثورة"... 13 عاماً من الأزمات والخيبات في دفتر إخوان تونس


17/12/2023

تحيي تونس اليوم الذكرى الـ 13 للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بعد استمراره في الحكم مدة 23 عاماً، من أجل تأسيس محلة جديدة من الحرية والديمقراطية والتشاركية، والقضاء على الفساد الذي استشرى حينها في مفاصل الدولة، بسبب تدخل عائلة الرئيس في الحكم والقرار، لولا عودة الإخوان والاستيلاء على أحلام التونسيين.

ورغم الاختلاف الشديد على موعد إحياء ذكرى الثورة بين تاريخ 17 كانون الأول (ديسمبر)، أي تاريخ إحراق البائع المتجول محمد البوعزيزي نفسه في محافظة سيدي بوزيد (وسط غربي تونس) احتجاجاً على تعامل شرطية معه، وانطلاق شرارة الثورة منها إلى عدد من المدن التونسية الداخلية قبل أن تصل العاصمة وتتوسع الاحتجاجات، التي ضغطت في 14 كانون الثاني (يناير)، وأدت إلى هروب بن علي في 14 كانون الثاني (يناير).

واستغلت حركة النهضة الإخوانية حينها هذه اللحظة المفصلية، وركبت موجة الغضب الثائر وقتها لتنقضّ على المشهد، وتمسكت باعتماد تاريخ 14 كانون الثاني (يناير) كتاريخ للثورة، متجاهلة مطالب تصحيح التاريخ.

استغلت حركة النهضة الإخوانية حينها هذه اللحظة المفصلية، وركبت موجة الغضب الثائر وقتها لتنقضّ على المشهد 

لكنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد أعلن قبل نحو عامين اعتبار يوم 17 كانون الأول (ديسمبر) للاحتفاء بالثورة، ثم جاءت الانتخابات البرلمانية في 17 كانون الأول (ديسمبر) 2022 احتفاء بالتاريخ نفسه وبرمزيته لدى التونسيين.

13 عاماً من الأزمات والخلافات

ومنذ العام الأول للثورة لم تهدأ الاحتجاجات رافعةً شعارات الثورة ذاتها التي لم تتحقق إلى اليوم، باستثناء فئات معيّنة استفادت من قربها من الإخوان، من خلال العفو التشريعي العام وتوظيف عدد من الإخوانيين في مناصب حساسة، تعويضاً لأعوام سجنهم، واستفاد عدد قليل مقرب من بعض القوى السياسية التي شاركت في الحكم منذ 2011.

لكن ظلت غالبية الشباب الذي فجّر الثورة، ورابط في الاعتصامات، وشارك في كل الاحتجاجات، خارج اهتمامات الدولة التي استولت عليها جماعة الإخوان خلال الأعوام الماضية.  

استغلت حركة النهضة الإخوانية حينها هذه اللحظة المفصلية وركبت موجة الغضب الثائر وقتها لتنقضّ على المشهد

وقد عاشت البلاد على امتداد "العشرية السوداء" انفجاراً اجتماعياً، ترجمته أزمة الأسعار وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين في بلد يساوي الأجر الأدنى المضمون فيه نحو (450) ديناراً؛ أي ما يعادل قرابة (150) يورو، بينما تقدر كلفة المعيشة شهرياً لزوجين بنحو (2200) دينار، وفق دراسة أعدها مكتب منظمة (فريدريش إيبيرت) في تونس.

والصعوبات تبدو مضاعفة لفئات واسعة من العمال في تونس الذين يعملون من دون عقود أو تغطيات اجتماعية. ويسمّى هؤلاء بعملة "الحضائر" الذين يضطرون للانتظار لأعوام من أجل إدماجهم وتسوية أوضاعهم المهنية.

شعارات الثورة ذاتها لم تتحقق إلى اليوم، باستثناء فئات معيّنة استفادت من قربها من الإخوان

واستمر تغيير الحكومات على امتداد الأعوام الماضية، وكلّما اشتد الخناق على الإخوان واشتدّت الأزمات، يتم تغيير الحكومة، حتى تجاوزت (10) حكومات خلال (10) أعوام، لكنّ الأزمات ظلّت على حالها، بل ارتفعت معدلات الفقر، ونسب البطالة، وتراجعت معدلات التنمية وكل المؤشرات الاقتصادية، وظّل البلد على حافة الهاوية يتهدده الإفلاس طيلة الأعوام الماضية، برغم إغراقه في الديون الخارجية والقروض الدولية، وارتهانه لبعض القوى الممولة للإخوان.

عشرية سوداء

وفي 17 كانون الأول (ديسمبر) من عام 2010، لم يكن ثمة وجود لجماعة الإخوان بين الحشود التي خرجت إلى الشوارع مطالبة بالتغيير، إلا أنّهم استغلوا مناخ الفوضى الذي أعقب الثورة، فأعادوا زعيمهم راشد الغنوشي من لندن، ورغم إعلانهم عدم المشاركة في المشهد السياسي، إلا أنّهم انقضوا على مفاصل الدولة مستغلين مرحلة الارتباك والضبابية حينذاك، وتمكنوا من الاستيلاء على السلطة لمدة (10) أعوام وصفت بـ"العشرية السوداء"، حيث تفاقمت البطالة وزاد الفقر وارتهنت البلاد لأجندات مشبوهة ومؤامرات خارجية.

وقد شهدت البلاد أكثر من (50) عملية إرهابية دامية طيلة الأعوام الماضية، وتم تفكيك قرابة (320) خلية إرهابية تنشط ميدانياً في الجبال وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، وتتمركز التنظيمات الإرهابية في تونس طيلة (10) أعوام بالجبال الغربية (الشعانبي والسلوم وسمامة)، وتتبع تنظيمي (القاعدة وداعش).

رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي

على مدار الـ (10) أعوام حاول إخوان تونس تنفيذ مخططهم الذي تم إفشاله في الدول المجاورة بعد ما يُسمّى بالربيع العربي، من أخونة لمؤسسات الدولة تحت مسمّى الانتقال الديمقراطي لتثبيت موقعهم في الحكم واغتصاب الدولة، ولكن يبدو أنّ الشعب التونسي ومؤسسات الدولة كانت مستيقظة لهذا المشهد .

وقد كشف فريق هيئة الدفاع عن ملف اغتيال المعارضين السياسيين محمد البراهمي وشكري بلعيد عن وثائق حصل عليها، تظهر دوراً استخباراتياً خفياً قادته حركة النهضة في بناء منظومة أمنية موازية، للإيقاع بخصومها ومعارضيها، والتورط في عمليات الاغتيال، وممارسة نشاطها خارج نطاق القانون، ورغم الجهود التي قادها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي للكشف عن حقيقة هذا "الجهاز اللغز"، ما يزال مصيره معلّقاً.

استمر تغيير الحكومات على امتداد الأعوام الماضية، وكلّما اشتد الخناق على الإخوان واشتدّت الأزمات، يتم تغيير الحكومة.

ويرى المراقبون أنّ القضاء خلال العشرية الماضية عمل على التغطية على الملف، كما هو الحال مع ملفات أخرى، مثل ملف الاغتيالات والجهاز السري.

افتعال الأزمات

وتعيش تونس خلال الأعوام الأخيرة تأزماً اقتصادياً غير مسبوق، أرجعه خبراء الاقتصاد إلى تراكم السياسات الخاطئة منذ العام 2011 حتى اليوم، وسوء إدارة البلاد، ممّا سبب عجزاً في الميزانية، فقد تراجع بنسبة 75% على أساس سنوي خلال النصف الأول من 2022 وسط ارتفاع في الإيرادات المالية للبلاد.

ونتيجة للتداعيات المالية، وارتفاع نسبة التضخم، تتواصل أزمة نقص المواد الأساسية وفقدانها في تونس، وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وما تزال عدّة مواد أساسية، مثل السكر والقهوة والحليب ومشتقاته، غائبة عن رفوف المتاجر.

على إثر ذلك، خرج الرئيس التونسي بنفسه ليؤكد أنّ الأزمة مفتعلة وغير بريئة، التقطت لحظات ضعف الدولة التي تمرّ بظروف اقتصادية صعبة نتيجة العشرية التي حكمت خلالها حركة النهضة الإخوانية، وأنّ أطرافاً بعينها تحاول تأليب الرأي العام التونسي ضدّ الرئيس التونسي قيس سعيّد.

مواضيع ذات صلة:

تونس تجفف منابع الإخوان... قانون جديد لمراقبة تمويل الجمعيات

كيف تاجرت حركة النهضة الإخوانية بالقضية الفلسطينية؟

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية