قتلة جورج فلويد مشهورون بقيود الرقبة ولهم ميراث في الإهانة

قتلة جورج فلويد مشهورون بقيود الرقبة ولهم ميراث في الإهانة


14/06/2020

أعاد مقتل فلويد، الذي أشعل غضب الكثيرين من مختلف الأعراق حول العالم، إلى الأذهان احتجاجات 2011 في منطقة الشرق الأوسط.

وشيّع آلاف الأمريكيين جثمان المواطن الأمريكي من أصول إفريقية "جورج فلويد"، الذي مات خنقاً على يد شرطي من مينيابوليس.

صورة لجورج فلويد الذي قتل على يد شرطي أمريكي

يُذكر أنّ قسم شرطة مينيابوليس، بولاية مينيسوتا، معروف بارتكاب مثل هذه الأفعال بحقّ المواطنين من ذوي البشرة السمراء.

حياة السود مهمّة
تحت هذا الشعار ""Black Lives Matter، الذي أعاد للأذهان ثورة السود في أمريكا ضدّ الفصل العنصري، الذي انتهى بشكله الفجّ، بعد نضالات من السود والبيض المناهضين للعنصرية، لكنّه ما يزال قائماً بشكل خفيّ يجمّل وجه الإمبراطورية الأمريكية، التي تتبنى قيم الحرية والمساواة التي انهارت على رقبة فلويد، الذي وافته المنية، في الخامس والعشرين من أيار (مايو) الماضي.

بعد اشتعال حوادث السلب والنهب التي قام بها المتظاهرون في مختلف الولايات، جاءت خطابات ترامب لتشعل غضب الجموع أكثر

ولحسن الحظّ فقد قامت بتصوير اللحظات الأخيرة لفلويد فتاة سوداء تبلغ من العمر 17 عاماً، تدعى "دارنيلا فرايزر"؛ فكان هذا الفيديو كفيلاً بإشعال غضب الناس، وتكذيب الشرطة، التي قالت لاحقاً إنّ الوفاة حدثت بعد نقل الضحية إلى المستشفى، بينما أظهر الفيديو موته بعد ثماني دقائق من خنق الشرطي له، حين كان فلويد في طريقه لمتجر أغذية، اعتاد أن يتبضع منه مرتين أسبوعياً، بحسب تصريحات"محمود أبوميالة"، صاحب المتجر، لصحيفة "النهار" الجزائرية، الذي قال إنّ الرجل زبون دائم لدى المتجر، وكان دائماً ما يأتي بأموال مزورة، ولا يبلغ الموظفون الشرطة، حتى جاء في ذلك اليوم بورقة من فئة 20 دولاراً مزورة.

فأبلغ الموظف الشرطة التي حضرت على الفور، وفعلت ما فعلته به. حاول أبوميّالة أن يوضح الموقف، فيما كان الرجل البالغ من العمر 46 عاماً، وله ابنة وحيدة، قد فارق الحياة، وفشلت كلّ محاولات الناس في ردع الشرطي، الذي سرعان ما تمّ إيقافه عن العمل، وتحويله للتحقيق، برفقة ثلاثة من أفراد الشرطة، كانوا شركاءه في الجريمة.

اقرأ أيضاً: احتجاجات فلويد: ربيع أمريكي مفترض أم ردة فعل سيجري احتواؤها؟
بعد ذلك اشتعلت المظاهرات، وأول مظاهر الاحتجاج كان حرق المتظاهرين لمنزل الشرطي القاتل، ديريك شوفين، البالغ من العمر 44 عاماً، بينما أعلنت زوجته طلبها للطلاق، احتجاجاً منها على ما فعل، بحسب ما نشرت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية.
ويواجه شوفين حالياً تهمة القتل من الدرجة الثالثة، وبينما يغلي الشارع الأمريكي بسبب ما حدث، خرجت المظاهرات في أنحاء أوروبا تضامناً مع فلويد، فانضمّ البريطانيون والإسبان والدنماركيون، وكذلك الكنديون، منددين بالعنصرية ومطالبين بقوانين أكثر عدالة بحقّ السود، لكنّ تعامل الشرطة الأمريكية كان أكثر عنفاً مما توقّع البعض، واستخدمت، بأمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين منذ بداية الاحتجاجات، لكنّ هذا لم يكن إلّا بمثابة صبّ الزيت على النار، فزادت أعداد المحتجين، وعمّت مظاهر السلب والنهب والفوضى شوارع عدة ولايات.

هل حقاً انتهت العنصرية في أمريكا؟

يفيد تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في الثالث من حزيران (يونيو) الجاري، حول شرطة منيابوليس المشهورة بقمعها للسود، والتي تملك سجلاً حافلاً من هذه الجرائم؛ بأنّ معدل استخدام الشرطة القوة ضدّ السود يبلغ سبعة أضعافه عن استخدام القوة ضدّ البيض. ورغم أنّ السود يمثلون 20% من الكتلة السكانية لمينيسونا، إلّا أنّ 60% من حوادث عنف الشرطة تقع على السود وحدهم، ويرصد التقرير الأعوام الخمسة الأخيرة في حياة المدينة، والتي تزامنت مع ترشّح الرئيس الأمريكي، المشهور بنزعاته العنصرية ضدّ الأعراق المختلفة وليس السود وحدهم، فبداية من 2015 وحتى وقتنا الراهن؛ سجّلت 11500 حادثة اعتداء بالقوة على المواطنين السود، مقابل 6650 حادثة ضدّ البيض، وهم أغلبية السكان، وهو ما دفع "ديفيد شولتز" الأستاذ في جامعة هاملين في سانت بول، والذي درس تكتيكات الشرطة المحلية على مدى عقدين من الزمان، إلى التصريح واصفاً الشرطة في منيابوليس بشكل خاص؛ بأنّها "مختبر حيّ على كلّ شيء لا يجب عليك فعله عندما يتعلق الأمر باستخدام الشرطة للقوة".

من الاحتجاجات التي تعم الولايات الأمريكية

ويفيد تصريح آخر لشولتز؛ بأنّ قيود الرقبة هي جزء أصيل من شكل العنف المعبر عن الإهانة الذي لطالما استخدمته شرطة منيابوليس، إذ سجلت عام 2019 أكثر من 44 حالة خنق، كان نصيب السود منها 27 حالة، وهو ما يراه شولتز دلالة على تعزيز النزعة العنصرية في الآونة الأخيرة، قد أتت ثمارها في عنف الدولة نفسها ضدّ المواطنين، وليس عنف البيض ضدّ السود، ويبدو أنّ شرطة منيابوليس قد فتحت النار على نفسها بعد قتل فلويد؛ إذ أخرجت وسائل الإعلام العالمية سجلاتها، وسجلات غيرها من أقسام الشرطة التي تمارس التمييز العنصري بحقّ المواطنين السود؛ فبحسب ما أوضح عضو مجلس إدارة جمعية "متّحدون ضدّ وحشية الشرطة"، "ديف بيكينغ"، في تصريحه لصحيفة "واشنطن بوست"؛ فإنّ جمعيته التي تتخذ من مينيسوتا مقراً لها، "سجلت، منذ عام 2012، 2600 شكوى رسمية مفعّلة ضدّ ضباط شرطة منيابوليس"، ولعلّ أقرب هذه الجرائم قام بها ضابط يدعى محمد نور، عندما أطلق النار على امرأة أسترالية، عام 2017، ووجِّهت إليه تهمة قتل من الدرجة الثالثة، وتمّ فصله نهائياً من الخدمة.

قيود الرقبة هي جزء أصيل من شكل العنف المعبر عن الإهانة الذي لطالما استخدمته شرطة منيابوليس

طبول الحرب الأهلية
بعد اشتعال حوادث السلب والنهب التي قام بها المتظاهرون في مختلف الولايات، جاءت خطابات الرئيس ترامب لتشعل غضب الجموع أكثر، خاصة في الخطاب الذي هدّد فيه بنزول الجيش، وقوبل بالرفض من حكام الولايات، لكنّ الشرطة لم تتراجع عن عنفها الممنهج ضدّ المتظاهرين، ولم تفرّق في عنفها بين أبيض وأسود، وعليه فقد انتشرت صور لمواطنين بيض خرجوا مدججين بالأسلحة الثقيلة، بدعوى حماية العائلة والملكية الخاصة، ما دعا البعض على وسائل التواصل الاجتماعي إلى الحديث عن إمكانية وقوع حرب أهلية، لما لهذه الدولة من باع طويل فيها، لكن يبدو أنّ عنف الشرطة الذي يتصاعد وتنتشر صوره في كافة وسائل الإعلام، هو ما يعزز هذا التوقع، لكنّ ويليام د.جرين، أستاذ التاريخ بجامعة أوغسبورغ، يعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، عام 1860، عبر مقال له على موقع "سيتي لاب"، يتحدث كيف كانت شوارع منيابوليس ثائرة ضدّ الفصل العنصري؛ إذ كانت مينسوتا الولاية الوحيدة التي تحظر العبيد، لكنّ فتنة الحرب الأهلية دخلت إليها عبر جماعات مسلحة، واشتعلت لتستمر لأعوام طويلة، تحوّلت بعدها الولاية وقسم شرطتها المشهور إلى أعنف المؤسسات الأمنية ضدّ المواطنين السود، وها هي تعاود الكرّة مرة أخرى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية