كيف أثر الإسلام السياسي في الجزائر على معركة العباءة بفرنسا؟

كيف أثر الإسلام السياسي في الجزائر على معركة العباءة بفرنسا؟

كيف أثر الإسلام السياسي في الجزائر على معركة العباءة بفرنسا؟


16/09/2023

ربط معلّقون تفاعلات معركة العباءة الإسلامية على الأراضي الفرنسية بـ "تداعيات وحسابات أصحاب الإسلام السياسي في الجزائر"، فما القصة؟

في منشور على صفحته في منصة التواصل (فيسبوك)، ركّز الكاتب والمفكّر الجزائري أمين الزاوي على أنّ "اللباس لا يمكنه أن يصنع لا الفقيه ولا الراهب ولا الحاخام"، وتعليقاً عمّا سمّاها "معركة العباءة و"الميني جيب" في فرنسا"، أبدى الزاوي تحفظاً حيال ذهنية مؤداها أنّ "كل شيء أضحى يقاس بالمظهر أمام تراجع سلطة العقل والتفكير الحر".

الزاوي: لم نسمع قائداً في الثورة تحدث عن طول ميني جيب هذه المجاهدة أو تلك...، لذلك صنعوا معجزة الاستقلال الذي تسلمه في ما بعد للأسف أصحاب الإسلام السياسي، فأفسدوا المشروع وأجهضوا بناء الدولة الحديثة المعاصرة بالانشغال بتوافه الأمور

واستعاد الزاوي ما طبع الثورة الجزائرية (1954 ـ 1962)، معتبراً ذلك "درساً في علاقة الدين بالسياسة، وعلاقة الإيمان بالوطن"، حيث سجّل أنّ "المجاهدات الجزائريات، ويجب التركيز على كلمة "المجاهدات"، كنّ يرتدين ألبسة عادية في أناقة أوروبية عالية، أناقة النضال وأناقة الأخلاق وصرامة الانضباط"، مستدلاً بأسماء الثائرات جميلة بوحيرد وجميلة بوباشا وزهرة ظريف وجميلة عمران وحسيبة بن بوعلي وباية حسين وليلى الطيب وغيرهن، وأخريات كنّ يرتدين اللباس الاجتماعي الثقافي المحلي من البلوزة الوهرانية إلى القسنطينية والقبائلية والشاوية والمزابية والطارقية إلى النايلية، ولم يكن للإيديولوجيا الدينية آنذاك أيّ تدخل في لباس المرأة".

وتابع: "كانت الأخلاق هي الرأسمال الأكبر، كنّ مجاهدات شجاعات عاديات في لباسهن، يدافعن بشراسة عن الوطن ضد الاستعمار الفرنسي المتوحش، توجّهنّ إلى الله بقلوبهن العامرة بالإيمان لا بألبستهن الأوروبية أو المحلية ولكن بأقدامهنّ وتضحياتهن وأخلاقهن".

الكاتب والمفكّر الجزائري أمين الزاوي

وأوضح الزاوي: "لم نسمع قائداً في الثورة تحدث عن "طول ميني جيب هذه المجاهدة أو تلك أو عن خصلة شعر أو سالف هذه أو تلك"، لذلك صنعوا المعجزة، نساء ورجالاً، معجزة الاستقلال الذي تسلمه في ما بعد للأسف أصحاب الإسلام السياسي، فأفسدوا المشروع وأجهضوا بناء الدولة الحديثة المعاصرة بالانشغال بتوافه الأمور".

تحجّر إسلاموي

ركّزت الناشطة سعاد عيساني على أنّ ما يحدث في محور فرنسا "راجع إلى العقلية المتحجرة للإسلامويين اللاعبين على الحبال"، معتبرة أنّ الأمر يتعلق بـ "عباءة إسلاموية"، وليس "العباءة الإسلامية التي تُسمّى الجلابية لباس المرأة الفاضلة".

وتابعت: "نحن في عام 2023... لم يعد هناك شيء اسمه اللباس الشرعي، فقط لباس إسلاموي ترتديه المرأة لتثبت أنّها بنت عائلة شريفة وأنّها مؤمنة، ترتديه لتتزوج، فهي تجارة نسوية من أجل الزواج.... أمّا البرقع، فهو لباس الفاضلات، اللواتي لا يسمحن للآخرين برؤيتهن... ما يدهشني فعلاً هو أنّ المتجلببات والمتحجبات يسعين دائماً للزواج من دكتور في الجامعة ... أي إغواء مثقف".

ثمّن الناشط محمود قاسمي "جمال وبساطة تدين الماضي"، موضحاً: كان الفقيه في القرية مرجعاً للفتاوى التي تجمع ولا تفرّق ولا تحمل أيّ ضغينة ولا أيّ إيديولوجيا، يصلي بالناس ويعلّمهم القراءة والكتابة، ولا يتدخل في شؤون القرية

وتتذكر سعاد معاناتها أيام الجامعة: "وأنا أرتدي الميني في الجامعة...آه كم عانيت وعانيت وعانيت من أستاذ جامعي إسلاموي كان يرى في شعري الأصفر لعبة باندورا التي أخرجت كل شرور العالم، حتى أنّ أبي حاول طردي من المنزل بتحريض من جماعة بني قريظة".

وفي زاوية نوستالجية، ثمّن الناشط محمود قاسمي "جمال وبساطة تدين الماضي"، موضحاً: "كان الفقيه في القرية مرجعاً للفتاوى التي تجمع ولا تفرّق ولا تحمل أيّ ضغينة ولا أيّ إيديولوجيا، يصلي بالناس ويعلّمهم القراءة والكتابة، ولا يتدخل في شؤون القرية، وكان (تاجماعت) هو مجلس الحكماء في منطقة القبائل الجزائرية، يفصل ويسيّر القرية لحساب مصلحة المجتمع، وفي غالبية الأحيان تتخذ قرارات خارج أحكام الدين بل معاكسة له، والفقيه يتواجد هناك لكن لا يتدخل".

اللباس عندنا يصنع الفقيه

في تغريدات عجّت بها منصات التواصل، ركّز ناشطون على عمق قضية العباءة، رافضين التوقّف عند ما هو سطحي، في هذا الشأن طرح الناشط أحمد دمري أنّ "اللباس عندنا يصنع الفقيه ويكفي أن ننظر من حولنا"، مُلاحظاً وجود عدّة مدارس لحفظ القرآن، دون توفر مدرسة واحدة لفهم القرآن، والنتيجة بحسبه: "لدينا حفّاظ القرآن ونحتفي بهم، وليس لدينا فهّام القرآن، لذا أقول في فرنسا كما في الجزائر... اللباس يصنع كل شيء".

السترة والحشمة تكون عبر السلوك اللائق، وليس في محض لباس

وأيّده هبري كرومي: "اللباس حين يأخذ مظهراً عامّاً في مرتديه يعطي إشارة الانتماء"، فيما أبرز حفيظ بومزواد: "السترة والحشمة تكون عبر السلوك اللائق، وليس في محض لباس".

من جانبه، قدّر الناشط محمد جفالي أنّ "التغيّر في شكل اللباس لا يخصّ النساء فقط، بل حتى الرجال، وهذا نتيجة عمل مُمنهج يهدف إلى تغيير نمط الحياة.... والغرب اليوم يجني ثمار سياسته"، وذهب زيري يغمراسن إلى أنّه "من حقّ أيّ إنسان ارتداء ما يريد في إطار الاحترام، فالحرية عندها حدود لكي لا تصبح مضرّة".

بدوره، أبدى محمد حلوي مخاوفه من تبعات الجدل المحتدم، قائلاً: "كل الخشية من أنّ الجدل بدأ ينتقل فعلاً من الدين إلى الثقافة والهوية، ثم ماذا بعد؟ أليس من الأجدر طرح جملة من الأسئلة أيضاً بخصوص التباين الموجود بين مختلف المفاهيم؟ اللائكية الغربية نفسها كانت تشاركية كما في غالبية الدول، أو تصادمية في القليل منها".

شدّد الناشط سمير تدبيرت على أنّه "كُلما زاد التمظهر بالتدين، تراجع الدّين، وارتفع مقياس النفاق العام"

من جهتها، لفتت الناشطة فاطمة ديلمي إلى أنّه "في 2015 مثلاً أتذكر أنّه جرى منع طالبة من دخول إحدى المؤسسات التربوية، لأنّ الإدارة وجدت تنورتها أطول من اللزوم، وعليه أرى أنّ مشكلة اللباس هذه قديمة يتم تفعيلها كلما ظهرت الحاجة إلى تشتيت الأذهان، وإبعاد المواطنين عن التفكير في مشاكلهم الحقيقية".

وعلى المنوال ذاته، نسج الناشط حميد بوحبيب: "العباءة ليست لباساً دينياً"، معقّباً بتهكّم: "حماقات اليمين المتطرف في فرنسا ستجعل الجمهورية تحمل مسطرة لقياس أذيال الفساتين".

العمامة السوداء والتمظهر بالدين

رأى عبد العزيز حدوشي أنّ "التاريخ يعيد نفسه، فقط مساحة الشطرنج هي التي تتغير حيث تتمدّد وتتقلص بحسب المصلحة الاقتصادية، فرنسا دفعت البيدق صاحب العمامة السوداء إلى الأمام في نهاية سبعينيات القرن الماضي بعد طبخ الصفقات في الكواليس بين مجموعة (توتال) وأصحاب العمامات السوداء، كما فعلت سابقاً أثناء اجتياح العراق للكويت، ولعبت المجموعة ذاتها على الحبال لربح الوقت والتفاوض على نصيبها من البترول، وعندما تحقّق الهدف، اختفى صوت الديك ورجع إلى حواري باريس، رجل على رجل، البيت يضخّ البترول ويشرب حتى الثمالة، طالما أنّ الحنطة مضمونة".

في المقابل، شدّد الناشط سمير تدبيرت على أنّه "كُلما زاد التمظهر بالتدين، تراجع الدّين، وارتفع مقياس النفاق العام" .

مواضيع ذات صلة:

الجزائر: هل تهدف حملة الحجاب في الجامعات إلى "الأدلجة" و"التدجين"؟

شيخة تونس سعاد عبد الرحيم لـ"حفريات": الحجاب حرية شخصية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية