كيف أصبحت قيادات "داعش" صيداً سهلاً للقوات الأمنية؟

كيف أصبحت قيادات "داعش" صيداً سهلاً للقوات الأمنية؟


12/06/2022

تتوالى العمليات الأمنية في العراق وسوريا ضد عناصر تنظيم داعش الإرهابي، ناجحة في إيقاع أكبر عدد من قياداته بقبضة الأمن، ممّا يسهم بشكل كبير في تحجيم قدرة التنظيم على التمدد في مناطق جغرافية جديدة أو إعادة التمركز في مناطقه الجغرافية التقليدية.  

السقوط المتوالي لرؤوس القيادة داخل التنظيم الإرهابي كشف عن فقدان "داعش" لأحد أهم عوامل قوته، وهي قدرته على تأمين وإخفاء هوية قياداته وكذلك أماكن إقامتهم.   

الباحث المصري المختص بالحركات المسلحة أحمد سلطان لـ"حفريات": الاختراق الأمني لتنظيم داعش لم يحدث على مستوى القواعد فحسب، بل وصل مؤخراً إلى دوائر القيادة

وقد نجحت السلطات الأمنية بعدة دول في إسقاط العشرات من قيادات التنظيم خلال الأشهر الماضية، كان أبرزهم زعيم التنظيم الجديد أبو حسن الهاشمي القرشي، الذي تحدثت عدة تقارير صحافية عن إلقاء القبض عليه في إسطنبول خلال الأسابيع الماضية، إضافة إلى عدد كبير من العناصر سقطوا في مداهمات للقوات العراقية بمناطق مختلفة.

ووضع مراقبون ومحللون عدة أسباب ساعدت، إلى جانب الكفاءة العسكرية للقوات المحاربة للتنظيم الإرهابي، في سقوط رؤوسه وضرب عدد من أهم قياداته، ممّا أثر بشكل كبير على شلّ حركته وتقييده.

كيف جرت عملية اختراق الدوائر المغلقة؟

المتحدث باسم العمليات العراقية المشتركة اللواء تحسين الخفاجي تحدث عن التعاون الأمني والاستخباراتي بين بلاده ودول عديدة، لتنظيم عملية اختراق داعش واقتناص قياداته من مخابئهم.

وقال الخفاجي، في لقاء تلفزيوني نقله موقع "ناس" العراقي بتاريخ 28 أيار (مايو) الماضي: إنّ "الكثير من دول العالم قدّم معلومات استخبارية إلى العراق، كما أنّ العراق قدّم بدوره معلومات مهمّة في هذا المجال".

وأضاف أنّه "من خلال هذا التعاون الاستخباري تمكنت القوات الأمنية من إلقاء القبض على الكثير من القياديين في تنظيم داعش، وأسهم بشكل كبير في إرساء الاستقرار والأمن، فضلاً عن تحطيم وإنهاء نقطة القيادة والسيطرة لدى التنظيم الارهابي".

المتحدث باسم العمليات العراقية المشتركة تحدث عن التعاون الأمني والاستخباراتي بين بلاده ودول عديدة لتنظيم عملية اختراق داعش واقتناص قياداته من مخابئهم

وتابع: "نجحنا في اختراق التنظيم من خلال معرفتنا الكبرى في الكثير من الأمور من ناحية خططهم وقدراتهم عن طريق المعلومات التي حصلنا عليها، والتي أسهمت في نجاح القوات الأمنية العراقية بالقيام بعمليات استباقية قبل أن يتمكّن العدو".

من جهته، قدّم مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية خالد عكاشة عدة أسباب لمتوالية سقوط عناصر التنظيم الإرهابي مؤخراً، مرجحاً حدوث عملية اختراق أمني ناجحة لدوائر التنظيم ساهمت بشكل كبير في إسقاط عدد من القيادات كانوا من قبل محاطين بقدرٍ عال من السرّية والقدرة على التخفي.

وبالإجابة عن سؤال: "هل وصلت عمليات الاختراق الاستخباراتي لتطال دائرة القيادة الداعشية الأهم للتنظيم؟" يقول عكاشة: إنّ "ما جرى من أحداث خلال الأسبوع الماضي وما سبقه بشهور قليلة يشي بأنّ هناك نجاحاً ما تحقق، وفعلياً ثمّة ثغرة تنظيمية مؤثرة طالت دائرة القادة التاريخيين، ومن تمكنوا من الاستقرار في ملاذات آمنة منذ هزيمة التنظيم منتصف العام 2019".

مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية قدّم عدة أسباب لمتوالية سقوط عناصر التنظيم الإرهابي مؤخراً، مرجحاً حدوث عملية اختراق أمني ناجحة لدوائر التنظيم

وخلال قراءة تحليلية مستفيضة لما يجري داخل التنظيم، نشرها المركز المصري، نقلاً عن جريدة الوطن المصرية تحت عنوان: "القيادة الداعشية... دوائر الاختراق وفصل تساقط الثمار"، يشير الخبير الأمني إلى ضلوع عناصر تابعة للسلطات التركية في شمال سوريا، باعتبارهم "يمتلكون قدرة النفاذ على الأرض وسط خطوط اقتراب من عناصر تنظيم داعش الموجودة ببلدات تلك المنطقة وتخومها".

ويشير عكاشة إلى أنّ هذه "العناصر تمكنت في وقت سابق من الإيقاع بمجموعة نافذة فيما يُسمّى بـ"ولاية الشام"، بل هناك من يرجح أنّ القيادي الداعشي المعيّن بمنصب أميرها، سقط في قبضة هذه العناصر، ومن ثم تمّ تسليمه إلى أجهزة الأمن التركية".

هل عمل زعيم داعش مع الاستخبارات الأمريكية؟

وفي السياق ذاته، أشارت بعض التقارير الصحافية إلى "عمالة" أبو إبراهيم القرشي، زعيم تنظيم داعش السابق، الذي قتل في شباط (فبراير) الماضي، لصالح "الاستخبارات الأمريكية".

وكان تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" في 8 نيسان (أبريل) الماضي، أورد أنّ "أبو  إبراهيم القرشي" الذي بايعه تنظيم داعش الإرهابي خلفاً لأبي بكر البغدادي عمل "مخبراً للأمريكان".     

ووفق التقرير، الذي سلطت دراسة حديثة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات الضوء عليه، قدّم القرشي "توجيهات دقيقة حول كيفية العثور على المقر السري للجناح الإعلامي للتنظيم، وصولاً إلى أدق التفاصيل".

أبو إبراهيم القرشي زعيم تنظيم داعش السابق

وأضاف التقرير أنّه "عندما سئل القرشي عن القائد الثاني للمجموعة رسم الأول خرائط لمكان التجمع الذي يسكن فيه القيادي الداعشي، حيث تمكن الجيش الأمريكي من خلال هذه المعلومات، من قتل "أبو قسورة" في غارة على مدينة الموصل العراقية.

وأورد التقرير أنّ "الوثائق السرّية التي نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية أظهرت أنّ القرشي كان مخبراً غزير الإنتاج، وقد قدّم عشرات التفاصيل التي لا تُقدّر بثمن ساعدت من يحاربون التنظيم".

كيف نقرأ عملية الاختراق في رسائل داعش؟

الباحث المصري المختص بالحركات المسلحة، أحمد سلطان، أكد لـ"حفريات" أنّ التنظيم قد تعرّض خلال الفترة السابقة لعملية اختراق أسهمت بشكل كبير في تسهيل اصطياد عناصره وقياداته ووقوعهم في قبضة الأمن.  

وبحسب سلطان، لم يحدث هذا الاختراق على مستوى القواعد فحسب، بل وصل مؤخراً إلى دوائر القيادة، وهذا ما يفسّر سقوط العديد من قيادات التنظيم خلال فترة وجيزة على مدار الأشهر الماضية، وأيضاً الدليل الآخر على أنّ الجانب الأمني لدى التنظيم بات ضعيفاً ويعاني من مشكلات جوهرية، يتمثل في عدم قدرته على تعويض أيّ من العناصر التي خسرها، بحسب الباحث.

وينوّه سلطان إلى اعتراف التنظيم نفسه بالاختراق، من خلال عدة بيانات إعلامية صدرت مؤخراً وزعم فيها أنّه قادر على تجاوز عملية الاختراق وحماية قياداته، ولكنّها تصريحات يمكن قراءتها، وفق سلطان، في ضوء استعراض القوة الزائفة، والحفاظ على ما تبقى من صورته، لكنّها غير قابلة للتحقيق في ظل الهشاشة التي يعيشها في الوقت الراهن.

:مواضيع ذات صلة

 هل يوفر انسحاب فرنسا وأمريكا من أفريقيا فرصة لصعود "داعش"؟

التغلغل الإيراني في غرب أفريقيا: "أرض الفرص الذهبية" للحرس الثوري

شراذم الإرهاب التي تحمل لافتة "داعش"

الصفحة الرئيسية