كيف سيكون حضور الإسلاميين في الحكومة القادمة بالجزائر؟

كيف سيكون حضور الإسلاميين في الحكومة القادمة بالجزائر؟

كيف سيكون حضور الإسلاميين في الحكومة القادمة بالجزائر؟


30/07/2023

يثار كلام في الكواليس عن تغيير حكومي واسع سيجريه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وبعيداً عمّا إذا كان سيتم تجديد الثقة في شخص أيمن بن عبد الرحمن رئيس الوزراء الحالي، يسيل لعاب فريق من الإسلاميين على (الاستيزار)، فكيف سيكون مستوى حضورهم في الحكومة القادمة؟

وسط الأحاديث الدائرة حول انتقاء الوجوه القادرة على ترجمة تطلعات الرئيس، كشف عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني (ثالث فصيل إخواني من حيث الانتشار في الجزائر)، باكراً عن نوايا تشكيلته في التواجد ضمن الجهاز التنفيذي، بعدما دأب منذ فترة طويلة على تثمين كافة خطوات تبون. 

وفي منشور على صفحته الرسمية بمنصة (فيسبوك)، علّق بن قرينة (61) عاماً، عقب زيارة الرئيس الجزائري للصين مؤخراً بقوله: "إنّ تلك النوايا الطيبة والأفعال الحسنة والأهداف السامية والأدوار الرائدة التي جسدتها زيارات الأخ رئيس الجمهورية لن يُكتب لها النجاح إذا لم يسهر على تطبيقها كوماندوس حكومي يتجاوز الإجراءات البيروقراطية والعراقيل الإدارية التي لم تهضم الديناميكية الجديدة التي يرسي دعائمها رئيس الجمهورية، أو التي تمثّلها ـ لا قدّر الله ـ إرادات سيئة داخل دواليب الحكم يغيظها أن ترى الجزائر تحقق نجاحات واختراقات ومصالح حيوية وحضوراً دائماً بعد غياب طويل".

كلام بن قرينة فهمه متابعو الشأن السياسي المحلي على أنّ "الوزير السابق للسياحة يعرض خدماته"، بالتزامن مع "طعنه" في أداء الوزراء الحاليين ومن سمّاها "إرادات سيئة داخل دواليب الحكم"، في إشارة إلى جهات متنفذة يناصبها الإخوان العداء، علما أنّ الفريق الحكومي الحالي جرى الحفاظ على نحو 90% من تركيبته منذ تشكيل أيمن عبد الرحمن لفريقه الأول في 7 تموز (يوليو) من العام 2021.

الإسلاميون لا يلعبون اللعبة نفسها

لاحظ رئيس حزب الجزائر الجديدة جمال بن عبد السلام أنّ الجزائر شهدت تعديلات حكومية كثيرة منذ عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وفي كل مرة تكثر التكهنات والتحاليل، ثم يأتي التعديل بشكل بعيد عن التحاليل والتكهنات، وهذا بحسبه "راجع إلى غياب معايير واضحة في التعيين والتعديل"، وتتوقف المسألة على "القرار الشخصي للرئيس ورؤيته للحكومة ومهامها".

عبد القادر بن قرينة

وتابع: "أعتقد أنّ التيار الإسلامي ليس على موقف واحد من السلطة، ففي الوقت الذي ازدادت فيه أطراف منه بعداً عنها، توجد أحزاب من التيار على توافق وانسجام على الأقل مع رئيس الجمهورية، ممّا أهّلها لأداء دور ما في هذا الظرف الذي يعرف انكماشاً سياسياً حزبياً، وهذا ما يؤهل هذا الطرف للتموقع أكثر في قادم الأيام".

وردّاً على سؤال بشأن بروز خط التموقع لدى (البناء) خصوصاً، ذهب بن عبد السلام: "ليست حركة البناء وحدها، فهناك آخرون يلعبون اللعبة نفسها، ولكن بأسلوب مغاير وينافسون (البناء) بطريقتهم".

ويضيف محدثنا: "نحن طرحنا مقاربة أخرى لا تقوم على تصنيف الساحة وفق التصنيفات الإعلامية المكرّسة (إسلامي، لائكي، وطني)، ونرى أنّ الظرف الذي تمرّ به الدولة والمحيط الإقليمي والدولي يقتضي تجاوز تصنيف الساحة السياسية إلى معارض وموالٍ، فالأمر من وجهة نظرنا يقتضي الالتفاف حول مؤسسات الرئاسة والجيش والأمن مهما كان موقع الأحزاب والأشخاص ميدانياً، فالمخاضات الحالية تحتّم علينا المحافظة على الدولة أوّلاً، ودعم تموقعها في النظام الدولي الجديد، لأنّ كل معطيات الصراع الإقليمي والدولي تؤكد أنّنا أمام تعديلات عميقة في خارطة الدول، وربما هناك دول ستختفي نهائياً من الوجود".

(3) خيارات

يقول الباحث والمحلل السياسي الدكتور أحمد وادي: "يُنتظر منذ مدة أن يكون هناك تعديل حكومي يمسّ بعض الوزارات، وذلك بحسب ما تمليه مجموعة من التحولات والتطورات في الأوضاع السياسية والاقتصادية المحلية والدولية، مع تزايد التحديات في ظل بيئة متغيرة تفرض على صانع القرار مسايرتها وحلحلة كل المسائل المرتبطة بها".

ويشير وادي إلى حركية ملحوظة تشهدها بعض القطاعات على حساب الأخرى، سواء من حيث الأداء أو الحضور الميداني، وهذا من أجل تجسيد توجيهات رئيس الجمهورية، وهنالك العديد من المخرجات في مجالس الوزراء التي تم عقدها سابقاً، والتي تضمّنت قرارات جريئة وغير مسبوقة لفائدة المواطنين والفئات المعنية، بإمكاننا اعتبارها سياسات عمومية موجّهة لتلبية الحاجيات المجتمعية في ظروف صعبة، نظراً لوجود عدّة عقبات ارتبطت معظمها بذهنيات وممارسات سابقة تعيق عملية التنمية.

ويضيف وادي: "كان من المنتظر خلال التعديلات الحكومية السابقة أن يكون هناك تقسيم للحقائب السياسية بحسب أوزان التشكيلات السياسية، وهنا يأتي الحديث عن النتائج المتحصل عليها خلال الانتخابات المحلية والتشريعية الأخيرة، لكنّ اختيار الوزراء أخذ شكلاً آخر، وهو اختيار بعض التكنوقراط ممّن لديهم الخبرة في القطاع على حساب الانتماء السياسي".

جمال بن عبد السلام رئيس حزب الجزائر الجديدة

وفي رأي وادي، فإنّ هناك (3) خيارات تخصّ التعديل الحكومي المرتقب؛ الخيار الأوّل: تغيير بعض الوزراء ممّن كان أداؤهم وحضورهم في الميدان ضعيفاً، بوزراء تكنوقراط لهم خبرة في قطاعهم الوزاري، من أجل الإسراع في تحقيق النتائج المرجوة والأهداف المسطرة من قبل الحكومة، خصوصاً أمام تسارع الأحداث الدولية ومتطلبات مواكبتها.

ويتمثل الخيار الثاني في إعادة هيكلة الحكومة وفق أوزان التشكيلات السياسية، وهذا ما يعطي للأحزاب الدافع مرة أخرى لإعادة خلق الحركية السياسية التي كانت ضعيفة خلال مدة طويلة، أمّا الخيار الثالث، فيتعلق بالشخصيات السياسية البارزة التي كان لها وزن سياسي في السابق، وهنا يمكن الحديث عن الولاء السياسي.

ويقدّر وادي أنّ كلّ الخيارات يمكن أن تخدم الرئيس تبون، إذا ترشح لفترة ثانية، خصوصاً أنّه حظي بقبول وشعبية واسعة خلال فترة حكمه، بفضل قراراته الجريئة وحضوره الفعال في الساحة الدولية، وتسريعه لوتيرة العمل الحكومي التي لم تشهد مثلها الجزائر منذ أكثر من عقد ونصف، وهذا ما انعكس بشكل مباشر على خلق بعض المؤشرات التي لها دور في تحقيق نتائج مشجعة مستقبلاً.

النظام لن يقبل أيّ محاولة للتفاوض

يرجّح المحلل السياسي يونس بن شلابي ـ وفقاً للتوجهات الكبرى للرئيس تبون ـ أن تتم المحافظة على بعض الوزارات لصالح الإسلاميين، وخاصة (السلم) و(البناء)، أمّا الوزارات المتعلقة بالسيادة والاقتصاد، فالواضح أنّ النظام لن يقبل أيّ محاولة من الإسلاميين للتفاوض في نوعية المشاركة في الحكومة.

المحلل السياسي يونس بن شلابي

ومن ناحية تأثير الحكومة المقبلة في مخرجات رئاسيات 2024، يتصور بن شلابي أنّ "تسارع الأحداث في السياسة الخارجية الجزائرية، والحضور الفعّال للجزائر في المحافل الدولية، انعكس سلباً على الأحداث الداخلية، وهو الملاحظ في فتور النشاطات الحزبية، وبالتالي فإنّ تأثير الوزراء المتحزبين، وحتى أحزابهم، مستبعد في رئاسيات 2024، وبالمقابل هناك تضخيم مُمنهج للمجتمع المدني قد يكون له دور فعال في الانتخابات الرئاسية المقبلة".

من جهته، يبدي الناشط الاجتماعي ياسين رحماني تشاؤماً بشأن مؤدى التعديل المرتقب، وكتب على منصة التواصل (فيسبوك): "سيتم التعديل الحكومي، وسيجري تعيين كوماوندوس، وسيكون أسوأ من سابقيه، نحن نعرف الوجوه المقترحة للاستيزار من الأحزاب والمنظمات والتكنوقراط، تعجبك صورهم وكلماتهم لكنّ ذلك هو رأسمالهم، لا كفاءة ولا رؤية ولا نضج، ولا قدرة على إحداث التغيير، جميعهم يشتركون في أنّه يسهل التحكم فيهم".

مواضيع ذات صلة:

قصة (تاج) آخر حزب جزائري منشق عن الإخوان

الباحث عدة فلاحي لـ "حفريات": يستحيل قيام جمهورية إسلامية بالجزائر

الجزائر انتصرت على الإرهاب... ولكن




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية