كيف يوظف الإخوان المسلمون الحرب في غزة لمواجهة الضغط البريطاني؟

كيف يوظف الإخوان المسلمون الحرب في غزة لمواجهة الضغط البريطاني؟

كيف يوظف الإخوان المسلمون الحرب في غزة لمواجهة الضغط البريطاني؟


18/03/2024

على ما يبدو فقد "اختلط الحابل بالنابل" في علاقة جماعة الإخوان المسلمين بحكومة المملكة المتحدة، بعد إعلان صادر عن وزير المجتمعات المحلية مايكل غوف، قال فيه: إنّ تصاعد التطرف منذ الحرب بين إسرائيل وغزة يشكل "خطراً حقيقياً" على بلاده.

لم يبتعد الوزير غوف عن الحقيقة، لكنّه أخطأ في التوقيت؛ فقد كشف عن ازدواجية متأصلة في الخطاب الغربي، الذي طالما دافع عن جماعة الإخوان المسلمين التي تورطت في أعمال عنف طالت المجتمعات العربية منذ تأسيسها في ثلاثينيات القرن الماضي.

جاءت الخطوة البريطانية بالتزامن مع الموقف البريطاني والغربي الذي يتخذ موقفاً مزدوجاً ممّا يحدث في غزة، فمنح ذلك جماعة الإخوان السلاح لمواجهة هذا الموقف الجديد، من خلال تصوير القرار على أنّه يستهدف بالأساس المواقف التي تطالب بوقف إطلاق النار في غزة، وتعارض سياسات حكومة حزب المحافظين الداعمة لإسرائيل.

التعريف الجديد للتطرف

تبنت حكومة المملكة المتحدة تحديثاً لتعريف التطرف، وبموجبه فإنّ التطرف هو "الترويج أو الدعم لإيديولوجية قائمة على العنف أو الكراهية أو عدم التسامح، تهدف إلى إلغاء أو تدمير الحقوق والحريات الأساسية للآخرين، وتقويض أو قلب أو استبدال نظام المملكة المتحدة للديمقراطية البرلمانية الليبرالية والحقوق الديمقراطية أو تهيئة ظروف عن عمد تسمح للآخرين بتحقيق النتائج في البنود السابقة، وفق تقرير نشره موقع (بي بي سي) عربي.

هاجم القيادي الإخواني عزام التميمي حكومة سوناك رداً على قرارها بإعادة تعريف التطرف

وقالت الحكومة: إنّ القانون الجديد "أضيق نطاقاً وأدقّ"، وسيساعد في "التعبير بوضوح" عن كيفية "إثبات" التطرف في السلوكيات. وبحسب التقرير السابق، لن توصف المنظمات أو الأفراد المُدرجون على القائمة الجديدة بالإجرام، على عكس الجماعات الإرهابية، لكنّهم سيُمنعون من الاتصال بالحكومة ولن يتمكنوا من تلقي التمويل الحكومي.

وإلى جانب إعادة تعريف التطرف، قررت الحكومة إنشاء "وحدة" جديدة، وهي مركز التميّز لمكافحة التطرف، بهدف جمع المعلومات الاستخبارية وتحديد الجماعات المتطرفة. ويحقّ للهيئات والأفراد المصنفة بأنّها متطرفة، طلب إعادة التقييم وتقديم أدلة جديدة للمراجعة. وإذا استمرّ عدم الموافقة، فيمكنهم الطعن في قرار الحكومة أمام القضاء.

 

ازدواجية متأصلة في الخطاب الغربي، الذي طالما دافع عن جماعة الإخوان المسلمين التي تورطت في أعمال عنف طالت المجتمعات العربية منذ تأسيسها في ثلاثينيات القرن الماضي. 

 

وقال وزير المجتمعات المحلية مايكل غوف، عند إعلانه عن هذا الإجراء الجديد: إنّ "قيمنا المتمثلة في الشمولية والتسامح تتعرض لتحدٍّ من المتطرفين". وأضاف: "في سبيل حماية قيمنا الديمقراطية، من المهم أن نعمل على تعزيز ما هو مشترك بيننا، وأن نتحرى الدقة والوضوح في تحديد المخاطر التي يشكّلها التطرف".

ولم يُكشف النقاب بعد عن الجماعات أو المنظمات التي تنوي الحكومة تصنيفها بالتطرف، لكن الأخيرة وعدت بنشر قائمة في الأسابيع المقبلة، تستهدف الإسلاميين والنازيين الجدد، وفق تقرير (بي سي سي) عربي.

موقف الإخوان المسلمين

وقد عبّرت رموز من الإخوان المسلمين في لندن عن غضبها من القرار الحكومي، واستضاف برنامج "حوار لندن" التلفزيوني على قناة (الحوار) التابعة للإخوان المسلمين والتي تبث من لندن، عدداً من قيادات الجماعة حول تلك المستجدات. وشارك في اللقاء كل من عزام التميمي وأنس التكريتي وحافظ الكرمي وأحمد الشيبة النعيمي.

وقال عزام التميمي، وهو عضو بارز في الرابطة الإسلامية في بريطانيا المحسوبة على الإخوان وعضو مجلس إدارة قناة (الحوار) الفضائية، وأحد أبرز رموز العمل الدعوي لجماعة الإخوان، قال: إنّ "هذا القرار لا قيمة له". واتّهم الحكومة بأنّها تريد الالتفاف حول القضاء، الذي وصفه بأنّه "مستقل ونزيه الى درجة لا بأس لها". 

العنف بنية أساسية في جماعة الإخوان المسلمين

واتّهم التميمي حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك بأنّها تقوم بحملة علاقات عامة نيابة عمّا وصفه بـ"الكيان الصهيوني"، ومعاقبة المسلمين وكل من يتعاطف مع القضية الفلسطينية، وخاصة ضدّ العدوان الحالي في غزة. ووصف الحكومة بأنّها "فاشية في موقها من مؤيدي غزة".

بدوره قال أنس التكريتي، مؤسس ورئيس مؤسسة قرطبة، وأحد أبرز رموز العمل الإخواني في أوروبا: إنّ التعريف الجديد للتطرف ينطبق على حكومة سوناك، التي تريد تقليص حيز الديمقراطية ومنع الآخر وتنقلب على ما يسمونه بالقيم البريطانية، كما أنّها تساعد أعمال العنف في غزة.

وأرجع التكريتي قرارات الحكومة إلى أنّها محاولة لجذب جمهور الناخبين من اليمين المتطرف، في ظل دخول عام الانتخابات. وهاجم الوزير البريطاني مايكل غوف، ووصفه بأنّه "شخصية قميئة، ولديه ولاء عجيب وشديد للصهيونية".

 

إذا كانت الحكومة البريطانية متهمة بالازدواجية، فالأمر ذاته ينطبق على جماعة الإخوان المسلمين التي استغلت هي الأخرى الحرب في غزة لصناعة مظلومية كما اعتادت الجماعة.

 

وقال: إنّ المظاهرات الداعمة لفلسطين كشفت قبح الحكومات الغربية التي وصمت المظاهرات التي ترفع مطلباً رئيسياً، وهو وقف القتل ووقف إطلاق النار، على أنّها تظاهرات كراهية. 

من جانبه، قال حافظ الكرمي، الناطق باسم ما يُعرف بـ"هيئة علماء فلسطين"، وهي ذراع تابعة لجماعة الإخوان المسلمين: إنّ هناك تحالفاً ثلاثياً في حكومة سوناك، يضم "التحالف الهندوسي، واليمين، والصهيونية". 

وزعم أنّ الهدف من هذا المشروع هو محاولة تشويه الآراء المتصاعدة التي لا تؤيد موقف الحكومة البريطانية في حرب غزة. واتّهم الحكومات الغربية بأنّها لم تعد تمثّل نبض الناس، بل تعمل لصالح الصهيونية على حساب دولها.

وقال المحاور الرابع أحمد الشيبة النعيمي، القيادي الإخواني الإماراتي، ونائب المنسق العام فيما يُعرف بالهيئة العليا التنسيقية لمواجهة التطبيع: إنّ الحكومة البريطانية أمام خيارين؛ إمّا هدم البلاد لصالح الكيان، وإمّا التخلي عنه لصالح بريطانيا. واتهم الطبقة السياسية بأنّهم يهدمون القيم البريطانية.

ازدواجية الإخوان

وإذا كانت الحكومة البريطانية متهمة بالازدواجية، فالأمر ذاته ينطبق على جماعة الإخوان المسلمين، التي استغلت هي الأخرى الحرب في غزة لصناعة مظلومية كما اعتادت الجماعة.

ويمكن النظر للتحديث البريطاني على أنّه سياسي في الأساس، يستهدف قدرة المنظمات الإسلامية المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين على حشد الشارع ضد توجهات السياسة البريطانية، لكن حين كانت الجماعة تخدم سياسة لندن لم يكن هناك شكوى منها.

وكما جرت العادة لدى الجماعة، رفعت شعارات باسم الديمقراطية والحريات حين اتفقت مصالحها مع ذلك، بينما حين يتعلق الأمر بالمجتمعات العربية تختفي تلك الشعارات، سواء في الممارسة خلال العقد الماضي الذي شهد صعود جماعة الإخوان إلى السلطة في عدة بلدان عربية، أو من خلال خطابها الموجه إلى مجتمعات تلك الدول.

وأيّاً يكن، فإنّ مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا سيشهد تغيرات كبيرة، ستؤثر على قدرة الجماعة على التأثير في القرار الأوروبي لاستهداف الأنظمة السياسية في الدول العربية. كما يثبت التغير في الموقف البريطاني الرسمي من الجماعة أنّ العلاقة بينهما وظيفية، حيث لم يتغير ما يستدعي إعادة تعريف الجماعة والمنظمات التابعة لها، على أنّها جماعات متطرفة. وجدير بالذكر أنّ مراكز صنع القرار في بريطانيا على إدراك تامّ بأنّ العنف والتطرف بنية أساسية في جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما أشار إليه تقرير لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني الصادر في عام 2017.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية