لبنان مابين الخازوق التركي والحرير الفرنسي

لبنان مابين الخازوق التركي والحرير الفرنسي


03/09/2020

ماذا لو قلنا أن الفرنسيين وعبر مانويل ماكرون نقلوا معركتهم مع الأتراك من شواطئ ليبيا إلى شواطئ لبنان؟
سيبدو هذا الكلام قابلاً للتصديق فيما لو تابعنا مواقف شخصيات لبنانية أخرجت نصفها من تيار المستقبل، دون أن يستقر نصفها الآخر في الحضن التركي، ومن بين هؤلاء نهاد المشنوق، وأشرف ريفي، والأبرز من بينهم بهاء الحريري، والثلاثة اليوم، يعتبرون السياسات الفرنسية في لبنان، هي “نصر إلهي” ولكن باللغة الفرنسية حسب تعبير نهاد المشنوق، الذي يعتبر أن الفرنسيين يرسمون سياساتهم اللبنانية بالتنسيق مع حزب الله بدءًا من استقبال محمد رعد في قصر الصنوبر مع زيارة ماكرون الأولى للبنان.
المراقبون ببرودة للحال اللبناني ، لابد ويكتشفون أن الصراع على لبنان اليوم يختزل بالصراع التركي ـ الفرنسي، فالأتراك يعملون بالظفر والناب على احتواء التيارات السنية الراديكالية، ومعها التيارات السنية الوسطية، أقله في طرابلس ومنطقة الشمال اللبناني، وكان على الفرنسيين المسارعة الى قطف لبنان قبل وصول المنجل التركي اليه، فلبنان بالنسبة للفرنسيين يعني المتوسط، ومن يستبعد من المتوسط لن يجد مكانًا له في الجغرافية السياسية، وهو ما يدفع الفرنسيين لا للقبول بحزب الله كشريك في الصيغة اللبنانية، بل لتخطي حزب الله وصولاً الى ترتيبات مع الايرانيين مازالت في الصندوق الأسود ولابد أن تكشف الأيام عن مضامينها، غير أن الثابت بالنسبة الى الفرنسيين، أن حزب الله عظمة صعبة الابتلاع، وبالتالي فالتعامل معه سيكون على قاعدة الاحتواء، أقله ووفق الرؤية الفرنسية أن الزج بلبنان في صيغة الفوضى او الاحتراب الأهلي ، سيكون مساحة لحزب الله فهو الأقدر على اللعب فيها، فحزب الله هو الميليشيا الجاهزة لتفجير لبنان بمن فيه اذا ماذهب لبنان الى الفوضى، ووحده من يمتلك معدات التعامل مع الفوضى سواء بسلاحة أو بعقيدته أو حتى بجمهوره الذي يشتد عصبه كلما وصل الى أيام عاشوراء، وبالتالي فالمواجهة المباشرة مع حزب الله ستكون خاسرة فيما الصعود الى قاطرته الأخيرة وصولاً إلى فرغونة القيادة ستكون أكثر عقلانية من الزج بمعركة مفرداتها واضحة، وخاسرة، وهذه هي مفردات السياسة الفرنسية التي لن تنسى ولا للحظة بأن لبنان حديقتها الخلفية على شاطئ المتوسط، وليست الرسالة السياسية التي أرسلها مانويل عبر اختيار محطته الاولى في زيارته للبنان أن تكون لمنزل السيدة فيروز سوى التأكيد على هذا البعد في سياسة مانويل، الذي واجه تحديات السترات الصفراء في بلاده، فيما واجه احتضانًا شعبيًا قل مثاله في لبنان، وهو ما يجعل الصراع الفرنسي ـ التركي في لبنان، صراعًا ما بين عقلين وثقافتين.. ثقافة تركية تؤصل لنفسها بـ (الخازوق)، وثقافة فرنسية تؤصّل لنفسها بـ (الحرير)، في معركة ستطول وتطول وتطول، بدءًا من تشكيل الحكومة اللبنانية، وصولاً الى مشروع الإصلاحات في الداخل اللبناني، مايجعل المعركة التركية ـ الفرنسية في لبنان معركة ما بين تاريخين، وليست معركة ما بين لحظة ولحظة.
في هذا السياق ليس بعيدًا أن يفجر الأتراك الصيغة اللبنانية باتجاه تفجير هنا واغتيال هناك.
المعدات كثيرة وقادرة، واللعبة لم تصل خط النهاية بعد.

عن "صحيفة مينا"

الصفحة الرئيسية