لماذا يرفض الإخوان خروج الأتراك ومرتزقة أردوغان من ليبيا؟

لماذا يرفض الإخوان خروج الأتراك ومرتزقة أردوغان من ليبيا؟


05/05/2021

شنّ حزب العدالة والبناء الليبي، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، هجوماً حاداً على وزيرة الخارجية، في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، نجلاء المنقوش، في أعقاب مطالبة الأخيرة، بضرورة انسحاب كافة القوات الأجنبية، ومن ضمنها القوات التركية، والميليشيات التابعة لها من ليبيا، ما يعكس طبيعة التحالف العضوي بين الإخوان، وفصائل المرتزقة الأجانب، ويكشف الاستخدام العلني للإرهابيين، في الصراع الليبي.

مناورات حزب العدالة والبناء الإخواني

المتحدثة باسم حزب العدالة والبناء، سميرة العزابي، زعمت في تصريحات تليفزيونية، استمرار وجود من وصفتهم بـ "المرتزقة الروس"، واستمرار إرسال شحنات الأسلحة، إلى الجيش الوطني، دون أن تقدم أدلة على ذلك، قبل أن تقول: "ألا تدرك وزيرة الخارجية، أنّ القوات التركية الموجودة في ليبيا، جاءت دعماً للاستقرار، وبناء على اتفاق رسمي، وأنّها ليست قوات مرتزقة"، في إشارة منها إلى مذكرة التفاهم التي وقعها رئيس حكومة الاتفاق فائز السراج، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي تسببت في تمرير دخول أكثر من 10.000 مرتزق من سوريا، انتشروا في عدة قواعد عسكرية، مثل: الوطية والخمس ومصراتة، أضف إلى ذلك الجنود الأتراك الذين أرسلهم أردوغان إلى ليبيا.

المتحدثة باسم العدالة والبناء، تجاهلت رفض مجلس النواب الليبي، التصديق على مذكرة التفاهم الأمنية الموقعة بين حكومة طرابلس وأنقرة، باعتبارها باطلة وغير قانونية.

كانت نجلاء المنقوش، قد أكّدت في لقاء لها بقصر مونتي تشيتوريو في روما، أنّ "حكومة الوحدة الوطنية، بقيادة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، بدأت حواراً مع تركيا، وقد لاحظت استعداد أنقرة لبدء المباحثات والمفاوضات"، كما طالبت بالانسحاب الفوري لجميع المرتزقة قائلة: "نطالب جميع المرتزقة بمغادرة الأراضي الليبية على الفور"، والذين يقدّر عددهم بنحو 20 ألف مقاتل، وصفهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة بأنّهم "طعنة في ظهرنا."

 

مذكرة التفاهم التي وقعها فائز السراج، مع الرئيس التركي أردوغان تسببت في تمرير دخول أكثر من 10.000 مرتزق من سوريا

 

من جهته، أكّد الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أنّ اشتباك إخوان ليبيا، تحديداً حزب العدالة والبناء، مع وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، ورفضهم توجهها الرامي إلى تفعيل مبدأ إخراج الميليشيات من ليبيا، يأتي خوفاً من رحيل القوات التركية، والخبراء الأتراك من ليبيا، وهو أمر يرتبط بالأساس بأيديولوجيا الإخوان، الرافضة لمبدأ القومية الوطنية، وكل أنواع القوميات، بما فيها القومية العربية، وهذا تم ترجمته على أرض الواقع في بني غازي، حينما تم إسقاط تمثال جمال عبد الناصر، بعد أحداث شباط (فبراير) العام 2011، كما أنّ الاستقرار في ليبيا، ضد مصالح الإخوان.

اقرأ أيضاً: سيناريوهات "الإخوان" للاحتفاظ بالمناصب السيادية في ليبيا

أنور أكّد أنّ تصريحات المنقوش، تتفق مع المطالب المصرية والدولية، التي تتمسك بضرورة إخراج الميليشيات، التي توفر مظلّة حماية للإخوان، أمنياً وسياسياً وإقتصادياً، وفي نفس الوقت، فإنّه من غير مصلحة الإخوان استقرار ليبيا، بمعنى أنّ الاستقرار يؤدي إلى تفعيل الاستحقاق الانتخابي، والذي سوف يكشف قوتهم الحقيقية، وهي لا تتجاوز 10 في المئة، وهذا ما لا يريده الإخوان، فهم يريدون الهيمنة على المشهد السياسي برمته.

وواصل أنور تصريحاته لـ"حفريات"، مؤكّداً أنّ الأمر قد يكون عبارة عن تبادل للأدوار، بين أنقرة وحزب العدالة والبناء الإخواني، حيث لا ترغب أنقرة في الإفصاح مباشرة عن رغبتها في البقاء، وبالتالي تلجأ للمراوغة باستخدام الإخوان، حتى لا تصطدم بالمطالب المصرية والدولية، وادعاء وجود تيار سياسي داخل ليبيا، يرفض خروج تلك الميليشيات، وهذه المراوغة التركية تحاول استهلاك الوقت أو قتله، والابتعاد بليبيا عن الاستقرار، أو العودة إلى موقعها العربي، وكل هذا يصب في مصلحة جماعة الإخوان المسلمين، فالاستقرار الذي سيحدث عنه في ليبيا، سوف يحجم دور الجماعة على كافة الأصعدة، كما أنّ وجود جيش وطني ليبي متماسك، يشكل عقبة استراتيجية أمام الإخوان، الذين حاولوا مراراً تصفيته، لحساب الفوضى والإرهاب، واستقدام الميليشيات، ومن هنا يمكن فهم الهجوم الذي شنه الإخوان على وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، وزعم الجماعة بــ"ضرورة بقاء القوات التركية، ومرتزقتهم السوريين والتركمان في ليبيا، لأنّهم موجودون بشكل شرعي"، دون إيضاح مسوغات هذه الشرعية المصطنعة.

حملة شعبية ضد الإخوان

على الصعيد الشعبي، ودعماً لوزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، أطلق ناشطون ومدونون ليبيون هاشتاغ (تركيا تطلع برا)، في تحد صريح للإخوان، والذي لاقى استجابة واسعة من كافة أطياف الشعب الليبي، الرافض للتوسع التركي، والتواطؤ الإخواني.

 

أحمد فؤاد أنور: تصريحات المنقوش، تتفق مع المطالب المصرية والدولية، التي تتمسك بضرورة إخراج الميليشيات، التي توفر مظلّة حماية للإخوان

 

 كما طلب، محمد بعيو، رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، من مجلس النواب، سرعة التحرك، من أجل ما وصفه بضرورة تحرير البلاد، من احتلال حزب جماعة الإخوان المسلمين، لديوان المحاسبة، قائلاً: "الحقيقة الساطعة، والتي يجب أن يعرفها الليبيون، أنّ حزب الإخوان، العدالة والبناء، هو الحاكم المطلق في ليبيا، من خلال احتلاله ديوان المحاسبة، بوجود منتحل الصفة خالد شكشك، متى يقوم مجلس النواب، بتحرير الدولة من هذا الاحتلال؟".

من جهته، أكّد الكاتب والسياسي الليبي، محمود الكزة، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ تصريحات وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، حول ضرورة خروج كل القوات الأجنبية من ليبيا دون استثناء، بما في ذلك القوات التركية، تتفيذاً لمخرجات الاتفاقات الدولية، جاءت رداً على تساؤلات تلقتها، من برلمانيين إيطاليين، حول هذا الملف، وكذا ملف المصالحة، لتعبر عن المطلب الحيوي والهام للشعب الليبي، فكان رد الإخواني، خالد المشري، ومن هاجموها هو نوع من المراوغة والتلاعب، حيث زعم المشري أنّ المطلوب مغادرتهم هم المرتزقة الآخرين، وأنّ القوات التركية، لا يشملها هذا الطلب، باعتبار وجودها يقوم على اتفاقية بين البلدين، ورد وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، على تصريحات المنقوش، قائلاً: إنّ قواتنا باقية؛ لحماية حقوق ومصالح تركيا في ليبيا.

 

محمد بعيو: الحقيقة الساطعة، والتي يجب أن يعرفها الليبيون، أنّ حزب الإخوان، العدالة والبناء، هو الحاكم المطلق في ليبيا، من خلال احتلاله ديوان المحاسبة

 

وبحسب الكزة، فإنّ مزاعم الإخوان حول شرعية الوجود التركي في ليبيا، مكشوفة ومردود عليه، وأنّ تصريحات المنقوش كشفت النقاب عن نوايا الإخوان، وكذلك عن رغبة تركيا في البقاء، رغم أنف مجلس النواب، ورغم أنف الشعب الليبي، لكن وزيرة الخارجية، كانت تتحدث بمنتهى الثبات، عن سيادة الدولة، ولاقى ذلك دعماً وتأييداً أوروبياً، حيث إنّها لم تحرج بمطلبها هذا، الجماعات المتطرفة المؤيدة للتدخل التركي فحسب، بل أحرجت كذلك منظمات وأحزاباً وقنوات، وصحفاً، ومسؤولين، وقادة ومأجورين، من كل الأنواع، دافعواعن تركيا وعن تدخلها السافر وغير المشروع في ليبيا.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية