مؤتمر دولي مقبل يكشف أسرار علاقة حزب الله بعصابات أمريكا اللاتينية

مؤتمر دولي مقبل يكشف أسرار علاقة حزب الله بعصابات أمريكا اللاتينية


01/11/2021

ترجمة: علي نوار

أحدثت هجمات، 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001، صدمة في العالم بأسره، لكنّ الأرجنتين كانت قد نالت نصيبها قبل ذلك اليوم من الإرهاب الدولي في مناسبتين؛ الأولى تمثّلت في الهجوم على سفارة إسرائيل، في 17 آذار (مارس) عام 1992، والثانية الاعتداء على مقرّ الجمعية اليهودية الأرجنتينية "آميا"، في 18 تموز (يوليو) 1994، كان الهجومان أول عمل إرهابي تعرفه أمريكا اللاتينية. 

التحالفات السياسية تكشف الكثير عن مشروع طهران في أمريكا اللاتينية؛ حيث انتبه الإيرانيون إلى أنّ بوسعهم الاستفادة من التقارب الفكري مع الجماعات اليسارية المناهضة للإمبريالية كي يعزّزوا وجودهم

وقد أشارت التحقيقات القضائية التي أجريت لاحقاً بأصابع الاتهام إلى حزب الله كمسؤول مباشر عن الهجومين وتورّط قيادات رفيعة المستوى في جمهورية إيران الإسلامية في التخطيط للعمل الإجرامي الثاني تحديداً، ويُعتقد أنّ رجل الدين محسن رباني، المُلحق الثقافي وقتها في سفارة طهران لدى الأرجنتين، لعب دوراً كبيراً. 

الإرهاب والجريمة المنظمة

يحذّر إيمانويلي أوتولينجي، الباحث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، ومقرّها العاصمة الأمريكية واشنطن "تطوّرت أنشطة تمويل حزب الله خلال العقد الماضي وتحوّلت من عمليات على مستوى محدود لجمع المال عن طريق غسيل الأموال واستخدام التبرّعات لصالح أعمال خيرية مزعومة، إلى تعاملات هائلة عالمية النطاق تُقدّر بملايين الدولارات ذات طبيعة إجرامية". 

ويشارك أوتولينجي، الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، في مؤتمر "مكافحة تمويل الإرهاب في أقصى جنوب أمريكا الجنوبية"، الذي تنظّمه "مؤسسة دراسات التمويل" بالتعاون مع مركز دراسات الأمن والإرهاب والجريمة التابع لجامعة "بوينوس أيرس" الأرجنتينية.

كما أنّ هناك أدلّة على وجود مطّرد للنظام الإيراني في أمريكا اللاتينية نتيجة علاقاته بفنزويلا وحكومات بلدان مجموعة "التحالف البوليفاري لشعوب أمريكتنا"، المعروف اختصاراً باسم "ألبا". 

اقرأ أيضاً: ألمانيا تواصل ملاحقة كل ما يمت بصلة لحزب الله اللبناني

ويكشف الخبير كنه أنشطة حزب الله في تلك المنطقة موضحاً "يسهّل حجم الاقتصاد غير الرسمي في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية حدوث مجموعة متنوّعة من العمليّات وإدارة وتحويل الأموال بشكل غير مُعلن، ينتج عن ذلك غسيل الأموال ويذهب جزء من هذه المبالغ لا محالة لصالح تمويل الإرهاب"، وأبرز أنّ حزب الله يستغل هذه اللعبة لممارسة نشاطه المُفضّل؛ التهريب، بدءاً من السجائر وحتى الأسلحة والمخدرات. 

اقرأ أيضاً: حزب الله يصر على تصعيد أزمة قرداحي... ما الجديد؟

وأضاف أوتولينجي، عن تطوّر أنشطة الحزب اللبناني الشيعي خلال العقدين الماضيين: "بدأ حزب الله في العقد الأول من هذا القرن، التعاون مع عصابات المخدرات ليساعدها في غسيل أموالها، وكما يحدث في مثل هذا النوع من التجارة، قبل أن يدرك أنّ المكاسب لا تتأتّى من تقديم خدمات بل عبر المشاركة بصورة مباشرة في تهريب المخدرات". 

ويُعتقد أنّ 40% تقريباً من الموازنة العملياتية للحزب اللبناني مصدرها تهريب الكوكايين الوارد من أمريكا الجنوبية، وهنا يشير أولوينجي إلى أنّه "نظراً لأنّ 90% من الإنتاج العالمي من الكوكايين يأتي من منطقة الأنديز، فسيكون هذا بالتالي هو المصدر الرئيس لعائدات حزب الله". 

اقرأ أيضاً: "دولة حزب الله" أقوى من دولة لبنان

كما أنّ وصول هوجو شافيز إلى سدّة الحكم في فنزويلا وتشدّد حكومته وتبنّيها خطاباً مناهضاً للإمبريالية والولايات المتحدة على وجه الخصوص كانت نتيجته الحتمية التقارب والتحالف مع إيران التي لم تفوّت الفرصة كي تمدّ نفوذها إلى أمريكا اللاتينية. ويقول الخبير: إن "كانت إيران حاضرة بالفعل قبلها في الأرجنتين والبرازيل وتشيلي، وهي أماكن وصلت لها مبكّراً، بسبب أنشطتها الدينية"، مؤكّدًا أنّ "هذا التأثير تعزّز كثيراً بفضل الدعم الرسمي الذي نالته أولاً في فنزويلا، ثم بوليفيا ودول أخرى؛ حيث سمحت السُلطات لطهران بإنشاء شبكة إقليمية قويّة". 

الباحث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، إيمانويلي أوتولينجي: تصنيف حزب الله "منظمة إرهابية وإجرامية" يمنح الحكومات أداة لمواجهة أنشطته الإجرامية وهي الخطوة التي اتخذتها الأرجنتين وحكومة باراجواي

ورأى أوتولينجي أنّ هذه التحالفات السياسية تكشف الكثير عن مشروع طهران في المنطقة؛ حيث يرى الخبير أنّ "الإيرانيين انتبهوا إلى أنّ بوسعهم الاستفادة من التقارب الفكري مع الجماعات اليسارية المناهضة للإمبريالية كي يعزّزوا وجودهم"، بالتزامن مع افتتاح مراكز ثقافية ومساجد في دول مثل فنزويلا وكولومبيا والمكسيك وبنما وكوستاريكا والسلفادور والبرازيل وباراجواي والإكوادور وبيرو والأرجنتين وأوروجواي وبلدان أخرى. 

وأبرز: "تموّل إيران عمليات تأهيل رجال الدين الجُدد الذين يسافرون إلى إيران؛ حيث يتشرّبون أفكار نظام الملالي، ويصبحون لدى عودتهم في خدمة الجمهورية الإسلامية وقضيّتها".

التحالف مع العصابات الإجرامية المحلّية

أبرز أوتولينجي، أثناء مداخلته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017؛ "نجح حزب الله في إنشاء علاقات تحالف مع مجموعة من الجماعات الإجرامية الإقليمية، مثل: ثيتاس في المكسيك، وفارك في كولومبيا، وبريميرو كوماند ودا كابيتال في البرازيل".

 وأعلن أنّ الحزب اللبناني يعمل على تعزيز علاقاته بشكل خاص مع العصابة البرازيلية، لدرجة أنّه بات "يتحكّم في مركز ضخم لغسيل الأموال في منطقة الحدود الثلاثية"، ويضيف: "لذلك من الطبيعي أن يتّجه الجانبان لتنسيق العمل المشترك، فالعصابة البرازيلية تسيطر على الإنتاج ومسارات ونقاط تصدير المخدرات، بينما يتحكّم حزب الله في تجارة المخدرات وجمع الأموال الناتجة من هذه العملية".

اقرأ أيضاً: حزب الله يُعقد أزمة قرداحي بهذه الطريقة

 ويستطرد الباحث؛ أنّه فيما يتعلّق بأنشطة غسيل الأموال التي تلجأ لها هذه العصابات الإجرامية، فهي تستعين بـ "شبكة تبييض أموال عالمية، لكنّها تعتمد على وجود أشخاص معروفين في كل الدول التي تشهد تنفيذ هذه الأعمال، وتسمح الأنشطة التجارية في كثير من الأحيان لهذه الشخصيات بأن يكون لهم تأثير ويبرموا اتفاقات مع السُلطات المحلّية، ويشارك هؤلاء في الحياة السياسية بتلك الدول وينشئون شبكة من الاتصالات مع مسؤولين في الجمارك وقضاة وسياسيين بهدف حماية أنشطتهم غير المشروعة". 

اقرأ أيضاً: الحرب الأهليّة في تأويل "حزب الله" لها

وإزاء هذا الوضع، يوصي أوتولينجي: "يجدر بالحكومات الالتفات إلى أنّ المشكلة التي يمثّلها هذا الحزب الإرهابي ليست بعيدة كما يروّج البعض؛ بل هي مشكلة محلّية، فبالإضافة إلى التعاون الوثيق بين حزب الله وإيران، ازدادت الصلات بين الحزب اللبناني والمنظمات الإجرامية في المنطقة عُمقاً، والأخيرة تتسبّب أعمالها في تقويض الاقتصاد الرسمي والسُلطات الحكومية والعامّة مثل السياسيين والشرطيين والقضاة. إنّ التهديد يضع دولة القانون ونزاهة القضاء وقدرة الدولة على المحكّ".

حزب الله والإرهاب والتمويل غير المشروع

ويقول أوتولينجي؛ إنّ تصنيف حزب الله "منظمة إرهابية وإجرامية" يمنح الحكومات أداة لمواجهة أنشطته الإجرامية وهي الخطوة التي اتخذتها الأرجنتين، في تموز (يوليو) 2019، خلال رئاسة ماوريسيو ماكري، تلتها في ذلك وبالعام نفسه حكومة باراجواي؛ حيث يوجد المواطن اللبناني أسعد بركات، أحد أبرز أعضاء شبكة حماية وتمويل الإرهاب، والذي يُنظر إليه بوصفه أهمّ أضلاع شبكة حزب الله المالية في منطقة الحدود الثلاثية.

وكانت النتيجة هي صدور حُكم بالسجن ستّ سنوات بحقّ بركات في باراجواي بتهمة التهرّب الضريبي عن أنشطته التجارية، قبل أن يتمّ طرده وتسليمه، في نيسان (أبريل) الماضي إلى السُلطات البرازيلية، وكانت وحدة مكافحة الجرائم المالية في الأرجنتين، قد جمّدت عام 2019 أموال "شبكة بركات"؛ بسبب تورّطه في جرائم التهريب وتزوير الأموال والوثائق والابتزاز والاتجار في المخدرات والأسلحة.

مصدر الترجمة عن الإسبانية:

https://bit.ly/3Gkavri




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية