ماذا تعرف عن عملية "إيريني"؟ وهل تنجح في وقف تدفق الأسلحة من تركيا إلى ليبيا؟

عملية إيريني

ماذا تعرف عن عملية "إيريني"؟ وهل تنجح في وقف تدفق الأسلحة من تركيا إلى ليبيا؟


09/04/2020

أثارت عملية "إيريني"، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في بداية نيسان (أبريل) الجاري، بهدف فرض حظر على تدفق الأسلحة إلى ليبيا، غضب الحكومة التركية، وحكومة الوفاق الليبي التي يرأسها فايز السراج.

اقرأ أيضاً: ليبيا: الوفاق تجند إرهابيين مفرج عنهم بسبب كورونا.. وتركيا غاضبة من أوروبا لهذه الأسباب
وتتعارض عملية "إيريني"، بشكل لافت مع الدعم التركي لميليشيات الوفاق بالأسلحة والعتاد والطائرات والرادارات والمقاتلين منذ بدء العملية العسكرية التي يقودها المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة من الميليشيات والجماعات المتطرفة التي تسيطر عليها، وفق ما أوردت صحيفة "أحوال" التركية.

ما هي عملية "إيريني"؟

أعلن الاتحاد الأوروبي إطلاق عملية "إيريني" - وتعني باليونانية: عملية السلام - وهي عبارة عن مهمة في البحر المتوسط تستهدف مراقبة تطبيق قرارات مجلس الأمن الصادرة في آذار (مارس) الماضي بشأن حظر تصدير السلاح أو بيعه إلى ليبيا.

أردوغان يعارض عملية إيريني لأنها تثير لديه مخاوف من تراجع تزويده لميليشيات الوفاق بالسلاح والمرتزقة

ويشمل قرار الحظر الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار، وجرى تمديده أكثر من مرة.

وتعدّ "إيريني" المساهمة الرئيسية للاتحاد الأوروبي في جهود السلام الدولية في ليبيا. وتشمل قدرات جوية وأقماراً اصطناعية لرصد تدفق الأسلحة الذي ينتهك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا. وسوف تتم العملية البحرية في شرق البحر المتوسط بعيداً عن طرق عبور المهاجرين. وسوف يتم إنزال أي شخص يتم إنقاذه، وفقاً للقانون الدولي، في الموانئ اليونانية، ومن هناك سيتم إرساله إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

هل تحاصر أوروبا أردوغان؟

ولم يكن موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعارض لعملية "إيريني" مفاجئاً، ولاسيما أنّها تثير لديه مخاوف من تراجع تزويده لميليشيات الوفاق بالسلاح والمرتزقة؛ حيث ستكون الانتهاكات التركية تحت دائرة الضوء الأممي، كما لم يكن مفاجئاً توجيهه انتقادات إلى الاتحاد الأوروبي على خلفية قراره إطلاق العملية.

وقال أردوغان، الذي تدعم بلاده ميليشيات حكومة الوفاق في مواجهة الجيش الليبي: إن "الاتحاد الأوروبي لا يملك أي صلاحية لاتخاذ قرار بشأن ليبيا"، مؤكداً أنّ بلاده ستواصل دعم حكومة طرابلس لتبسط سيطرتها على كامل ليبيا، مشيراً إلى أنّ الاتحاد الأوروبي يسعى للحصول على دور له في ليبيا.

اقرأ أيضاً: مقتل عسكريين أتراك في ليبيا.. تفاصيل

وادّعت أنقرة أنّ هناك خلفيات وأهدافاً "مشبوهة" حول عملية "إيريني"، خاصة وأنّ فرنسا، التي تدعم المشير خليفة حفتر، مرشحة لتكون من أكبر المساهمين في هذه العملية، وزعمت كذلك أنّ فرنسا التي رحّبت بإطلاق العملية، كانت أكثر صراحة حول بعض أهدافها الحقيقية، عندما صرحت المتحدثة باسم خارجيتها، أغنيس فون دير مول، أنّ "هذه العملية تظهر التزام الأوروبيين الحازم بالعمل معاً للدفاع عن مصالحهم السياسية والأمنية، التي هي في خطر في سياق الأزمة الليبية".

واستاءت تركيا من أنّ عملية "إيريني" ستسعى لخنق حكومة الوفاق، وأنّها ستسمح على وجه الخصوص بإجراء عمليات تفتيش على متن السفن قبالة السواحل الليبية، يشتبه في نقل الأسلحة إليها أو منها.

وحاولت أنقرة قلب الغاية من العملية، من خلال القول بأنّها لم تُطلق من أجل السلام في ليبيا، بل للدفاع عن مصالح الأوروبيين في أحد أغنى البلدان الأفريقية بالنفط والغاز، وأنّهم "شعروا بالخطر الذي يشكله الحضور القوي لتركيا وروسيا في البلاد، مما قد يسحب البساط من تحت أرجلهم في البلد الذي يعتبرونه حديقتهم الخلفية."

وكما كان متوقعاً أن تبدي حكومة حزب العدالة والتنمية، الحاكم، سخطها على الخطة الأوروبية لمنع تدفق السلاح التركي إلى ليبيا عن طريق تسيير دوريات بحرية قرب السواحل الليبية.

اقرأ أيضاً: طيران تركي مُسيّر يقصف طائرة تحمل مُستلزمات طبية في ليبيا

وفي هذا الصدد نشرت وكالة أنباء الأناضول، الذراع الإعلامية للحكومة التركية، تقريراً مطولاً تحت عنوان "أوروبا تخنق الحكومة الليبية تحت غطاء السلام" قالت فيه إنّ العملية العسكرية البحرية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي قبالة السواحل الليبية، تحت اسم "إيريني"، تثير تساؤلات عدة حول خلفياتها وأهدافها المشبوهة".

وتعتبر الوكالة أنّ معسكر حفتر، الذي يُفترض نظرياً أنّه أكثر المتضررين من عملية "إيريني" التي تهدف إلى مراقبة وتنفيذ حظر تدفق السلاح والمقاتلين إلى ليبيا، رحّب بالعملية الأوروبية، واعتبر أنّها ستوقف الدعم التركي إلى حكومة الوفاق.

من جهتها، عبّرت حكومة الوفاق في طرابلس، عن قلقها من العملية الأوروبية. وأرسلت البعثة الليبية للأمم المتحدة في نيويورك رسالة إلى مجلس الأمن في الأول من نيسان (أبريل) الجاري تعرب فيها عن تحفظها على العملية الأوروبية؛ لأنها لا تشمل المراقبة الجوية والبرية ضمن قرار الاتحاد، معتبرة أنّها جاءت لاستهداف حكومة الوفاق وليس قوات حفتر، وفق ما أوردت صحيفة "المرصد" الليبية.

من جانبه انتقد وزير الخارجية المفوض بحكومة الوفاق الليبية، محمد سيالة، في رسالة إلى مجلس الأمن، خطة الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر توريد أسلحة إلى ليبيا.

وأضاف سيالة في الرسالة، التي نشرت في صفحة وزارة خارجية الوفاق على فيسبوك اليوم الخميس، أنّ خطة الاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر توريد الأسلحة لليبيا غير كافية، ولم يتم التشاور حولها مع حكومة الوفاق.

اقرأ أيضاً: إخوان ليبيا وأبواق التحريض على الكراهية

وفي سياق متصل، نقلت وكالة الأناضول عن رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد المشري، القيادي الإخواني، رفضه للعملية، لافتاً إلى أنّ مهام العملية العسكرية الأوروبية تعتمد معايير مزدوجة.

حظر تصدير الأسلحة

بالمقابل رحب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، العميد خالد المحجوب، بقرار الاتحاد الأوروبي إطلاق عملية "إيريني"، التي تهدف إلى منع توريد الأسلحة إلى ليبيا ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، واعتبرها مهمة للأمن القومي الليبي والدولي.

حكومة العدالة والتنمية تبدي سخطها على الخطة الأوروبية لمنع تدفق السلاح التركي إلى ليبيا

وقال المحجوب في حديث لوكالة "سبوتنيك"، أول من أمس، تعليقاً على إعلان إطلاق عملية "إيريني": "الحظر يعتبر مسألة مهمة، لأنه يمس بالأمن القومي ليس الليبي فقط، بل الدولي، دول الاتحاد الأوروبي من خلال رصدهم لتصريحات أرودغان وصول مهاجرين من البحر لأوروبا، هذه القضية خطيرة للاتحاد، فمع سيطرة الميليشيات قد ينتقل المرتزقة لدول أوروبية وإن نجحوا في هذا الأمر سوف يكون خطيراً جداً على هذه الدول".

كما أعلن المحجوب أنّ الجيش الليبي لا يمانع إرساء هدنة إنسانية بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد إذا التزم بها الطرف الآخر، متهماً قوات حكومة الوفاق باستغلال مسألة الوباء لشن هجمات متعددة على تمركزات الجيش الليبي.

تعددت أساليب أنقرة في تهريب الأسلحة إلى ليبيا، وأكّد تسجيل فيديو نشرته شبكة "بي بي سي"، قبل أيام، ما تم تداوله من تقارير حول إرسال تركيا شحنات أسلحة لدعم ميليشيات حكومة الوفاق المحاصرة في طرابلس، وكشف عن أسباب رفض أنقرة لمساعي توسيع مهام صوفيا لتشمل مراقبة حظر التسليح على ليبيا، وذلك قبل أن يقرّ الاتحاد الأوروبي إطلاق عملية إيريني الأسبوع الماضي.

اقرأ أيضاً: خبراء: فشل سياسات السراج الاقتصادية تقود ليبيا نحو الهاوية

وفي 2019، ارتفع عدد السفن التركية التي تم ضبطها محملة بالسلاح، حيث تم الكشف في شباط (فبراير) عن شحنة من الأسلحة والمعدات الحربية، بالإضافة إلى 9 مركبات مدرعة تركية الصنع، وفي شهر أيار (مايو) الماضي تم اعتراض السفينة التركية "أمازون" التي عُثر على متنها على 40 مركبة قتال مدرعة، إلى جانب رصد طائرات محملة هي الأخرى بالسلاح والعتاد، وخاصة الطائرات المسيرة.

وكشفت مصادر عسكرية ليبية أنّ طائرة شحن من نوع "بوينغ 747" حطت في نفس الشهر بمطار معيتيقة الدولي، الذي يبعد عن العاصمة الليبية طرابلس نحو 23 كلم، حيث أفرغت هي الأخرى شحنة من الأسلحة والذخائر الحربية، وقطع الغيار الموجهة للميليشيات الموالية لحكومة السراج.

وأعلنت السلطات التونسية في كانون الثاني (يناير) الماضي عن حجز شحنة من الأسلحة الحربية الهجومية تركية الصنع في جنوب البلاد، وذلك في الوقت الذي ارتفع فيه منسوب القلق في تونس من تداعيات التصعيد العسكري في ليبيا، والتدخّل التركي الذي يدفعها نحو دوامة العنف والفوضى.

اقرأ أيضاً: ليبيا بين الصلف التركي والتواطؤ الأوروبي

وبالعودة إلى المواقف الدولية حول عملية "إيريني" عبرت روسيا عن مخاوفها من عملية الاتحاد الأوروبي، مشككة حالها حال دولة جنوب أفريقيا ما إذا كانت قرارات مجلس الأمن الموجودة تغطي العملية الأوروبية.

وكانت روسيا قد طلبت عقد اجتماع مجلس الأمن لنقاش العملية وإطارها والحديث حول ما إذا كانت هذه العملية تأتي في نطاق تفويض مجلس الأمن الدولي لحظر تصدير الأسلحة لليبيا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2292، أم لا.

وفي بيان مقتضب صادر عن السفارة الروسية للأمم المتحدة في نيويورك، عبر الطرف الروسي عن شكوكه أنّ قرار مجلس الأمن يشمل العملية الأوربية الجديدة، وفق وكالة "رويترز" للأنباء.

وقالت روسيا: "سوف ندرس نشاط "إيريني" ونرى ما إذا كانت العملية تحتاج لتفويض جديد من مجلس الأمن. وهذا هو ما سيحدد موقفنا حول تمديد القرار 2292 في حزيران (يونيو) المقبل على هذا التوجه". ثم أكد الطرف الروسي على ضرورة أن يتم التشاور مع الأطراف الليبية في جميع القضايا المتعلقة ببلادها.

اقرأ أيضاً: ما الذي تفعله تركيا بالضبط في ليبيا؟

أما دول الاتحاد الأوربي الأعضاء في مجلس الأمن، حالياً وفي الدورة السابقة، وهي ألمانيا وبلجيكا وأستونيا وفرنسا وبولندا، فقد أصدرت كذلك بياناً مشتركاً، بعد انتهاء الجلسة الطارئة التي عقدها أمس، ورحّبت فيه بإطلاق عملية الاتحاد الأوروبي "إيريني" الخاصة بمراقبة حظر تصدير السلاح إلى ليبيا. وترى دول الاتحاد الأوربي أنّ ذلك يأتي كمساهمة لدعم العملية السياسية وتنفيذ مخرجات مؤتمر برلين وقرار مجلس الأمن 2510.

وذكرت دول الاتحاد الأوروبي أنّه يتعين على جميع الأطراف والدول الأعضاء الامتثال بشكل صارم لحظر تصدير الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن.

وأكدت أنّ المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي لتعزيز مراقبة الحظر تحت رعاية الأمم المتحدة وتزويد لجنة الخبراء ولجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة بمعلومات إضافية حول انتهاك الحظر.

الجيش الليبي يرحب بقرار الاتحاد الأوروبي إطلاق عملية إيريني واعتبرها مهمة للأمن القومي والدولي

ولفتت الانتباه إلى أنّ عملية "إيريني" ستركز على مراقبة حظر تصدير الأسلحة والعمل في إطار قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها القرار 2292 (2016) والذي تم التمديد له مؤخراً بموجب القرار 2473 (2019).

"وأكدت دول الاتحاد كذلك على دعمها لمساعي الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، من أجل التوصل لاتفاق بين الأطراف كما عبرت عن دعمها للنداء الذي أطلقه غوتيريس لوقف كامل وشامل لإطلاق النار حول العالم بما فيه ذلك ليبيا.

وعقد مجلس الأمن الدولي، جلسة طارئة مغلقة، أمس، لمناقشة عملية الاتحاد الأوروبي "إيريني" المتعلقة بمراقبة حظر تصدير السلاح إلى ليبيا.

وشدد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل في تصريح لوكالة "فرانس برس"، على أنّ الغاية الأساسية لعملية "إيريني" تتمثل بمنع تغذية أطراف الصراع في ليبيا بالأسلحة، مشيراً إلى أنّ المهمة ستقدم الدعم في القبض على المجرمين وتشارك في تدريب القوات الليبية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية