ماذا يحمل مؤتمر باريس جديداً لليبيا؟

ماذا يحمل مؤتمر باريس جديداً لليبيا؟


10/11/2021

تتجه أنظار المهتمين بالشأن الليبي صوب المؤتمر الدولي، الذي تنظمه باريس في 12 الشهر الجاري؛ لمناقشة آخر تطورات الوضع في ليبيا في محاولة لطي صفحة النزاع الداخلي الممتد من 2011؛ فقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال مؤتمر صحافي على هامش الجمعية العامة الـ76 للأمم المتحدة أنّ رئيس بلاده إيمانويل ماكرون سيرعى مؤتمراً دولياً حول ليبيا.

اقرأ أيضاً: فرنسا تدعو الجزائر لحضور مؤتمر ليبيا وتجدد أسفها لسوء الفهم... تفاصيل

تأتي الدعوة للمؤتمر وسط استفهام إقليمي ودولي حول أهدافه، وهل تملك باريس القدرة الفعلية على تبديد الخلافات المعقدة بين أطراف الصراع، فليبيا على موعد مع الانتخابات التشريعية والرئاسية التي من المقرر تنظيمها في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وهي الانتخابات التي يأمل كثيرون أن تكون بداية الاستقرار وتوحيد الدولة، وهناك شكوك قوية حول إمكانية إجرائها في ظل خلافات سياسية بين الليبيين، فمنذ المصادقة على قانون للانتخابات الرئاسية الذي صدر في التاسع من أيلول (سبتمبر) الماضي، تعالت أصوات تطالب بتأجيل الانتخابات وعلى رأسهم المجلس الأعلى للدولة في ليبيا الذي طلب من البرلمان يوم الإثنين الماضي تأجيلها لمدة عام على الأقل.

المحلل العسكري الليبي محمد الترهوني: حراك دولي كبير يرى أنّ استقرار ليبيا بإقامة الانتخابات وترحيل الميليشيات والمرتزقة الأجنبية عن البلاد

فما الجديد الذي يحمله مؤتمر باريس لليبيين؟ وما الفرق بين مؤتمر باريس المفترض ومؤتمر برلين الذي سبقه؟ هل تملك باريس القوة لإجبار القوات الأجنبية والمرتزقة على الرحيل؟ باريس التي لا تترك مناسبة سواء في قمة العشرين الأخيرة في روما أو في قمة تغير المناخ العالمية في غلاسكو باسكتلندا، وقبلها بمؤتمر استقرار ليبيا في طرابلس، إلا ودافعت عن رؤيتها إزاء ملف ليبيا؛ فقد جاء على لسان وزير خارجيتها أنّ الهدف من المؤتمر هو "اعتماد الخطة الليبية الرامية إلى سحب القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية ومواكبة تنفيذها، بغية إنهاء التدخلات الأجنبية، كما سيراعي المؤتمر البعد الإقليمي للأزمة الليبية مراعاةً كاملةً وتداعياتها على جوار ليبيا".

تأتي الدعوة للمؤتمر وسط استفهام إقليمي ودولي حول أهدافه، وهل تملك باريس القدرة الفعلية على تبديد الخلافات المعقدة بين أطراف الصراع

هل تستخدم فرنسا القضية الليبية لتسديد ضربة قوية لتركيا لوقف تمددها في أفريقيا، هل ستتمكن باريس من إجبار أنقرة على سحب قواتها أو مقاتليها، وهي التي لم تتمكن من إقناع إيطاليا وألمانيا بدعم موقفها بفرض حظر بحري وجوي على وصول السلاح إلى ليبيا من خلال عملية "إيريني" الأوروبية؟ فضلاً عن تحفظ برلين التي كانت تصر على عدم مواجهة تركيا؟

اقرأ أيضاً: تهديد بمصادرة صناديق الاقتراع... أبرز الجهات الرافضة لإجراء الانتخابات في ليبيا

وحول أهمية مؤتمر باريس وتوقيته وأهدافه يرى المحلل العسكري الليبي، محمد الترهوني، أنّ "توقيت مؤتمر باريس جاء في الوقت المناسب"، مضيفاً في تصريح لـ"حفريات" أنّ "أي حراك دولي طالما يستهدف استقرار الدولة الليبية ووحدة أراضيها هو عمل مهم، ويجب العمل على نجاحه، على وجه الخصوص عندما ترعاه دول صديقة مثل فرنسا، التي كانت وراء وقف إطلاق النار، والتي تسعى الآن جاهدة لإقامة الانتخابات في وقتها".

كما يشير الترهوني إلى أنّ "أهمية المؤتمر تعود بالأساس للدول المشاركة مثل روسيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وجمهورية مصر العربية، مع احتمال وجود نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس في المؤتمر".

اقرأ أيضاً: جماعة إخوان ليبيا تدعو لمقاطعة الانتخابات وتحرض ضدها

ويتابع المحلل العسكري حديثه: نحن الآن أمام حراك دولي كبير جداً يرى أنّ استقرار ليبيا في ضمانتين الأولى إقامة الانتخابات التشريعية والرئاسية، الثانية ترحيل الميليشيات والمرتزقة الأجنبية عن البلاد، وهاتان الضمانتان ستعرضان في المؤتمر، ومن المؤكد أنّ الانتخابات ستعقد في موعدها المحدد، أما رحيل الميليشيات الأجنبية فربما يتأخر بعض الوقت كون هذا الملف من أكثر الملفات تعقيداً في الأزمة الليبية، كما أنّه نوقش في اجتماع اللجنة العسكرية في طرابلس، وستتم مناقشته بالتفاصيل خلال اجتماع اللجنة المرتقب في جنيف.

كما نبّه الترهوني إلى أنّ "المؤتمر يعد فرصة كبيرة جداً لإنهاء الأزمة ووقف مخططات عناصر الإسلام السياسي الذين يسعون لتأجيل الانتخابات حتى يفصّلوا قانوناً انتخابياً يناسب ممثليهم فقط، اليوم ومع مؤتمر باريس باتت تحركاتهم مكشوفة للجميع على المستوى الإقليمي والدولي، ولم يعد أمام العالم المتحضر إلا أن يدعم مطالب الليبيين جميعاً المتمثلة في إجراء الانتخابات في وقتها والعمل على ترحيل الميليشيا الأجنبية عن البلاد".

اقرأ أيضاً: أردوغان يسعى لزيادة قواته ومرتزقته في ليبيا.. ما موقف المجتمع الدولي؟

ولفت المحلل العسكري إلى أنّ "مؤتمر باريس يعد الأول من نوعه الذي يلوح بعقوبات ضد المعرقلين للانتخابات، بعد أن ظهر أمام العالم من يسعى للانتخابات الحرة النزيهية ومن يعمل على إعاقتها، هذه العقوبات هي ما أرّق مضجع الإخوان، ومعهم للأسف حكومة الوحدة الوطنية التي تسعى لتأخير الانتخابات إلى نهاية آذار (مارس) المقبل".

واختتم الترهوني بالتأكيد على أنّ "الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر، فأي تأجيل يعني تفجير الصراع المسلح مرة أخرى وضياع الفرصة الحقيقية لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا".

اقرأ أيضاً: صفعة جديدة لإخوان ليبيا... إعلان موعد فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والنيابية

من جانبه يرى الكاتب والباحث المختص في الشأن الليبي رضا شعبان أنّ "الوضع في ليبيا الآن يمر بمرحلة دقيقة، فإما أن يتمكنوا من اجراء الانتخابات التشريعية وتلتئم الدولة الليبية أو أن يتمكن المعيقون من منعها ومن ثم يتجدد الصراع مما قد يجر ليبيا إلى انتكاسة أمنية جديدة، من هنا تأتي أهمية مؤتمر باريس من كونه تأكيداً على الدور الأوروبي في حل الأزمة الليبية بحكم أنّ أوروبا متضرر رئيسي من حالة الانفلات الأمني وعدم الاستقرار في ليبيا".

الكاتب والباحث المختص بالشأن الليبي رضا شعبان: فرص نجاح المؤتمر عالية لأن القضية تتعلق بمكافحة حالة الانفراد الأمريكي البريطاني ودخول لاعبين جدد

وأوضح شعبان، في حديثه لـ"حفريات" أنّ "حالة الانفلات الأمني ساهمت في خلقها قوى دولية تسعى للانفراد بالساحة الليبية على المستويين الاقتصادي والسياسي، وهو ما انعكس سلباً على المصالح الأوروبية بشكل مباشر، وخلق تحديات أمنية واقتصادية وسياسية وتهديدات لأوروبا عبر ساحلها الجنوبي المواجه لليبيا بل وشكل تحدياً صارخاً للمصالح الأوروبية في كامل أفريقيا".

اقرأ أيضاً: ليبيا: هل يخطط الدبيبة للترشح للانتخابات الرئاسية؟

ويستكمل: لذا تسعى أوروبا جاهدة إلى المساهمة في استقرار ليبيا عبر تأكيدها على خروج جميع المرتزقة والعناصر الإرهابية والقوات العسكرية الأجنبية، وإجراء الاستحقاقات الانتخابية بشقيها الرئاسي والبرلماني في موعدها المقرر في 24 كانون الأول (ديسمبر) القادم دون تأخير أو مماطلة، لتسليم القرار الليبي لسلطات منتخبة تنهي حالة الانقسام والتشرزم في ليبيا، والتي تستخدمها جماعات الإسلام السياسي كغطاء لأهدافها في المنطقة. يأتي الدور الأوروبي تمهيداً لمساعدة هذه السلطات المنتخبة من الشعب الليبي في استيفاء باقي الاستحقاقات والبدء في إعمار ليبيا واستقرار مؤسساتها وتوحيدها".

شعبان: حالة الانفلات الأمني ساهمت في خلقها قوى دولية تسعى للانفراد بالساحة الليبية على المستويين الاقتصادي والسياسي

ويؤكد الباحث في الشأن الليبي أنّ "فرص نجاح المؤتمر ستكون عالية لأن القضية تتعلق بمكافحة حالة الانفراد الأمريكي البريطاني، ودخول لاعبين جدد على الساحة الليبية كتركيا وروسيا وهو ما عمق الأزمة في ليبيا"، مشيراً إلى أنّ "تحركات الرئيس الفرنسي ماكرون لإنجاح المؤتمر، وذلك بتوجيه دعوات إلى كل من تشاد والنيجر والسودان لحضور المؤتمر لضمان حضور دول الجوار الليبي؛ وربما لبحث دور هذه الدول في إخراج المقاتلين المرتزقة من ليبيا، ويتجسد ذلك النجاح في نسبة الحضور في الخروج باتفاق نهائي وآليات واضحة لسحب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية والتصدي للمد التركي في المنطقة جنوباً وشمالاً".

اقرأ أيضاً: مناورة جديدة.. كيف تُجري تركيا عملية تبديل للمرتزقة في ليبيا؟

ويستكمل أنّ "تقارب الدور الأوروبي في ليبيا والذي تتزعمه باريس مع الدور المصري من زواياه الاستراتيجية والأمنية كمنطلق رئيسي يتقدم على المصالح الاقتصادية المتعلقة بشرق وغرب المتوسط والاستفزازات التركية فيهما"، موضحاً أنّ "من ضمن الأهداف الرئيسية للتنظيمات الإرهابية الدولية هو حصار أوروبا من جنوبها إضافة إلى شرقها الذي استخدمته تركيا كثيراً في ابتزاز أوروبا بورقة اللاجئين وتمرير عناصر إرهابية إلى الداخل الأوروبي لضرب استقراره، وبالتالي الحد من النفوذ الأوروبي لصالح روسيا من جانب، ولصالح القوى الغربية التي تعتمد على الإسلام السياسي في تنفيذ مصالحها الاقتصادية والسياسية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية