ماذا ينتظر إيرانَ في الأيام الأخيرة لترامب؟

ماذا ينتظر إيرانَ في الأيام الأخيرة لترامب؟


15/11/2020

تبعث العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، قبل أيام قليلة، بسيناريوهات عديدة، وأسئلة متفاوتة، حول تأثيراتها وانعكاساتها المباشرة على الرئيس المنتخب، جو بايدن، والذي من المفترض أن يؤدي اليمين الدستوري، مطلع العام المقبل، لا سيما أنّ مراقبين يرجّحون اتّباع الأخير سياسة مغايرة فيما يخصّ طهران، تبتعد قليلاً عن إستراتيجية "الضغط القصوى"، ونبذ سياسة العقوبات، في سبيل استئناف المفاوضات الدبلوماسية، والعودة إلى طاولة الحوار.

عقوبات جديدة.. ما القصّة؟

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، الثلاثاء الماضي، عقوبات جديدة على إيران، شملت 4 أفراد و6 كيانات على صلة بالنظام في طهران؛ إذ اتهمت الوزارة "الشركات والأفراد بتسهيل شراء سلع حسّاسة، منها مكونات إلكترونية أمريكية المنشأ، لصالح شركة "إيران كوميونيكيشن إندستريز"، وهي شركة تابعة للجيش الإيراني، ومدرجة على القائمة السوداء من قبل واشنطن والاتحاد الأوروبي"، حسبما جاء في بيان رسمي.

ويشير بيان الخارجيّة الأمريكيّة إلى أنّ شركة "إيران كوميونيكيشن إندستريز"، تنتج أنظمة اتصالات عسكرية، وإلكترونيات طيران، ومنصات إطلاق صواريخ، ومن ثمّ؛ فإنّ العقوبات من شأنها تجميد أيّة أصول أمريكية لكلّ المدرجين على القائمة السوداء، بينما يحظر على الأمريكيين، بوجه عام، التعامل معهم.

وقال وزير الخزانة، ستيفن منوتشين، في البيان: إنّ "النظام الإيراني يستخدم شبكة عالمية من الشركات، لتعزيز قدراته العسكرية المزعزعة للاستقرار"، وأضاف: "ستواصل الولايات المتحدة اتّخاذ إجراءات ضدّ من يساعدون في دعم جهود النظام، فيما يتعلّق بالعسكرة، ونشر الأسلحة".

التّهديدات الإيرانيّة لدى الإدارة الأمريكيّة تنعكس على محورين؛ يبدأ الأول بالأدوار العسكريّة لميليشياتها التابعة للحرس الثوريّ، وفيلق القدس، من ناحية، والثاني يتمثّل في مشروعها النوويّ

ولفتت وزارة الخزانة إلى أنّ مكتب المحامي العام الأمريكيّ، التابع لمنطقة كولومبيا، يعكف على توجيه اتّهامات إلى شركتين أخريين، وأحد الأفراد الذين تشملهم عقوبات سابقة.

 ومن بين الكيانات التي خضعت، مؤخراً، للعقوبات؛ شركة "آرتين صنعت تابان" الصناعية، في إيران، وتعمل في طهران وسنغافورة، وشركة "ناز" للتكنولوجيا، وتقع في مركز التجارة العالمي، في تايوان، وشركة "بروما " الإنتاجية، التي تقع في هونغ كونغ، في الصين.

ترامب ما يزال يضع بصماته

وعلى ما يبدو؛ فإنّ الإعداد والتحضير من جانب إدارة ترامب لجهة تدشين عقوبات جديدة على طهران، لم يكن مفاجئاً، خاصّة مع ما كشفته وكالة "رويترز" من أنّه كان من المتوقّع فرض عقوبات، خلال مطلع الأسبوع الماضي، تستهدف إيرانيين شاركوا في قمع المظاهرات الشعبية ضدّ النظام الإيرانيّ، والتي قضى فيها نحو 1500 شخص.

وتضاف إلى ذلك؛ تحركات إدارة ترامب الخارجية المحمومة في هذا الشأن، حتى مع تصاعد حدّة المنافسة الانتخابيّة، والوصول لذروتها، ومراحلها الأخيرة؛ إذ تزامن مع فرض العقوبات الجديدة قيام مبعوث البيت الأبيض الخاصّ بالملف الإيرانيّ، أليوت إبرامز، بجولة في منطقة الشرق الأوسط، تمهيداً لزيارة أخرى مرتقبة لوزير الخارجيّة الأمريكيّة، مايك بومبيو، تستهدف "مناقشة الأوضاع في المنطقة، وإطلاع الدّول على العقوبات الجديدة، التي تنوي الإدارة الأمريكيّة فرضها على طهران، خلال الفترة المتبقية من ولاية الرئيس ترامب".

اقرأ أيضاً: المقاومة الإيرانية تحيي ذكرى انتفاضة نوفمبر: حان وقت الإطاحة بديكتاتورية الملالي

ومن جانبه، قال الناطق الرسميّ بلسان الخارجيّة الإيرانيّة، سعيد خطيب زاده: "ما يزال هناك وقت حتى تتمكّن الولايات المتحدة من العدول عن هذا المسار الخاطئ؛ هناك ثلاثة تغييرات مهمة لن يحصل شيء ما لم تتحقّق: تغيير في أفكار صانعي القرار الأمريكيين وذهنياتهم، وتغيير في الخطاب وطبيعة التخاطب مع العالم والأمة الإيرانية، واتخاذ خطوات صحيحة، أي العودة عن المسار الخاطئ والتعويض عن الماضي"، مضيفاً أنّه "ما يزال من المبكر جداً التنبّؤ بما سيحدث في المستقبل، لكنّ طهران ستراقب عن كثب خطوات الإدارة الأمريكية المقبلة وأقوالها".

بايدن.. هل يعدل عن سياسة الجمهوريّين؟

وأشار المبعوث الأمريكي إلى أنّ الهدف من العقوبات الأمريكيّة على إيران هو الوصول إلى حلّ، وتغيير سلوك النظام الإيرانيّ، لافتاً إلى أنّ "هذا الضّغط على النظام الإيراني سيؤدّي لتعديل السلوك، وفي حال لم يكن كذلك، فسيؤثر في الاستقرار في طهران، خاصّة أنّ العقوبات على إيران ترتبط بالأسلحة النووية، وحقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب".

الصحفي أحمد الجبوري لـ"حفريات": لا يريد ترامب أن يفسح مجالاً للإدارة الأمريكية الجديدة في استئناف مفاوضاتها مع طهران بخصوص الملف النووي، ويضع كافة العراقيل أمامها

وبحسب أبرامز، الذي شدّد على عدم تغيير السياسة الأمريكية نحو النظام الإيراني، فإنّ "الخطابات التصالحية للمسؤولين الإيرانيين هي لتشتيت انتباه الأشخاص غير المطلعين على الوضع في إيران؛ فالوكالة الدولية للطاقة الذرية قدّمت طلباً للسماح بتفتيش أحد المواقع، مطلع العام الحالي، ولم تأتِ الموافقة من السلطات الإيرانية إلا بعد تسعة شهور".

اقرأ أيضاً: العراق والخليج.. تقارب يبعثر حسابات إيران

يعدّ الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، من رؤساء الولايات المتّحدة الاستثنائيين، الذين تعاملوا براديكاليّة و"قسوة حقيقية وجدّية" مع الملفّ الإيراني، المزعزع لاستقرار المنطقة، والذي يشكّل قلقاً ضاغطاً على واشنطن، بحسب الصّحفي العراقيّ المتخصّص في الشأن الإيراني، أحمد الجبوري، الذي أبلغ "حفريات" أنّ "التّهديدات الإيرانيّة على المنطقة، ولدى الإدارة الأمريكيّة تنعكس على محورين؛ يبدأ الأول بالأدوار العسكريّة لميليشياتها التابعة للحرس الثوريّ، وفيلق القدس، من ناحية، والثاني يتمثّل في مشروعها النوويّ، والصواريخ الباليستيّة، من ناحية أخرى". 

ولذلك؛ يحاول ترامب أن يضع بصمة حقيقية على موضوع الملف الإيراني الشائك، قبيل رحيله عن البيت الأبيض، في حال الإعلان الرسمي عن فوز بايدن، بحسب الجبوري؛ إذ إنّ الرئيس الأمريكي، المنتهية ولايته، لا يريد أن يفسح مجالاً للإدارة الأمريكية الجديدة في استئناف مفاوضاتها مع طهران بخصوص الملف النووي، ووضع كافة العراقيل أمام الإدارة الديمقراطية القادمة للبيت الأبيض، كما يودّ ترامب أن يعطي إشارة واضحة للجميع إزاء التزاماته الخاصة لآخر لحظة من إداراته لأمريكا.

اقرأ أيضاً: بايدن ومستقبل العلاقة مع إيران: هل تتغير سياسة "الضغط القصوى"؟

بيد أنّ الصّحفي العراقيّ، يشدّد على أنّ بايدن، رغم كلّ التحليلات التي يشير إليها مراقبون بخصوص عدوله عن سياسة الضّغط القصوى التي اتّبعها ترامب، لن يكون منفتحاً بهذه "الصورة المتفائلة"، بحسب تعبيره، على النظام في طهران؛ حيث سيظلّ مقيداً بجملة من الاعتبارات السياسيّة الأمريكية، وكذا مصالحها الإستراتيجيّة، الدّاخلية والخارجّية، موضحاً أنّ إشارات بايدن أثناء حملته الانتخابية "تعكس اتّجاهاته بدرجة كبيرة؛ حيث صرّح بأنّ أيّة عودة محتملة للاتفاق النووي، ستكون مشروطة بعودة طهران إلى كامل التزاماتها، وهو ما يحتاج لمراجعة بعد الكشف عن تجاوز الأخيرة للنسبة المسموح بها في تخصيب اليورانيوم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية