ما هي دلالات التحركات العسكرية الروسية الجديدة جنوب سوريا؟

ما هي دلالات التحركات العسكرية الروسية الجديدة جنوب سوريا؟

ما هي دلالات التحركات العسكرية الروسية الجديدة جنوب سوريا؟


24/03/2024

تتوارد تسريبات من مصادر متعددة، وفي مقدمتها مصادر إعلامية روسية وأخرى سورية، تتضمن معلومات حول عودة النشاط العسكري لروسيا، وبمشاركة من الجيش السوري، في الجنوب السوري، وتحديداً في مناطق القنيطرة  ودرعا، وعلى مقربة من هضبة الجولان المحتلة، وبالتزامن؛ ذكرت تقارير أخرى أنّ إعادة تفعيل النشاط العسكري الروسي، غير معزول عن تحركات القوات الجوية الروسية في سوريا بهذه المناطق، إضافة لتحركات أخرى للشرطة العسكرية الروسية في بعض مناطق الجنوب السوري.
إنّ التصعيد في غزة جلب أيضاً مخاطر لروسيا. ويُمثل توسع الحرب بين إسرائيل وإيران وحلفائهما خطراً على المصالح الروسية في المنطقة وفي سورية تحديداً. وقد حذر المسؤولون الروس مراراً من هذا الخطر، الذي قد يُفسد المكاسب التي حققتها روسيا في سورية، ويُجبرها على اتخاذ موقف في الصراع، وهو موقف ترغب موسكو في تجنُّبه.

عودة الدور الروسي "المفترضة"، في جانبيها السياسي والعسكري، بهذا التوقيت ترتبط بسياقين مباشرين ، يمكن اعتبارها متغيرين مترابطين، وهما:

الاول: الحرب الروسية – الأوكرانية، وبوادر إمكانية التوصل لوضع نهاية لهذه الحرب، ربما لا تنتهي بانتصار كامل لروسيا، لكنها ستحقق لموسكو غالبية أهدافها، في ظل مواقف أوروبية وامريكية أصبحت ترى ضرورة إنهاء الحرب، ووقف الدعم العسكري لأوكرانيا، حيث لوحظ طغيان مفردات" السلام في أوكرانيا" بديلاً لمفردات الحرب ومواصلة العسكرة.

بوادر إمكانية التوصل لوضع نهاية لهذه الحرب ربما لا تنتهي بانتصار كامل لروسيا لكنها ستحقق لموسكو غالبية أهدافها في ظل مواقف أوروبية وامريكية أصبحت ترى ضرورة إنهاء الحرب ووقف الدعم العسكري لأوكرانيا

والثاني: أنّ سوريا لا تزال تشكل عنوان روسيا للتأثير في المشرق، وقد وفرت الحرب في قطاع غزة فرصاً غير مسبوقة لروسيا بدأت مع تركيز النشاطين الدوليين على المستويات الإعلامية والسياسية على حرب غزة، مما خفف الضغط عن روسيا على هامش دورها في الحرب على أوكرانيا، إلى جانب تعرية الغرب وخاصة أمريكا وأوروبا بوقوفهما إلى جانب إسرائيل ودعمها غير المشروط لإسرائيل وإمدادها بالسلاح والذخائر، ورفض الغرب تقديم حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما أوجد لروسيا مساحات تأييد غابت معها اتقادات كانت قائمة بعد حربها على أوكرانيا.
ورغم ما تردد حول "قلق" إسرائيلي من عودة  النشاط العسكري الروسي في مناطق الجنوب السوري، إلا أنّ هذا القلق يبدو مبالغاً فيه، فروسيا تبني بهذه العودة على إنجازات سبق وحققتها في الجنوب السوري عام 2018 ، بالتوصل  إلى تفاهمات حظيت برضا جميع الأطراف (الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن وإيران والحكومة السورية)، أسفرت عن عودة السيطرة الحكومية على مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة في درعا والقنيطرة، وهو ما ضَمنت موسكو معه موقعاً استراتيجياً في معادلات جنوب سورية، لا سيما وأنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بإسرائيل وبالصراع الإيراني-الإسرائيلي في المنطقة.
تراجع الدور الروسي في سوريا تراجع بعد حرب أوكرانيا لم يكن مجرد تحليل، بل هو حقيقة أكدتها الكثير من الأوساط الرسمية الروسية، والنشاط المتزايد لإيران والميليشات التابعة لها، كسرت التفاهمات التي أنجزتها موسكو في الجنوب السوري، إلا أنّ حرب غزة وازدياد احتمالات اندلاع حرب إقليمية شكلت  فرصة ذهبية لروسيا لإعادة تأكيد حضورها في سوريا. وخلافاً للخطاب الإعلامي الثوري على الطريقة الايرانية، فقد كان واضحاً على مدى الشهور الستة الماضية من انطلاق حرب غزة أنّ القيادة السورية ليست بوارد مواجهة محتملة، ورغم تركيز إسرائيل جهودها العسكرية على غزة ولبنان، مع شنّ ضربات متفرقة ضد البنية التحتية السورية والإيرانية؛ فإنّ احتمالات أنْ تقرر القيادة  الإسرائيلية عملية واسعة في الجنوب السوري تزداد فرصها، لتكون بديلاً لانتصارات في غزة أو في لبنان، وتندرج في إطار تغيير الوضع الأمني العسكري في الجبهات المحيطة، بالوصول إلى  جنوب سوريا، بوصفها المنطقة الأقل توتراً، والأقل حصانة.

تزداد أهمية الجنوب السوري في أنه في حال "هزيمة" حماس فقد يتحول الجنوب السوري إلى ساحة تعوض فيها إيران خسارتها لقطاع غزة، رغم أنّ الوجود الروسي سيحول دون تنفيذ هذا المخطط الإيراني

وتزداد أهمية الجنوب السوري في أنه في حال "هزيمة" حماس فقد يتحول الجنوب السوري إلى ساحة تعوض فيها إيران خسارتها لقطاع غزة، رغم أنّ الوجود الروسي سيحول دون تنفيذ هذا المخطط الإيراني.
ووفقا لثنائية الربط بين حرب أوكرانيا والحرب في غزة وتداعياتها الإقليمية، فإنّ عودة روسيا إلى الجنوب السوري ترسل رسالة غير مشفرة، تتضمن إعادة تنشيط دورها في المنطقة وحماية مصالحها في سوريا، مع منع تصاعد التوتربين إيران وإسرائيل، بإظهار قدرتها على استرداد أدوات الضغط على إيران بعد أن وسّعت طهران  نفوذها في سوريا. ومن المؤكد أنّ "دحر" إيران وميليشاتها عن الحدود السورية مع إسرائيل ومع الأردن، سيحظى بتأييد من قبل كافة الأطراف المعنية وسيحول دون اندلاع حرب إقليمية، ومع ذلك؛ فقد يشكل إنقاذاً للقيادة الإيرانية التي تخشى فقدان المزيد من الساحات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية