مجلس الأمن والحرب في غزة

مجلس الأمن والحرب في غزة

مجلس الأمن والحرب في غزة


30/10/2023

عائشة المري

ينص ميثاق الأمم المتحدة في ديباجته على أن الغاية الرئيسة من إنشاء الأمم المتحدة هو حفظ السلم والأمن الدوليين، وقد أَوكل إلى مجلس الأمن مهمةَ حفظ السلم والأمن الدوليين، وأعطى له العديدَ من السلطات والصلاحيات التي لم تمنح لجهاز آخر، أهمها: حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية بموجب الفصل السادس، وحفظ السلم والأمن الدوليين بموجب الفصل السابع من الميثاق.

ورغم كل هذه السلطات فإن مجلس الأمن قد أخفق في حفظ السلم والأمن الدوليين وفي التعامل مع النزاعات الدولية، وكان من أحدث هذه الإخفاقات تعامله مع الحرب الروسية الأوكرانية، إذ لم يكن للمجلس أي دور فعال في اتخاذ إجراءات تمنع أو توقف هذه الحرب، نظراً لان أحد طرفيها دولةٌ دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهذا أيضاً هو السبب الرئيسي نفسه في فشل المجلس حتى اليوم في تبني مشروع قرار بخصوص الحرب في غزة.

لقد فشل مجلس الأمن في إصدار قرار بخصوص الحرب في غزة حتى اليوم، لعدم توافق أعضائه على قرار يحظى بموافقة الدول الخمس دائمة العضوية، حيث فشل مشروعا قرارين مقدَّمان من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا حول تصاعد الوضع في قطاع غزة وإسرائيل والأزمة الإنسانية في القطاع. إذ صوت الأعضاء أولاً على مشروع القرار الأميركي، فاستخدمت روسيا والصين حق النقض ضد مشروع القرار، بعد حصوله على تأييد 10 أعضاء ومعارضة 3 (روسيا والصين ودولة الإمارات العربية المتحدة) وامتناع عضوين عن التصويت. أما مشروع القرار الروسي، الذي شارك في تقديمه السودان وفنزويلا، فقد حصل على تأييد 4 أعضاء فقط فيما عارضه عضوان هما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وامتنع 9 عن التصويت. ولم يُعتمد مشروع القرار لعدم حصوله على العدد الكافي من الأصوات.

كما فشل مشروع قرار روسي سابق مدعوم من عدد من الدول العربية يدعو إلى وقف إنساني لإطلاق النار بشكل فوري ودائم، ويدين كل أعمال العنف والعدائيات الموجهة ضد المدنيين وجميع الأعمال الإرهابية، لكنه لم يذكر اسم «حماس». ويدعو إلى تأمين إطلاق سراح الأسرى وإلى توفير وتوزيع المساعدة الإنسانية من دون عوائق وخلق الظروف المواتية للإجلاء الآمن للمدنيين المحتاجين. وأيدت مشروعَ القرار كلٌّ من الصين والغابون وموزمبيق وروسيا ودولة الإمارات العربية، وعارضته فرنسا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وامتنع ستة أعضاء عن التصويت (ألبانيا والبرازيل والإكوادور وغانا ومالطا وسويسرا).

ولكي يتخذ المجلس قراراً، يجب أن يحصل مشروع القرار على تسعة أصوات مؤيدة على الأقل، مع عدم معارضة أي من أعضائه الدائمين الخمسة أو استخدام حق النقض. كما لم يتمكن مجلس الأمن من اعتماد مشروع قرار مقدم من البرازيل، الرئيسة الدورية لمجلس الأمن، بعد أن أيده 12 عضواً، وعارضته الولايات المتحدة وامتنعت روسيا والمملكة المتحدة عن التصويت. وكان مشروع القرار الذي قدمته البرازيل يحث جميع الأطراف على الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ويدعو إلى «هدنة إنسانية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق». والفرق بين الوثيقتين الروسية والبرازيلية هو أن الأخيرة تتضمن إدانةَ حركة «حماس».

إن إخفاق مجلس الأمن في تبني مشروع قرار بخصوص الحرب في غزة يضاف إلى سلسلة طويلة من الإخفاقات والمحاولات الفاشلة في اتخاذ قرارات ملزمة تتمخض عنها خطوات عملية تساهم في حل بعض القضايا الشائكة، إذا تضارب ذلك مع مصلحة أحد الأعضاء الدائمين، مما يجعل الأخذَ باقتراحات إصلاح المنظومة الدولية، بما فيها مجلس الأمن، ضرورةً حتمية الآن.

عن "الاتحاد" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية